الأحد، 23 فبراير 2014

تطور الفكر الإداري



تطور الفكر الإداري
مقدمة 1:
إن الكفاءة والفاعلية مطلبان رئيسان في الإدارة وهما من تعاليم الدين الإسلامي؛ فالمسلم يجب أن يمارس الإدارة الجيدة في جميع شؤون حياته الدينية والدنيوية. والحقيقة أن جميع تعاليم الدين الإسلامي توجِّه المسلم وتحثه على حسن ممارسة وتطبيق هذه التعاليم في صورها المعنوية والمادية كافة، فلا ينبغي للمسلم أن يمارس نشاطاته المادية والمعنوية بمعزل عن تعاليم الدين؛ لقول الله عز وجل: [قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ] كذلك ينبغي للمؤمن أن يكون قوياً وأن يتزود بالإيمان والعلم.
ولا تكاد تخلو نصوص القرآن الكريم كما لا تكاد تخلو سنة النبي محمد (ص) ولا سيرته وسيرة أصحابه رضي الله عنهم من تطبيقات الإدارة، والتوجيه بحسن استغلال الموارد والقدرات والقوى البشرية، إضافة إلى التحلي بالصفات الحسنة كالصبر والاجتهاد ومغالبة الهوى وضبط النفس والحث على العمل والتخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة.
إن العلم والعمل والقيام بالعبادات أمور مطلوبة من المسلم، فعليه واجبات تجاه ربه ونفسه ومجتمعه، ولكي يتسنى له القيام بهذه الواجبات يجب عليه أن يعطي كل واجب نصيبه من الوقت دون أن يطغى واجب على آخر، ومن ثمّ لا يجد أمامه متسعاً من الوقت لأداء أحد هذه الواجبات، فالدين الإسلامي وتعاليمه السمحة تدعو إلى حسن استثمار الوقت وإدارته بفعالية، وهذا ما تدعو إليه الإدارة في عصرنا الحالي.

وإن مادة علم الإدارة، يعرفنا بهذا العلم من حيث الطبيعة والهدف ، والنظريات الحديثة في علم الإدارة ، وعناصر العملية الإدارية (التخطيط - التنظيم - القيادة - صناعة القرار - إدارة الخدمة المدنية - الموازنة العامة - الرقابة - التنسيق - الاتصالات الإدارية ) . كما توفر لنا الدراسة للمادة التعرف إلى منظمات الإدارة (المصالح - المؤسسات العامة - المنظمات المحلية) وأهدافها والعمليات الأساسية المميزة لها .

مقدمة 2:

لقد تطور الفكر الإداري خلال سنوات طويلة من الممارسات الإدارية في المؤسسات الإدارية المختلفة، وكذلك أسهمت دراسات وبحوث عدد كبير من المفكرين والعلماء في إثراء المعرفة الإدارية، ووضع نماذج ونظريات وبمبادئ تفسير الإدارة كظاهرة اجتماعية.
ـ وفي أثناء ها التطور اقسم الفكر الإداري بسمات ميزت كل مرحة من حيث المداخل والاتجاهات التي وجه إليها هؤلاء العلماء اهتماماتهم، وهو ما نتج عنه أكثر من رافد فكري، تمثل في أكثر من مدرسة من مدارس الإدارة.ـ ولكل مدرسة نظرياتها التي أثرت الفكر الإداري، ولا زالت تحظى حتى وقتنا هذا باهتمام الباحثين والدارسين والممارسين للإدارة لما تقدمه هذه النظريات من مفاهيم ومبادئ وقواعد وأساليب منظمة للأنشطة والأعمال الهادفة.مدارس أو مداخل الإدارة:ويمكن تصنيف تلك المدارس وفقًا لإسهامات الكتاب والباحثين إلى:
ـ المدخل الكلاسيكي: ويشمل عدة اتجاهات أهمها:• مدرسة الإدارة العلمية• مدرسة عمومية الإدارة أو عمليات الإدارة المدخل السلوكي:ويندرج تحته مدرسة العلاقات الإنسانية المدخل المعاصر:ويشمل:ـ مدرسة النظم.ـ المدرسة الكمية 'بحوث وإدارة العمليات'.ـ المدرسة الموقفية. أولا: المدخل الكلاسيكي:كان التوجيه الأساسي لهذا المدخل هو زيارة إنتاجية المنظمات من خلال التركيز على بعض العناصر أو الوسائل من أهمها:1ـ دراسة أفضل الطرق الفنية لأداء العمل.2ـ الاهتمام بكفاءة العملة الإدارية.3ـ وضع مبادئ معيارية توجه وتضبط العمل في المنظمة.ـ ويعتمد المدخل الكلاسيكي على مجموعة من الرواد كان لهم الفضل في إرساء دعائم هذا المدخل وهم: فرد ريك تايلور ـ هنري فايول ـ فاكسي ويبر.

1ـ فردريك تايلور:أرسى قواعد حركة الإدارة العلمية، فهو الذي حدد المبادئ التي يقوم عليها، وهو الذي أعلن الأهداف الحقيقية التي تسعى إليها وهي زيادة الإنتاج وإحلال السلام والتفاهم محل الخصام والتطاحن بين الإدارة والعمال، وإقناع الطرفين بأن الذي يحكم العلاقة بينهما مصالح مشتركة وليست مصالح متضاربة لا يمكن التوفيق بينها.ـ وكانت المساهمة الأساسية لتايلور في إرساء المبادئ الأساسية للإدارة العلمية هي:
2ـ إحلال الطرق العلمية محل الطرق البدائية في العمل
3ـ الاختبار العلمي للعمال وتدريبهم على أساس علمي.
4ـ تعاون كل من الإدارة والعمال طبقا للطريقة العلمية.4ـ تقسيم عادل للمسؤولين بين المديرين والعمال مع قيام المديرين بتخطيط وتنظيم العمل، وقيام العمل بالتنفيذ.
 مساهمات هنري فايول في تكوين نظرية الإدارة.تتركز هذه المساهمات في الآتي:ـأـ تقسيم أوجه النشاط التي تقوم بها المشروعات الصناعية إلى:ــ فنية [الإنتاج].ـ تجارية [الشراء ـ البيع ـ المبادلة].ـ مالية [الحصول على رأس المال، الاستخدام الأمثل له].ـ تأمينية [حماية الأفراد والممتلكات].ـ محاسبية [التكاليف والإحصاءات].ـ إدارية [التخطيط ـ التنظيم ـ التوجيه ـ التنسيق ـ الرقابة].ب ـ تقديم مبادئ عامة للإدارة تتصف بالمرونة ولكنها ليست مطلقه، ويجب أن تستخدم في ضوء الظروف المتغيرة والخاصة بكل مشروع، ومن أهم هذه المبادئ:ـ[التخصص، وحدة الأمر، السلطة والمسؤولية، الالتزام بالقواعد، المركزية، تسلسل القيادة، العدالة، العمل بروح الفريق، خضوع المصلحة الشخصية للمصلحة العامة].
6 مساهمات ماكسي ويبر:ومن أهم المبادئ التي قدمها ويبر ما يلي:ـأـ تدرج السلطة: ويقصد به ضرورة الالتزام بالخط الرسمي للسلطة حيث يجب أن تنساب السلطة من أعلى إلى أسفل، ويكون محل فرد مسؤلاً أمام رئيسه عن تصرفات وقرارات مرؤوسيه.ب ـ وجود معايير رشيدة للتوظف.ج ـ ارتفاع درجة الرسمية: ويشير هذا المبدأ إلى وجود قواعد محددة وثابتة مكتوبة توجه العمل وتحكم عملية اتخاذ القرارات في المنظمة.د ـ وجود سجلات رسمية ونظام معلومات مركزي في زيادة درجة توثيق البيانات والمستندات مما يعطي صورة محددة ودقيقة عن المنظمة.تقييم المدخل الكلاسيكي:مما سبق نجد أن المدرسة الكلاسيكية بصفة عامة قدمت عدة إسهامات إيجابية لا زالت سارية حتى الآن، والاتجاه نحو الاعتماد على الأسلوب العلمي بدلاً من الطرق العشوائية سواء في تصميم العمل أو اختيار العاملين أو في التدريب.ـ ولكن يؤخذ على هذه المدرسة انخفاض اهتمام روادها بالعنصر الإنساني والتركيز على كيفية تحسين الإنتاج فقط، الأمر الذي أثار العديد من المشاكل في بدايات القرن العشرين بين العمال وأصحاب العمل.ـ وكذلك افتراض أن المنظمة والأداء الإداري بها يمثل نظامًا مغلقًا لا يتأثر بالعوامل الخارجية، وكذلك افتراض وجود وظائف إدارية ومبادئ لها صفة العمومية مهملاً أثر متغيرات الموقف.ثانياً: المدخل السلوكي:ـ بدأت المدرسة السلوكية كرد فعل قوي للافتراض الذي قامت عليه المدرسة الكلاسيكية، والمتمثل في أن الطاقة الجسدية للفرد هي العامل الهام المؤثر ي إنتاجيته، وكان لها توجه أساسي هو زيادة الإنتاجية من خلال وضع افتراضات حول العنصر البشري من
أهمها:
ـ1ـ تدعيم مفهوم الرجل الاجتماعي، أي أن الإنسان يرغب في العمل في جو يسوده العلاقات الطيبة والشعور بالانتماء (التون مايو وزملاؤه (
2ـ تدعيم مفهوم الرجل المحقق لذاته، أي أن الفرد يكون أكثر إنتاجية عندما يشعر بأهميته وعندما يتمتع بالرقابة الذاتية، أي أن الناس موجهون ذاتيا للوصول إلى الأهداف المطلوب تحقيقها، وأن اهتمامهم بتحقيق هذه الأهداف يرتبط إيجابيًا بمدى اتساق وتكامل ومساهمة هذه الأهداف في تحقيق أهدافهم الشخصية.
3ـ أن الفرد لا يسعى للعمل لتحقيق إشباع حاجات اقتصادية فقط، بل أن الحاجات الإنسانية الأخرى لا تقل في أهميتها عن الحاجات الاقتصادية، أو في بعض الأحيان قد تحتل هذه الحاجات موقع متقدم في سلم الحاجات الإنسانية بالمقارنة بالحاجات الاقتصادية  (ماسلو)
ثالثاً: المدخل المعاصر:وينطوي هذا المدخل على ثلاثة مدارس أساسية هي:
1ـ مدرسة النظم:تفترض هذه المدرسة أن المنظمة تتكون من مجموعة عناصر تتناول التأثير والتأثر فيما بينها، وأيضا مع البيئة المحيطة، ويتكون النظام من عدة عناصر أساسية هي: المدخلات، الأنشطة التحويلية، المخرجات، المعلومات المرتدة [العكسية].
المدرسة الكمية:وهذه المدرسة تحاول تقديم نماذج موضوعية ومعيارية يمكن للمدير أن يسترشد بها في اتخاذ القرارات مما يحد من عملية التقدير والحكم الشخصي، ويشمل على فروع أساسية هي:
أـ علم الإدارة: والذي يقدم أساليب ونماذج رياضية يمكن استخدامها لرفع كفاءة اتخاذ القرارات.ب ـ بحوث العمليات: وتهتم أساسًا بكيفية تطبيق الأساليب والنماذج في المجالات الإدارية.ج ـ نظم المعلومات: وتهتم بتوفير قاعدة بيانات تساعد في توفير معلومات دقيقة وسريعة بتكلفة ملائمة.
3ـ المدرسة الموقفية:تشير المدرسة الموقفية إلى أن فعالية المدير تتحدد بقدرته على تحقيق التوفيق الأمثل بين متطلبات الموقف وطبيعة المشاكل المطلوب اتخاذ قرار بشأنها، فهو لا يسعى في كل الأحوال إلى الحلول المثلى ولكنه قد يقنع بحلول فرضية تحقق التوازن بين مختلف الأطراف.الخلاصة:وعبر المرور السابق على نبذة يسيرة للمدارس الإدارية المهمة في التاريخ الإداري، يتضح لنا أن الصورة النهائية التي استقر عليها الفكر الإداري هي محصلة لكل تلك الجهود، فالهيكل الإداري الحالي والقواعد الإدارية، وكذلك كيفية تحقيق أعلى إنتاجية كلها ثمار الأهداف، فالإنسان المنفذ ليس آلة وله حاجات وتطلعات من خلال العمل وليس فقط إشباع الحاجة المادية.وكان هذا ثمرة المدرسة السلوكية، ومداخل النظم تفيد أن المؤسسة تعيش في واقع وبيئة تحيط بها تؤثر فيها وتتأثر بها، والمداخل الكمية هي سعى للتقليل من نسب المخاطرة ومحاولة لجعل الإدارة علمًا أكثر من كونه فنًا، ومدرسة الموقف وكيفية اتخاذ قرارات وواقعية كانت تتويج لتلك الجهود، إذن فالمدرسة المناسبة هي استخدام كل هذه المدارس فيما يحقق النفع على المؤسسة.
ولم تعد الإدارة اليوم، مجرد ممارسة مجموعة من العمليات والمفاهيم والقواعد حيث انطلق الفكر الإداري الحديث نحو المشاركة والديمقراطية والمسئولية التضامنية تجاه العملية التعليمية، ونذكر هنا إن الوزارة في البرنامج التدريبي الذي نفذته بالتعاون مع كلية التربية جامعة الإمارات سعت لذلك ولإيجاد المدير القائد التربوي الذي يستطيع التأثير في معلميه والوصول إلى الأهداف التربوية.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق