السبت، 22 فبراير 2014

عوامل اضعاف دور العصبية وعوامل تعزيز دور العصبية في الدولة عند ابن خلدون



 - عوامل إضعاف دور العصبية:
ترى ما الذي يلغي دور العصبية عند ابن خلدون؟! فإذا وجدت أمة من الأمم، أو مجتمع من المجتمعات فيه هذه اللحمة، وله أهداف مشتركة، ووجد مع هذه الأهداف  المشتركة عنصر الدين- والمجتمعات الإسلامية بها البشر والدين. فما الذي يلغي أثر الدين؟!
ويوضح ابن خلدون عاملين يشلان فعالية العصبية ويلغيان دورها وهما:
أ - الخضوع والانقياد :
إذ "المذلة والانقياد كاسران لثورة العصبية وشدتها فإن انقيادهم ومذلتهم دليل على فقدانها فما رئموا المذلة حتى عجزوا عن المدافعة، ومن عجز عن المدافعة فأولى أن يكون عاجزاً عن المطالبة والمقاومة".
ب - الترف والنعيم :
وهو عامل يقف بالعصبية في منتصف طريقها نحو تحقيق غايتها المنشودة. وكلما ازداد انغماس أفراد العصبة في النعيم ضعفت رابطتهم شيئاً فشيئاً حتى تضمحل.
وقد لفت القرآن انتباهنا إلى دور الترف والنعيم في هلاك الأمم. يقول تعالى: {وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميراً}. سورة الإسراء: 16
فإذا دخلت في هذه المنظومة منظومة فكرية تعمل كالفيروس - الذي يقوم بانتزاع ثورة المدافعة، ويؤدي إلى الخضوع والانقياد - فمن باب أولى أن تنتهي قضية المطالبة والمقاومة. وهذا أمر هام لقادة النهضة حتى يدركوا من أين يأتي الخلل في بناء الصحوة الضخم ؟! (17)
إن وجود الكتلة البشرية -  حسب نظرية ابن خلدون - التي بينها رابطة و دين يفترض أن تكون قادرة على إحداث التحولات، ولكن إذا دخل -عند ابن خلدون - عامل الخضوع والانقياد، أو أقحم في هذه المنظومة، نفى عنها قدرتها على إحداث التغيير.
إذا أضيف إلى منظومة الخضوع و الانقياد منظومة تؤدي إلى الترف والنعيم والانغماس في الملذات والماديات والمنافع الدنيوية انتهت قضية المدافعة والمغالبة وفقدت العصبية معناها.
- عوامل تعزيز العصبية:
 يوجد في المقابل عاملان حاسمان في تعزيز العصبية ودعم روابطها وهما:
- وجود عصبية عامة: تتعدى عصبية النسب إلى الالتحام الاجتماعي أو الروحي. فالدول العظيمة تحتاج عصبية عامة بينما الدول الصغرى لا تحتاج أكثر من عصبية النسب.
- وقوع الدولة (المراد إسقاطها) في طور الهرم: ويرى أن ذلك ليس حتمياً أو نتيجة لا مفر منها. فالدولة القائمة تهرم إذا كانت لحمتها قائمة على عصبة النسب، إذ لا يمكنها أن تصمد طويلاً أمام مطالبة عصبية قوية، خاصة عندما تكون هذه العصبية معززة بدعوة دينية، إذ تغير الأوضاع القائمة عنده لا يتأتى بمجرد الدعوة لوضع أحسن؛ بل لابد من قوة مادية (عصبة) تسندها.(18)





(17) المرجع السابق ، ص 26 .
(18) نفس المرجع .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق