مكونات
الإنتاجية :
نستطيع
التعرف على مكونات الإنتاجية إذا تتبعنا النظريات و المدارس الفكرية للإدارة
، و المبادئ و الأسس التي وضعتها . حيث أن كلا من هذه النظريات تناولت قضية
الإنتاجية من جانب معين كان هو محور اهتمامها أكثر من غيره.
فقد
عنى " تايلور " في مدرسة الإدارة العلمية بالجانب المادي للعمل . و عكف
على دراسة طرق العمل و التوصل إلى طريقة الأداء المثلى أو الأحسن . و رأى أن الإنتاجية يجب أن تزداد . و أن
زيادتها تتحقق بالإدارة العلمية التي تعتمد على التخصص و تقسيم العمل ، ودراسة
الأعمال و تحليها ، و الاختيار الدقيق للعمال ، و تدريبهم فنيا ، و فصل التخطيط عن
التنفيذ ، و تعاون الإدارة و العاملين . فتايلور إذن نظر إلى إنتاجية من الزاوية
الفنية و المادية . و عندما تناول العامل فمن جانب القدرة فقط ، و لم يتعرض لجانب
الرغبة و القوى التي تنميها . و حتى عندما وضع تصوره للأجور التشجيعية فأنه أخذ في
حسبانه الجانب المادي فقط ، و اعتبر أن زيادة الجهد مرهونة بزيادة الأجر . و هكذا
فعلت النظريات الأخرى التقليدية – التي سبقت الإدارة العلمية بقليل – و التي حاولت بناء ما يعرف بالنموذج الرشيد أو نموذج الآلة . و
الذي ينظر إلى المنظمة باعتبارها آلة كبيرة و أن
عناصر
الإنتاج - بما فيها العامل – توضع فيها بطريقة محكمة بحيث تعمل جميعا
في تناسق و تكامل و ترتفع كفاءتها و تزيد إنتاجيتها .
أما مدرسة العلاقات الإنسانية فقد وجهت
اهتمامها نحو العنصر الإنساني . و قامت بدراسة العوامل الإنسانية التي تؤثر على
الإنتاجية . و هذه العوامل لا تتعلق فقط بقدرة العامل و لكن برغبته ، بالروح
المعنوية ، بحالة الرضا التي يوجد عليها ، و اتجاهاته نحو العمل . و من ثم قدمت
للإدارة مفهوما – جديدا حينئذ – عن الدوافع ، يتضمن إلى جانب الأجر دوافع نفسية و ذهنية و
اجتماعية … مثلب إثبات الذات و تقدير الآخرين . كما عرفت الإدارة
بتأثير جماعة العمل أو التنظيم غير الرسمي على الإنتاجية – إيجابا وسلبا ، تحت ظروف معينة ، و تبعا
لاتفاق التنظيم غير الرسمي مع التنظيم الرسمي أو تعارضه معه.
العناصر
المختلفة التي تدخل في تكوين الإنتاجية :
الإنتاجية =
الأداء × التكنولوجيا
الأداء = القدرة ×
الرغبــــــــة
القدرة = المعرفة ×
المهــــــارة
التكنولوجيا =
المعدات × الأســــاليب
(1) الأداء :
يختص هذا
العنصر من عناصر الإنتاجية بالجانب الإنساني .
فنقصد بالأداء مجموعة من الأبعاد المتداخلة هي :
·
العمل الذي يؤديه الفرد ، و
مدى تفهمه لدوره و اختصاصاته ، و فهمه للتوقعات المطلوبة منه ، و مدى اتباعه
لطريقة أو أسلوب العمل الذي ترشده له الإدارة عن طريق المشرف المباشر .
· الإنجازات التي يحققها ، و مدى
مقابلة الإنتاج الذي يتمه للمعايير الموضوعة – الكمية و النوعية و الزمنية – فإلى جانب المعيار الشائع و هو المخرجات في وحدة زمنية معينة ،
هناك معايير أخرى للجودة ، و توفير الوقت
، و ضغط التكاليف .
· سلوك العامل في وظيفته ، و مدى
محافظته على الأدوات و الخامات و الأجهزة التي يستعملها . هل يسرف في استخدامها أم
يحرص على صيانتها .. ما معدل الضياع أو الفاقد أو الأعطال .. و ما نوع التقدم الذي
يحرزه .. هل تزيد درجة إتقانه لعلمه ، أم
تقل أم تتعثر .
· سلوك العامل مع زملائه و رؤسائه ،
و مدى تعاونه مع الزملاء و مساهمته في إنجاز أعمال الجماعة ، و مدى طاعته للأوامر
و اتباعه لتوجيهات رؤسائه و تعاونه معهم في حل مشكلات العمل و إبلاغهم بمقترحاته
بشأنها .
· الحالة النفسية و المزاجية التي
يوجد عليها العامل . و ذلك من حيث الحماس للعمل و الرغبة في أدائه ، و الاستعداد
لإتقانه ، و الاهتمام بمشكلاته و التحفز لعلاجها . و كذلك حالة اليقظة و الحضور
الذهني ، و استمرار أو تقطع هذه الحالة على مدار ساعات العمل .
· طرق التحسين و التطوير التي يمكن
للعامل أن يسلكها في عمله ليزيد من كفاءة الأداء و كذلك طرق التقدم و التطوير
بالنسبة له شخصيا ، أي المهارات و المعلومات التي يمكنه تعلنها و تنميتها من خلال
برامج التدريب ، و من ثم فرص التقدم و الترقية المفتوحة أمامه .
(2)
التكنولوجيــــــا
:
الطرف
الثاني الرئيسي في معادلة الإنتاجية ، و هو التكنولوجيا ، الذي يعالج الجانب الفني . إذ
أن الإنتاجية لا تعتمد فقط على الأداء
الإنساني ، و لكن أيضا على العوامل الفنية . تلك العوامل التي تتعلق بالمعدات و
الأجهزة و الآلات التي تستخدمها المنظمة ، و أسلوب العمل الذي تسير عليه . أي أن للتكنولوجيا شقين رئيسين ، مادي و معنوي
.
و
توجد المنظمات على درجة من درجات التكنولوجيا – البسيطة والمتطورة . و يؤثر ذلك على تنظيم هذه المنظمات وسياساتها
و علاقاتها .
فالتكنولوجيا
التي تستخدمها مصانع الإنتاج المستمر ، تختلف عن تلك التي تستخدمها مصانع العمليات
. و الطرق و الأساليب التي يتبعها مصنع بصفة رئيسية على الأيدي العاملة ، تختلف عن تلك التي يستخدمها مصنع آلي .
و
يمكن أن نميز مرحلتين من مراحل التطور التكنولوجي ، و هما الميكنة و الآلية . فأما
الميكنة فهي إدخال الآلات لمساعدة الإنسان ،
و تحقيق مزايا زيادة الإنتاج و خفض التكاليف و تحسين الخدمات و جودة المنتج
. أما الآلية أو الأتوماتيكية ، فهي إدخال
النظام الآلي . و الذي تلعب فيه الآلات
الدور الرئيسي ، و بلا تدخل الإنسان
. حيث تسير الأجهزة و الآلات حسب برامج
كمبيوترية سلفا . و توجد نقاط مراقبة ذاتية ، و نقاط إنذار و تحذير عند حدوث
أعطال أو عوامل طارئة ، تعمل على ضبط
النظام في المسار الصحيح . و قد ساعد اختراع الكمبيوتر و التطورات الهائلة التي
أجريت عليه حتى الآن على تسهيل النظام الآلي و انتشاره .
و
في الدول النامية توجد فجوة تكنولوجية كبيرة تؤثر على إنتاجيتها . و ترجع هذه
الفجوة إلى عدة أسباب ، على رأسها كما يراها البعض. تخلف نظم التعليم ، و عدم
اهتمام الحكومة بالبحوث التقنية ، وضعف الاقتصاد و تعثر معدلات نموه ، و ارتفاع تكلفة
نقل التكنولوجيا من الدول المتقدمة .
و
يقع على عاتق الدول النامية – في محاولتها للتنمية الاقتصادية و الاجتماعية – مجهود كبير في نقل التكنولوجيا الملائمة
. إذ يتعين عليها انتقاء نوع التكنولوجيا التي تناسبها . و إجراء عمليات التطويع و
التعديل اللازمة ، حسب عوامل متعددة مثل المناخ ، و مصادر الخامات ، و سوق العمالة
، و العوامل الإنسانية و الاجتماعية . كما أنها لا بد أن تعمل على تطوير التعليم و
التدريب ، لتخريج المتخصصين اللازمين لتشغيل التكنولوجيا الجديدة . هذا بالإضافة
إلى الاستفادة من هذه التكنولوجيا إلى الحد الأمثل في رفع الكفاءة
الإنتاجية . و قد نجحت اليابان في
ذلك إلى حد كبير . إذ استطاعت نقل التكنولوجيا الغربية مع تطويعها
لظروفها الاقتصادية ، و قبل ذلك الاجتماعية و الثقافية .
و
عندما تريد الإدارة و غيرها أن تفحص تأثير التكنولوجيا و العوامل الفنية على
الإنتاجية ، فيجب أن تركز على العوامل التالية :
· المعدات و الأجهزة و غيرها من
العدد و الأدوات التي يستخدمها الأفراد في أدائهم لوظائفهم . و درجة التقدم أو
التطور التي توجد عليها هذه المعدات .
· المواد و الخامات التي تدخل في
تصنيع المنتج أو تستهلك في أداء العمليات المطلوبة .
· الطرق و الأساليب الفنية التي
تستخدمها المنظمة في إنجاز أعمالها
هذا
بالإضافة إلى دراسة المصنع و حجمه و طاقته الإنتاجية و التشغيل الاقتصادي الأمثل و
تصميمه و خط انسياب العمل فيه . و دراسة المنتج و تصميمه و مواصفاته و المزيج الذي
يتكون منه – في حالة
إنتاج أكثر من سلعة واحدة . و فحص الطرق و الوسائل التي تتبعها الإدارة من حيث
تبسيط دورة العمل ، و التنميط ، و دراسة الحركة و الزمن ، و تخفيض معدلات الضياع و
الفاقد .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق