الجمعة، 28 فبراير 2014

نشأة بداية تاريخ القواعد الفقهية الحركة الفهية



 نشأة القواعد الفقهية و ارتقائها
بدأ التشريع الإسلامي في العهد النبوي ، ومع نزول القرآن الكريم ، وبيانه في السنة النبوية ، لمعرفة أحكام الشرع في جميع شؤون الحياة.
ثم بدأت الحركة الفقهية بالظهور بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وقام الصحابة والتابعون ، ومن بعدهم الأئمة والمجتهدون والعلماء والفقهاء باستنباط الأحكام الفقهية من المصادر الشرعية.
وشمروا عن سواعدهم لاستخراج حكم المسائل والقضايا من الكتاب الكريم.
والسنة الشريفة ، والاجتهاد بواسطة بقية المصادر ، لاعتقادهم أن لكل قضية أو أمر من أمور الدنيا حكماً لله تعالى ، وأنهم المكلفون ببيان هذه الأحكام ، ومسؤولون أمام الله تعالى عن ذلك.
فإذا حدث أمر ، أو طرأت حادثة ، أو أثيرت قضية ، أو وقع نزاع ، أو استجد بحث ، رجع الناس والحكام إلى العلماء والفقهاء والمجتهدين لمعرفة حكم الله تعالى في ذلك ، وأحسَّ العلماء بواجبهم نحو هذه الأمانة والمسؤولية الملقاة على عاتقهم ، فنظروا في كتاب الله ، فإن وجدوا فيه نصاً صريحاً بينوه للناس ، وإن لم يجدوا رجعوا إلى السنة دراسة وبحثاً وسؤالاً ، فإن وجدوا فيها ضالتهم المنشودة أعلنوها ووقفوا عندها ، وإن لم يجدوا نصاً في كتاب ولا سنة شرعوا في الاجتهاد وبذل الجهد والنظر في الكتاب والسنة وما يتضمنان من قواعد مجملة ، ومبادئ عامة ، وأحكام أصيلة.
ومن إحالة صريحة أو ضمنية إلى المصادر الشرعية الأخرى ، ويعملون عقولهم في فهم النصوص وتفسيرها ، وتحقيق مقاصد الشريعة ، وأهدافها العامة ، ليصلوا من وراء ذلك إلى استنباط الأحكام الفقهية وبيان الحلال والحرام ، ومعرفة حكم الله تعالى[1] .
و إبان القرن الرابع الهجري أفردت هذه القواعد بالتصنيف و التأليف و التدوين على وجه مستقل و قد بدأ الفقهاء يضعون أساليب جديدة للفقه بعدما نما و اتسع نطاقه و تمت مسائله و هذه الأساليب يذكرونها مرة بعنوان " القواعد و الضوابط " و تارة بعنوان " الألغاز و المطارحات " و طورا " بمعرفة الإفراد و الحيل " و غيرها من الفنون الأخرى في الفقه .
ثم بعد ذلك تم أمر استقرار القواعد و استخلاصها من مصادرها الفقهية في شتى المذاهب و من بعض المدونات التي سجلت فيها بعد صياغتها صياغة رصينة و صبغها بصبغة علمية شيقة[2] .
ثم في القرن الخامس الهجري جاء الإمام أبو زيد الدبوسي ( 430 هـ) و أضاف إلى ثورة المجموعة المتناقلة عن الإمام الكرخي إضافات علمية قيمة ، في هذا الموضوع[3] .
أما في القرن السابع الهجري ، فقد برز فيه هذا العلم إلى حد كبير ، و إن لم يبلغ مرحلة النضج ، و على رأس المؤلفين في ذلك العصر : العلامة محمد بن إبراهيم الجاجرمي ( 613 هـ) ، فألف كتابا بعنوان " القواعد في فروع الشافعية " ، ثم الإمام عز الدين بن عبد السلام ( 660 هـ) ألف كتابه " قواعد الأحكام في مصالح الأنام " ، الذي طبق صيته الآفاق ، و من فقهاء المالكية ألف العلامة محمد بن عبد الله بن راشد البكري القفصي ( 685 هـ) كتابا بعنوان " المذهب في ضبط قواعد المذهب " .
فهذه المؤلفات تعطينا فكرة عامة عن القواعد الفقهية في القرن السابع الهجري ، و أنها بدأت تختمر و تتبلور يوما فيوما[4] .
إن القواعد الفقهية لم تظهر دفعة و احدة ، فإن الفقهاء بدأوا تقعيدها من عهود ، فكلما و صلت أفكارهم إلى شيء و تبلورت صاغوها في شكل القاعدة مما يسر لهم جمعها في الأخير ، أما الإحطاة بجميع القواعد التي أوردها الفقهاء في كتبهم في مختلف المناسبات أو إحصائها في عدد فهذا أمر يصعب مناله ، و يحتاج إلى العمل الدائب و الصبر و التأني و إلى من ينخل تلك المدونات الكبيرة ، فينتقي منها القواعد و يجمعها[5] .  


[1] القواعد الفقهية وتطبيقاتها في المذاهب الأربعة ، ج1/ 19 ، 20 .
[2] القواعد الفقهية الكبرى و ما تفرق عنها ، ص: 26 .
[3] القواعد الفقهية لأحمد الندوي ، ص: 137 .
[4] نفسه ، ص: 138 .
[5] نفسه ، ص: 158 .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق