الثلاثاء، 25 فبراير 2014

ظاهرة اطفال الشوارع ونتائجها اثارها السلبية



تعتبر ظاهرة أطفال الشوارع واحدة من أهم الظواهر الاجتماعية اللافتة للنظر فى العقديين الأخيرين خاصة فى المدن الكبيرة والمتوسطة فى ظل إستمرار التدهور فى الوضع الاقتصادى، حيث أن تطبيق برامج التكيف الهيكلى فى الفترة الاخيرة قد دعم إنتشار ظواهر إجتماعية سلبية كثيرة وبالتالى يأتى الربط بين نمو وإنتشار هذه الظاهرة والتحولات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. فالغالبية العظمى من الأطفال الذين يدخلون تحت مسمى " أطفال الشوارع " قد أتوا من عائلات تقع تحت خط الفقر المدقع ،هذا الوضع أيضا دفع بعض العائلات إلى الاعتماد على دخل الأطفال العاملين فى تلبية احتياجاتها الأساسية مما أدى إلى زيادة معدل نمو ظاهرة "الباعة الجائلين من الأطفال" فى مصر .

نحن امام ظاهرة معقدة ومركبة تبرز لنا أقصى درجات التهميش الاجتماعى لفئة تجتاز مرحلة حاسمة فى تكوين معالم شخصيتها تركت لمواجهة مصير مجهول وكأنها مسئولة عن أوضاعها وعن تفكك الأسر التى أتوا منها فحوالى  60% من اسر أطفال الشوارع تعانى من التفكك حيث تقترن الأسباب الرئيسية للظاهرة بتفكك الأسرة إما عن طريق موت أحد الأبوين أو كليهما أو الهجر والطلاق ، وكذلك تأتى ظاهرة الهدر فى مراحل التعليم الأولى كأحد الأسباب التى أتت بهذه الظاهرة وقصور المتابعة لها حيث أن أكثر من 50% من أطفال الشوارع حرموا من التعليم نتاج التسرب حيث إنقطعوا عن الدراسة فى السنوات الاولى من التعليم الاساسى ولم يحصلوا على الشهادة الابتدائية ليتمكنوا حتى من دخول التأهيل المهنى ، هذا بالإضافة إلى حالة السكن الغير لائق أو الغير ملائم لنمو الطفل نموا طبيعيا من كافة الجوانب( كما نصت عليه المواثيق الدولية ) حيث أن حوالى 60% من أطفال الشوارع كانوا يسكنون فى سكن غير لائق لا تتوافر فيه الشروط المناسبة والملائمة لنموهم الطبيعى واكثرهم ما يتقاسم السكن مع أسر آخرى ، فيغيب الفضاء اللازم للطفل مما يجعل الشارع المجال البديل..
كما أن هناك آثار سلبية فى منتهى الخطورة نجمت عن هذه الظاهرة أهمها التعاطى المبكر للتدخين والمخدرات غير المصنفة ( كالكلا – السليسيون...ألخ ) بما يصل لحالة إدمان ،وهو السبب الرئيسى الذى دفع بمنظمة الصحة العالمية للإهتمام بهذه الظاهرة.
وبالرغم من نمو هذه الظاهرة وإنتشارها فى معظم البلاد حيث لا تخلوا منها الميادين والأنفاق والشوارع فى معظم المدن تقريبا ، إلا إنه مازال هناك ضعف ومحدودية للمؤسسات المهتمة بهذه الفئة من الاطفال ( جمعيات ومراكز ومؤسسات حكومية وغير حكومية ) ومازال هناك غياب لتعريف موحد حول أطفال الشوارع فحين ترى منظمة اليونيسيف تصنيف أطفال الشوارع إلى قسمين:  "الأطفال العاملين فى الشارع طوال النهار ثم يعودون إلى أسرهم ليلا لينامون ، والاطفال الذين تنقطع علاقتهم مع أسرهم وليس لهم أسر أساسا " [1] نجد أن تعريف منظمة الصحة العالمية  قد صنف أطفال الشوارع إلى أربعة أقسام ،”أولاً:الأطفال الذين يعيشون فى الشارع ولا يشغلهم سوى البقاء والمأوى ،ثانياً: المنفصلون عن أسرهم بصرف النظر عن مكان إقامتهم سواء فى الشارع أو الميادين أو الأماكن المهجورة أو دور الأصدقاء أو الفنادق أو دور الإيواء ، ثالثاً: الأطفال الذين تربطهم علاقة بأسرهم ولكن تضطرهم بعض الظروف ( ضيق المكان ، الفقر ، العنف النفسى أو المادى الذى يمارس عليهم ) إلى قضاء ليال أو معظم الأيام فى الشارع ، رابعاً: الأطفال فى الملاجئ المعرضون لخطر أن يصبحوا بلا مأوى”[2]  ويمكننا بالمنطق نفسه، إضافة عمال التراحيل وعاملين الخدمة بالمنازل لهذه التعريفات.

ونظرا لما سبق نجد أنه فى البداية يجب العمل على إيجاد تعريف موحد لأطفال الشوارع إستنادا إلى المحددات الأساسية لهذه الظاهرة وهى {" أولاً: مكان الإقامة هو الشارع – ثانياً: إعتماد الطفل على الشارع كمصدر للدخل والبقاء – ثالثاً: عدم وجود مصدر للحماية أو الرعاية أو الرقابة سواء من أفراد أو مؤسسات "} على أن يتم هذا بالشراكة مع جميع الجهات المعنية بهذه الظاهرة وكذلك تكوين شبكات بين هذه الجمعيات والمراكز للعمل على دراسة هذه الظاهرة من كافة الجوانب وتحليلها والوقوف على حجمها وأسبابها الحقيقية والآثار السلبية الناجمة عنها وأنسب الطرق للتغلب عليها.
ومع انتشار العديد من المخاطر التى تحيط بطفل الشارع والعديد من المخالفات للقانون العام الأمر الذى دفع برجال الشرطة ووزارة الداخلية للتعامل مع هذه الفئة من الأطفال بنفس الروح الاجرامية للتعامل مع الخارجين على القانون من البالغين والزج بهم فى أقسام الشرطة معهم وهو ما يعد إعادة انتاج للجريمة من بينهم، وكذلك خلق روح من العداء تجاه المجتمع، وبالتالى فإن العمل على تدريب رجال الداخلية على التعامل مع هذه الفئة بات امر فى غاية الأهمية وكذلك توفير مقار الاحتجاز المنفصلة عن الكبار هو ايضا ضرورة قصوى لا يمكن تجاهلها فى ظل انتشار هذه الظاهرة، وكذلك فإن بناء الكوادر المدربة على التعامل معهم سواء على المستوى الاجتماعى أو النفسى يضاهى نفس الأهمية فى العمل على تأهيلهم اجتماعيا ونفسيا اعادة دمجهم داخل مجتمعاتهم وتعديل مسارهم بما يحافظ على مستقبلهم وحقوقهم كأطفال لهم نفس الحقوق.



[1]  المجلس العربى للطفولة والتنمية ( أطفال الشوارع)
[2]    World healh organization,program on substance Abuse,A One –why street?

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق