الأربعاء، 26 فبراير 2014

النشأة الأولى للغة العربية



النشأة الأولى للغة العربية 

اللغة العربية هي إحدى اللغات السامية (*) ، انشعبت هي و هن من أرومة واحدة نبتت في أرض واحدة ، فلما خرج الساميون من مهدهم لتكاثر عددهم اختلفت لغتهم الأولى ، و زاد هذا الاختلاف انقطاع الصلة و تأثير البيئة و تراخي الزمن حتى أصبحت كل لهجة منها لغة مستقلة
و يقال أن أحبار اليهود هم أول من فطن إلى ما بين اللغات السامية من علاقة و تشابه في أثناء القرون الوسيطة ، و لكن علماء المشرقيات من الأوربيين هم الذين اثبتوا هذه العلاقة بالنصوص حتى جعلوها حقيقة علمية لا إبهام فيها و لا شك .
و العلماء يردون اللغات السامية إلى الآرامية و الكنعانية و العربية ، كما يردون اللغات الآرية إلى اللاتينية و اليونانية و السنسكريتية .
فالآرامية أصل الكلدانية و الآشورية و السريانية ، و الكنعانية مصدر العبرانية و الفينيقية ، و العربية تشمل المضرية الفصحى و لهجات مختلفة تكلمتها قبائل اليمن و الحبشة ،    و الراجح في الرأي أن العربية أقرب المصادر الثلاثة إلى اللغة الأم ، لأنها بانعزالها عن العالم سلمت مما أصاب غيرها من التطور و التغير .
و ليس في مقدور الباحث اليوم أن يكشف عن أطوار النشأة الأولى للغة العربية ، لأن التاريخ لم يسايرها إلا و هي في وفرة الشباب و النماء ، و النصوص الحجرية التي أخرجت من بطون الجزيرة لا تزال لندرتها قليلة الغناء ، و حدوث هذه الأطوار التي أتت على اللغة فوحدت لهجاتها و هذبت كلماتها معلوم بأدلة العقل و النقل ، فإن العرب كانوا أميين ، فكان من الطبيعي أن ينشأ من ذلك و من اختلاف الوضع و الارتجال و من كثرة الحل و الترحال و تأثير الخلطة و الاعتزال  اضطراب في اللغة كالترادف ، و اختلاف اللهجات في الإبدال و الإعلال و البناء و الإعراب ( 1 ) 


 
( * ) المراد باللغات السامية لهجات سكان القسم الجنوبي من غرب آسيا من حدود الأرمن شمالا إلى البحر العربي جنوبا و من خليج العجم شرقا إلى البحر الأحمر غربا ، و هي منسوبة إلى سام بن نوح عليهما السلام ، كما تسمى اللغات الآرية باليافثية أيضا نسبة إلى يافث أنظر مصطفى صادق الرافعي ، تاريخ آداب العرب ، ج1 ، ط5 ، ص 74 ، 75
( 1 ) أحمد حسن الزيات ، تاريخ الأدب العربي ، ط 24 ، ( دار المعرفة ، بيروت ) ،  ص  13

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق