الجمعة، 28 فبراير 2014

أهمية القواعد الفقهية و حاجة الفقيه إليها



أهمية القواعد الفقهية و حاجة الفقيه إليها
 بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله الذي خلق الانسان ، و علمه البيان ،  و ميزه بالعقل عن الحيوان ، نحمد و نستغفره و نتوب إليه ، و صلى الله و سلم على نبيه المبعوث رحمة للعالمين و بالنور المبين ، و بالمومنين رؤوف رحيم ، و بتحقيق مصالحهم و درء مفاسدهم ، فتركهم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك ، فصلوات الله عليه و سلامه ، و على آله الأطهار و على أصحابه الأخيار ، و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
لقد جاءت الشريعة الاسلامية بكل أحكامها و أوامرها و نواهيها لتحقيق أصل عظيم هو مراعاة مصالح الناس في العاجل و الآجل و تكثيرها ، و تعطيل المفاسد في العاجل و الآجل و تقليلها ، و هي قاعدة من قواعد الفقه " درء المفاسد أولى من جلب المصالح " ، فإن الفقهاء أولوا القواعد الفقهية أهمية كبيرة ، و عنوا بتحريرها و تقريرها و بيان ما يندرج تحتها من الصور و الوقائع ، و هذه من أبرز القواعد فهي ذات مكانة عظيمة ، و فوائد جليلة ، و قد تلقاها العلماء بالشرح و التفريع ، و قد ذكرت في غالب كتب القواعد الفقهية ، و إن كانوا لم يتوسعوا فيا كثيرا .
و تبرز أهمية هذه القاعدة في كونها موضع اتفاق عند العلماء ، كما يظهر ذلك من تصرفاتهم و تعريفاتهم عليها و تعليلاتهم بها .
كما كانت هذه القاعدة محل حفاوة بين المشتغلين بعلم الفقه و فقه النوازل ، لذلك ترددت كثيرا عند الباحثين ، و بنوا عليها كثيرا من التطبيقات المعاصرة ، و لدراسة القواعد الفقهية عامة أهمية و فواعئد عظيمة منها :
1.    إن دراسة الفروع والجزئيات الفقهية يكاد يكون مستحيلا ، بينما يدرس الطالب والعالم قاعدة كلية تنطبق على فروع كثيرة لا حصر لها ، ويتذكر القاعدة ليفرع عليها المسائل والفروع المتشابهة والمتناظرة ، ولذلك سمي هذا العلم أيضا : علم الأشباه والنظائر.
يقول العلامة السيوطي : " اعلم أن فن الأشباه و النظائر فن عظيم ، به يطلع على حقائق الفقه و مداركه ، و مآخذه و أسراره ، و يتمهر في فهمه و استحضاره ، و يقتدر على الإلحاق و التخريج ، و معرفة المسائل التي ليست بمسطرة ، و الحوادث و الوقائع التي لا تنقضي على مر الزمان ، و لهذا قال بعض أصحابنا : الفقه معرفة النظائر[1] " ، فهي تسهل ضبط الأحكام الفقهية ، و حصرها و حفظ المسائل الفرعية و جمعها .
2.    إن دراسة الفروع و الجزئيات ، إن حفظت كلها أو أغلبها ، فإنها سريعة النسيان ، و يحتاج الرجوع إليها في كل مرة إلى جهد و مشقة و حرج .
أما القاعدة الفقهية فهي سهلة الحفظ ، بعيدة النسيان ، لأنها صيغت بعبارة جامعة سهلة تبين محتواها ، ومتى ذكر أمام الفقيه فرع أو مسألة فإنه يتذكر القاعدة ، مثل قاعدة " لا ضرر ولا ضرار" ، أو "الضرر يزال " ، أو " يتحمل الضرر الخاص لمنع الضرر العام " ، أو "الولاية الخاصة أقوى من الولاية العامة".
3.    إن الأحكام الجزئية قد يتعارض ظاهرها ، ويبدو التناقض بين عللها ، فيقع الطالب والباحث في الارتباك والخلط ، وتشتبه عليه الأمور حتى يبذل الجهد والتتبع لمعرفة الحقيقة.
أما القاعدة الفقهية فإنها تضبط المسائل الفقهية ، وتنسق بين الأحكام المتشابهة ، وترد الفروع إلى أصولها ، وتسهل على الطالب إدراكها وأخذها وفهمها.
4.    إن القواعد الكلية تسهل على رجال التشريع غير المختصين بالشريعة فرصة الاطلاع على الفقه بروحه ومضمونه وأسسه وأهدافه ، وتقدم العون لهم لاستمداد الأحكام منه ، ومراعاة الحقوق والواجبات فيه[2] .
5.    و من فوائد هذه القواعد ما ذكره الشيخ ابن عاشور ، و هو أنها ـ و بخاصة الكبرى منها ـ تساعد على إدراك مقاصد الشريعة ، لأن القواعد الأصولية تركز على جانب الاستنباط ، و تلاحظ جوانب التعارض و الترجيح ، و ما شابه ذلك من القواعد الفقهية فهي مشتقة من الفروع و الجزئيات المتعددة ، بمعرفة الرابط بينهما ، و معرفة المقاصد الشرعية التي دعت إليها[3] .
6.    أنها موضوعة بعبارة موجزة ، فهي تمتاز بمزيد من الإيجاز في صياغتها فقد تصاغ بكلمتين مثل : " العادة محكمة " أو ببضع كلمات من كلمات العموم مثل " المشقة تجلب التيسير "[4] 


[1] الأشباه و النظائر لابن النجيم ، ص:6 .
[2] القواعد الفقهية و تطبيقاتها في المذاهب الأربعة ، ج1/ 27 ، 28 .
[3] القواعد الفقهية للباحسين ، ص: 117 .
[4] القواعد الفقهية الكبرى و ما تفرق عنها ، ص: 33 .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق