الثلاثاء، 25 فبراير 2014

المدرسة التوزيعية لهاريس زيلغ سابيتي هاريس Zelling Sabbetai Harris


المدرسة التوزيعية لهاريس

يطلق هذا الاسم على اتجاه لساني ظهر في الولايات المتحدة الأمريكية في حوالي سنة 1930، وهو مرتبط بتفكير سوسير . وأوجه التماثل بين التوزيعية والاتجاهات الأوربية المعاصرة تسمح بوسمها على أنها جميعا من البدائل للبنيوية”
التوزيعية هي النظرية التي تقابل عند كثير من الدارسين “البنيوية الأمريكية”، التي يعتبر سابير من أوائل روادها، وقد نشر كتابه عن (اللغة) عام 1921 بقدر عظيم من الحكمة والتوازن عندما يتحدث عن البنية اللغوية ، فيتفادى التبسيطات الشديدة، والنزعة العلمية السهلة التي سادت فيما بعد، ويصر في مقدمة كتابه على تأكيد (الطابع اللاشعوري والطبيعة اللامعقولة للبنية اللغوية)، مركزا على الجانب الإنساني للغة باعتبارها نظاما من الرموز، فوظيفة اللغة عنده ليست غريزية، ولكنها ثقافية مكتسبة، وبعد أن يدرس المشاكل الصوتية يتناول قضية الشكل اللغوي والبنية القاعدية، فيؤكد أن الحقيقة اللغوية الجوهرية تتمثل في التصنيف، والنمذجة الشكلية للتصورات فاللغة بوصفها بنية هي الجانب الداخلي، وأما الشكل فينبغي دراسته من وجهة نظر الوظيفة المنوطة به، ولا بد فيما يتصل بهذا الشكل من التمييز بين الصيغ التي تستخدمها لغة ما في عملياتها النحوية، وبين توزيع التصورات بالنسبة للتعبيرات المختلفة في نماذج “صوتية شكلية”
وبالعنوان نفسه نشر بلومفيلد كتابه عن (اللغة) عام 1933، وعرض فيه للجانب الآخر من النظرية البنيوية المتماسكة، ويعتبر كل من (سابير) و(بلومفيلد) زعيمي المدرسة الأمريكية، وإن كان الثاني أكثر تأثيرا من صديقه، وأفضل تمثيلا لها، إذ تربى على يديه أجيال من الباحثين، حتى عد كتابه أهم دراسة منهجية للغة في القرن العشرين، ومازالت مبادئه هي السائدة بين جمهور الباحثين[3]. وتتحدد البنيوية الأمريكية في الحقيقة بعاملين: بهدفها العملي، وهو ضرورة دراسة لغات الهنود الحمر، وثقافاتهم التي لم تبحث وتدون آنذاك، وبالبديهيات العلمية للسلوكية، وسنوضح أثر هذه الأخيرة على التوزيعية، فيما هو آت.
2-
صاحب النظرية التوزيعية[5]:
هاريس (زيلغ سابيتي هاريس /Zelling Sabbetai Harris 1909)
ولد (هاريس) سنة 1909م في روسيا، ثم قدم في الخامسة من عمره إلى الولايات المتحدة الأمريكية، التحق بجامعة (بنسلفانيا)، أين حصل على الدرجة الجامعية الأولى عام (1930)، وبعد سنتين من ذلك حصل على درجة الماجستير في الأدب، من الجامعة ذاتها (1932م)، وعام (1934) تحصل على درجة الدكتوراه بالأطروحة التي تقدم بها عن قواعد اللغة الفينيقية. ثم عين للتدريس في الجامعة ذاتها، إلى أن انتقل إلى جامعة (فيلادلفيا )، ثم عاد بعد ذلك إلى (بنسلفانيا) واشتغل بالتدريس هناك.حيث التقى تلميذه تشومسكي.
أشهر مؤلفات هاريس في علم اللغة ذلك الذي يعد المؤلف الرئيس في علم اللغة التوزيعي، والذي شرح فيه آراءه حول هذا المنهج، وهو كتاب موسوم بـ (مناهج في اللسانيات البنوية)، وبه ظهر هاريس صاحب مدرسة جديدة، إذ خرج على أفكار(بلومفيلد) الذي كان مثله الأعلى في المنهج الوصفي.
سنة 1952 نشر هاريس مقاله (transformar grammar) الذي تحدث فيه عن استعمال الرموز لتحليل الجملة، كما تحدث عن الجملة التوليدية، وعن القواعد والقوانين اللازمة لتوليدها، ولعل هذا المقال هو البذرة الأولى التي انطلقت منها أعمال اللغوي تشومسكي في نظريته التوليدية التحويلية، حيث إنه طور آراءه اعتمادا على آراء أستاذه (في النحو التوليدي)، فطغت آراء التلميذ ونسبت النظرية التوليدية التحويلية لتشومسكي في النهاية، ولم يكن هاريس لينشر هذا المقال – كما يعتقد بعض الدارسين- لولا إحساسه أن منهجه الجديد (التوزيعي) الذي أخذ يدعو له لا يصلح لحل كثير من قضايا اللغة لكنه لم يصرح بذلك، بل حاول تعديل فكرته من خلال طرح فكرته الجديدة التي تأثر بها تشومسكي.
يرى هاريس أن المعنى ليس عنصرا رئيسا في تقسيم الجمل، وتوزيع مفرداتها، متأثرا في ذلك بآراء بلومفيلد الذي يرى أن المعنى هدف بعيد المنال، وعلى الباحثحتى لا يدخل في متاهات تبعده عن لب الدراسة- أن ينصرف عنه إلى ما هو أهم، وعلى الرغم من هذا التوجه إلاَّ انه وجد نفسه عند التطبيق يتحدث عن العلاقة الوثيقة بين المعنى الماثل في ذهن المتكلم ، والمورفيمات المستعملة والتركيب الجملي الذي تنتظم فيه هذه المورفيمات انتظاما توزيعيا
.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق