الأربعاء، 26 فبراير 2014

العوامل الطبيعية المؤثرة فى استصلاح الاراضى وتوزع العمران بسيناء



العوامل الطبيعية المؤثرة فى استصلاح الاراضى وتوزع العمران بسيناء
إن استصلاح الارضى وتوزيع العمران فى اقليم سيناء لا يتم بصورة عشوائية ، بل تحكمة مجموعة من العوامل الطبيعية أو البشرية التى اثرت فى التوزيع الجغرافى للظاهرتين .
اولا : الموقع الجغرافى :-
جوهر الدراسةالجغرافية هو دراسة المكان من حيث خصائصة وعلاقاتة ، وتعريف الجغرافيا بانها علم المكان " Science of Space  " يشكل مفهوما مهما فى تاريخ الفكر الجغرافى ، بل يمكن ان ننظر الى تاريخ لمفهوم المكان فى الجغرافيا ، لان المكان يمثل الناظم الفكرى الاساسى للمنهج الجغرافى (1)
وتهتم الجغرافيا بدراسة التحليل المكانى للظاهرات على سطح الارض ، وبالتالى يميل الجغرافيون الى التركيز على تحليل المواقع الجغرافية " Location Anlysis " وذلك بقصد تفسير مواضع وابعاد واحجام الاماكن المختلفة ، والموقع الجغرافى من أهم العوامل الطبعية الرئيسية المؤثرة فى دراسة المراكز العمرانية ، ومرد ذلك تاثيرة المباشر فى حياة الانسانواستقراره فى أماكن محددة . فموقع المسكن وبعده عن كل جهات العمل ومراكز الخدمات المختلفة ، وخطوط النقل والمواصلات كلها عوامل وعناصر توضع فى الاعتبار عند دراسة المراكز العمرانية سواء فى المدينة او القرية ، حيث يهتم بها الجغرافيون دائما فى علاقة الظاهرة بالمنطقة . ( 2 ) 
تقع شبة جزيرة سيناء فى الركن الشمالى الشرقى لمصر بمساحة 60714 كم2 ، اى ما يعادل 6 % تقريبا من جملة مساحة الاراضى المصرية ، وعلى الرغم من ان مساحتها تعادل ثلاثة أمثال من مساحة الدلتا فانها تضم حوالى 07 % من جملة سكان مصر ، كما تشرف بحدودها عل ثلاثة من السواحل البحرية ، وهى بحدودها البرية والبحرية يمكن القول بان سيناء تتمتع بسواحل تجعلها أكثر اقاليم مصر جزرية واقلها قارية ( 3 )


 
( 1 ) صفوح خيرى " البحث الجغرافى ومناهجة واساليبه " دار المعرفة 2001 م ، ص 5
( 2 ) محمود عبد اللطيف عصفور ، والسعيد البدوى " الدراسة الميدانية فى جغرافية العمران " ، مكتبة الانجلو المصرية ، القاهرة ، 1976 ص 123
( 3 ) جمال حمدان " شخصية مصر – دراسة فى عبقرية المكان " الجزء الاول ، عالم الكتب ، القاهرة ، 1980 م ، ص 540

ولموقع سيناء أهمية خاصة بالنسبة لمصر لكونها تمثل العقدة البرية او القنطرة التى تربط قارتى آسيا وافريقيا ، فهى مدخل الشرقى لمصر ، وتبدو ملامح الموقع الجغرافى كموثر طبيعى فى التوزيع العمرانى والسكانى بشكل مباشر او غير مباشر حيث تميزت المحلات العمرانية بالمراكز الساحلية أو ذات المواقع البحرية بارتفاع حجمها البشرى وكثافة توزيعهم إذ يوثر الموقع الفلكى لسيناء ( فى حدود 36    2 5 عرضية ) فى نمط الظروف المناخية السائده وانعكاسلتها على بعض الانشطة الاقتصادية وخاصة الزراعية والسياحية فى كل من شمال وجنوب سيناء ، ومن ثم تنوع المواسم على مدار مناطقها الجغرافية ، وكذلك حركة النقل والتجارة بالمدن الساحلية وظهيرها العمرانى مثل موانى نويبع ، شرالشيخ ، العريش ، الطور ، فيران ، ابو زنيمة . واذا كان حفر قناة السويس قد اضاف لسيناء اهمية استراتيجية اضافة الى اهميتها المتراكمة ، فانها قد فصلت سيناء نسبيا عن باقى الاراضى المصرية واصبحت تشكل انقطاعا لمسارات التوزيع الجغرافى لمراكز العمران كما يؤثر بشكل واضح على السكان من خلال تاثيرة على توزيع المحلات العمرانية باعتبارها أحد العوامل الحاكمة لنشاة وتطور مراكز العمران فى سيناء فعلى ساحل البحر المتوسط نشات مدن رفح والشيخ زويد والعريش وبئر العبد ، وهو محور العمران الرئيسى بالشمال ويعيش بة نحو 71 % من جملة سكان سيناء ، وعلى ساحل خليج السويس نشات مدن رأس سدر وابو زنيمة وابو ارديس والطور ، بالاضافة الى مدن نويبع ودهب وشرم الشيخ وطابا على ساحل خليج العقبة بنسبة 17.9 % من جملة سكان الاقليم ، يبنما تضم المنطقة الوسطى والحدود الشرقية لسيناء بنسبة 11.1 % من اجمالى سكانها ، أما العمران الداخلى باحجامة السكانية القزمية فقد ارتبط ايضا باهمية الموقع ، حيث كانت مدينة نخل متده على الحج وكانت الحسنة والقسيمة والقضبة على طىق التجارة القديمة ( 1 ) ، لقد فرض الموقع الجغرافى لسيناء أهميته فى توجية سياسات الدولة نحو تعميرها ومحاولة استغلال ثروتها الكامنة وتنمية مواىدها النتعدده والتركيز على إعداد المخططات التنموية الشاملة لهذا الاقليم ، والتى تنعكس على الرصيد العمرانى لسيناء .


 


( 1 ) أحمد محمد محمد أسماعيل  " مرجع سابق " صــــ80

ثانيا : البنية والتركيب الجيولوجى
تتكون شبة جزيرة سيناء من كتلة قديمة مرتفعة فى الجنوب هى الكتلة العربية النوبية تحدها من الشمال الهضاب الرسوبية ثم السهول الساحلية الشمالية ، وقد تاثرت منطقة الهضاب بالعديد من حىكات التصدع والالتواء ، كما يوجد فى غرب سيناء منطقة أخدود السويس الذى يكون جزءا من الاخدود الافريقى ، أما فى شرقها فيوجد خليج العقبة التابع ايضا لحركة الاخدود الافريقى ( 1 )
وتنقسم سيناء الى عدة أقسام تركبية منها :
منطقة الدرع فى الجنوب
تبلغ مساحة هذه المنطقة 7500 كم2 ، وهى جزء من الكتلة العربية النوبية ، ويحدها من الشرق أخدود العقبة ، ومن الغرب أخدود السويس ،ولذلك فهى تمثل ضهر واضح المعالم Horst  تميل ببطء تجاه الشمال ، وتقطعها العديد من الصدوع ، ومعظم هذه الصدوع يمتد موازى إما لخليج العقبة او لخليج السويس ، وقد تعرضت هذه الكتلة لحركات بانية لجبال والهضاب والصدوع ثم تعرضت بعد ذلك لفترات طويلة اعوامل التعرية مما أدى الى تخفيض سطحها ، ثم تعرضت بعد ذلك الى للطغيان البحرى الذى ترك عليها كميات هائلة من الرواسب .
منطقة الرفرف الثابت ( المكين)
توجد فى وسط سيناء ومساحتها 13000 كم2 ، وصخورها طباشيرية كرياتيسية وحجر جيرى أيوسينى ، وسمكها حوالى 1500 م ، وتحد هذه المنطقة مجموعة من الصدوع بعضها ياخذ اتجاه خليج الععقبه والاخر ياخذ اتجاه خليج السويس والثالث ياخذ اتجاه البحر المتوسط ، أما فى الجنوب حيث اتصال هضبة التية بالكتلة القديمة الجنوبية فتوجد مجموعة من الصدوع تحدد مجارى دهب والغايب ونصب ، وهذه الصدوع يمتد أغلبها من الشمال الى الجنوب او من الشمال الغربى الى الجنوب الشرقى ، ولذلك تبدو هضبة التية على شكل هورست مرتفع .
منطقة الطيات الضعيفة
توجد فى وسط سيناء وتبلغ مساحتها 7500 كم2 ، وتتكون من صخور الايوسين الاسفل ، ويخترق السطح عدد من الطيات الصغيرة Folds  اتجاهها من الشمال الشرقى الى الجنوب الغربى ولا يتجاوز معدل طول الواحدة منها 5 كم ومن بين الطيات سومر والمندرة الكبيرة وابو كندوره ونخل ودراج 

المنطقة المفصلية
توجد فى شمال سيناء شمال خط عرض 30 5 شمالا ، وقد تاثرت هذه المنطقة بالصدوع من الشمال الشرقى الى الجنوب الغربى ، وتمتد من ممر نتلا غربا حتى عرايف الناقة شرقا ، ويصل طول المنطقة التى تخترقها الصدوع حوالى 200 كم وعرضها حوالى 20 كم ، وقد لعبت هذه الصدوع دورا كبيرا فى عمليات الترسيب ، وحول هذه الصدوع أمكن التميز بين عدد كبير من الطيات السابقه فى شيئين: -
( أ ) أنها تميل جهة الشمال ميلا شديدا .
( ب ) تظهر بها أقدم الصخور والتى ترجع الى الترياس والجوارسى .
ومن هذه الطيات الحمره والمنشرح والبروك وعرايف الناقة .
منطقة الطيات القوية
توجد فى شمال سيناء وتبلغ مساحتها 13000 كم2 ، يحدها من الشمال الكثبان الرملية التى تمتد من قناة السويس فى الشرق حتى البحر المتوسط فى الشمال .
وتظهر فى هذه المنطقة بعض التلال القديمة المرتفعة التى يبلغ ارتفاعها اكثر من 1000 م ، وتفصلها سهول مستوية تخترقها بعض القواطع البازلتية ، وتتكون قمم هذه التلال من صخور جوراسية ورملية نوبية ، بينما تتكون سفوحها الدنيا والهول الموجودة بينها من صخور جيرية ترجع الى الايوسين الاوسط ، وهذا يدل على أن التكوينات التى كانت موجوده فى اعالى هذه التلال قد أزيلت بفعل عوامل التعرية ، وقد يزيد طول بعض هذه الطيات عن 50 كم ، وتتميز جميعها بانها ليست منتظمة الشكل بحيث تميل بدرجة كبيرة نحو الجنوب الشرقى وتخترقها الصدوع التى تؤثر بالتالى على أشكال هذه الطيات .
ومن بين هذه الطيات الحدبة ( 1 ) كما بشكل رقم (     ) :-
( أ ) الجدى ويلج والحلال ، وهى تكون موجه واحده .
( ب ) أم مخسة والفالج وميندره الليثلى ولبنى وهى ايضا تكون مجموعة واحدة من النوع الثانوى.


منطقة ساحل البحر المتوسط
تشغل هذه المنطقة مساحة قدرها 8000 كم2 وتغطى هذه المنطقة بالكثبان ذات التراكيب القبابية الشكل والتى تاخذ نفس المحور والامتداد السابق ، وهناك اعتقاد بأن هذه المنطقة كانت جزءا من حوض دلتا النيل الذى يمتد شرقا ليشمل المنطقة الساحلية فيما بين رفح وغزه .
منطقة الاخدود
وتشغل مساحة قدرها 8300 كم2 ، وتقع فى غرب سيناء وتمتد بين البحيرات المره فى الشمال حتى راس محمد فى الجنوب بطول قدرة 350 كم ، ويتراوح عرضها بين 10 – 30 كم ، ويحد هذه المنطقة من الشرق بعض الصدوع العنيفة التى تمتد موازية للخليج أى من تلاتجاه الشمالى الغربى الى الجنوب الشرقى ، وهذه الصدوع شديدة العنف بحيث أعطت للمنطقة ملامحها المورفولوجية الواضحة ، كما توجد أيضا بالمنطقة مجموعة من الصدوع الثانوية تتعامد على الصدوع السابقة ، وهى لم تلعب دورا كبيرا فى تشكيل المنطقة مورفولوجيا .
فقد اختلف الجيولوجيون فى تحديد أنواع الصدوع ، فالبعض يعتقد أن هذه الصدوع نشأت نتيجة عوامل الشد ، والبعض الاخر يرى انها نشات نتيجة عوامل الضغط .
أما عن عمر هذه الصدوع فيرجعها معظم الجيولوجيون الى الزمن الثالث ، ويؤكد معظمهم أنها ترجع الى عصر الميوسين وما بعده ، والبعض يرجعها الى الايوسين ، والبعض الاخر يرجعها الى الاليجوسين .
ومن دراسة البنية والتركيب الجيولوجى يتضح ان شبة جزيرة سيناء تعرضت لاحداث وبنيات جيولوجية محدده انعكست على ملامحها الجيوموفولوجية ومواقع مراكزها العمرانية واحجامها السكانية ، حيث تبرز العلاقة الوثيقة بين التكوينات الجيولوجية وتوزيع السكان بسيناء من خلال ذلك الارتباط الواضح بين مواقع المحلات العمرانية والتكوينات الجيولوجية الحديثة فى عصرى البلايستوسين والهلوسين ، والتى تمتد عل طول سواحل شبة جزيرة سيناء فقد وفرت هذه التكوينات المواضع الملائمة لنشاة هذه المراكز العمرانية وما تبع ذلك من ترابط وتفاعل واتصال وظيفى ، وثمة تاثير أخر للتركيب الجيولوجى ، حيث تزخر معظم أراضى سيناء بالعديد من الثروات المعدنية والبترولية وخامات المحاجر والتى مازالت كميتها فى طور الاستغلال ، كما ان هناك علاقة بين توزيع المحلات العمرانية ونوعية التركيب الجيولوجى بالمنطقة ، حيث تقل المحلات العمرانية من حيث الحجم فى الاقليم الجنوبى إذ تنشر التصدعات والزلازل والمخاطر الطبيعية كالسيول والانهيالات الارضية .
ويبدو اثر التركيب الجيولوجى فى العمران السيناوى متمثلا فى مادة البناء المستخدمة وبالذات خارج المدن فالحجر الجيرى يتخدم لبناء مساكن البدو بطول الساحل الشمالى والاحجار الجرانتية بالوانها والتى تظهر فى مبانى سانت كاترين فى وسط سيناء .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق