الرقابة في الدستور الجزائري
إن دولة القانون التي كثر استخدامها
في الأبيات السياسية الجزائرية منذ المصادقة على دستور 23 فيفري 1989 تقتضي خضوع
العلاقة بين المواطنين و الدولة للقواعد القانونية العامة و المجردة ،و التي تنطبق
على الجميع من دون أي استثناء
بسبب الجنس أو المركز الاجتماعي أو العقيدة الدينية
أو الفلسفية للشخص،و في هذه الحالة فإن عدم احترام القانون في تنظيم العلاقة بين
الحكام و المحكومين أو التطبيق التحكمي للقاعدة القانونية من شأنه فتح المجال أمام
ضحايا مثل هذه المعاملات للجوء إلى المحاكم استحقاقا لحقوقهم المهضومة من طرف
الحكام ،ودولة القانون لا تتضمن فقط خضوع العلاقة بين الحكام و المحكومين للقانون،إنما
تتضمن أيضا عدم السماح للمشرع
و السلطة التنفيذية و بالتالي للقاعدة القانونية
بخرق حق من الحقوق الأساسية المكفولة للمواطنين بمقتضى الدستور.
و لضمان عدم خرق هذه الحقوق و
الحريات الأساسية المنصوص عليها في الدستور أوجد دستور 1989 المجلس الدستوري الذي
يراقب مدى مطابقة النصوص التشريعية للأحكام التي يتضمنها الدستور، و سنتناول
بالدراسة المجلس الدستوري في نقطتين:
1- تنظيم و تسيير أعمال المجلس
الدستوري الجزائري
2-اختصاصات المجلس الدستوري
الفرع الأول: تنظيم و تسيير أعمال
المجلس الدستوري الجزائري
إن فكرة الرقابة على دستورية
القوانين ظهرت لأول مرة في الجزائر بعد حركة 1965 فبذي لائحة السياسة العامة
للمِؤتمر الخامس لحزب جبهة التحرير الوطني و التي دعت إلى إنشاء هيئة سامية تحت
سلطة رئيس الجمهورية تتكفل بمراقبة دستورية القوانين و تضمن احترام علوية الدستور
و سموه.
إن هذه التوصية تجسدت في دستور 1989
من خلال المادة 153 منه {يؤسس مجلس يكلف بالسهر على احترام الدستور كما
يسهر المجلس الدستور على صحة عمليات الاستفتاء و انتخاب رئيس الجمهورية و
الانتخابات التشريعية و يعلن نتائج هذه العمليات}.
و قد كان المجلس الدستوري قبل التعديل
الدستوري في 26 نوفمبر 1996 يتكون من 07 أعضاء 03 يعينهم رئيس الجمهورية و من
بينهم الرئيس و 02 ينتخبهما المجلس الشعبي الوطني و 02 تنتخبهما المحكمة العليا,و
بعد التعديل المذكور فطبقا للمادة 164 أصبح يتكون من 09 أعضاء 03 لرئيس الجمهورية
و منهم الرئيس و 02 مجلس الشعبي الوطني و 02 مجلس الأمة و 01 المحكمة العليا و 01
مجلس الدولة.و بمجرد تعيينهم يتوقفون عن ممارسة أي عضوية أو وظيفة أو تكليف أو
مهمة.
و الدستور لم ينص على أي شرط يجب أن
يتوفر في الشخص المعين للمجلس الدستوري و يعينون لمدة 06 سنوات ويجدد نصف عد أعضاء
المجلس الدستوري كل ثلاث سنوات.
الفرع الثاني:اختصاصات المجلس
الدستوري
وحددت المادة 165 اختصاصات المجلس
الدستوري بالإضافة إلى الاختصاصات التي خولتها إياه صراحة أحكام أخرى في الدستور،
في دستورية المعاهدات والقوانين، والتنظيمات، إما برأي قبل أن تصبح واجبة التنفيذ،
أو بقرار في الحالة العكسية. يبدي المجلس الدستوري بعد أن يخطره رئيس الجمهورية،
رأيه وجوباً في دستورية القوانين العضوية بعد أن يصادق عليها البرلمان. كما يفصل
المجلس الدستوري في مطابقة النظام الداخلي لكل من غرفتي البرلمان للدستور، حسب
الإجراءات المذكورة في الفقرة السابقة.
ونصت المادتان 166 و167 على إجراءات
الطعن أمام المجلس الدستوري وإجراءات اتخاذ المجلس لقراره. فقررت المادة 166 أن
يخطر رئيس الجمهورية أو رئيس المجلس الشعبي الوطني أو رئيس مجلس الأمة، المجلس
الدستوري. كما نصت المادة 167 على أن يتداول المجلس الدستوري في جلسة مغلقة، ويعطي
رأيه أو يصدر قراره في ظرف العشرين يوماً الموالية لتاريخ الإخطار. يحدد المجلس
الدستوري قواعد عمله.
وتضمنت المادتان 168 و 169 النص على
أثر الرأي أو القرار الصادر من المجلس الدستوري في شأن دستورية المعاهدات والنصوص
التشريعية والتنظيمية. فنصت المادة 168 على أنه إذا ارتأى المجلس الدستوري عدم
دستورية معاهدة أو اتفاق، أو اتفاقية، فلا يتم التصديق عليها.
كما نصت المادة 169 على أنه إذا
ارتأى المجلس الدستوري أن نصاً تشريعياً أو تنظيمياً غير دستوري، يفقد هذا النص
أثره ابتداء من يوم قرار المجلس.
كما نصت المادة 126 على أن يصدر
رئيس الجمهورية القانون من أجل ثلاثين يوماً، ابتداء من تاريخ تسليمه إياه. غير
أنه إذا أخطرت سلطة من السلطات المنصوص عليها في المادة 166 التالية المجلس
الدستوري، قبل صدور القانون، يوقف هذا الأجل حتى يفصل في ذلك المجلس الدستوري وفق
الشروط التي تحددها المادة 167 التالية.
ونصت المادة 176 على أنه إذا ارتأى
المجلس الدستوري أن مشروع أي تعديل دستوري لا يمس البتة المبادئ العامة التي تحكم
المجتمع الجزائري، وحقوق الإنسان والمواطن وحرياتهما، ولا يمس بأي كيفية التوازنات
الأساسية للسلطات والمؤسسات الدستورية، وعلل رأيه، أمكن رئيس الجمهورية أن يصدر
القانون الذي يتضمن التعديل الدستوري مباشرة دون أن يعرضه على الاستفتاء الشعبي،
متى أحرز ثلاثة أرباع أصوات أعضاء غرفتي البرلمان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق