الخميس، 27 فبراير 2014

تعريف مفهوم مصطلح التمييز



تعريف التمييز :
ويسمى مفسرا وتفسيرا ، ومبينا وتبيينا ، ومميزا وتمييزا .
التمييز لغة : في لسان العرب : "المَيْزُ: التمييز بين الأَشياء. تقول: مِزْتُ بعضه من بعض"([1])
وفي اصطلاح النحويين :"يقول ابن الحاجب ( التمييز ما يرفع الإبهام المستقر عن ذات مذكورة أو مقدرة )
قال الرضي : قوله: (ما يرفع الإبهام)، جنس يدخل فيه التمييز وغيره، كالحال، والصفة، وشبههما، وقال: عن ذات، احترازا، عن الحال فإنه يرفع الإبهام ولكن لا عن الذات، قلت: سلمنا أن الحال تخرج عنه، لأنها ترفع الإبهام عن هيئة الذات لا عن نفسها، وكذا القهقرى، في قولك: رجع زيد القهقرى، يرفع الإبهام عن هيئة الذات التي هي الرجوع لا عن نفس الرجوع، لأن ماهية الرجوع معلومة غير مبهمة، وهي الانتقال إلى ما ابتدأت منه الذهاب، لكن الصفة في نحو: جاءني رجل طويل، أو ظرف، تدخل فيه، لأن (رجل) ذات مبهمة بالوضع، صالحة لكل فرد من أفراد الرجال، فبذكر أحد أوصافه، تميز عما يخالفه، كما تميز بطويل، عن قصير، فطويل، إذن، يرفع الإبهام المستقر، أي الثابت وضعا، على ما فسره المصنف ، عن الذات المذكورة، وكذا يدخل فيه عطف البيان، نحو: جاءني العالم زيد، وكذا البدل من الضمير الغائب في نحو: مررت به زيد، لأنه رفع الإبهام عن المقصود بالضمير، كما في نعم رجلا، وربه رجلا، سواء ويدخل فيه، أيضا، المضاف إليه في نحو: خاتم فضة، كما يدخل فيه إذا انتصب، لأن معنى النصب والجر فيه سواء، وكذا يدخل فيه المجرور في نحو: مائة رجل وثلاثة رجال، وله أن يعتذر بأن المجرور بالعداد، داخل في الحد، وهو تمييز، والتمييز نفسه قد ينجر، إذا كان جره أخف من نصبه، كما في هذا، كما اعتذر في حد المفعول عن الاعتراض بنحو: ضُرب ضربٌ شديد بأنه مفعول مطلق، لكنه لم ينتصب لغرض قيامه مقام الفاعل، وكذا في: ضرب زيد، وسير يوم الجمعة وفرسخان، قوله: (الإبهام المستقر)، قال: احترزت بالمستقر، عن الإبهام في اللفظ المشترك، فإن صفة المشترك ترفع الإبهام عن المشترك في نحو: أبصرت عينا جارية، لكن الإبهام فيه ليس بوضع الواضع، فإن الذي يثبت منه بوضع الواضع، إنما يكون بأن يضع الواضع لفظا لمعنى مبهم صالح لكل نوع، كالعدد والوزن، والكيل، لا أن يضع لفظا لمعنى معين، ثم اتفق، إما من ذلك الواضع، أو من غيره، أن يضع ذلك اللفظ، لمعين آخر، فيعرض له الإبهام عند المستعمل، لأجل الاشتراك العارض، فمثل هذا الإبهام غير مستقر في أصل الوضع، بل عرض بسبب الاشتراك العارض، قلت: معنى المستقر في اللغة، هو الثابت، ورب عارض، ثابت لازم، و الإبهام في المشترك ثابت لازم مع عدم القرينة بعد اتفاق الاشتراك، ومع القرينة، ينتفي الإبهام ، في المشترك وفي العدد وسائر المقادير، فلا فرق بينهما، أيضا، من جهة الإبهام ، ولا يدل لفظ المستقر على أنه وضعي كما فسر، والحد لا يتم بالعناية، والألفاظ المجملة في الحد مما يخل به، قوله: (عن ذات مذكورة أو مقدرة)، ليشمل النوعين: التمييز عن المفرد، والتمييز عن النسبة."([2])

وقد عرفه ابن مالك بقوله :
اسم بمعنى من مبين نكره


ينصب تمييزا بما قد فسره


وهذا شرح الشاطبي له :
" فالاسم هو الجنس الأقرب ، إذ لا يكون إلا من جنس الأسماء ، ويريد بقوله : بمعنى من ، أنه يُفهم معناها ، كما يفهم الظرف معنى في ، والحال معنى في حال ، ولا يريد أنه يرادف من ، كما يرادفها بعضُ مثلا ، وكما ترادف مذ الاسمية مذ الحرفية ، وإنما أراد أنه يفهم منه ذلك المعنى ، كما لو لُفظ بمن .
واحترز بذلك من الحال ، فإنها تصْدق عليها ألفاظ الرسم ، لكنها لا تنتصب على التمييز لأنها ليست بمعنى ( من ) ، وإنما هي بمعنى في حال ، وكذلك يخرج له الظرف بهذا التقدير. فإذا قلت : زيد أمامك ، فهو في تقدير : زيد في هذا المكان ، وإذا قلت : زيد في الدار قاعدا ، فمعناه في حال قعود ، فليسا بتمييز .
وقوله : مبين ، يعني أنه يبين غيره ويفسره ويوضحه وكذلك التمييز إذ هو مبين لما استبهم من الذوات ، كما أن الحال مبينة لما استبهم من الهيئات ، فيفترقان في أن الحال مبينة للهيئات ، والتمييز مبين للذات ، ويجتمعان في أن كل واحد منهما مبين لشيء مستبهم ، واحترز بذلك مما قد يجيء في الكلام من الأسماء وفيه معنى من لكنه ليس بمبين لغيره ولا مفسرا له ، كذنبا في قول الشاعر ، أنشده سيبويه ، :
أستغفر الله ذنبا لست محصيه


رب العباد إليه الوجه والعمل

فإنه يصدق عليه أنه اسم بمعنى من ، ولم ينتصب على التمييز ، لأنه لم يقع هاهنا مبينا لشيء غيره وإنما وقع في الكلام لأنه المحل المستغفر منه ، كما يقع المفعول به في الكلام ، ولا يقال في المفعول : إنه مبين ومفسر لغيره ، وإن قيل ذلك فعلى معنى تعيين محل وقوع الفعل خاصة وبهذا القيد أيضا يخرج له اسم لا العاملة عمل إن إذ كان اسما بمعنى من ، لأن معنى قولك : لارجل في الدار ، لا من رجل في الدار ، من حيث كان نفيا لقولك : هل من رجل في الدار ....
وقوله : نكرة ، يعني أن التنكير من وصف الاسم الذي يصح انتصابه على التمييز ، فلا يكون معرفة قياسا وهذا مذهب البصريين . وذهب الكوفيون إلى جواز تعريفه ، والصحيح ما أشار إليه الناظم من لزوم التنكير بالقياس والسماع .
وقوله : ينصب تمييزا بما قد فسره ، هو خبر المبتدأ الذي هو اسم ويعني أن الاسم الموصوف ، بهذه الأوصاف المذكورة يصح أن ينصب على التمييز بخلاف ما لم تجتمع في هذه الشروط ، فإنه لا ينصب على التمييز ، فما ليس بمعنى من لا يُنصب تمييزا كالحال ، والظرف وما ليس بمبين كذلك لا ينصب هذا النصب كالاسم لا ، وماليس بنكرة لا ينصب هذا النحو من النصب كالوجه في حسن الوجهَ ، ... بل إن نصبت فعلى غير التمييز مما تقدم ذكره في أبوابه ، أو على التشبيه بالمفعول به ، أو غير ذلك ، وكان هذا تقرير لاصطلاح مقرر عند النحويين."([3])


([1])  لسان العرب ، ابن منظور : مادة ( ميز ).
([2])  شرح الرضي على الكافية، تصحيح وتعليق:يوسف حسن عمر :2 / 54 و 55
([3])  المقاصد الشافية في شرح الخلاصة الكافية ، الشاطبي : ص524 إلى 533 .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق