الاثنين، 24 فبراير 2014

نشأة و رواد علماء علم فكر الاجتماع الاوائل ابن خلدون اوجست كومبت ايميل دوركايم ماكس فيبر


نشأة علم الاجتماع  الرواد و النظرية
أولا : الرواد الأوائل :
أ-ابن خلدون :( 1332_1406 )
مؤرخ و فيلسوف وعالم اجتماع ورجل دولة وسياسي عربي، درس المنطق والفلسفة
والفقه والتاريخ، عين واليا" (وزيرا") للكتابة ثم سفيرا" ثم رحل إلى مصر في مرحلة
ثالثة ودرس في الأزهر، وتولى قضاء المالكية فيه حتى توفي.وقام ابن خلدون بدراسة
تحليلية لتاريخ العرب والدول الإسلامية، وعرض محتويات الأحداث التاريخية على معيار
العقل حتى تسلم من الكذب والتزييف، فكان بذلك مجدداً في علم التاريخ.
عمل ابن خلدون دراسة تحليلية
و بخصوص المجتمع والعصبية والدولة, يقول ابن خلدون في الباب الثالث من مقدمته في
الفصل الرابع عشر بعنوان(فصل في أن الدولة لها أعمار طبيعية كما الأشخاص) ويقول: ((
اعلم ان العمر للأشخاص على ما زعم الأطباء والمنجمون أربعون سنة. والدولة في الغالب
لا تعدو أعمار ثلاثة أجيال. والجيل هو عمر شخص واحد من العمر المتوسط. فيكون أربعين
هو انتهاء النمو والنشوء إلى غايته))، ويقول ابن خلدون: وأنا عمر الدولة لا يعدو في
الغالب ثلاثة أجيال:لان الجيل الأول: لم يزل على خلق البداوة وخشونتها ووحشها من
شظف العيش والبسلة والافتراس والاشتراك في المجد، فلا تزال بذلك صورة العصبية
محفوظة فيهم. والجيل الثاني: تجول حلهم من البداوة إلى الحضارة، ومن الاشتراك في
المجد إلى انفراد الواحد به وكسل الباقين عن السعي فيه ومن عز الاستطالة الى ذل
الاستكانة، فتنكسر صورة العصبية بعض الشئ وتؤنس منهم المهانة والخضوع. وأما الجيل
الثالث: فينسون عهد البداوة وكأنها لم تكن ، ويفقدون حلاوة العز والعصبية بما فيهم
من ملكة القهر، ويبلغ فيهم الترف غايته بما تقننوه من النعيم وغضارة العيش ، وتسقط
العصبية بالجملة، وينسون الحماية والمدافعة والمطالبة، فيحتاج صاحب الدولة حينئذ
إلى الاستظهار بسواهم من أهل الخبرة، ويستكثر بالموالي ويصطنع من يغنى عن الدولة
بعض الغناء، حتى يأذن الله بانقراضها، فتذهب الدولة بما حملت..
يفترض ابن خلدون أن الاجتماع الإنساني ظاهرة طبيعية منتظمة،
لها أسسها و قوانينها، كما يقول بتغير هذه المجتمعات من حالة البداوة للحضر، وبهذا
يصنف المجتمعات الإنسانية على أساس التباين في العيش.
فالبداوة ترتبط بالاعتماد الكلي على الحيوان كمصدر أساسي للعيش، وبهذا النمط في العيش بناءا"
اجتماعي قبلي متنقل، وقيام قيم ومعايير سلوكية أساسها الصلات القرابية، وما تفرزه
من عصبية ترابطية. وثم تؤدي الحاجات إلى ضبط العلاقات داخل الجماعة ، وتؤدي الى
ظهور نوع من السلطة، تقوم شرعيتها على تقاليد وأعراف الجماعة ، وقد تمثلت هذه
السلطة في سلطة مجالس الكبار وظهور الرياسة ممثلة في شيخ القبيلة، ولا تكون السلطة
هنا إلا في إطار العصبية القرابية، ومع التطور دخلة الزراعة ، وبدأت أوجه
الاستقرار، وإمكانية الفائض في الإنتاج مما يفسح المجال لتقسيم العمل والتخصص
وتنجلي هذه التغيرات بوضوح بدخول الصنائع والتجارة ،الأمر الذي يترتب عليه تحول
المجتمع إلى مجتمع حضري ويترتب هذا بظهور الدولة.

ب- اوجست كومبت : ولد ( كونت ) بمدينة (مونبليه) الفرنسية لوالدين كاثوليكيين، التحق بمدرسة الفنون التطبيقية بباريس عام 1813م. وفي عام 1816م تزعم حركة عصيان قام بها الطلاب، فصل عقبها من المدرسة. واصل دراسته إلى أن عين معيدا في مدرسة الهندسة، ثم عمل سكرتيرا للكاتب الاشتراكي المعروف (سان سيمون).
وفي عام 1825م تزوج من كارولين ماسان ... بدا في عام 1826م إلقاء سلسلة من المحاضرات العامة في الفلسفة الوضعية، ثم أصيب بمرض عقلي جعله ينقطع عن مواصلة محاضراته، وأفضى به إلى محاولة الانتحار غرقا في نهر السين.
ثم عاد مابين 1830 – 1843م إلى إلقاء محاضراته التي كان قد انقطع عنها، وفيها قدم تصوراته للمعرفة والعلوم، وحاول من خلالها وضع أسس علمه الجديد الذي أطلق عليه في بادئ الأمر (الفيزياء الاجتماعية) ثم عاد تجنبا لتكرار هذا الاسم الذي سبقه إليه (كتيلييه) فوسم العلم الجديد باسم (علم الاجتماع).(1)
ويعد (كونت) ابن عصر التنوير، جرى على تقليد وتراث فلاسفة التقدم في أواخر القرن الثامن عشر، من أمثال تيرجو، وكوندرسيه، ولقد فزع كونت من الاضطرابات التي عانى منها النظام الاجتماعي، ومن ثم جد في طلب النظام والتضامن. ويهمنا هنا التنويه بأنه كان ليبراليا وتأثر بآدم سميث وكانط.(2)
وأما عن النسق المجتمعي العام، الذي عاش خلاله (كونت) وتحرك فيه، وجمع منه ملاحظاته، وكون توجهاته، فبالإمكان القول بأنه ولد في أوقات الثورة الفرنسية، وقبل التمهيد لدكتاتورية حكم الفرد، وأدرك سنوات الصبا والشباب في فترة نمت فيها الإمبراطورية الفرنسية 1804 – 1815م، وعاصر الأزمات التي واجهت هذه الإمبراطورية والتي انتهت بغزو فرنسا 1812 – 1814م وبين هذه السنوات عايش أيضا ما وصفه المؤرخون بالإرهاب الأبيض، بعد عودة الملك إلى باريس سنة 1815م، حيث قتل كثيرين من رجال الثورة القدامى ومن أنصار (بونابرت)، ولم تتردد وقتها حكومة الملك العائد في الانتقام من رجال العهد الماضي، خاصة أولئك الذين حنثوا في يمين الولاء للملك لويس الثامن عشر والذين انضموا إلى نابليون.
وفي وسط أمواج الإرهاب العاتية تم في أغسطس 1815م انتخاب المجلس الوطني الأول، الذي سمحت الظروف بدخول عدد كبير من مؤيدي الملكية العائدة إليه، وهم الذين عرفوا باسم الملكيين المتطرفين، وبلغوا في حماستهم للملكية حدا جعل الملك يطلق على مجلسهم اسم (المجلس المنقطع النظير) وما بين 1816 – 1818م كانت الساحة السياسية تجمع ثلاثة أحزاب أساسية: حزب اليمين ويضم الملكيين المتطرفين والذين رفعوا شعار (الحرب ضد الثورة)، وحزب الوسط من الملكيين المعتدلين الذين حاولوا التوفيق بين الملكية والثورة، وأخيرا حزب اليسار من الأحرار.
وكان أكثر هذه الأحزاب سطوة حزب اليمين الذي كان برنامج عمله يتوجه بقوة نحو إحياء النظام القديم، مع بعض التعديلات التي تتواءم مع مصالح النبلاء والأشراف. وكان من بين أساليب الحزب في تدعيم هذا التوجيه إعادة الكنيسة الكاثوليكية إلى سابق سطوتها، وعقد حلف وثيق بينها وبين الدولة، أتاح للكنيسة أن تستعيد أملاكها السابقة، وإشرافها على التعليم.
ومع كل هذا وإضافة إليه قدر (لكونت) أن يعايش ثورتي 1830،1848 وهما من الثورات الهامة في تاريخ
فرنسا الحديث، بغض النظر عن جوانب الإخفاق أو النجاح فيهما.
ت- ايميل دوركايم :موضوع علم الاجتماع عند دور كايم هو الوقائع الاجتماعية، الممثلة في رأيه بالنظم الاجتماعية، وليس الافراد أو ما يرتبط بهم من حوافز ودوافع.
ان منهج دور كايم مستند على الناحية الوظيفية التي تحافظ على النظام الاجتماعي واستقراره، هذا بالإضافة الى استخدام البحث الاجتماعي الإحصائي فيدراسته المتعمقة و الدقيقة عن الانتحار في مختلف فئات الشعوب. مؤكدا" ان الانتحار ظاهرة فردية ترجع الى الفروق الفردية للأفراد والتي تنجم عن القوى والخصائص الاجتماعية التي تؤثر على وعي السلوك وتصرفات وقيم مواقف الافراد. لذلك فان ظاهرة الانتحار بالرغم من انها فردية إلا انها مسألة اجتماعية تفسرها التصورات الجمعية
ان عوامل التغير الاجتماعي:كان دور كايم يعزو التطور الاجتماعي الى ثلاثة عوامل: كثافة السكان،وتطور وسائل المواصلات،والوعي
الاجتماعي. ويتميز كل مجتمع بالتضامن الاجتماعي. وقد كان التضامن في المجتمع
البدائي تضامنا" ((آليا")) اذ كان يقوم التضامن على روابط الدم، ويتميز هذا النوع
بأنه بسيط غير معقد التركيب، وغير مميز الوظائف، وكما ان الدين هو أقوى مظاهر
الحياة الجمعية في هذا الشكل من المجتمعات ويغلب على هذه المجتمعات سيادة العرف
والتقاليد والخضوع لسلطات العادات الاجتماعية ويسمي دور كايم هذه المجتمعات((
بالبدائية)). وأما المجتمع الحديث فالتضامن ((عضوي))،اذ يقوم على تقسيم العمل،أي
على التعاون الطبقي لكسب ضرورات الحياة،وتتصف هذه المجتمعات بأنها معقدة التكوين
حيث تتوزع فيها الوظائف والأعمال وتزيد درجات التخصص ويصبح الفرد أداة من أدوات
النتاج وعنصرا" من العناصر الاجتماعية ويغلب على هذه المجتمعات سلطة القانون
وهو عالم اجتماع وفيلسوف وضعي فرنسي
تلميذ لكونت، وكان أستاذا" في جامعة السوربون، وكان يعتقد انه يتعين على علم
الاجتماع ان يدرس المجتمع كنوع خاص من الواقع الروحي، وتختلف قوانينه عن قوانين علم
النفس الفردي.وعنده ان كل مجتمع يقوم على الأفكار الجماعية المتفق عليها اتفاقا"
مشتركا"،و يعتبر اميل دور كايم مؤسس علم الاجتماع الحديث والممهد لنقل النظرية
الاجتماعية الغربية من وضعية كونت الى أعتاب الوضعية.بذل اميل دور كايم جهدا"
لتحديد علم الاجتماع،والتأكيد على طابعه النوعي الذي يميزه من العلوم الطبيعية من
جانب، وعن علم النفس من جانب آخر. وتحديد خصائص الظاهرة الاجتماعية بوصفها الموضوع
الأساس للبحث الاجتماعي. ومن مؤلفاته الرئيسية: ((حول تقسيم العمل الاجتماعي1893))
، ((قواعد المنهج في علم الاجتماع 1895)) ، ((الاشكال الاولية للحياة الدينية
1912)).

 
ث- ماكس فيبر (1864 – 1920م ) : وُلد ماكس فيبر في الثاني والعشرين من شهر نيسان/ابريل عام 1864 في مدينة إيرفورت (ولاية تورينغن) وترعرع في عائلة محافظة. وبعد أن أنهى دراسته، التحق عالم المستقبلبجامعات عديدة في برلين وهايدلبرغ ودرس علوم الحقوق والفلسفة والتاريخ والاقتصادالقومي. وعند بلوغه سن الثلاثين دُعي فيبر للعمل كبروفسور في كلية الاقتصاد القوميفي جامعة فرايبورغ (جنوب ألمانيا). وبعد ذلك، انتقل الى جامعة هايدلبرغ. ولكنه بعدانتقاله الى هذه الجامعة العريقة، أُصيب بمرض نفسي أجبره على مزاولة عمله على مدىسبع سنوات بشكل متقطع. وكان عام 1904 بمثابة ولادة جيدة لفيبر، فقد بدأ من جديدبنشر أعمال كان أهمية كبيرة في مجال علوم الاجتماع والفلسفة والاقتصاد. وفي عام 1909 شارك فيبر في تأسيس الجمعية الألمانية لعلوم الاجتماع. ومن ثم بدأ فيبر عام 1913 بكتابة أحد أهم أعماله وهو "الاقتصاد والمجتمع" والذي نُشر لأول مرة عام 1922،أي بعد وفاته. وبدأت تظهر اهتمامات فيبر بالأمور السياسية الراهنة عام 1915. هذاويُعتبر فيبر أحد المؤسسين للحزب الديمقراطي الألماني عام 1919. وفي نفس العام كتبعملين مهمين هما "العلم كمهنة" و" السياسة كمهنة".
صحيح أن رائد علم الاجتماع ألّف أعمالا كثيرة، ولكن أبرز هذه الأعمال وأكثرهاتأثيرا في الفكر الاجتماعي كان كتاب "الأخلاق البروتستانتية وروح الرأسمالية" وبحسبالمؤرخين، فإن هذا الكتاب كان قراءة لدور القيم الدينية في ظهور قيم وأخلاق العملفي المجتمعات الصناعية الجديدة التي كانت أساس ظهور النظام الرأسمالي. وتأتي أهميةدراسات وأطروحات فيبر من اهتمامه منقطع النظير بفلسفة العلوم الاجتماعية ومناهجها. وفي هذا الخصوص، استطاع العالم تطوير المفاهيم والجوانب التي أصبحت بعد وفاته منركائز علم الاجتماع الحديث. ومن أهم المصطلحات التي أثرى بها علم الاجتماع وتعتبرجزءا مهما منه ومرجعا كبيرا للمهتمين بهذا العلم الإنساني هي "العقلانية" و"الكاريزما" و"الفهم" و"أخلاق العمل".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق