الجمعة، 21 فبراير 2014

تاريخ المغرب الاباضية في المغرب وتاسيس الدولة



الأباضية في المغرب :

بعد ان تاكد لأبي عبيدة أن قيام الدولة العدلة أمرصعب تحت رقابة الامويين الصارمة بدأ في أرسال دعاته الى المناطق النائية ووقع اختيار أبي عبيدة على سلمة بن سعيد للتوجه الى المغرب في أول القرن الثاني للهجرة (32) وكان المغرب ارضاً صالحة للدعوة ضد الامويين فوجد سلمة تشجيعاً لم يتوقعه خاصة وأن البربر وجدوا في دعوة الاباضية المساواة التي حرمهم منها الامويون فقام سلمة بنشاط كبير بين قبيلتي هوارة ونفوسة وتاكد بان ما يحلم به أستاذه يمكن تحقيقه في المغرب فكان يقول " وددت لو يظــهر هذا الامر يوما واحدا" فما ابالي أن تضرب عنق " (33).

الى جانب المذهب الاباضي كان المذهب الصفري قد انتشر في داخل المغرب وسرعان ما اصبح اتباع الفريقين من القوى المعارضة الواضحة الهامة في المغرب منذ العقد الثاني من القرن الثاتي الهجري(34) وقادت فرقة الصفرية الثورة الكبرى التي انطلقت من طنجة عام122هـ (739م) ثم بدات تحركات الاباضية منذ عام 127هـ ( 744م) ولم يستكينوا بعدها حتى تاسست دولتهم عام 160هـ ( 776م) .

مـــراحل قيــام الــدولة :

المرحلة الأولى :

 محاولة الحارث وعبدالجبار 131هـ ( 748م) : تمكن تمكن عبد الرحمن بن حبيب من فرض نفسه على ولاية أفريقية وطرد الوالي الأموي من القيروان وسعى إلى بسط سيطرته على أطراف الولاية الثائرة وعندما وصل والي عبد الرحمن إلى طرابلس حاول إرهاب الأباضية في المنطقة فقتل زعيمهم عبد الله بن مسعود ( 35 ) وجاء رد الفعل على خلاف ما كان يريده الوالي فقد تجمع الأباضية تحت زعامة الحارث بن تليد الحضرمي وعبدا لجبار بن قيس المردي (36)  لمهاجمة طرابلس وفشلت محاورة عبد الرحمن بن حبيب لتهدئة الموقف بعزل واليه على طرابلس وتمكن الثوار من فرض سيطرتهم على المدينة عام 131هـ (748م) بعد أن حققوا ثلاثة انتصارات متتالية على قوات عبد الرحمن بن حبيب (37).

" تمكن الأباضية في أول محاولة عسكرية أن يحققوا الانتصار لكن هذا الانتصار لم يدم طويلاً فقد فوجئت جماهير الأباضية بموت قائديها في ظروف غامضة ، فالدرجيني رجح أن يكونا قد قتلاً  ووضع سيف كل واحد منهما في جسم الاخر للفتنة " ( 38) وبعد هذه الحادثة اختار الأباضية لزعامتهم إسماعيل ابن زياد النفوسي لكن عبدالرحمن بن حبيب تمكن من استغلال تلك الظروف والحق بهم الهزيمة وقتل إسماعيل بن زياد (39).

انهارت آمال الأباضية في قيام الدولة ولم يثن هذا الفشل عزيمة سلمة بن سعيد بل رأى ضرورة توسيع قاعدة الدعوة واعداد الخطة لذلك إعدادا دقيقا بدأ سلمة في حث الشباب الأباضي للتوجه الى المشرق للتزود بالعلم على يد أستاذ المذهب أبي عبيدة فارسل في اول الامر محمد بن عبدالحميد بن مغيطر الجناؤني من جبل نفوسة(40) ثم تلى ذلك بعثة العلم التي كان اختارها دقيقا مثلت مناطق مختلفة في المغرب ـ القيروان والمغرب الاوسط والجنوب التونسي وغدامس ـ اختير لها عبدالرجمن بن رستم وعاصم السدراتي وابو داود القبلي النفزاوي وإسماعيل بن ضرار الغدامسي غادرت البعثة المغرب الى البصرة عام 135هـ وانضم اليهم هناك أبو الخطاب عبد العلي بن السمح المعافري (41) .

المرحلة الثانية :

 محاولة ابن الخطاب 140هـ ــ144هـ ( 757م ــ 761 م): عاد افراد البعثة من البصرة يصحبهم أبو الخطاب عام 140هـ بعد ان أعدوا إعداداً تاماً لتركيز دعائم المذهب في المغرب والعمل على تاسيس الدولة وتعاهد القادة على التعاون واستقر رأيهم على ان تكون طرابلس نقطة البداية وقد هيأت فترة عدم الاستقرار التي عاشتها المغرب طيلة العقد الرابع من القرن الهجري الثاني المناخ لزعماء الأباضية بالتحرك ولما علم الأباضية في المغرب بترشيح ابي عبيدة لابي الخطاب إماما للدولة المرتقبة اجتمع زعماؤهم في قرية صياد بالقرب من طرابلـس وبايعوا أبا الخطاب إماما واتفقت كلمتهم على دخول طرابلس ( 42) .

دخلت قوات الأباضية طرابلس خلسة وتمكنوا من السيطرة عليها بغير عناء عام 140هـ واعلنو قيام الدولة وكان ابو الخطاب قوي الشخصية واسع الثقافة غزير العلم سعى الى وضع أسس قوية للدواة مسترشدا بهدى الخلافة الراشدة(43 ) وبسيطرة الأباضية على طرابلس خضعت اهم المنطقة الشرقية حتى سرت ومنطقة جبل نفوسه ثم بدأ في التوجه نحو المغرب وذلك لان فرقة الصفرية تمكنت من السيطرة على القيروان وكان سلوك الصفرية على نقيض الأباضية في طرابلس " فاستحلوا المحارم وارتكبوا الكبائر ... وربطوا دوابهم بالمسجد الجامع" (44 )" واستبحت الاموال والدماء بدون حساب "( 45 ) فضج المسلمون واستنجدوا باباضية طرابلس

ولما كان ابو الخطاب يعمل لتأسيس جمهورية إسلامية بسود فيها العدل وتطبيق مبادئ الإسلام فقد عقد العزم على حرب الصفرية .

سار ابو الخطاب بجنوده نحو القيروان واحتل قابس التي كان الصفرية قد استولة عليها ثم واصل زحفه على القيروان وتمكن من هزيمة الصفرية ودخل القيروان عام 141 هـ/758م (46) وضرب ابو الخطاب المثل الاعلى في حروبه إذ لم يحدث ما اعتاد أهل القيروان مشاهدته بعد نهاية الحروب فلم تمتد يد جنوده الى جثث أعدائهم والتزموا بحدود الانتصار فلم يسلبوا ميتا ولم يتعرضوا لسكان القيروان واموالهم وكان لذلك السلوك وقع حميد في نفوس سكان المنطقة ، فتولى عبدالرجمن أبن رستم إدارة القيروان ورجع أبو الخطاب الى طرابلس (47 ) أما الصفرية فقد اتجهوا الى المغرب الاقصى حيث استقروا هناك واختطوا مدينة سجلماسة التي اصبحت مركزا" لتجمعاتهم (48) .

توسعت حدود دولة ابي الخطاب إذ امتدت الى منطقة وهران غرباً وقد ضمت حدود دولته في الجنوب منطقتي ودان وزويلة . ازعج قيام دولة ابي الخطاب الدولة العباسية خاصة وان جنودها ظلوا في المغرب الاوسط ولو لم تعجل بعمل عسكري ستتمكن الدولة الاباضية من السيطرة على المغرب الاوسط بحيث يمكنها ان تشكل خطورة ليس في المغرب فحسب بل وفي مصر ايضاً وبدات الجيوش العباسية تتحرك من مصر للقضاء عليهم فتمكن ابي الخطاب من هزيمة جيشين أرسلهما ابن الاشعث قبل ان يصلا الى طرابلس (49) .

أدرك الخليفة العباسي ابو جعفر المنصور خطورة الموقف فوجه ابن الاشعث الى المغرب ؛الذي اعد جيشاًكبيرا قدر بثلاثين او اربعين الفا من جند خرسان والشام واعد ابو الخطاب بدوره جيشه الذي قدر بنحو 90 ألفا (50) وقد ساعدت الظروف ابن الاشعث في ميدان القتال وذلك لتفرق جنود ابن الخطاب أما باختلاف قبيلتي زناته وهواره وانسحاب الاولى من القتال (51) او بخدعة ابن الاشعث واعلانه الرجوع لعدم اعداد جيشه العدة التي تمكنه من مواجهة ابن الخطاب (52). وقد تمكن ابن الاشعث من هزيمة الاباضبة في تورغا عام 144هـ (761م) وقتل ابو الخطاب في المعركة كما هزم ابن الاشعث مجموعة زناة التي هبت لنجدة ابي الخطاب فانهارت بذلك آخر مقاومة ودخل ابن الاشعث طرابلس ، ولما أحس عبد الرحمن بن رستم بأن ميزان القوى ليس في جانبه انسحب من القيروان غرباً وتركزت تجمعات الاباضية بعد ذلك في زولة وجبل نفوسة ومنطقة تيهرت .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق