الأربعاء، 19 فبراير 2014

تاثير انشطة الانسان التصحر



أثر أنشطة الإنسان

 كان أثر أنشطة الإنسان في الموارد الطبيعية محسوساً منذ عقود، غير أن الخطر الذي يتهدد البيئة لم يتم إدراكه إلا مؤخراً بعد موجات الجفاف التي ضربت منطقة الساحل. والسبب الرئيسي للتصحر هو أن الفقر يدفع معظم السكان إلى تحقيق الفائدة القصوى من أراضيهم في أقصر وقت ممكن. ونتيجة لذلك، يمكن القول أن الاكتظاظ السكاني في شمال أفريقيا يساهم في تعجيل عملية التصحر.

وفي المناطق الجافة في شمال أفريقيا، يزداد عدد السكان بمعدلات غير عادية، حيث تتراوح نسبة النمو السكاني بين 2.5% و 3.5% في العام. ويعني ذلك أن عدد السكان يتضاعف كل 20 أو 28 سنة. وتفضي الآثار المتضافرة لأنشطة الإنسان والحيوان (الرعي المفرط، وإزالة المنتجات الحرجية، والإزالة العشوائية للأشجار، والممارسات الزراعية غير السليمة، واستخدام الأراضي الزراعية لأغراض لا تتلائم مع طبيعتها ...) إلى التدمير الجزئي أو الكلي للغطاء النباتي. وينجم عن ذلك تعرية جزئية أو كلية للتربة التي تتعرض لعوامل التعرية بفعل المياه والرياح. وتفقد بذلك التربة المواد العضوية والمعدنية وتصبح قابلة للإنجراف الكلي خلال بعض السنوات لتحل مكانها مادة تحتية غير صالحة لنمو النباتات أو المحاصيل. وتتسبب هذه الممارسات غير الرشيدة في نسبة 80% من الضرر الذي يصيب هذه الأراضي. وعلى الصعيد المحلي، توجد ظواهر أخرى مثل الملوحة والقلوية التي تنجم عن نظام الري الذي يصمم أو ينفذ بطريقة غير سليمة.
ثالثا – 3. أثر تغير المناخ في التصحر

  سيفضي تلوث الغطاء الجوي للأرض بسبب انبعاث غاز ثاني إكسيد الكربون وغيره من غازات الدفيئة في العقود القادمة إلى احترار المناخ تدريجياً. وفي الواقع، تشير نماذج الدوران الشامل للهواء في الغلاف الجوي إلى زيادة محتملة في درجة حرارة الهواء بحوالي 3 درجات مئوية (1.5±) في الطبقة السفلى للغلاف الجوي بحلول منتصف هذا القرن، إذا ارتفعت نسبة ثاني أكسيد الكربون من 360 إلى 700 (جزء من المليون من حيث الحجم). وسيفضي ارتفاع درجة حرارة الهواء بثلاث درجات مئوية، وبالتالي ظاهرة الدفيئة إلى ما يلي (Le Houérou, 1993):

1-     ارتفاع معدل البخر-نتح المحتمل السنوي بحوالي 210 ملم، أي 70 ملم لكل درجة مئوية سنوياً؛

2-     انخفاض حاصل التهطال/البخر-نتح المحتمل بحوالي 10-20%؛

3-     تحرك مناطق المناخ الإيكولوجي من حيث خطوط العرض والطول مع زحف المناطق الشديدة الجفاف إلى المناطق الجافة، وزحف المناطق الجافة إلى المناطق شبه الجافة، وزحف المناطق شبه الجافة إلى المناطق شبه الرطبة بسبب انخفاض حاصل التهطال/البخر-نتح المحتمل؛

4-     حدة ظواهر التصحر بسبب انخفاض حاصل التهطال/البخر-نتح السنوي المحتمل، وأيضاً بسبب انتشار هذه الظواهر جغرافياً نتيجة لحركة المناطق المناخية المذكورة أعلاه.

    ويفضي التصحر الناجم عن انخفاض حاصل التهطال/البخر-نتح المحتمل إلى آثار كبيرة، غير أن هذه الآثار لا تؤدي بالضرورة إلى كارثة على الصعد الزراعية، أو الإيكولوجية أو الرعوية. وفي الواقع، لا يزال الفقد الافتراضي للأمطار بمعدل 50 ملم في شمال أفريقيا قابلاً للإدارة عن طريق تطوير التقنيات الزراعية، وتحسين الموارد الوراثية للمحاصيل، والاستخدام الأمثل  للموارد الرعوية، وبالطبع رفع كفاءة وفعالية تقنيات الري. علاوة على ذلك، يمكن الإشارة إلى أن الظواهر الأخرى مثل ظاهرة الدفيئة، والاحترار العالمي، وتآكل طبقة الأوزون، تعتبر أقل حدة من ظاهرة التصحر التي تأثر مباشرة في حياة السكان. ويرى أهل الاختصاص في مجالي الأرصاد الجوية وعلم المناخ أن مساهمة المناطق الجافة في الاحتراق الجوي وانبعاث غاز الدفيئة ضعيفة ولا تتجاوز نسبة 5% (Willams et Balling, 1991). ومع ذلك، يمكن لعمليات تحات التربة وتملحها أن تتفاقم، أو على العكس يمكن أن تصبح أقل حدة، إذ يتوقف ذلك على الظروف المناخية، وظاهرة الدفيئة.


 نطاق الجفاف وانتشاره الفضائي والبعد العالمي والإقليمي للتصحر

  تعترف الاتفاقية الدولية بشأن التصحر أن الجفاف والتصحر يشكلان مشكلة ذات بعد عالمي، نظراً لأن هذه المشكلة تمس كل مناطق العالم (الجدول 2). ويحدد التعريف الوارد في جدول أعمال القرن 21 نطاق التصحر، ويحصره بشكل أساسي في المناطق الجافة، والمناطق شبه الجافة، والمناطق شبه الرطبة الجافة في الكرة الأرضية، أي ما يمكن أن نطلق عليه بصورة عامة المناطق الجافة، وهي مساحات نجدها في كل القارات. وتبلغ نسبة الأراضي الجافة 41% (أنظر الجدول 2) من المساحة الكلية للأراضي في كوكبنا.

   وعبر التاريخ، شهدت منطقة شمال أفريقيا التي يتراوح مناخها بين المناخ الصحراوي والمناخ شبه الرطب، العديد من موجات الجفاف المتفاوتة الحدة والتي كان لبعضها آثار وخيمة. ومنذ عام 1980، شهدت بلدان شمال أفريقيا انخفاضاً في معدلات سقوط الأمطار تراوحت نسبته بين 25 و 50 في المائة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق