المعتمد
على الله محمد بن عباد هو بن المعتضد العبادي صاحب اشبيلية وقد أصبح وريث العرش
وجلس في الحكم سنة 1069م أي 461 هـ وقد اكتسب الشجاعة من والده المعتمد وجده
العبادي الذي كان يتسم بالقوة والصرامة بين ملوك الطوائف آنذاك , وعلى أن أباه
عباداً ما انفك يدير عليه الرحى , ويقرع إليه كلما قرعت عصا ً عصاً , حتى صار أسوة
لنجوم ليلها , وحلساً لمتون خيلها .
صورة من نشأته وبداية حكمه
تربى تربية
ً اتسم فيها بالشجاعة والإقدام لا يهاب عدواً ولايخشى ظلام الليالى مقداماً في
الحرب ومع ذلك كان عصره ملئ بالأزمات والنكبات وفي ظروف مثل هذه الظروف إلا أنه
كان له دور أدبي حيث كان يحب الشعر ويجالس الأدباء والحكماء والشعراء من جنس قومه
إلى أن زاع خبر شهرته الشعرية جميع أنحاء المنطقة وغيرها.
لا يشرب
الماء إلا من قليب دم ٍ ولا يبيت له جارٌ على وجل ِ
فقد كان
متمسكاً من الأدب بسبب , وضارباً في العلم بسهم , وله شعر كما انشق الكمام عن
الزهر , لو صدر مثله عمن جعل الشعر صناعة
, واتخذه بضاعة , لكان رائعاً معجباً , ونادراً مستغرباً .
لا يجد إلا
راثياً , ولا يجيد إلا عابثاً ,ومع كل هذه الصفات إلا أنه يرمي فيصيب . ويهمي
فيصوب , وشعره يتسم بالوضوح ماإصابة صميم الموضوع الذي يتحدث عنه , مع أنه قد رويت
أشعار أولي النباهة والأعيان , على قديم الزمان . لشرف قائلها , مع قلة طائلها .
ولم يكن
العصر الذي عاش فيه المعتمد من العصور السعيدة ولكن وقعت فيه نكبات صادعة وأحداثاً
فاجعة ورغم بعض الهفوات التي تعرض لها إلا أن له مواقف مشرفة ومواهب فنيى عظيمة .
والعجب من المعتمد أنه مرى يحابه في كلتا حاليه فصااب . ودعا خاطره فأجاب , ولا
تراجع له من طبع , ولابعد الخلع , بل يومه في هذا الشأن دهر , وحسنته فدواوينه عشر
. فإن أجاد فما أولى , وإن قصر فعذره أوضح وأجلى .
صورته كإنســـــــــان
والمعتمد
كإنسان كان له جميل الصفات وجميل الخلق فكان من أعظم ملوك الطوائف في وقته , اكتسب
الشجاعة من وجده العبادي والذكان من أقوى ملوك عصره ومنة أبيه الذي كان له مد يدا
الرحى في جميع الميادين ِ وقد قيل فيه كما سبق .
لا
يشرب الماء إلا من قليب دم ٍ
ولا يبيت له جارٌ على وجل ِ
ومع ما ذكر
عنه من صفات الأسود وذكاء الثعالب وشجاعته في الميدان
إلا أنه
يتسم بالعطف والحنو والمودة ومراعاة الفقير والمحتاج فقال
في النسيب
وما يناسبه .
داري الغرام ورام أن يتكتما وأبى لســان
ُ دموعه ِ فتكــلمــــا
رحلوا وأخفى وجده ُ فأذاعهُ ماء
الشؤؤن مصرحا ً ومجمجما
سايرتهم
والليل غفل ٌ ثوبــه ُ حتـــــى تراءى للنواظر معلـــماً
فوقفت
ثم محيراً وتســـــلبت منـــــي يد الإصباح تلك الأنجما
وله أيضأ ً
في أم الربيع وقد مرضت ولم يعدها فقال قصيدة تبين أن له فى الأدب سمات وفي الوقار
أيد ٍ تصل
الضعيف وترحم المسكين ومن هذه القصيدة .
مرضتم فأمسكت ُ الزيارة عامدا ً وما عن قلي ً أمسكتها لا ولا هجر
ولكنني أشفقت من أن أزوركـــــم وأبصر آثار الخسوف علــى البدر
وقال
المعتمد :
أكثرت هجري غير أنك ربمـــا عطفتــــــك أحيـــــــاناً عليّّ أمور ُ
فكأنما زمن التـــهاجر بيننــــــا ليل ٌ وساعات ُ الوصــــــال بدور
ومن جميل
تعامله مع أهل بيته :
حين ناوله بعض نسائه كأس بلور مترعاً خمراً
ولمع البرق فارتعت فقال :
ريعت من البرق وفي كفـــــــــــــــها بــــرق من القهوة لمــــــــــــا ع
ياليت شعري وهي شمس الضــــــــــحى
كــــــيف مــن الأنوار ترتـــــاع
قامت لتحجب قُرص الشمس قامتها عن نـــاظري حجبت عن نــاظر الغير
وفي ثناء
أحد نسائه أيضاً .
فإن تستلذي بردَ مائكِ بعدنا فبعدكِ ما ندري متى الماء بارد
ومن هذه
الأبيات يتوضح لنا مدى نجاح الرجل في حياته الزوجية مما ينعكس على حياته العملية
ويتضح لنا أنه في حياته رغم مامر به من شدائد وصعاب إلا أنه كان يحيا حياة طبيعية
مع أسرته فنرى أنا المعتمد مما سبق
ابن ملك
وجده ملك تربى على عزة النفس والرخاء والشجاعة واحترام
الضعيف
فبيئته كانت تتصف بالجود والسخاء , امتزاجه بالطبيعة , كان أقوى
الأمراء المتوثبين.
شعر اشعار المعتمد بن عباد
والمعتمد
بما اتصف به من الأدب والعلم فإن شاعريته تأثرت بالحال التي مر بها .
فمنها : أ ) أنه عاش في بيئة تتصف بالجود
والسخاء.
ب) أنه بن ملك عاش في بيت أدب وعلم .
ج ) أنه مر بمراحل محن وذل على مدى عمره
.
د) امتزاجه بالطبيعة والتأثر بما حوله .
هـ) كان زمنه مشهور بالراحات والأدب ,
وأيامه موصوفة باخضرار
الجناب .
و) كان دائماً مجالساً للأدباء والحدي
عليهم .
ونلاحظ من شعره أنه يتسم بالشخصية فلم يكن
يكتسب من شعر أحد
وساعده في
ذلك الظروف التي مر بها من محن , وأسر , وتكبيل بالسلاسل
ونجد في
شعره سالف الذكر والآتي أنه متنوع .
منه الغزل
, والفخر , والعاطفة , سواء مع أبنائه , ونسائه , وبناته .
أيضاً منها
,الرثاء , والحنين , والتهكم , والغزل , والحنين .
ويوضح ذلك
قول بن بسام في الذخيرة .
"فقد كان متمسكاً من الأدب بسبب , وضارباً
في العلم بسهم , وله شعر كما انشق الكمام عن الزهر ,لو صدر مثله عمن جعل الشعر
صناعة واتخذه بضاعة لكان رائعاً معجباً , ونادراً مستغرباً , فما ظنك برجل لا يجد
إلا راثياً , ولا يجد إلا عابثاً , وهو مع ذلك يرمي فيصيب , ويهمي فيصوب "
وهذا دليل كاف ٍ على مدى قوته الشعريه والأدبية , ومما عرف عنه عند جميع الشعراء
أنه يحنو
عاى الشعراء , والأدباء .
فجائه
الشعراء من كل فج عميق , ملبين هذا الملك الشاعر , والأديب الذي يعشق مجلس الشعراء
والأدباء .
صورة المعتمد
كملك
عرف عن آل
عباد أنهم من أقوى ملوك الطوائف واتسموا بالشجاعة والإقدام
والعزة
وكان المعتضد أبوه ملك قوي خاض حروباً كثيرة لجعل الأندلس موحده
ففي بداية
الأمر كان قائداً على جيوش أبيه .
ونجده هو
ملكاً لم يشتغل بالحكم عن أهل بيته بل كان مراعياً لحقوق نسائه
ومنها
عندما كان يغازل أحد نسائه .
يا غــــــرة الشمس التـــــــي قــلبـــي لــها أحـــدُ الــــبروج ِ
لولاك لــــــم أك مــــــــــؤثراً فُرُ شُ
الحرير ِ على الســروج ِ
ومن
مقطوعاته السلطانية التي أجراها مجرى الإخوانيات :
بات الوزير أبو الإصبغ بن أرقم على قرب من
إشبيلية , وأعلمه أنه وافد
عليه صبيحة
غد : فكتب المعتمد
أهلاً بكم صحبتكم نحوي الديم عن كان لم يتجنح لي بكــــم حُلُمُ
حشوا المطي ولو ليلاً بمجهلة فلن تضلوا ومن بشري لكم علم ُ
فقد زارنا النرجـــس الذكـي وآن مــن
يـــومنا الــــــــعشي ٌ
ونحن فــي مجلــس أنــــــــيق وقــــد ظمئنــــــا
وثــــــــــم ري
ولــي نديم ٌ غـــدا سَمـــــــِيي يـــــا ليتــــه ساعـــــدَ
السمـي
وسأله
الوزير أبو عمرو بن غطمش أن يشرفه بالسير معه إلى منزله , فاجتمع
الندماء
بالقصر , بعد صلاة العصر . لينتقلوا ليلا ً بانتقالها إلى دار الوزير المذكور ,
فبدت من بن عمار حينئذٍ هنة أوجبت أن رماه المعتمد ببعض الآنية
. فاقترفوا
بعد نومه ووقوع اليأس من سيره , ومضت الجماعة إلى دار الوزير المذكور , فلما
استيقظ المعتمد من السكر , أ ُ خبر َ بما وقع من الأمر . فكتب إليهم بهذين البيتين
.
لولا عيون ٌ من الواشين ترقمني ومـــا أحـــاذره من قــــــول حُراس ِ
لزرتكم لأكافيكم بــــــــجفونكـم مشياً على الوجه أو حبواً على الرأس
وعندما
ولاه أبوه المعتضد على
جيش لمالقة ولكنه أ ُخرِج َ
منها فكتب يستعطف أباه قائلاً .
سكن فؤادك لاتذهب بك الفِكر ماذا يعيدُ عليك البثٌ والحــــذرُ
وإن يكن قدر ٌ قد عاقَ عن وَطر فلا مرد لما يأتي به القـــــــــدر
وإن تكن خيبة ٌ في الدهر واحدة ٌ فكم غزوت ومن أشياعك الظفر ُ
إن كنت في حيرة عن جرم ِ مجرمٍ فإن
عُذرك في ظلمائها قمـــــر
ومنها
أيضاً :-
يا ضيغماً يقتلُ الفرسان َ مفترساً لاتوهنني فإني النابُ والظـفر ُ
قد أخلفتني صروف أنت تعلمها وعاد مورد ُ آمالي به كــــدر ُ
وحلت لوناً وما بالجسم من سقمٍ وشبت رأساً ولم يبلغني الكبرُ
لم يأت عبدُكَ ذنباً يستـــــحق ُبه عتباً وهاهو قد ناداك يعــــتذرُ
ما الذنب ُإلا علــى قوم ٍ ذوي دغلٍ وفَيَ
لهم عهدُك المعهود إذغــــــدروا
ومنها :
لم اوت من
زمني شيئاً ألذ به فلست أعرف ما كــأس
ٌ ولاوترُ
ولاتملكني
دل ولاخـــــــــفر ولا سبي خلـــدي
غنج ٌ ولاحور
رضاك راحة نفسي لافجعت به فهو
العتاد الــــذي للدهر يُدخــر
وهو المدام
التي أسلو بها فإذا عــدمتها عبثت فـــي
قلبيَ الفِكرُ
فنجدفي تلك
الأبيات نفس المحارب الشجاع الذي لايهاب الموت ولكن يجد أن القدر لا مفر منه ويجب
أن يؤمن بأن أمر الله نافذ ولهذا ذكر اسم القدر ومن الملاحظ أنه في هذه الأبيات
أراد أن يهون على والده هذه الهزيمة وانصرافه مفلولاً دون ماتخيل من التخيم في ذراها
, وأمل نت الاستباحة لحماها .
ومن ذلك
قول بن بسام :
أن باديس
عندما تمكن من مالقة كتب بن بسام شعر للمعتمد يقول " وأتيت بخبر المعتمد فيها
حين أنبأ به شعراً , وجرى له على لسان الأدب ذكر , وفاء ً بالشرط , وتوفية ص
بالقسط "
ومن قول بن
بسام يتضح لنا أن المعتمد يلبي ناء المستغيث , ويحنو على الضعيف ومما ورد في
الذخيرة .
" كان أهل مالقة إذا جرى ذكر عباد
ارتاحوا إليه ارتياح الغصون تحت النسيم , ورفعوا أصواتهم بالصلاة والتسليم , هذا
على ما كان يقذي عيونهم من قبح آثاره , ويصك أسماعهم من هول أخباره , ويلفح وجوههم
من وهج ناره , تشيعاً لم يكن له أصل إلا شؤم الحمية , ولؤم العصبية , فابتهلوا غرة
من باديس أميرهم, وناجوا عباداً بذات صدورهم وألقوا إليه بأيدي تأميلهم وتأميرهم ,
فجأجأوا لظمآن لا يروى على طول الشرب , وهزوا سيفاً يكاد يهتك الضريبة قبل الضرب ,
فجد فيها وشمر , ونادى أهلها وحشر , وكان المعتضد إذا طول اختصر ,وإذا تُحُدِث عنه
على البعد حضر , ولبى دعاة َ أهل مالقة بالخيل بين الجلال واللبود , وبالأبطال
أثناء الحرير والحديد , وأنفذ إليهم شوكته الوحي سمها , وأطلع عليهم كتيبته البعيد
همها , القاسط حكمها , معصبة ً بابنيه جابر ومحمد , فالأول إطلال عسكره عليها هبت
له ريح فتحها ,وضحك في وجهه بشرٌ صبحها , فحل لأول وقته بحريمها , وتحكم في ظالمها
ومظلومها , غلا فرقة من السودان المغاربة لاذوا بذروة قصبتها وهي بحيث ينشأ تحتها
الدجن , ويعجز دون مرامها الظن إنافة مكان , وإطالة بنيان
وقد كان
أهل مالقة أشاروا على ابني المعتضد , حين خلوا بينهما وبين البلد , بإذكاء العيون
, وإساءة الظنون , زضبط ما حولها من المعاقل والحصون , فغفلا , واستصرخ السودان
المغاربة أميرهم باديس فلباهم بزخرة من تياره ,وأقبسهم شرارة من ناره , فلم يرع
ابني عباد , إلا صهيل الجياد , وتداعي الأجناد , بشعار الجلاد , فلم تر إلا أسيراً
أو قتيلاً , أو فازعاً إلى الفرار ما وجد إليه سبيلا , وامتلأت أيدي الباديسيين من
السلاح والكراع , ورفلوا بين خيار البز وفاخر المتاع , ولجأ ابنا عباد إلى رُ ندة
وقد انغمسا في عارها , وصليا بنارها , ورايا وجه الموت في لمعان أسنتها وشفارها ,
ومن ثم خاطب المعتمد أباه بالشعر المتقدم الذكر , وقد أخفر ذممه , ونذر دمه ,
ولولا أنه استجار زعموا , يومئذ برجل من العباد كان هنالك لتبت يداه , ولحق
إسماعيل أخاه .
ورفع إلى
المعتمد صدر دولته شعر ونج هنا أن الشعر المرفوع له من بعض وزراءه الكتاب شعرفيه
سمت النصح للقائد وارشاد .
حيث رفع
إليه الوليد بن زيدون :-
يا أيها الملك الأعظــــــــــم اقطع
وريدي كــل بــــــاغٍ ينـئم
واحسم بسيفك داء كل منافق يبدي الجمــــيل وضد ذلك يكــتم
لاتتركن للناس موضع شبهـة ٍ واحزم فمثلك في العظــائم يحزم
قد قال
شاعر ُ كندة فيما مضى بيتاً على
مر اللـــيالي يعــــــــلم
" لايسلم الشرف الرفيع من الأذى حتى
يـــــراق على جوانبه الدم"
وقد قيلت
هذه الأبيات للمعتمد حتى ينتبه لمن هو له حاقد وعلى ملكه ساخط فانتبه المعتمد لما
سمعها وعرف الغرض الذي إليه قصد . ووقع على ظهر الرقعة , بهذه القطعة . وهي جيد
نظامه , وحر كلامه :
كذبت منامكم صرحوا أو جمجموا ألدين أمـــــــــتن والمروة أكرم
خنتم ورمـــــــتم أن أخـــون وإنما حـــــــــاولتم
أن يستــخف يلملم
وأردتم تضييق صـــــدر لم يضــق والسمر في ثغر الصدور تحطم
وزحفتم بمحالكم لمـــــــــــــــجرب مــازال يثبت في المحال فيهزم
أني رجـــوتم غـــدر من جـــــربتم منـــه الوفاء وجور من لايظلم
ومن
الملاحظ في تلك الأبيات أن المعتمد عندما فطن قول أبي الوليد وحذر المنافقين
والخونة بأن سيفه بطاش ويد القوة ممدودة ومن هنا نلاحظ أنه نهج في شعره مكونات
شعرية شديدة منها دلائل العزة والفخر ..
وفيما
ورد أن رجل رأى في
منامه إثر الكائنة عليهم كأن رجلاً صعد منبر جامع قرطبة واستقبل الناس ينشدهم حيث
ورد أن هذا الرجل في هذه القصيدة يبشر بذهاب ملك المعتمد فقال :
ربﱠركبٍ أناخوا عيسهم في ذرى مجدهم حين بسق
سكت الدهر زماناً عنهم ثم أبكاهم دماً حين نطق
فلما سمع المعتمد هذا الكلام أيقن
أنه نعي لملكه , وإعلام بما انتشر من سلكه :
فرد قائلا ً :
من عزا المجد إلينا قد صدق لم يلم
من قال مهمــــــا قال حـق
مجدنا الشمس سنــــاء وسنـا من يرم ستر سناها لـــــــــم يطق
أيها الناعي إلينـــــــــا مجدنا هل يضير المجد إن خطب طرق
لاترع للدمع فـــــي آمـــــاقنا مزجته بدم أيــــــــــــدي الخرق
حنق الدهر علينـــــــا فسـطا وكذا الدهر علــى الحـــــر حنق
حنق الدهر علينـــــــا فسـطا وكذا الدهر علــى الحـــــر حنق
وقديماً كلف المـــــلك بنــــــا ورأى منا شمــــــــــوساً فعشق
قد مضى منا مــــلوك شهروا شهرة
الشمس تجلت فــي الأفق
وفي
الذخيرة صورة تبين كرم المعتمد وفضله وحفاوته بأهل الشعر وذلك فيما ورد :
قال بن
بسام :- وكان الحصري المكفوف القروي قد طرأ على الأندلس في مدة ملوك الطوائف ,
فتهادته تهادي الرياض للنسيم , وتنافسوا فيه تنافس الديار في الأنس المقيم , ولما خلعوا
وأخوت تلك النجوم , وطمست للشعر تلك الرسوم , اشتملت عليه مدينة طنجة وقد ضاق ذرعه
, وتراجع طبعه , فتصدى إلى المعتمد في طريقه , وهو في تلك الحال , من الإعتقال ,
بأشعار له قديمة صدرها في الرباب وفرتني , وعجزها في الأستجداء وطلب اللهى , خارجة
عن الغرض والمغزي , مما كان فيه المعتمد يومئذ , وألح عليه بالوصول بتلك الأشعار
إليه , فندبه كرم جلبته إلى مقارضته , عند مفاوضته , فطبع على ثلاثين مثقالاً لم
يمكنه سواها , وأدرج قطعة شعر طيها معتذراً
من نزرها , راغباً في قبول أمرها , فلم يجاوبه الحصري عما حصل حينئذ من قبله
لديه , فكتب المعتمد بأبيات تدل على الكرم والجود ومدى حبه لأهل الشعر والأدب فقال
:
قل لمن قد جمع العلـ -م ومن أحصى صوابــه
كان في الصرة شعـرٌ فتنظرنا
جوابــــــه
قد أثبنــــــــــاك فهــلا جلـب
الشــعر ثـــوابه
ومن هذا
لما سمع شعراء , المنطقة من كل حدب قيل في الذخيرة .
واتصل فعل
المعتمد بالحصري إلى جماعة من زعانف الشعراء , وكل طالب حباء , من مشحوذ المدية ,
في الكدية , فتعرضوا له بكل قارعة طريق , وجاءوه من كل فج عميق , يحسبون الدفلى من
حاله نور اجتنام , ويعتقدون السراب في أمره غدير ماء , وطي الحال , كان مالا مزيد
عليه من الإختلال , وعندذلك قال :-
شعراء طنجة كلهم والمغرب ذهبوا من الأغراب أبعد مذهب
سألوا العسير من الأسير وإنه بسؤالهم لأحق فاعجب واعجب
لولا الحياء وعزة لحمية طي ﱠ الحشا ناغاهُمُ في المطلب
قد كان سُئل الندى يجزل وان نادى
الصريخ ببابه اركب يركب
وقد جاء
رجل إليه يسأله أن يزوده بشعره :
لو أستطيع على التزويـد بالذهب فعلت لكن عـــــداني طارق النوب
يا سائل الشعر يجتاب الفلاة بـــه تزويدك الشعر لايغني عن السغب
زاد من الريح لا ري ولاشـــــبع غداً له مـــــــؤثراً ذواللب و
الأدب
أصبحت صفراً يدي مما تجود به ما أعجب القدر المقدور في رجب
ذل وفقر
أدالا عزة وغنى نعمى الليالي من البلوى على كثب
حتى وصل :
والملك يحرسه فـــــي ظل واهبه غلــب من العجم أوشم مـــن العرب
فحين شــــــــــاء الذي آتاه ينزعه لم يجــد شيئاً قراع السمر والقضب
صورته عند ذهاب ملكه
وبعد أن
تكلمنا عن المعتمد في تلك الصور ملك وغيره ,
كأقوى ملوك الطوائف نبين الآن حال المعتمد بعد أن جار عليه الزمان وطغت
عليه الظروف وأصبح هيناً بعد أن كان عظيماً . فبعد أن ذهب ملكه , نجد أن الظروف
طاحت به , وموت أولاده , ووضعه في الإعتقال مكبلاً بالحديد . ونوضح كل صورة على
حدة من حيث نوع الشعر وظهور علامات شعرية منها الحزن والبكاء , والأسى والألم
فنوضح صورته بعد ذهاب ملكه .
وفي
الذخيرة :
ومن كلام المعتمد الجزل , قوله يوم كبل يخاطب
الكبل :
إليك فلو كانت قيونك أشعرت تصرم منها
كل ٌ كف ومعصم ِ
مهابة من كان الرجال بسـيبه ومن سيفه في جنة أو جـــهنم
ومما قاله بعد زوال سلطانه وتضعضع بنيانه ,
لما دخل عليه البلد يوم الثلاثاء منتصف رجب سنة أربع وثمانين , خرج مدافعاً عن
ذاته , وذاباً عن حرماته , وظهر يومئذ من بأسه , ومن تراميه – زعموا – على الموت
بنفسه , ما لا مزيد لبشر ٍ عليه , ولا تناهي لخلق إليه , وفي ذلك يقول :
لما
تماسكت الدـــموع وتنبه القلب الصـــتــديع
قالوا الخضوع سياســـة فليبد منك لهم خضـــوع
وألذ من طعم الخضوع على فمي السم الــــــنقيع
إن تستلب عنـــــي الدنا ملكي وتسلمني الجـموع
فالقلب بين ضـــــــلوعه لم تسلم القلب الضلــوع
لم أستلب شـــرف الطبا ع أيسلب الشرف الرفيع
قـد رمـــــت يوم نزالهم إلا تحصنـــــي الدروع
حتى وصل
إلى قوله :
ما سرت قط إلــى القتال وكان من أملي الرجــــوع
شيم الأولى أنا منــــــهم والأصل تتبعه الـفـــروع
ويبن لنا
من القصيدة السابقة مدى العزة في قول المعتمد والفخر بنفسه , فهو يقدم روحه فداء
للوطن , ولا يسلم لهم , فالسم عنده أهون من الخضوع والذلة , وجاء هنا باستعاره
مكنية حيث شبه إستسلامه وخضوعه وتسليم نفسه للعدو , ووقوفه للعدو في الحرب بأن
القلب في الضلوع وأن الضلوع لاتسلم القلب , وهوشبه يبين مدى عزته وفخره بنفسه كملك
.
ومما قيل
عند دخول المحاربين عليه :
وضح في
الذخيرة :
رجع : ثم
التوت بالمعتمد الحال أياماً يسيرة , والناس بحضرة اشبيلية قد استولى عليهم الفزع
, وخامرهم الجزع , يقطعون سبلها سياحة , ويخوضون نهرها سباحة ومن هذا نجد أن أسلوب
الكتابة يصور حال المنطقة من هروب وقتال ودفع بالقوة وحرص على الحياة وفي أثناء
ذلك كتب المعتمد يقول :
أرمدت أم بنجومك الرمــد قد عاد ضداً كل مــــا تعد
هل في حسابك ما نؤمــــله أم قد تصرم عــندك الأمـد
فد كنت تهمس إذ تخاطبني وتخط كرها إن عصتك يد
فالآن لا عــــــــين ولا أثر أتراك غيب شخصك البلد
وتراك بالعذراء في عرس أم إذ كذبت سطا بك الأسد
الملك لا يبقى علـــــى أحد والموت لا يبقى لـــه أحد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق