الخميس، 27 فبراير 2014

المسؤولية الجزائية الجنائية للطفل صغير السن




المسؤوليّة الجزائيّة لصغير السن

   تعتبر الجريمة ظاهرة اجتماعيّة لا تعترف بحدود السّنّ وممكن اقترافها من أيّ شريحة عمريّة وقد أثبت الواقع أنّ الطّفل قادر على إتيان أبشع الجرائم وأكثرها خطورة رغم صغر سنّه.
لذلك فقد كان الصّغير في الشّرائع القديمة يعاقب حتّى ولو كان غير مميّز إذ أنّ مسؤوليّته حكمها حكم مسؤوليّة الكبير المميّز والواعي وعيا كاملا. ومردّ ذلك أنّ فكرة المسؤوليّة الجزائيّة كان أساسها الفعل المادّي ولكن مع التّطورات التّشريعيّة أصبح لا يكفي لقيام المسؤوليّة الجزائيّة في شخص الجاني ، أن يصدر عن الفاعل سلوك إجراميّ معاقب عليه بل لابدّ من توفّر ركن معنويّ يبرز اتّجاه إرادة الجاني إلى ارتكاب الفعل الّذي يعاقب من أجله القانون ومن أهمّ صفات هذه الإرادة أن تكون معتبرة قانونا أي أن تكون لها حرّيّة الاختيار مع القدرة على الإدراك.
وتبعا لذلك تنعدم المسؤوليّة الجزائيّة عند اختلال الإدراك لدى الجاني أو عند انعدام حرّيّة الاختيار لديه زمن اقتراف الفعل المنسوب إليه.
وهذا التّصوّر تبنّته معظم التّشريعات الجنائيّة الّتي أكّدت أنّه لا يكفي وقوع الفعل المكوّن للجريمة ماديّا بل يجب أن يتوفّر في الجاني صفتين أساسيّتين وهما الإرادة والإدراك باعتبارهما مناط المسؤوليّة الجزائيّة وبما أنّ الطّفل يولد فاقد الإدراك والوعي ثمّ  تنمو ملكته الذّهنيّة إلى أن تكتمل تدريجيّا وبما أنّ المسؤوليّة الجزائيّة منوطة بالإدراك فقد اعتبرتها التّشريعات المعاصرة تتبعه وجودا ونقصا وعدما. [1]
ومن هذا المنطلق، قامت جلّ التّشريعات المعاصرة بتكريس نظام قانونيّ لمراحل المسؤوليّة الجزائيّة وفقا لسنّ الفاعل في الجريمة، اعتمادا على مبدأ التّدرج من اللاّمسؤوليّة الجزائيّة المطلقة إلى المسؤوليّة الجزائيّة الكاملة مرورا بمرحلة تخفيف المسؤوليّة.
بما أنّ المبدأ الّذي يقوم عليه التّجريم والعقاب، هو إدراك الجاني لعدم مشروعيّة فعله وإقدامه على هذا السّلوك عن وعي وإرادة كان لابدّ من استثناء من لا يتمتّع بالإرادة والإدراك الكافيين من التّجريم والعقوبة ومن بين هؤلاء صغار السّنّ.
لكن التّشاريع القديمة لم تكن تحدّد سنّا معينة تنتفي معها المسؤوليّة الجزائيّة، بل كانت تضع سنّا تبتدئ منها المسؤوليّة الجزائيّة وهي فترة محدودة جدّا ومن خلالها يبدأ القاضي بتقدير مدى مسؤوليّة الصّغير، عن طريق البحث في مدى تمتّع هذا الأخير بالقدرة على الإدراك وتوجّه الإرادة فكان التّمييز معيارا أوليّا لتحديد مرحلة انعدام المسؤوليّة الجزائيّة
لا يكفي وقوع الفعل المكوّن للجريمة مادّيّا ونسبته إلى الفاعل للقول بقيام المسؤوليّة الجزائيّة فحتّى يكون الفاعل جديرا بتحمّل المسؤوليّة عن أعماله يجب أن تتوفّر فيه صفتان أساسيّتان وهما الإرادة والتّمييز. لذا عدّ التّمييز الشّرط الأوّل لتحمّل المسؤوليّة الجزائيّة وهو قدرة الشّخص على فهم ماهيّة سلوكه، وتقدير ما يترتّب عليه من نتائج وهذا الفهم ينبغي أن يحيط بالفعل في ذاته ونتائجه.
وقد تعدّدت معايير التّمييز واختلفت ففي التّشريعات القديمة سادت فكرة الإدراك كمقياس للتّميز لتحديد قيام المسؤوليّة أو عدمها الأخذ بضابط إدراك العمل المشروع.


فكيف تعامل المشرع مع صغير السن ؟.
إن اللامسؤولية الجزائية هي المرحلة التي يجتازها الانسان من يوم ولادته إلى سن يبقى فيها الصبي غير قادر على توجيه إرادته ويكون الوعي والإدراك فيها معدوما وتنتفي خلالها المسؤولية الجزائية للجاني ، أما المرحلة الثانية فهي تلك التي يجتاز فيها الكائن البشري مرحلة الطفولة إلى مرحلة يكون فيها الوعي والإدراك ناقصا وتكون فيها مسولية الصغير مخففة.

المسؤوليّة الجزائيّة لصغير السن في الشريعة الاسلامية[2]
لقد عالجت الشريعة الإسلامية مسألة رعاية الأطفال بطريقة سمت بكثير عما قدمته القوانين الوضعية الحالية , فلقد حصرت المسؤولية الجزائية لدى الشخص المميز و المدرك كما فرقت بين الأطفال و البالغين في نظام بليغ ومحكم سبقت به جميع التشريعات، و يمكن تقسيم مراحل المسؤولية الجزائية لدى الطفل إلى مرحلتين هامتين هما مرحلة ما قبل سن التمييز ومرحلة التمييز.


[1]  المسؤولية الجزائية لصغير السن في القانون التونسي،الاستاذة هنده الدريدي،الهيئة الوطنية للمحاميين تونس،السنه القضائية 2010-2011
[2]  المسؤولية الجزائية لصغير السن في القانون التونسي،الاستاذة هنده الدريدي،الهيئة الوطنية للمحاميين تونس،السنه القضائية 2010-2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق