الجمعة، 21 فبراير 2014

المصارف الإسلامية المضاربة المرابحة المشاركة



1.     المصارف الإسلامية وأساليب التمويل المعوضة للإقراض بالفائدة :
 تقوم المصارف الإسلامية بعمليات تمويل مختلفة تهدف جميعها إلى تدعيم التنمية في المجتمع ، ويكون إقراض عمليات المستثمرين ليس بأسلوب الفائدة ، وإنما يكون بأساليب متنوعة تعوض عن التعامل بالفائدة ، فالاستثمار الإسلامي يمتلك طرقا وأساليب متميزة وعديدة تهدف كلها إلى تحقيق الربح الحلال ومن أبرز هذه الأساليب والأشكال .
    
أولا : المضاربة
تعتبر المضاربة هي الوسيلة التي تجمع بين المال والعمل بقصد استثمار الأموال التي لا يستطيع أصحابها استثمارها . كما أنها الوسيلة التي تقوم على الاستفادة من خبرات الذين لا يملكون المال .
والمضاربة : هي عقد بين طرفين أو أكثر يقدم أحدهما المال والأخر يشارك بجهده على أن يتم الاتفاق على نصيب كل طرف من الأطراف بالربح بنسبة معلومة من الإيراد([1]).
        وهناك عدة أشكال أو صور للمضاربة نذكر منها([2]):

         1.        المضاربة الخاصة : بمعنى أن المال والعمل مقدمان من شخص واحد.
         2.        المضاربة المشتركة: يتعدد فيها أصحاب الأموال وأصحاب العمل.
         3.        المضاربة المطلقة : وهي التي لا يقيد فيها صاحب المال المضارب بنوع محدد من الاستثمار أو التجارة وإنما يكون له مطلق الحرية في اختيار النشاط الذي يراه مناسبا.
         4.        المضاربة المقيدة: وهي المضاربة التي يلزم فيها صاحب رأس المال المضارب باستخدام الأموال في نشاط أو تجارة معينة من قبله.
    شروط المضاربة([3]):
1.     يجب أن يكون رأس المال المضارب به نقدا ومعلوماً .
2.     إن المضارب لا يضمن رأس المال المضارب به في حالة الخسارة إلا إذا أثبت صاحب المال أن تقصير المضارب هو السبب وراء هذه الخسارة .
3.     يمكن للمصرف أن يطالب بضمان يقدمه المضارب يحفظ فيه حقه في حالة تقصيره عن تنفيذ الشروط التي تم الاتفاق عليها .
4.     يجب أن يتم تحديد نصيب كل طرف من الأرباح كنسبة من الأرباح ولا يجوز أن يكون الربح مقدارا محددا لأنه قد تكون الأرباح المتحققة أقل من ذلك .
5.     يجوز الاتفاق على وقت المضاربة ومكانها .
 ثانياً : المشاركات
المشاركة : هي صورة قريبة من المضاربة والفرق الأساسي بينهما أنه في حالة المضاربة يتم تقديم رأس مال من قبل صاحب المال وحده . أما في حالة المشاركة فإن رأس المال يقدم بين الطرفين ويحدد عقد المشاركة الشروط الخاصة بين الأطراف المختلفة([4]) .
   معنى المشاركة :
هي عقد بين طرفين يقدم كل منهما مقدارا معلوما من رأس المال ويكون فيه الحق بالتصرف في المال تصرفا كاملا باعتباره شريكا ومالكا له ويتم توزيع الربح حسب ما يتم الاتفاق عليه ببن الطرفين . أما الخسارة فتوزع حسب نسبة المشاركة برأس المال([5] ).
   ويمكن أن تقسم المشاركة إلى نوعين رئيسيين :
   أولاً : المشاركة المتناقصة :
هي أن تقوم المشاركة بين طرفين أحدهما المصرف وأي طرف أخر سواء كان فردا أم شركة يكون فيها الحق للشريك أن يحل محل المصرف في ملكية المشروع المشترك بينهما وذلك أما دفعة واحدة أو على دفعات . على أن لا يتم دفع نصيب الفرد أو الشركة من الأرباح المتحققة كجزء من استرداد قيمة حصة المصرف أي أن الشريك في النهاية سيتمكن من تملك المشروع بعد أن تمكن من رد التمويل إلى المصرف([6] ).
  
 ثانياً : المشاركة الثابتة : 
         قد يأخذ المشروع المعول شكلا قانونيا ثابتا مثل شركة مساهمة أو التوصية البسيطة أو توصية بأسهم أو تضامن حسب صيغة المشروع وحجمه ، وهنا يقوم المصرف الإسلامي بتمويل جزء من رأس مال مشروع معين يجعله شريكاً في إدارته والإشراف عليه ، وشريكا في الربح الذي يكون حسب النسبة المتفق عليها ، وتبقى حصة كل شريك من الشركاء ثابتة لحين الانتهاء من مدة المشروع أو الشركة التي حددت في الاتفاق([7]).
  أنواع الشركات في الفقه الإسلامي :
               1.        شركات الأملاك :  هي اشتراك شخصين أو أكثر في ملك عين معينة ذات قيمة مالية.
               2.        شركات العقود :  هي عقد بين طرفين أو أكثر على الاشتراك في رأس المال والأرباح الناتجة عن استثماره وتقسم شركات العقود إلى:
آ) شركات العنان : وهي أحد أنواع شركات العقود التي تم الاتفاق فيها بين الأطراف المتشاركة على عدم تصرف أي شريك إلا بإذن صاحبه .
       ب) شركة المفاوضة : وهي الشركة التي يتساوى فيها الشركاء في كل شيء .
         وتعتبر شركة العنان من أنسب الصيغ الاستثمارية في المصارف الإسلامية مثل المشاركة الدائمة والمشاركة المنتهية بالتمليك([8]).
  
  ثالثاً :  المرابحة
  المرابحة : هي البيع بالثمن الذي اشتريت به السلعة مع ربح معلوم واتفق الفقهاء في المذاهب المختلفة على أمرين بالنسبة للمرابحة( [9]).
الأول : بيان الثمن وما يدخل فيه ويلحق فيه .
الثاني : زيادة ربح معلوم على الثمن .
      شروط المرابحة :
1.     أن يكون ثمن السلعة معلوما.
2.     أن يكون الربح معلوما للبائع والمشتري .
3.     أن يكون المبيع عرضا فلا يصح بيع النقود مرابحة.
4.     أن يكون العقد الأول صحيحا . فلو كان فاسدا لم تجر المرابحة لأنها بيع بالثمن الأول مع زيادة الربح.


  أنواع البيوع
   تصنف البيوع إلى أنواع متعددة هي :
1.     بيع المقايضة : وهو مبادلة عين بعين بدون نقد وقد كان هذا البيع شائعا قبل استخدام النقود.
2.     بيع الصرف: وهو بيع الثمن بالثمن سواء كان الثمن عاجلا أو أجلا ويشمل :
·        بيع السلم : ويتم بدفع الثمن مال مع تأجيل تسليم المبيع.
·        بيع الأجل : ويتم بتسليم المبيع مالا مع تأجيل دفع الثمن .
·        بيع المساومة : ويتم دون معرفة المشتري لتكلفة السلعة على البائع فلا يعرف المشتري مقدار ربح البائع أو خسارته ويجوز هذا البيع إذا لم يكن من البيوع غير المشروعة كبيع المسترسل.
·        بيوع الأمانة : ويتم فيها البيع بمعرفة المشتري كلفة السلعة على البائع ويتم تحديد الثمن بينهما بناء على ذلك([1]) .
    رابعاً : السلم
وهو بيع شيء يقبض ثمنه حالا وتأجيل تسليمه إلى فترة قادمة ، وقد يسمى بيع السلف فصاحب رأس المال يحتاج أن يشتري السلعة وصاحب السلعة يحتاج إلى ثمنها مقدما لينفقه على السلعة التي وصفها المشتري . وبهذا نجد أن المصرف أو أي تاجر يمكن له أن يقرض المال للمنتجين ويسدد القرض لا بالمال النقدي لأنه سيكون (قرض بالفائدة) ، ولكن بمنتجات معينة وموصوفة في الذمة .
مما يجعلنا أمام بيع سلم يسمح للمصرف أو للتاجر بربح مشروع ويقوم المصرف بتصريف المنتجات والبضائع التي يحصل عليها وهو بهذا لا يكون تاجر نقد وائتمان بل تاجر حقيقي يعترف الإسلام بمشروعيته وتجارته . وبالتالي يصبح المصرف الإسلامي ليس مجرد مشروع يتسلم الأموال بفائدة لكي يوزعها بفائدة أعلى ولكن يكون له طابع الخاص حيث يحصل على الأموال ليتاجر ويضارب ويساهم بها .
 وهكذا يمكن أن يكون عقد السلم طريقا للتمويل يغني عن القرض بالفائدة . فأصحاب السلع والبضائع يمكنهم أن يحصلوا من المصرف على ثمن بضائعهم مقدما على أن تسلم للمصرف مستقبلا ليتاجر بها كما يمكن للمصرف أن يستخدم بيع السلم في بيع تجارته([2]).
مشروعية السلم :   
 السلم على غير القياس فقد وضع العلماء شروط وقيود تحفظ للسلم إباحته منها([3]) :
1.     بيان الجنس والنوع والصفة في الثمن تجنبا للنزاع .
2.     بيان جنس ونوع وصفة المسلم فيه (السلعة) .
3.     أن يكون المسلم فيه مؤجلا إلى أجل معلوم .
4.     أن يكون المسلم موجودا عند حلول الآجل . 
5.     يشترط في المسلم فيه أن لا يكون من جنس الثمن وأن لا يكون متفقاً معه في علة ربوية .
6.     البعض اشترط بأن لا يقل الأجل عن شهر واحد ذلك لأن الشهر أقل مدة يمكن أن تتحقق فيها الفائدة من بيع السلم.
7.     يجب أن يكون الثمن معجلاً .
     خامساً : الاستصناع
 الاستصناع : هو طلب الصنعة كأن يطلب من شخص أن يصنع لك حذاء أو حقيبة أو غير ذلك فإن هذا الأمر هو ما يعرف بالاستصناع . وبعض الفقهاء قالوا أنه يجب أن يوضع الاستصناع من حيث محل العقد وصفته ووزنه...... الخ . ويذكر أن الناس تعاملوا بهذا العقد منذ زمن رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي استصنع خاتما وقيل أنه استصنع منبرا . ومن فوائد الاستصناع أنه يشجع الإنتاج والعمل وتشغيل الأيدي العاملة ويزيد النشاط الاقتصادي ويؤمن عملية التسويق.
هذا ويمكن للمصارف الإسلامية الآن الدخول في عمليات الاستصناع، كمثال يمكن لها أن تجعل عقود استصناع عن طريق امتلاكها المصانع والقيام بالتصنيع أو أن تكون صانعا ومستصنعا في نفس الوقت وهو يعرف ب (الاستصناع الموازي) وهذا النوع هو الأكثر ملائمة لعمل المصارف الإسلامية([4]) .
    شروط الاستصناع ([5]): 
1.     أن يكون محل العقد معلوم الجنس والنوع والصفة والقدرة وهذا التحديد الدقيق يجعل الوقوع في النزاع والخلافات بين الصانع والمستصنع في أضيق الحدود.
2.     أن يكون محل العقد مما يجعل فيه التعامل بين الناس استصناعاً مثل الأحذية والملابس والأثاث.
3.     أن يقدم الصانع مستلزمات الصناعة .


([1]) العمليات المصرفية الإسلامية (مفهوم ومحاسبة) ، حسين محمد سمحان، ص72.
[2])) المؤسسات مالية البورصة والبنوك التجارية ،  محمد صالح الحناوي ، ص411.
([3]) العمليات المصرفية الإسلامية (مفهوم ومحاسبة)، حسين محمد سمحان ، ص71.
[4])) العمليات المصرفية الإسلامية (مفهوم ومحاسبة) ، حسين محمد سمحان ، ص75.
[5])) العمليات المصرفية الإسلامية ، حسين محمد  سمحان ، ص75.
 


[1])) أساسيات العمل المصرفي الإسلامي (الواقع والآفاق) ، عبد الحميد محمود البعلي ،1990 ، القاهرة ،  ص68.
[2]))  إدارة البنوك مدخل استراتيجي معاصر ، فلاح حسن الحسيني ،  مؤيد عبد الرحمن الدوري ، 2000 ،  دار وائل للنشر  ، عمان ، ص201.
[3]))  إدارة البنوك ، فلاح حسن الحسيني ، مؤيد عبد الرحمن الدوري ، ص202.
([4]) إدارة البنوك ، فلاح حسن الحسيني ، مؤيد عبد الرحمن الدوري، ص202.
([5]) المؤسسات المالية البورصة والبنوك التجارية ، محمد صالح الحناوي ، عبد السلام سعيد فتاح ، الطبعة الأولى ، 2000 ، الدار الجامعة ، القاهرة ، ص406.
[6])) إدارة البنوك ، فلاح حسن الحسيني، مؤيد عبد الرحمن الدوري ،  ص202.
([7])  نحو نظام نقدي عادل ،  محمد عمر شبرا، وآخرون، 1990 ، الطبعة الثانية ، دار البشير للنشر والتوزيع ، عمان  ، ، ص44.
([8])  العمليات المصرفية الإسلامية (مفهوم ومحاسبة)، حسين محمد سمحان ، مطابع شمس ، عمان ، بدون تاريخ ، ص44.
([9])المؤسسات المالية البورصة والبنوك التجارية  ، محمد صالح الحناوي ، ، ص407.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق