السبت، 22 فبراير 2014

مفهوم الدولة عند ابن خلدون طور البداوة التحضر التدهور



الدولة والعصبية عند ابن خلدون:
لقد كان الهم الأول عند ابن خلدون وهو يكتب التاريخ ويصحح وقائعه ويستكشف ظواهر العمران البشري هو أن يجيب على سؤال محوري:
- كيف تقوم الدولة؟  كيف تنهار؟
- وقد وضع في اعتباره أن للدول أعماراً طبيعية كما للإنسان.
- دورة حياة الدولة
"نظر ابن خلدون إلى الدولة على أنها كائن حي يولد وينمو ثم يهرم ليفنى، فللدولة عمر مثلها مثل الكائن الحي تماماً".
وهو يشبهها بدورة حياة الإنسان التي ذكرها رب العزة في قوله تعالى: {الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفاً وشيبة يخلق ما يشاء وهو على كل شيء قدير}. سورة الروم آية 54
أولاً: طور البداوة:
يعتبر ابن خلدون هذه المرحلة سابقة على مرحلة التحضر لأن اجتماع البدو من أجل الضروري من القوت، بينما يتعلق أهل الحضر بفنون الملاذ وعوائد الترف، والضروري أقدم من الكمالي.
يقول ابن خلدون "فالبدو أصل للمدن والحضر وسابق عليهما لأن أول مطالب الإنسان الضروري، ولا ينتهي إلى الكمال والطرف إذا كان الضروري حاصلاً فخشونة البداوة قبل رقة الحضارة، ولهذا نجد التمدن غاية للبدوي يجري إليها وينتهي بسعي إلى مقترحة منها" فمرحلة البداوة إذن هي الخطوة الأولى التي يتحرك منها التاريخ، ففي هذه المرحلة يعيش البدو على الضروري فقط وذلك على خلاف الحضري.
وتحكم أفراد البدو رابطة العصبية حيث نصرة ذوي الأرحام والأقارب وما يلزم عنها من تعاضد وتناصر، وكلما كانت القرابة بين أفراد البدو أكثر أصالة وأشد نقاوة كانت العصبية فيهم أقوى ؛ وبالتالي كانت الرياسة فيهم على سائر البطون والقبائل التي تختلط فيها الأنساب، وتحتفظ القبيلة بالسلطة ما احتفظت بعصبيتها، ويدعم هذه العصبية عاملان هما : احترام القبيلة لشيخها ، ثم حاجتها المستمرة للدفاع والهجوم. (3)
ويشير ابن خلدون إلى أن حياة التقشف تسبغ على البدو أخلاقاً فاضلة كالدفاع عن النفس والنجدة والشهامة والغيرة على الاستقلال، وتهدف رابطة العصبية فيهم إلى الملك أي التغلب والحكم بالقهر، فإن كانت بيوتات متفرقة وعصبيات متعددة فلابد أن تتغلب أقوى عصبية فيهم فتلتحم بها سائر العصبيات، ثم تطلب الغلبة على القبائل القاصية حتى تستتبعها وتلتحم بها. (4)
والعمران البدوي أصل العمران الحضاري، ولكل من المجتمعين ألوان من العادات والسلوك، وأنماط في الحياة تفرضها طبيعة كل منها ، وهي في المجتمع الحضري أكثر قابلية للتطور الذي يؤدي إلى قمة العمران، ثم ما يتبع ذلك من تقلص وانحصار في أحقاب زمنية متلاحقة متكررة تكاد تشكل قانوناً ثابتاً. هذا القانون يعبر في أساسه عن حتمية الانتقال من مرحلة إلى أخرى.(5)
ثانياً: طور التحضر:
إن صادف قوة هذه العصبية الصاعدة مجاورتها لدولة في دور هرمها انتزعت الأمر منها وصار الملك لها، أما إن صادفت دولة في طور قوتها انتظمتها الدولة غير أنها تستطهر بهل على أعدائها في مقابل مشاركتها في النعم والخصب حتى تذهب عنهم خشونة البداوة.
ولا يؤهل القبيلة للقيام بالفتح والتغلب على الامصار شئ كالاستناد إلى مبدأ ديني أو دعوة سياسية، غذ يدفعهم الايمان بالدين أو المذهب السياسي إلى البذل من أجل تحقيق غاياتهم فضلاً عن أنه يذهب التنافس ويزيل الاختلاف فيحصل التعاضد، بينما تكون الدولة المغلوبة في طور هرمها نتيجة فتور الايمان في نفوس اهلها ويتخاذلون عن الدفاع حرصاً على الحياة، ويزيدها ضعفاً إن كانت الدولة مؤلفة من شعوب متباينة، ولذلك فإن فتح المسلمين للشام ومصر والعراق وفارس مع خضوع هذه الأقاليم لدولتين عظيمتين كان أيسر من فتح شمال أفريقية التي يسكنها بربر لهم عصبية متينة، بل لم يستطع الرومان قبل ذلك إخضاعهم.
على أن الدولة يكون لها عادة نوع من السلطة المعنوية على رعاياها مما يكفل مقاومة الغزاة، غير أنه لا يعجل بسقوط الدولة شئ كالأسباب الداخلية، كفقد ثقة المحكومين بالحكام ، وهذا ما فعله الشيعة الاسماعيلية في مصر قبل دخلو الفاطميين ، بينما استطاع المسلمون مقاومة الصليبيين بالرغم من تفكك الدولة الاسلامية وضعف الخلافة.(6)
إن الحاجة الاقتصادية التي تدفع القبيلة الى الدفاع عن نفسها أولاً ثم إلى الغزو ثانياً هي التي تدفعها حين تستقر إلى أن تحسن وسائل هذا العيش ، ومن مظاهر ذلك أن تتخذ مقراً ثابتاً، ومن ثم فإنه بعد تأسيس الدلوة تلجأ إلى تشييد المدن، وتأسيس الدولة سابق على تأسيس المدن لأنه يحتاج إلى المال والأدوات وقوى عاملة ضخمة لا يمكن أن يسخرها إلا الملك. (7)
ويتوقف تقدم الحضارة على ثلاث أشياء : مزايا الأرض ، ومزايا الحكومة، وكثر السكان. أما الأرض فلأنها مصدر الانتاج، وما الحضارة إلا ثمرة عمل منظم متواصل للنشاط البشري لاستعمار الأرض، وأما الحكومة فإنها يجب أن تكون قوية لحماية السكان وليطمئنوا على ثمار عملهم ، عادلة لتشجعهم على مواصلة نشاطهم، والتمتع بثمرته، كريمة لتشجع التجارة وتفرض الضرائب المعقولة، ولهذا فإن ازدهار الحضارة دليل على غنى الحكومة ، كما أن غنى الحكومة دليل على ازدهار الحضارة، وإذا كانت الحكومة تدعم قيام الحضارة فإن كثرة السكان تخلقها، لأن اجتماع عدد من السكان وتنسيق جهودهم، وتوزيع العمل بينهم يجعل ثمرة جهودهم تفرق حاجاتهم فلا يستهلكون إلا جزءاً يسيراً ويزيد الباقي عن حاجاتهم يستثمرونه في الترف ومظاهر التحضر، والترف يزيد الدولة في أولها قوة إلى فوتها، ذلك أنه إذا حصل الملك والترف كثر التناسل فتقوى العصبة.
ومن مظاهر التحضر في الدولة الاستكثار من الموالي والصنائع ، إنهم من لوازم الترف كما يستظهر بهم صاحب الأمر فيدفع عنه أهل عصبيته.
وتعبر الدولة عن قوتها وتحضرها بالآثار، وعلى قدر قوتها تكون آثارها ، فمباني الدولة وهياكلها العظيمة إنما تكون على نسبة قوة الدولة، لأن ذلك لا يكون إلا بكثرة الفعلة واجتماع الأيدي على العمل. (8)
ومن السابق نجد أن طور التحضر يتسم بثلاث سمات ، تختلف عن خصائص الطور الأول تقريباً . فبدلاً من خشونة البداوة تبدأ رقة الحضارة، وبدلاً من المساهمة والمشاركة يبدأ الاستبداد والانفراد بالمجد، وعوضاً عن اهتمام صاحب الدولة على عصبيته وعشيرته يلجأ إلى الموالي والمصطنعين الذين يأخذ في الاعتماد عليهم والاستغناء تدريجياً عن عصبيته، ومردّ ذلك كله إلى تدخل العنصر الاقتصادي في الميدان بشكل أكثر وضوحاً وأشد تأثيراً، مما يبرز المصالح الخاصة الشخصية التي تتناقض مع المصلحة المشتركة التي كانت أساس العصبية والملك. (9)
إن العصبية التي كانت قوية في طور البداوة أصبحت نتيجة تدخل العنصر الاقتصادي ضعيفة في طور التحضر .

ثالثاً: طور التدهور:
إن عوامل تحضر الدولة هي ذاتها عوامل تدهورها؛ ذلك أن الحضارة وإن كانت غاية العمران فهي في الوقت ذاته مؤذنة بنهاية عمره.
وأول هذه العوامل هو العصبية التي تتسم بها الرياسة والملك، ولكن صاحب الرياسة يطلب بالطبع الانفراد والمجد ، والطبيعة الحيوانية تدفعه إلى الكبر والأنفة فيأنف من أن يشاركه أهل عصبته فيدفعهم عن ملكه ويأخذهم بالقتل والاهانة وسلب النعمة حتى يصبحوا بعض أعدائه، وطبيعة التأله في الملوك تدفعه إلى الاستئثار ، إذ لا تكون الرياسة الا بالانفراد ، فيجدع أنوف عشيرته وذوي قرباه لينفرد بالملك والمجد ما استطاع، ويعاني الملك في ذلك بأشد مما عانى في إقامة الملك لأنه يدافع الأجانب وكان ظهراؤه على ذلك أهل العصبية أجمعهم ، أما حين الانفراد بالملك فهو يدافع الأقارب مستعيناً بالأباعد فيركب صعباً من الأمر.. إنه أمر في طبائع البشر لابد منه في كل الملوك. (10)
وإذا استظهر الملك على أهل عصابته بالموالي والصنائع فإن هؤلاء بدورهم من عوامل ضعف الدولة ، لأنه قد تشتتت عصابته التي بها كان ملكه ففشلت ريحهم ، ولحاجة الملك إلى أن يخص مواليه الذين دافعوا عنه أهل عصابته بالتكرمة والايثار فيقلدهم جليل الأعمال كالوزارة والقيادة والجباية ، ولكن هذه البطانة من موالي النعمة وصنائع الاحسان ليست من قوة الشكيمة ما لعشيرته التي بها أسس ملكه، إنه إذا ذهب الأصل وهم عشيرته لم يستقل فرع من الصنائع والموالي بالرسوخ، فيصير ذلك وهناً في الدولة لفساد العصبية بذهاب البأس من أهلها فضلاً عن انعدام صلة الرحم بينه وبينهم، بل قد يتجاسر عليه أهل بطانته فتتزعزع ثقته فيهم ويتتبعه بالقتل ، ويستعين عليهم بالجيش يستأجره لحمايته فتقل الحامية بالأطراف والثغور مما يغري الخوارج عليها سواء من أعدائه أو من أهل عشيرته الذين ثار عداءهم حال انفراده بالملك. (11)
على أن العامل الحاسم في ضعف الدولة هو الترف ، إنه إذا كان قد زاد من قوة الدولة في أولها فإنه من أشد العوامل أثراً في ضعفها وانهيارها، ويفسر ابن خلدون ذلك بأسباب اقتصادية وأخلاقية ونفسية.
أما العامل الاقتصادي فإن طبيعة الملك تقتضي الترف حيث النزوع إلى رقة الأحوال في المطعم والملبس والفرش والآنية، وحيث تشييد المباني الحافلة والمصانع العظيمة والأمصار المتسعة والهياكل المرتفعة ، وحيث إجازة الوفود من أشراف الأمم ووجوه القبائل مع التوسعة في الاعطيات على الصنائع والموالي، وادرار الرزق على الجند، ويزيد الانغماس في الترف والنعيم لا من جانب السلطان وبطانته فحسب بل من جانب الرعية أيضاً ، إذ الناس على دين ملوكهم، حتى يصل الأمر إلى أن الجباية لا تفي بخراج الدولة ، فتتدرج الزيادة في الجباية بمقدار بعد مقدار لتدرج عوائد الدولة في الترف وكثرة الحاجات والانفاق فتضرب المكوس على أثمان البياعات في الأسواق لادرار الجباية ، بل قد يستحدث صاحب الدولة أنواعاً من الجباية يضربها على البياعات ليفي الدخل بالخراج حتى تثقل المغارم على الرعايا وتسكد الأسواق ، وذلك أن الجباية مقدار معلوم لا تزيد ولا تنقص، فإذا زادت بما يستحدث من المكوس فإن مقدارها بعد الزيادة محدود، والا انقبض كثير من الأيادي عن الاعمار لذهاب الأمل في النفوس بقلة النفع ، ولا يزال الاعمار في نقص والترف في ازدياد حتى ينتقص العمران ويعود وبال ذلك على الدولة. (12)
ومن ناحية أخرى يتجاسر الجند على الدولة ويلجأ السلطان إلى مداراتهم وداواتهم بالعطايا وكثرة الانفاق ، وإذ لا تفي المكوس بذلك فقد تسول السلطان نفسه إلى جمع المال من أملاك الرعايا من تجارة أو نقد بشبهة أو بغير شبهة ، وقد يلجأ إلى مشاركة الفلاحين والتجار في شراء الحيوان والبضائع، ولا يجرؤ أحد على منافسة السلطان في الشراء ، فيبيع البائع بضاعته بثمن بخس مما يؤدي إلى كساد الأسواق وقعود الفلاحين والتجار عن تثمير أموالهم فتقل الأرباح ، أو قد يتفرقون طلباً للرزق أو قد يتوقعون بعض الحاشية وقوع المعاطب ، فينزع إلى الفرار آخذين ما تحت أيديهم من أموال وإن كان الخلاص من ربقة السلطان عسيراً ، وحتى وإن خلصوا إلى قطر آخر امتدت عيون الملك في ذلك القطر إلى ما في أيديهم من الأموال.
هكذا تذهب رؤوس الأموال وتكسد الأسواق وتقل جباية السلطان ، وتقفر الديار وتخرب الأمصار.
أما العامل الأخلاقي النفسي الذي يجعل الترف أهم معول هدم مؤدي إلى انهيار الدولة فذلك لما يلزم عن الترف من فساد الأخلاق ، إن عوائد الترف تؤدي إلى العكوف على الشهوات وتثير مذمومات الخلق فتذهب عن أهل الحضر طباعة الحشمة ويقذعون في أقوال الفحشاء فضلاً عن أن الترف يذهب خشونة البداوة ويضعف العصبية والبسالة حتى اذا انغمسوا في النعيم أصبحوا عيالا على الدولة كأنهم من جملة النسوان والولدان المحتاجين إلى المدافعة عنهم، فالترف مفسد لبأس الفرد ولشكيمة الدولة ، والترف مفسد للخلق بما يحصل في النفس من ألوان من الفساد والسفه، والترف مظهر لحياة السكون والدعة ودليل ميل النفس إلى الدنيا والتكالب على تحصيل متعها، حتى يتفشى الخلاف والتحاسد ويفتّ ذلك في التعاضد والتعاون، ويفضي إلى المنازعة ونهاية الدولة. (13)
  وقد أعطى بعض الباحثين في فلسفة التاريخ تقسيماً آخر للأطوار التي تمر بها الدولة عند ابن خلدون، إذ يرون أن الدولة تمر بأربعة أطوار هي:
1- طور الظفر والاستيلاء على الحكم غلبة وقهراً وانتزاعاً.
2- طور الاستبداد والانفراد بالسلطة والتنكر للعصبة.
3- طور الفراغ والدعة لتحصيل ثمرات الملك وفيه تسود الراحة والطمأنينة.
4- طور الهرم والانقراض بسبب الإسراف والتبذير.
ويدور الفكر الخلدوني في الدولة والحضارة على قانون العصبية ويعني بها الالتحام الذي يكون بين الأقارب أو القبائل والعشائر والذي يدفع للمناصرة والمطالبة بالملك والمغالبة في سبيله ويدخل فيه الحلف والولاء وغير ذلك من صنوف التكتل والتحالف القبلي شاملاً أي نوع من الولاء المفضي للمغالبة في سبيل تلك الغاية.(14)
فابن خلدون يدرس كيف تصل جماعة ما إلى إسقاط نظام ما، ثم ماذا يحدث لها عندما تصل إلى الحكم ويشتد عودها، ثم ماذا يحدث عندما تنهار. وهو في نظريته يؤكد على نظرية العصبية القائمة على الدم أو على الدين. فإذا وجدت العصبية؛ فإن تفسيره للظواهر يقوم عليها. وعندما تشتد توصل أصحابها إلى السلطة وعندما تصل بهم إلى السلطة تضعف هذه الرابطة شيئا فشيئاً، إلى أن ينهار هذا النظام، ويقوم نظام جديد. وبالرغم من أن هذا النموذج الذي يتحدث عنه ابن خلدون - كما حدد هو في دراسته - متعلق بدول المغرب التي شاهدها والممالك التي قامت بها - إلا أن نظرية العصبية نظرية صحيحة في جوهرها، تنطبق على أماكن كثيرة.(15)
وقد عرف الدكتور محمد عابد الجابري في كتابه "معالم نظرية خلدونية" العصبية بأنها "رابطة اجتماعية نفسية تربط أفراد جماعة معينة قائمة على القرابة المادية أو المعنوية ربطاً مستمراً يشتد عندما يكون هناك خطر يهددهم" أوهي "قوة جماعية تمنح القدرة على المواجهة سواءً كانت المواجهة مطالبة أو دفاعاً".
وينطبق ذلك أيضاً على أكثر من مجرد القبيلة التي كانت تتحرك برابطة الدم. فهو ينطبق على الحزب السياسي، إذا اجتمعت في أتباعه هذه الصفة، وينطبق على الجيش إذا تحول إلى حزب سياسي
يمتلك هذه الرابطة. فوجود رابطة تجمع مجموعة من الناس وتدفعهم إلى التكتل والتضامن والإحساس بالخطر المشترك والتحرك في مواجهة الآخرين هو المقصود بالعصبية.
وعلى ذلك يقول محمد عابد الجابري: "يمكن اعتبار التكتلات الحديثة بجميع صورها عصبية متى ما سعى منتسبوها لتحقيق أهداف معينة واضحة وجسد انتماؤهم للتكتل شعوراً قوياً بالتضامن للإنجاز يشتد وقت الخطر وينمو باطراد".
وفي رأي ابن خلدون أن العصبية إذا اقترنت بالدين لا يقف أمامها شيء "فالصبغة الدينية تذهب التنافس والتحاسد الذي في أهل العصبية (العرقية) وتفرد الوجهة إلى الحق". كما يرى أنه لابد للعصبية الدينية من عصبية أخرى. ومؤدى هذه النظرة في الواقع أن الدين لا يستغني عن جماعة أو تنظيم يطالب بتحقيقه ويدافع عنه.(16)
فإن وجود جماعة أو جهة تحمل هذه الفكرة الدينية وتتبناها يحقق مصلحتين:
وجود العصبية التي تتم بها المدافعة والجسم المادي (الجماعة) الذي يدافع.
وجود الفكرة (الدين) التي تستجلب العصبية وتهذبها وتنقيها من الشوائب التي يفرزها التعصب. حيث أن الدين ينقي العصبية من سلبياتها ويستثمر إيجابياتها


(3) د.أحمد محمود صبحي ، في فلسفة التاريخ ، مؤسسة الثقافة الجامعية ، الاسكندرية 1975 ، ص 134 .
(4) المرجع السابق ، ص 144 .
(5) د.فتحي نبيه شعبان ، فلسفة التاريخ ، دار المنار ،مصر 2011 ، ص 13 .
(6) أحمد محمود صبحي ، مرجع سابق ص 144 .
(7) نفس المرجع ، ص 145 .
(8)  نفس المرجع ، ص 145 .
(9) د.فتحي شعبان ، مرجع سابق ، ص 14 .
(10) أحمد محمود صبحي ، مرجع سابق ، ص 146 .
(11) نفس المرجع ، ص 146.
(12) نفس المرجع ، ص 147 .
(13) نفس المرجع ، ص 148 .
(14) جاسم سلطان ، أداة فلسفة التاريخ ، سلسلة إعداد القادة ، الجزائر د.ت ، ص 16 .
(15) المرجع السابق ، ص 17 .
(16) محمد عابد الجابري ، معالم نظرية خلدونية . نقلاً عن المرجع السابق : أداة فلسفة التاريخ .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق