الجمعة، 28 فبراير 2014

شرح القاعدة مجملة القواعد الفقهية درء المفاسد



شرح القاعدة مجملة .
لقد وردت القاعدة  في كتب القواعد الفقهية بدرء المفاسد مقدم على جلب المصالح كما وردت بصيغة أخرى حيث عبر عن مقدم بأولى و المصالح بالمنافع ، الأصل أن الشريعة جاءت لجلب المنافع ، و درء المفاسد ، فإذا تعارضت مصلحت و مفسدة قدم دفع المفسدة غالبا ؛ لأن الشرع حريص بدفع الفساد ، و يعتني بالمنهيات أشد من اعتنائه بالمأمورات[1] .
الفعل إن تضمن مصلحة مجردة ، حصلناها ، وإن تضمن مفسدة مجردة ، نفيناها ، وإن تضمن مصلحة من وجه ومفسدة من وجه ، فإن استوى في نظرنا تحصيل المصلحة ، ودفع المفسدة ، توقفنا على المرجح ، أو خيرنا بينهما كما قيل في من لم يجد من السترة إلا ما يكفي أحد فرجيه فقط . هل يستر الدبر ؛ لأنه مكشوفا أفحش ، أو القبل ؛ لاستقباله به القبلة ؟ أو يتخير لتعارض المصلحتين والمفسدتين ؟ ، وإن لم يستو ذلك ، بل ترجح أحد الأمرين تحصيل المصلحة أو دفع المفسدة ، فعلناه ؛ لأن العمل بالراجح متعين شرعا[2] .
يقول ناصر السعدي في نظمه :
الدين مبنىّ على المصالح

في جلبها والدرء للقبائح
هذا الأصل العظيم ، و القاعدة العامة يدخل فيها الدين كله مبني على تحصيل المصالح في الدين و الدنيا و الآخرة ، و على دغع المضار في الدين و الدنيا و الآخرة ، و ما أمر الله بشيءإلا و فيه من المصالح ما لا يحيط به الوصف ، و ما نهى عن شيء إلا و فيه من المفاسد م لا يحيط به الوصف[3] .
يفصل الإمام الشاطبي في المصلحة و المفسدة عند مناظرتهما بقوله : فالمصلحة إذا كانت هي الغالبة عند مناظرتها مع المفسدة في حكم الاعتياد، فهي المقصودة شرعا، ولتحصيلها وقع الطلب على العباد، ليجري قانونها على أقوم طريق وأهدى سبيل، وليكون حصولها أتم وأقرب وأولى بنيل المقصود على مقتضى العادات الجارية في الدنيا، فإن تبعها مفسدة أو مشقة، فليست بمقصودة في شرعية ذلك الفعل وطلبه.
كذلك المفسدة إذا كانت هي الغالبة بالنظر إلى المصلحة في حكم الاعتياد، فرفعها هو المقصود شرعا، ولأجله وقع النهي، ليكون رفعها على أتم وجوه الإمكان العادي
في مثلها، حسبما يشهد له كل عقل سليم، فإن تبعتها مصلحة أو لذة، فليست هي المقصودة بالنهي عن ذلك الفعل، بل المقصود ما غلب في المحل، وما سوى ذلك ملغى في مقتضى النهي، كما كانت جهة المفسدة ملغاة في جهة الأمر[4] ،... المصالح المجتلبة شرعا والمفاسد المستدفعة إنما تعتبر من حيث تقام الحياة الدنيا للحياة الأخرى، لا من حيث أهواء النفوس في جلب مصالحها العادية، أو درء مفاسدها العادية[5] .
و هذا ما نجده في كثير من كتب الأصول مثل على سبيل الذكر لا الحصر نجد الأنسوي في كتابه "التمهيد في تخريج الفروع على الأصول" واعتناء الشارع بدفع المفاسد أشد من اعتنائه بجلب المصالح[6] ، و ما جاء في المسودة : المفاسد يجب تركها كلها بخلاف المصالح فانما يجب تحصيل ما يحتاج اليه[7] .


[1]القواعد الفقهية و تطبيقاتها في المذاهب الأربعة للدكتور محمد الزحيلي ج 1/ 238
[2] شرح مختصر الروضة للطوفي ج 3/ 214 .
[3] شرح نظم القواعد الفقهية للشيخ عبد الرجمن بن ناصر السعدي ، ص:28 .
[4] الموافقات في أصول الشريعة ج2/ 21 .
[5] المصدر السابق ج2/ 29 .
[6] التمهيد في تخريج الفروع على الأصول ص : 291 .
[7] المسودة ، ج2/ 744.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق