الثلاثاء، 25 فبراير 2014

بحث شامل حول ادارة الازمات الازمة



:مفاهيم عامة عن الأزمة.
المطلب الأول:مفهوم الأزمة
تعرف الأزمة على أنها ذلك الحدث السلبي الذي لا يمكن تجنبه أيا كانت درجة استعداد المنظمة، كما تعرف أيضا بأنها تهديدا خطرا أو غير متوقع لأهداف وقيم ومعتقدات وممتلكات الإفراد والمنظمات والدول والتي تحد من عملية اتخاذ القرار، فالأزمة هي فترة حرجة أو حالة غير مستقرة يترتب عليها حدوث نتيجة مؤثرة، تنطوي في الأغلب على أحداث سريعة وتهديد للقيم أو للأهداف التي يؤمن بها من يتأثر بالأزمة.
وتعرف أيضا على أنها نقطة تحول مصيرية في مجرى حدث ما، وتتميز بتحسن ملحوظ أو بتأخر حاد وترتبط بتجاذبات قديمة لابد أن تزول لتحل محلها ارتباطات جديدة وتورث تغيرات كمية ونوعية في هذا الحدث.
المطلب الثاني: الفرق بين الكارثة والأزمة
يخلط البعض بين الكارثة والأزمة، فرغم اتفاقهما في كون كل منهما موقفا مفاجئا إلا أن الكارثة تختلف عن الأزمة فيما ينتج عنها من خسائر فادحة قد تؤدي إلى التأثير السلبي المباشر على مصالح الدولة، وقد تحدث الكارثة لأسباب طبيعية أو نتيجة لتدخل الإنسان بصورة سيئة في الأنماط الطبيعية، والكارثة ليست في حد ذاتها أزمة وإنما قد تنجم الأزمة من حدوث كارثة طبيعية كالبراكين والزلازل والأعاصير وذلك حينما يكشف حدوث الكارثة عن وجود بعض الأزمات التي كانت قائمة بالفعل في المجتمع قبل وقوع الكارثة إلا أنها كانت في حالة كمون ساعد عليها انتشار ظواهر الفساد الإداري، وعليه فان بعض الكوارث تبرز لنا الأزمات، إذ تكون بعض الأزمات في الظل إما بسبب تجاهل أو تهاون أو عدم مصداقية في المتابعة والإشراف تحت ما يسمى بسياسة"غض الطرف".
المطلب الثالث: عوامل نشوب الأزمة
من أسباب نشوء الأزمات الكثيرة نذكر منها: الفقر، التخلف، الجهل، العوز، الفتنة، الأمراض والتعليم المحدود، كما أنها تنشب من اجل الموارد كالمياه والغذاء الخ، وهناك أسباب متعددة تقف وراء نشوب الأزمات ويمكن إجمالها في:
-
وجود بؤرة خلاف لم تحسم رغم مرور الوقت.
-
وجود حالة من تعارض المصالح والأهداف بين الدول.
-
تنامي الإشاعات بين الدول.
-
بروز أزمات مدبرة ومخطط لها بهدف تحقيق أهداف إستراتيجية معينة"غالبا ما تقدم الدول الكبرى على افتعال وتدبير هذه الأزمات في الدول الصغرى بهدف السيطرة على هذه الأخيرة وتحقيق مصالح خاصة.
-
الأخطاء البشرية الناجمة على سوء الفهم وسوء التقدير أو سوء الإدارة إلى جانب اليأس.
-
الميل إلى استعراض القوة من قبل دولة اتجاه دولة أخرى قصد ابتزازها وإحراجها.
-
خرق الدول لاتفاقيات القائمة بينها.
المطلب الربع: مميزات الأزمة.
يمكن إجمالها في الآتي:
1-
هي محطة تحول حاسم غالبا ما تتسم بالفجائية في تنسيق داخلي أو دولي تهدد مصالح دولية معينة، وتثير نوعا من الذهول والحرج لدى القوى المعينة بها.
2-
تتسم بالتعقيد والتشابك في عناصرها وأسبابها.
3-
تتطلب جهدا كبيرا لمواجهتها.
4-
تضع صانعي القرار في محك حقيقي "بحيث تتطلب اتخاذ قرارات وإجراءات سريعة وراجحة".
5-
هي نتاج لتراكم مجموعة من التأثيرات السابقة والتي لا يتم حسمها.
6-
تطرح نوعا من الارتباك والشك في الخيارات المطروحة عند التعامل معها خاصة في غياب معلومات دقيقة وكافية حولها.
7-
قد تخلق حالة من التوتر العالمي خلال فترة زمنية قصيرة في ظل العلاقات الدولية المتشابكة حاليا.
حيث بقي أن نشير أن لكل أزمة دولية طرفان، الطرف المفجر للازمة وهو الذي خرج عن الوضع السلمي الطبيعي القائم مع الطرف أو الأطراف الأخرى، بينما الطرف الثاني هو الذي تستهدفه الأزمة ويفترض فيه انه هو الذي يواجهها.
المطلب الخامس: مراحل نشوء الأزمة.
إن الأزمة تمر بسلسلة من المراحل تبدأ ب:
1-
مرحلة الإنذار المبكر.
2-
مرحلة النشوء والتبلور.
3-
مرحلة النمو والصعود والانتشار.
4-
مرحلة الانفجار.
5-
مرحلة تثبيت أو رسوخ الأزمة.
6-
المرحلة الأخيرة وهي مرحلة إيجاد الحلول.
المبحث الثاني: إدارة ما قبل الأزمة
إنّ التّحديات الّتي تواجه علم إدارة الأزمات تتمثّل في محاولة التّعامل مع الأزمات قبل حدوثها ، و تعتمد هذه المرحلة على عمليّة التّخطيط و الّتي تمثّل الرّكيزة الأساسيّة لأيّ إدارة فعّالة للأزمات ، فالتّخطيط يهدف إلى المساهمة الفعّالة في منع حدوث الأزمات المحتملة و التّحضير للرّد عليها في حال حدوثها ، و سنحاول التّعرّف على كيفيّة تحقيق ذلك من خلال دراسة
أولا : الوقاية من الأزمات ،
ثانيا : الإعداد لإدارة الأزمات .
المطلب الاول: الوقاية من الأزمات
إنّ الوقاية في مفهومها البسيط هي القدرة على تجنّب الخطر و الحيلولة دون حدوثه و هي تحتاج في بداية الأمر إلى إعداد قائمة بأولويّات الأزمات المحتملة أو ما يُعرف ب " التّنبّؤ بالأزمات المحتملة " ، إذ تُعتبر هذه الخطوة ضروريّة لاتّخاذ إجراءات وقائيّة تكون مهمّة في منع حدوث الأزمات . و بالتّالي نتطرق إلى التّنبؤ بالأزمات المحتملة ثم الإجراءات الوقائيّة من الأزمات المحتملة .
1 )
التّنبؤ بالأزمات المحتملة
يُعتبر التّنبّؤ الخطوة الأولى في الطّريق الصّحيح لمواجهة الأزمات عن طريق التّخطيط، و يمكن بلورة الإطار المقترح للتّنبّؤ بالأزمات المحتملة فيما يلي:
-
تحديد الأزمات المحتملة.
-
تقييم الأزمات المحتملة.
و يعتبر تحديد و تقييم الأزمات المحتمل أن تواجهها المنظّمة من المهامّ الرّئيسيّة لإدارة الأزمات و من أخطر العناصر الأساسيّة في التّخطيط لإدارة الأزمات
أ‌) تحديد الأزمات المحتملة
يُقصد بتحديد الأزمات المحتملة تحديد المجالات المتوقّع أن تمثّل بؤرا للأزمات، فإذا ما تمّ تحديد هذه المجالات تستطيع المنظّمة إمّا تصحيح الأوضاع أو الأخطاء الموجودة أو إعداد العدّة لمواجهة الأزمة إذا حدثت. و يجب أن تشارك في هذه العمليّة جميع المستويات الإداريّة( عليا ، وسطى ، إشرافيّة ، عاملين) حتّى يمكن جمع الحقائق عن كافة الأزمات الّتي تهدّد جميع أجزاء. المنظّمة و حتّى يتمّ تحديد الأزمات المحتملة لا بدّ من القيام بعمليّة جدّ هامّة ألا و هي توصيف المنظّمة ، و يُقصد به جمع المعلومات و الحقائق عن المنظّمة و كلّ ما يتعلّق بها من:
1/-
الالتزامات الماليّة
-
التزامات المنظّمة اتجاه الغير.
-
الدّيون المستحقّّة للبنوك .
-
الضّرائب .
-
التّأمينات .
-
مستحقّات العاملين .
-
مستحقّات الملاّك و الشّركاء...الخ

2/-
المنتجات:
منتجات المنظّمة من حيث التّوصيف ؟ هل هي قابلة للتّلف ؟ قابلة للمنافسة ؟ ذات سوق واسعة و ذات سوق تنافسيّة شديدة ؟ ....الخ
3/-
المخازن:
مخازن آمنة ؟ بالقرب من المواصلات ؟ ...الخ
4/-
القوانين:
كافّة القوانين العامّة و الدّوليّة و الحكوميّة و ما إلى ذلك مما يخصّ المنظّمة أو ينعكس على نشاطها .
5/-
الجهات الّتي لها علاقة بأداء المنظّمة:
-
المنافسون.
-
المورّدون.
-
الرّأي العامّ...
6/-
البيئة الّتي تقع فيها المنظّمة:
-
مواصفاتها.
-
مدى توافقها مع النّشاط .
-
مدى تفاعل المنظّمة مع البيئة و تأثيرها و تأثّرها بها...الخ.
وبصفة مختصرة يمكن القول أنّ على المنظّمة القيام بدراسة بيئتها الدّاخليّة والخارجيّة، حتّى تتمكّن من حصر مختلف الأزمات الّتي يمكن أن تتعرّض لها.
إضافة إلى ذلك يجب على المنظّمة إعداد ملفّات خاصّة بالأزمات السّابقة و الأساليب الّتي اتُّبعت لمواجهتها و نتائج تلك الأساليب ، و كذا دراسة الأزمات الّتي وقعت بالمنظّمات الأخرى المتماثلة في الأنشطة و غير المتماثلة ، و الوقوف على الأساليب الّتي اتّبعتها و النّتائج الّتي حقّقتها إذا أمكن ذلك إنّّ هذه العمليّة ستساعد المنظّمة على التّعرف بسهولة على بعض الأزمات الّتي يمكن أنة تتعرّض لها ،إضافة إلى إمكانيّة تجنّبها و ذلك نظرا لمعرفتها بها مسبقا ، لأنّه قد تمّ تشخيصها و معرفة أسبابها من قَََبل سواء من طرفها أو من طرف منظّمات أخرى ، و ھذا ما يجعل إمكانيّة تجنّب تلك الأسباب و بالتّالي تجنّب التّعرّض لتلك الأزمات ، و حتّى إن لم تتمكّن المنظّمة من تجنّبها فإنّه سيكون لها استعداد أفضل لمواجهتها و بالتّالي التّخفيف من آثارها السّلبيّة .
إذن يمكن القول أنّ دراسة الأزمات ا لسّابقة الّتي تعرّضت لها المنظّمة أو المنظّمات الأخرى ستُكسبها مناعة ضدّ الأزمات الّتي يمكن أن تتعرّض لها ، كما أنّ ذلك سيساعد في تقييم الأزمات المحتملة طبقا لأولويّاتها( الأخطر ، فالأقلّ خطورة و ھكذا ) و ذلك باعتبار أنّ الأزمات السّابقة و الّتي يمكن أن تقع المنظّمة فيها مرّة أخرى ، ستكون أقلّ خطورة من الأزمات الّتي لم تتعرّض لها المنظّمة من قبل .
ب‌) تقييم الأزمات المحتملة:
بالنّسبة لتقييم الأزمات المحتملة فقد اقترح " كاتلين فيرن – بانكس '' من جامعة واشنطن مثالا عن كيفيّة تقييم الأزمات المحتملة : فلقد رأى أنّ هناك سؤالين يجب أن يتمّ الإجابة عليهما:
-
ما هو احتمال حدوث الأزمات المحتملة ؟
-
ما هو مستوى أضرار الأزمات المحتملة ؟
إنّ كلّ أزمة يمكن أن تتّصف بأنّها:
-0
مستحيلة: حيث تكون الأزمات غير ممكنة الحدوث.
-1
مستحيلة تقريبا.
-2
محتملة قليلا.
-3
محتملة.
-4
أكثر من محتملة.
-5
محتملة جدّا.
كما أنّ كلّ أزمة يمكن أن تتّصف حسب أضرارها المحتملة كما يلي:
-0
بدون أضرار.
-1
أضرار ضئيلة يمكن التَّحكم فيها بدون صعوبات كثيرة.
-2
بعض الأضرار هناك حظّ ضئيل في أن تتضمَّنها وسائل الإعلام.
-3
أضرار معتبرة و مع ذلك فإنّها لا تجلب انتباها كبيرا من طرف وسائل الإعلام.
-4
أضرار معتبرة و لكنّها تجلب انتباها كبيرا من طرف وسائل الإعلام.
-5
دمار(حيث يمكن أن تؤدََِّي الأزمة إلى القضاء على المنظّمة ).
و لضمان تقييم أكثر و في حالة الشَّك في التَّصنيف الَّذي تتّخذه أزمة محتملة ما فإنّه يتمّ وضعها في الفئة العالية من الفئتين المحتملتين لها .
نوع الأزمة الاحتمال الأضرار.
خلل في المنتج.
عُطْل في أجهزة الكمبيوتر.
دعوى قضائيَّة.
إعصار.
تلوُّث و قضايا بيئيَة.
المطلب الثاني: الإعداد لإدارة الأزمات.
إنّ قيام المنظّمة بالإعداد لإدارة الأزمات يهدف إلى أن تكون مهيّأة لمواجهة مُختلف الأزمات الّتي يمكن أن تتعرّض لھا و الرّد عليها بطريقة سليمة.و تتمثّل عمليّة الإعداد لإدارة الأزمات في إعداد خطط يتمّ الاسترشاد بها عند وقوع أزمة ما، كما تتطلّب عمليّة الإعداد أيضا التّدريب على هذه الخطّة من أجل ضمان نجاحها. وسنوضّح ما سبق من خلال التطرق لإعداد خطة إدارة الأزمات ثم التدريب على خطة إدارة الأزمات.
أ‌) إعداد خطّة إدارة الأزمات:
ينتج عن عملية التّخطيط الخُطط النّهائيّة لإدارة الأزمات، و سنتعرّف عليها فيما يلي:
-
تعريف خطّة إدارة الأزمات:
الخطّة اصطلاحا هي : " الطّريقة المُثلى لتحقيق ھدف معيّن، و هي تتضمّن القرارات المتعلّقة بهذا الهدف و طريقة التّنفيذ و مراحله الزّمنيّة " .
أمّا خُطط الأزمات أو خُطط الطّوارئ فيرى "محمد السّباعي " بأنّها عبارة عن : سيناريوهات مُعدّة مُسبقا، تتضمّن كافّة التّصوّرات و الاحتمالات و المُلابسات الّتي يتمّ من خلالها توزيع الأدوار و المسؤوليّات و إعطاء الصّلاحيّات و تفويض السّلطات لضمان سرعة اتّخاذ قرار التّدخل لمواجهة الأزمات و قد سبق و أن ذكرنا أنّ على المنظّمة التنبّؤ بالأزمات المحتملة الّتي يمكن أن تتعرّض لها ، و هي أهمّ خطوة في عمليّة التّخطيط ، و من خلالها تقوم بتحديد الأزمات المحتملة و كذا تقييمها ممّا يعني ترتيبها حسب الأولويّات ، و هذا ما يسمح للمنظّمة فيما بعد بإعداد خطط لإدارة الأزمات على حسب هذه الأولويات.
-
مكوّنات خطّة إدارة الأزمات:
لا توجد خطّة مُوحّدة لإدارة الأزمات فهي تختلف على حسب طبيعة و أهداف المنظّمة و كذا حسب الأزمات المحتملة. و هي تتكوّن بصفة عامّة من العناصر التّالية :
1/-
تحديد الأزمات المحتمَلة الّتي تُغطّيها الخطَّة حيث أنّ الخطّة لا يمكنها أن تتلاءم مع جميع الأزمات المحتملة ، بل هي تختصّ بمجموعة معيّنة منها .
2/-
تحديد الوسائل و الإمكانيّات المتاحة تتطلّب خطّة إدارة الأزمات إمكانيّات مادّية وفنّية و عناصر بشريّة، فمِن المُفتَرض أن تُجهَّز المنظّمة بالحدّ الأدنى من الإمكانيّات المادّية و الفنّية و العناصر البشريّة اللاّزمة لتحقيق أهداف الخطّة في التّعامل مع الأزمات المختلفة الّتي سبق تحديد ها. و هناك من يعطي الأولويّة للعناصر البشرية مع الحدّ الأدنى من الإمكانيّات الماديّة و الأجهزة الفنّية ، و يُقصَد بالعناصر البشريّة "فريق إدارة الأزمات" يُعتبر تحديد فريق إدارة الأزمات أمرا جدّ هام في خطّة إدارة الأزمات لأنّه المسئول الأساسيّ عن مواجهة الأزمة ،فعلى أساسه يتوقّف نجاح أو فشل إدارة الأزمات عند وقوع ها . و لقد بيّنت دراسة استطلاعيّة على 114 شركة أمريكيّة عام 1987 أنّ 38 % من ھذه الشّركات لديها فِرَق لإدارة الأزمات ، و من المُتوقّع أن تكون النّسبة قد ارتفعت في السّنوات الأخيرة كما بيّنت دراسة استطلاعية أخرى في فرنسا عام 2004 أنّ 89 % من أصل 58 مؤسّسة لديها فِرق لإدارة الأزمات.
و من الصّعب تحديد شكل قطعي لفريق إدارة الأزمات لكلّ منظّمة، بحيث يمكن لها تعيين عناصره بالشّكل الّذي يظهر لها مناسبا، و ذلك حسب حجم و طبيعة المنظّمة و كذا حسب نوع الأزمات الّتي أُعِدّ من أجلها.
3/-
سيناريوهات الأزمات بمعنى " النّظر "، و قد شاع استخدام تلك الكلمة في أوروبا في القرن التّاسع عشر، و انتقلت إلى باقي العالم بعد ذلك. وظلّ استخدامها مُقتصرا على العمل الفنّي حتّى ظهرت علوم المستقبل في النّصف الثّاني من القرن العشرين ،و لم تستطع أيّ كلمة أن تعبّر عن معنى التّّخطيط المستقبلي إلاّ كلمة " السّيناريو''و يعرّف السّيناريو بأنّه وصف لمجموعة من الظّروف المستقبلية ، وهو يعتمد على مجموعة مختارة من الافتراضات و التّوقّعات المتعلّقة بالظّروف المستقبليّة ".
و بالتّالي يمكن تعريف سيناريو الأزمة كعرض لِما يمكن أن يحدث من تطوّرات لأزمة معيّنة عن طريق إطلاق الخيال و استخدام أسلوب الانطلاق الفكري الّذي يُتيح إعطاء تصوّرات لمسارات مختلفة للأزمة و ردود الأفعال الممكنة و تطوّرات الأزمة كنتيجة لردود الأفعال و تقترب عملية بناء سيناريوهات الأزمة من التّخطيط ، بل أنّ هناك من الخبراء من يرى أنّ الأسلوب الأمثل ھو بناء و استخدام السّيناريوهات عل أساس أنّها تمثّل نوعا من التّخطيط الإرشادي أو التّخطيط المرن فهي تعتمد على حشد و تعبئة الموارد و الإمكانيّات المتاحة لتحقيق الاستعداد لمواجهة سيناريوهات الأزمة تتيح تسهيل مهمّة اتّخاذ القرار أثناء المواجهة و التّعامل مع المتغيّرات لتفادي المواقف الحرجة ، و في حالة اختلاف الواقع الفعلي عن الأسلوب المخطّط يمكن إجراء بعض التّعديلات بما يتلاءم مع الظّروف السّائدة.
و يتمّ إعداد سيناريوهات الأزمة بكتابة أحداث التّعامل المتوقّعة وفق قدرة المشاركين في إعداد هذه السّيناريوهات على التّخيّل ، و توضع التّصوّرات على الورق ، و في الوقت ذاته يتمّ مراجعة هذه التّصورات و إجراء التّعديلات المناسبة عليها لتصبح أقرب إلى الواقع ، و إذا كانت الأحداث المتوقّعة هي أحداث افتراضيّة ، فإنّها في واقعها الخاصّ و في محاورها العامّة هي أقرب للحقيقة و من هنا فإنّ كتابة تصوّرات و سيناريو هات الأزمة هي جمع ما بين الحقيقة و الخيال في شكل حقيقة افتراضيّة و كجزء من السّيناريو يمكن إعداد شجرة القرارات لمساعدة الإدارة في التّعامل مع تطوّرات الأزمة ، و يُستخدم هذا الأسلوب في إدارة الأزمات نظرا لأنّ هذا الأسلوب يُمكِّن من اتخاذ أكثر من قرار بالنّسبة للمواقف الّتي سيتمّ مواجهتها في إطار الأزمة الواحدة ، و يُستعان بالرّسوم و الأشكال البيانيّة في رسمها ، و تحديد المسار و المراحل المتتابعة لكلّ قرار في ضوء الاحتمالات المختلفة و المتوقّعة الحدوث.
و يتم الاحتفاظ بالسيناريو و شجرة القرارات ضِمن خطّة إدارة الأزمات لاستخدامها عند حدوث الأزمة، و لاشكّ أنّ هذه الطريقة أفضل بكثير من مجرد وضع قائمة بما يجب عمله، كما أنّها مفيدة أكثر في حالة التّدريب.
4/-
خطّة اتّصالات الأزمة يتوجّب على خطّة إدارة الأزمات أن تشتمل على خطّة فرعيّة و هي "خطّة اتّصالات الأزمة "
نظرا للدّور الكبير لاتّصالات الأزمة في إدارة الأزمات ، و هي تتكوّن بصفة عامّة من العناصر التّالية :
-
تحديد المتحدّث الرّسمي: و الصّفات المطلوبة في المتحدّث الرّسمي يمكن توضيحها في الآتي:
-
الخبرة و الفهم للأسلوب السّليم لمخاطبة الجمهور و الأطراف المعنيّة .
-
لعلاقات الجيّدة السّابقة مع أجهزة الإعلام و الأجهزة الحكوميّة.
-
الصّدق و المصداقيّة و السّمعة الطّيّبة.
-
موضع ثقة في المنظّمة و معروف عنه الولاء.
-
الذّكاء و الفطنة و سرعة البديهة و الثّبات و الثّقة بالنّفس.
-
یفضّل أن يكون على مستوى تنظيمي مرتفع.
-
تحديد الجماهير :إذ على خطّة الاتّصالات أن تحدّد الجماهير المستهدفة و الّتي لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالأزمة ، و تشمل الجماهير الدّاخليّة للمنظّمة و الجماهير الخارجيّة ،و يوصي الخبراء بضرورة تحديد الجماهير في كلّ أزمة محتملة ، لأنّ لكل أزمة جمهورا خاصّا بها و ذلك بحسب طبيعة و نوعيّة الأزمة.
-
إعداد الرّسالة : يُعتبر إعداد رسالة مفيدة و فعّالة خطوة بالغة في مواجهة الأزمات ، إذ أنّ ما تقوله أثناء الأزمة قد يعدّ أكثر أهميّة عمّا تفعله ، خاصّة في السّاعات الأولى لوقوع الأزمات، و من الضّروريّ أن تُصمَّم الرسائل لتُلائم اهتمامات و احتياجات كلّ قطاع من الجمهور المستهدَف.
-
تحديد وسائل الاتّصال: هناك مقولة إعلاميّة شهيرة هي أنّ " الوسيلة هي الرّسالة " ، بمعنى أنّه إذا أُحسن اختيار الوسيلة ، الّتي يخاطَب بها الجمهور المستهدَف فقد تمّ ضمان قدر كبير من نجاح الرّسالة المُقدَّمة و بالتّالي لا يمكن النّظر إلى الرّسائل بدون النّظر إلى الوسائل.
ب) مواصفات خطّة إدارة الأزمات:
تختصّ كل خطّة بأزمات محتملة معيّنة، و يجب عليها أن تتّصف بما یلي:
-
كل خطّة قائمة بذاتها تصمّم لهياكل إداريّة و عمليّات محدّدة و تُوضِّح كيف تعمل تلك الأجزاء أثناء الأزمة.
-
تُوضِّح الخطّة الأولويّات و تضمّ قائمة بالقضايا الّتي تحتاج عناية خاصّة.
-
تحديد السّلطات و المسؤوليّات لكل فرد في المنظّمة.
-
الخطّة يجب أن تكون عمليّة و يمكن تنفيذها بكفاءة.
-
يجب أن تكون الخطّة بسيطة و مفهومة و توضع لتناسب جميع المستويات في المنظّمة.
-
يجب أن تكون الخطّة شاملة تحتوي على مادّة كافية، و لكن في نفس الوقت يجب تجنّب التّفاصيل لأنها تُمثّل عبئا عند التّنفيذ.
-
يجب أن تُرضي الخطّة جميع الأطراف المتأثّرة.
-
يجب أن تراجَع الخطّة بصفة مستمرّة.
-
يجب أن تحقّق الخطّة كفاءة استخدام التّكلفة، فتكلفة التّخطيط يجب أن تكون أقلّ من أن تساوي تكلفة عدم التّخطيط.
-
يجب أن تكون الخطّة مرنة، و يمكن تحديثها و تعديلها عند تغيّر الظّروف.
المبحث الثالث: إدارة الأزمات
إنّ إدارة الأزمة هنا يُقصد بها وقوع الأزمة وقوعا فعليّا، و يتطلّب الأمر هنا إجراء مجموعة من الخطوات الّتي تسمح بالرّد على الأزمة. و تُعتبر الاتّصالات أثناء الأزمة من أهمّ المتطلّبات الّتي تحتاجها إدارة الأزمة، لذا فعلى المنظّمة الاهتمام بهذا المطلب و السّعي إلى استعماله من أجل النّجاح في مواجهة الأزمة. و سنحاول التّفصيل أكثر من خلال التعرض إلى مراحل إدارة الأزمة ثم الاتصالات أثناء الأزمة.

المطلب الأول: مراحل إدارة الأزمات.
ما إن تتلقّى المنظّمة إشارات تدلّ على احتمال حدوث أزمة ما ، حتى تبدأ مهمّتها في إدارة هذه الأزمة مرورا بمراحل تضمن لها النّجاح في مواجهتها، و قد اختلف الكتّاب في تناول المراحل الّتي يجب المرور بها عند إدارة الأزمة الفعليّة، و لكن عموما يمكن تقسيم هذه المراحل الّتي سنتناولها من خلال إلى ما يلي:
إدراك الأزمة و تسوية الأزمة.
1)
إدراك الأزمة:
يُعتبر إدراك الأزمة المنطلق الأساسي لإدارة الأزمة، و يجب أن يكون هذا الإدراك في المراحل الأولى للأزمة و ذلك قبل أن تستفحل ممّا يزيد من صعوبة مواجهتها، و إدراك الأزمة يعبّر أولا عن اكتشاف ظهور الأزمة في المنظّمة إضافة إلى تشخيص هذه الأزمة.
أ‌- اكتشاف الأزمة:
إنّ اكتشاف ظهور أزمة في المنظّمة مرحلة جدّ صعبة، حيث تقوم المنظّمة هنا باتّخاذ قرار الإحاطة بالموقف كأزمة أو كاضطراب بسيط ، فليس كل اضطراب يحدث في المنظّمة هو أزمة و بالتّالي فهو لا يحتاج إلى نفس الإمكانيّات و الأساليب لمواجهة الأزمة ، لذا فعلى المنظّمة التّحقّق من وصول حدّة الموقف إلى درجة الأزمة حتّى تبدأ في إتباع سياسة المواجهة ، و ذلك حتّى لا تعطي الموقف أكثر من حجمه.
و يساعد اكتشاف الأزمة في مرحلتها الأولى أي عند اكتشاف إشارات الإنذار المبكّر على سهولة إدارة الأزمة في هذه المرحلة و بالتّالي القضاء عليها قبل أن تزيد حدّتها ، و يكون محور التّعامل مع الأزمة في هذه المرحلة هو إفقادها لمرتكزات النّمو و من ثمّ تجميدها و القضاء عليها دون أن تحقّق أيّ خسارة أو دون أن تزيد حدّتها و هناك عدّة أسباب تؤدّي إلى فشل المنظّمة في اكتشاف ظهور أزمة بها، و تتمثّل هذه الأسباب فيما يلي:
-
عدم وعي المنظّمة بالمشاكل الموجودة بها و تشخيصها للاضطرابات و المواقف بنفس الطّريقة.
-
عدم احتواء المنظّمة على نظام للإنذار المبكّر .
-
ضعف نظام الإنذار المبكّر و فشله في التّلقي السّريع لإشارات الأزمة.
و عند اكتشاف بداية ظهور أزمة ما ، تقوم المنظّمة بالإعلان عنها ، و هذا لا يعني معرفة الأطراف المعنيّة و الرّأي العامّ بذلك بل يستلزم على المنظّمة فقط أن تُعدّ المعلومات الّتي تُنذر بظهور موقف خطير و ھذا ما يستوجب سرعة التّحقّق من صحّة المعلومات الأوّلية ، لذا فقبل حشد الموارد الخاصّة بإدارة الأزمة من الضّروريّ تحديد مصدر المعلومات و التّحقّق بالمرّة من مصداقيّتها.
عندما يتمّ التّأكد من المعلومات، تساؤلات أخرى تُطرح من طرف المسيّرين و تتمثّل هذه التّساؤلات فيما يلي:
التّساؤل الأوّل: الاستجابة أو الانتظار من أجل إتمام المعلومات و ملاحظة تطوّر الأزمة؟
في أغلب الحالات لا تتأخّر المنظّمات المستعدّة جيّدا في الاستجابة ، وذلك لتوفّر الإمكانيّات اللاّزمة و إجراءات الرّد بعكس المنظّمات القليلة الاستعداد أو غير المستعدّة تماما و الّتي تُفضّل الانتظار و ملاحظة تطوّر الأزمة من أجل معرفة كيفيّة التّعامل معها.
التّساؤل الثّّاني: هل المنظّمة مسؤولة عن حدوث الأزمة ؟ أو بعبارة أخرى: ھل المنظّمة مُذنبة أم لا ؟
إنّ الرّد على هذا التّساؤل في بداية الأزمة أمر صعب جدّا، و ذلك لأنّه غالبا ما يتمّ معرفة ذلك بعد مرور فترة طويلة من ظهور الأزمة.
إضافة إلى ذلك فإن المسيّرين على علم بأنّ الإستراتيجية الّتي تقوم على إنكار أيّ مسؤوليّة في حدوث الأزمة جملة واحدة يجعلهم غالبا مشتبهين بهم . و في الواقع فإنّ التّكفّل بمسؤولية الأزمة لا يقتضي بالضّرورة بأنّ المنظّمة هي المسؤولة عن الأزمة ، فالتّكفل بالمسؤوليّة في الأزمة هو خاصّة إظهار اهتمام المنظّمة و الالتزام بمعالجة الأزمة مهما كانت الأسباب و النتائج ، و يعني ذلك بأنّ المنظمّة واعية بخطورة الموقف و هي متكفّلة به على أكمل وجه.
ويجب قبل البدء في تسوية الأزمة إدراكها إدراكا جيّدا يسمح بمعرفة الكيفيّة المثلى لمعالجتها على ضوء الاستعدادات الّتي أُجريت قبل حدوثها ، و ھذا ما يستدعي القيام بتشخيص أوّلي للأزمة.
ب‌- تشخيص الأزمة:
يُعدّ التّشخيص السّليم للأزمات مفتاح التّعامل معها ، و أساسه هو وفرة المعلومات و البيانات أمام من يتولّى مهمّة تشخيص الأزمة ، كما أنّ مهمّة التّشخيص لا تتمثّل في معرفة أسباب نشوء الأزمة و العوامل الّتي ساعدتها فحسب ، بل في تحديد كيفيّة معالجتها أيضا و ذلك من أجل التّأكد من مدى ملائمة الخطّة المعدّة مسبقا لهذه الأزمة ، و التّعديلات الّتي تحتاج إليها.
إنّ الأزمة تُعدّ بمثابة مرض فجائي أصاب إنسانا معيّنا و يهدّد حياته و يحتاج إلى معالجة سريعة، معالجة حاسمة ، و شفاء المريض ، و لا يمكن أن يتمّ تحقيق أيّ من هذه الأهداف دون تشخيص حالة المريض ، ليس فقط من أجل معرفة المرض الّذي أصابه ، و لكن أيضا لمعرفة مدى قدرة المريض على تحمّل العلاج المقترح ، و البدائل المناسبة للتّعامل مع الحالة المرضيّة لهذا المريض ، على أن يتمّ هذا على أقصى درجة من السّرعة ، الدّقة و الكفاءة.
و يستخدم في تشخيص الأزمة عدّة مناھج أساسيّة وهي:
1/-
المنهج الوصفي التّحليلي:
يعمل هذا المنهج على تشخيص الأزمة وفقا للمرحلة الّتي وصلت إليها ، من حيث تحديد مظاهرها و ملامحها العامّة و الآثار النّاجمة عنها ، أي أنّه يعمل على إعطاء وصف شامل و متكامل لماهية الأزمة و الوضع الّذي وصلت إليه و الأطراف الفاعلة فيه، و التّداعيات الّتي قد تصل إليها.
2/-
المنهج التّاريخي:
يعتمد هذا المنهج على المدخل التّدرجي لإدارة الأزمات ، أي أنّ أيّ أزمة من الأزمات لا تنشأ فجأة و أنّها ليست وليدة اللّحظة ، و لكنّها نتاج تفاعل الأسباب و عوامل نشأت قبل ظهور الأزمة ، و من هنا فإنّ أيّ تعامل مع هذه الأزمة يجب أن يُبنى أساسا على معرفة كاملة بالماضي التّاريخي لها و كيفيّة تطوّرها . و يتمّ وفقا لهذا المنهج تقسيم الأزمة إلى مراحل تاريخيّة ، يتمّ توصيف كلّ مرحلة و تتبّع العوامل الّتي أثّرت فيها ، و العوامل الّتي تأثّرت بها ، و من ثمّ معرفة أيّ عوامل كانت مسبّبة لها، و أيّا كانت ناجمة أو ناشئة عنها ، و ھذا ما سمح بتوضيح الرّؤيا حول كيفيّة التّعامل معها .
3/-
منهج النّظم:
يُنظر للأزمة في ھذا المنهج على أنّها نظام متكامل يحتوي على أربعة عناصر موضّحة كالتالي:
-
مدخلات الأزمة:
إنّ لكلّ نظام مجموع مدخلات يُعتمد عليها ، و لا يمكن أن تتمّ لديه عملية التّشغيل أو الأداء المناسب الّتي يقوم عليها بدونها ، و بالتّالي فإنّ تحديد المدخلات يساعد على تحديد بواعث الأزمة.
-
نظام تشغيل الأزمة:
إنّ قصور المدخلات لا يكفي بذاته لإيجاد الأزمة، بل إن هناك تفاعلا لاستخدام هذا القصور من أجل تشكيل نظام الأزمة ، أي أنّ هناك خللا في نظام التّشغيل أدّى إلى إفراز الأزمة .
-
مخرجات الأزمة :
و هذه المخرجات الخاصّة بنظام التّشغيل تنصرف إلى ما أفرزته الأزمة من مظاهر و آثار أمكن الإحساس بها.
-
التّغذية المرتدّة:
و هي عملية رقابيّة وقائيّة وجدها النّظام التّشغيلي للتأكّد من أنّ جميع عمليّاته تتمّ وفقا لما هو محدّد و مطابق لما هو مستهدف ، و اكتشاف أيّ قصور أو انحراف لمعالجته .
و بالتّالي فإنّ منهج النّظم يساعد على التّعامل مع الأزمة في جميع مراحلها، و التّغلّب عليها سواء بالسّيطرة على مواردها و مصادر التّوتّر، أو من خلال السّيطرة على أداء أجزاء نظام الأزمة و تشغيله، أو في نظام المعلومات المرتدّة...الخ


4/-
المنهج البيئي:
حسب هذا المنهج فإن أيّ أزمة هي وليدة البيئة الّتي نشأت منها و فيها و تفاعلت معها، و أنّها نتاج البيئة الّتي تكوّنت فيها و أحاطت بها مؤثّرة فيها و متأثّرة بها. و بعد التّشخيص يتمّ تصنيف القوى البيئيّة إلى ثلاث مجموعات هي :
المجموعة الأولى: قوى بيئيّة يمكن التحكّم فيها بالكامل.
المجموعة الثّانية: قوى بيئيّة لا يمكن التّحكّم فيها.
المجموعة الثّالثة: قوى بيئيّة لا يمكن التّحكّم فيها، و لكن يمكن توجيهها و السّيطرة على اتّجاهاتها بشكل معيّن.
و بالتّالي يتمّ استخدام القوى الخاصة بالمجموعتين الأولى و الثّالثة في التّأثير على القوى الخاصّة بالمجموعة الثّانية، ومن ثمّ الحدّ من خطورة الأزمة.
5/-
منهج دراسة الحالة:
يعتمد هذا المنهج على دراسة كلّ أزمة على حِدا ، باعتبار أنّ الأزمة حالة مستقلّة لها طبيعة شديدة الخصوصيّة ، فالأزمات لا يمكن أبدا أن تتماثل تماثلا تامّا ، فاختلاف الزّمان و المكان و موضوع الأزمة كفيل بأن يجعل من كل أزمة حالة خاصّة بذاتها. و يقوم هذا المنهج على تشخيص دقيق للأزمة ، و تتبّعها بشكل كامل تاريخيّا و تشغيليّا ، و دراسة ما أدّت إليه ، و من هنا يتيح هذا المنهج الوصول إلى رؤية أكثر دقّّة و عمقا ، تتّصف بالشمول و التّرابط باعتبار أنّ الأزمة حالة في ذاتها و كوحدة متكاملة العناصر و الأجزاء ، و من ثمّ تساعد على رسم طريقة معالجة الأزمة و الوصول إلى قرارات أكثر موضوعيّة لمواجهتها ، و من ثمّ تتوافر للخطّة كافة عناصر النّجاح ، خاصّة مع تضييق دائرة عدم التّأكّد نظرا لاكتمال المعلومات.
6/-
منهج الدّراسات المقارنة:
و يقوم هذا المنهج على دراسة الأزمات الّتي تمّت في الماضي و مقارنتها موضوعيّا بالأزمات الّتي تواجهها في الحاضر، و من خلال الدّراسة المقارنة تتبيّن أوجه الاتّفاق و أوجه الاختلاف ، و من ثمّ يتم استخدام العلاج فيما اتّفق و نجح في الماضي ، و استحداث علاج فيما اختلف في الحاضر . و لكن يُستعمل هذا المنهج فقط في حالة حدوث أزمة قد حدثت من قبل ، و لا يمكن استعماله في حالة حدوث أزمة جديدة.
7/-
منهج الدّراسات المتكاملة
يستمدّ هذا المنهج تكامله من خلال استخدامه لجميع المناهج السّابقة فهو يصف و يُشخِّص الحالة المعروضة الّتي وصلت إليها الأزمة و يتابعها تاريخيّا ، و يدرسها في ضوء الدّراسات المقارنة الّتي تمّت في الماضي ، و فوق كلّ ھذا يضيف إليها دراسة الأزمة كنظام.
2)
تسوية الأزمة:
تُعدّ هذه المرحلة الاختبار الحقيقي للخطط المعدّة مسبقا و للتّجهيزات المرتّبة و للتّدريب الّذي سبق حدوثَ الأزمة ، و في الواقع أنّ لكلّ أزمة تكتيكا معيّنا لإدارتها و التّعامل مع أحداثها، إلاّ أنّه ذا الاختلاف لا يمنع من و جود قواسم مشتركة بين هذه الأزمات . و يمكن أن نقسّم هذه المرحلة إلى مرحلتين :
-
مرحلة احتواء الأضرار و الحدّ منها.
-
مرحلة استعادة النشاط.
أ- مرحلة احتواء الأضرار و الحدّ منها:
من سوء الحظّ، بل إنّه من المستحيل منع الأزمات من الوقوع طالما أنّ الميول التّدميريّة تعدّ خاصيّة طبيعيّة لكافّة النّظم ، و على ذلك فإنّ المرحلة التّالية و الّتي تلي إدراك الأزمة هي إعداد الوسائل للحدّ من الأضرار ، و منعها من الانتشار لتشمل الأجزاء الأخرى الّتي لم تتأثّر بعد في المنظّمة. و تُعدّ هذه المرحلة مرحلة جدّ هامّة في إدارة الأزمات لأنّه على أساسها يمكن تقييم مدى نجاح إدارة الأزمات في المراحل السّابقة.
و فيما يلي بعض الجوانب الّتي يجب أخذها في الاعتبار أثناء هذه المرحلة:


1/-
تنفيذ الخطط:
يجب وضع الخطط المعدّة مسبقا موضع التّنفيذ، و محاولة الاستفادة من السّيناريوهات الّتي تمّ إعدادها و اختبارها في مرحلة ما قبل الأزمة. و ممّا لا شكّ فيه أنّ بعض الخطط الموضوعة لمواجهة الأزمة بسيناريوهاتها المختلفة ،تحتاج إلى تعديل تحمله طبيعة الأزمة و تطوّراتها المفاجئة لذا فإنّ المرونة في التّطبيق بما يتلاءم مع الحدث و الموضوعيّة و الدّقة من العناصر ذات الأهميّة في فعّالية تنفيذ الخطط .
2/-
المعلومات و الاتّصالات:
إنّ امتلاك المعلومات الحقيقيّة في الوقت المناسب هو الّذي يضمن النّجاح في هذه المرحلة، لذلك يجب الانتباه في ضرورة توفير المعلومات و القيام بالاتّصالات الضّروريّة الّتي تضمن القدرة على احتواء الأضرار.
3/-
التّعامل مع الإعلام:
يُعدّ الإعلام أهمّ وسيلة في الاتّصال، لذا لابدّ على المنظّمة التّعامل مع الإعلام لِما له من دور بارز و مؤثّر في تفاعلات الأزمة.
4/-
أهميّة الوقت:
إنّ الوقت يُعتبر حاسما في مواجهة الأزمات بكافّة أنواعها، لذا يجب على إدارة الأزمة كسب الوقت، و اختيار الوقت المناسب للتّحرّك، لِما له من تأثير على سير المواجهة.
5/-
سرّية المعلومات:
يجب على إدارة الأزمة أن تحافظ على سرّية العمليّات و الاتّصالات لأنّ التّفريط في ذلك يؤدّي إلى تدمير كافّة الخطط ، و لكن يجب الأخذ في الاعتبار أنّ الإفراط في السّريّة يؤدّي إلى حجب المعلومة ، لذلك يجب على إدارة الأزمة تحديد درجات السّريّة و تصنيف المعلومات تبعا لذلك و وفق معايير سليمة.


ب- مرحلة استعادة النّشاط:
تشمل هذه المرحلة إعداد و تنفيذ برامج قصيرة و طويلة المدى من أجل الرّجوع إلى الوضع الطّبيعي و القضاء على الآثار الّتي خلّفتها الأزمة.
و تتضمّن مرحلة استعادة النّشاط عدّة جوانب منها محاولة استعادة الأصول الملموسة و المعنويّة الّتي فُقِدت و قد ترتكب المنظّمات المستهدفة للأزمات خطأ جسيما بالتّركيز على العمليّات الدّاخليّة، و تجاهل تأثير الأزمة على الأطراف الخارجيّة أو تهتمّ بذلك في وقت متأخّر.
المطلب الثاني: الاتّصالات أثناء الأزمة
إنّ اتّصالات الأزمة تشمل كافّة الأنشطة الاتّصاليّة الّتي تمارس أثناء المراحل المختلفة للأزمة ، إلاّ أنّ دور اتّصالات الأزمة يظهر أساسا عند حدوث الأزمة ، باعتبار أنّ الموقف يكون أكثر حدّة بالمقارنة مع المراحل الأخرى للأزمة أي قبل و بعد حدوثها ، و هي تعتمد على مجموعة من الاستراتيجيّات و المبادئ الأساسيّة ، و كذا تحتاج إلى مميّزات خاصّة من أجل أداء دورها بفعّاليّة . كما تستخدم الاتّصالات أثناء الأزمة من أجل مواجهة الموقف وسائل الاتّصال الجماهيري أي ما يسمّى بالإعلام و الّذي يلعب دورا هاما أثناء الأزمات مستخدما عدّة وسائل تختلف باختلاف نوع الأزمة و حجمها و كذا حجم المنظّمة.
1)
دور الاتّصالات أثناء الأزمة، مبادئها و مميّزاتها
سيتمّ التّعرف على دور الاتّصالات أثناء الأزمة، مبادئها و مميّزاتها فيما يلي:
أ‌- دور الاتّصالات أثناء الأزمة:
يبرز دور الاتّصالات أثناء الأزمة في تحقيقها للأهداف الأساسيّة التّاليّة :
-
ثقة الزّبائن و المموّلين : و ذلك بشرح الموقف والأساليب الّتي اتُّبِعت من أجل مواجهته و تفادي الخسائر الّتي يمكن أن تلحق بهم ، و يتعلّق الأمر خصوصا بمواعيد التّوزيع بالنّسبة للزّبائن و مواعيد الدّفع بالنّسبة للمموّلين ممّا يمنحهم الثّقة بالمنظّمة.
-
ثقة المساهمين و الأجراء : بإبراز سيطرتهم على الموقف و الإجراءات المتّبعة من أجل ذلك و إقناعهم بنجاعتها.
-
مراقبة المعلومات: إذ يجب التّحقق من المعلومات الّتي يتمّ نقلها و ذلك من أجل تكوين ثقة متبادلة خاصّة مع وسائل الإعلام، و الّتي يكون لها تأثير واضح على الرّأي العامّ.
و تبرز أهميّة الاتّصالات أثناء الأزمة في تجنّبها لانتشار الشائعات و بالتّالي تسعى الاتّصالات أثناء الأزمة إلى محاولة عدم اتّساع الأزمة و تعقدّها النّاتجين عن الإشاعات، و ذلك بتفادي هذه الأخيرة. فكما يمكن للإشاعات أن تكون سببا للأزمات ، فإنّها يمكن أن تكون أثرا إعلاميا سلبيّا ناتجا عن الأزمة ، ممّا يتطلّب تدخلاّ سريعا من طر ف المنظّمة من أجل تفادي هذا التّأثير ، و تحتاج في ذلك إلى استعمال الاتّصالات الّتي تحاول بشتّى الطّرق تجنّبها أو محاولة القضاء عليها بأسرع وقت ممكن و إلاّ فإنّها يمكن أن تزيد من حدّة الأزمة ممّا يعطيها حجما أكبر من حجمها.
و بصفة مختصرة يمكن القول أنّ الاتّصالات أثناء الأزمة تهدف إلى إيجاد ثقة من قِبَل كلّ الأطراف المعنيّة الّتي لها علاقة بالأزمة من أجل تفادي أيّ أضرار قد تنجم من طرفها و بالتّالي التّقليل من الخسائر الّتي قد تنجم عن الأزمة ، و هي تعتمد في ذلك على جانبين هما:
-
جانب إخباري :
يتمّ عن طريق متابعة أخبار الأزمة و التّعريف بنتائج مواجهتها و محاولة التّصدي لها و مدى النّجاح في ذلك و يتمّ ذلك بنقل المعلومات إلى الأطراف المعنيّة و إحاطتهم بما يحدث.
-
جانب توجيهي :
و هذا الجانب أهمّ و أخطر الجوانب ، إذ أنّ المنظّمة أثناء الأزمة تكون في حاجة إلى أيّ دعم و تأييد من كافّة الأطراف المعنيّة بالأزمة سواء لتأثّر مصالحها بها أو لأنّ استمرارها قد يؤثّر على مصالحهم ، و من خلال تنمية الوعي و الإدراك بخطورة الأزمة تتكوّن لديهم قناعة معيّنة تدفعهم إلى القيام بسلوك معيّن.

ب‌- إستراتيجية الاتّصالات أثناء الأزمة
عندما المنظمة أزمة من نوع ما فإن قد تختار واحدة من الإستراتيجيات التالية:
-
إستراتيجية السّكوت أو لا تعليق:
يرجع سبب اختيار المنظّمة إستراتيجية السّكوت عندما تواجه الجماهير أثناء الأزمة إلى أسباب تاريخيّة، عندما كانت المنظّمات القائمة على الرّبح آنذاك لا تهتمّ بالعملاء و الجماهير بسبب ضعف الرّأي العامّ في ذلك الوقت ، و السّبب الثّاني سيكولوجي ، ذلك أن الأزمة ذات تأثير نفسي عميق على المديرين ، ممّا يجعل أكثرھم لا يرغب بالتّحدّث و آخرون يرفضون وجودھا أصلا.
-
إستراتيجية الاتّصال باتّجاه واحد ( الاتّصال غير المتناسق ) :
و هو يقوم على محاولة الإقناع و التّأثير على الجماهير لمصلحة المنظّمة بدون الأخذ في الاعتبار مصلحة تلك الجماهير.
-
إستراتيجية الاتّصال باتّجاهين أو الاتّصال المتناسق:
إستراتجية الاتصال المتناسق هي بعكس إستراتجية الاتصال الغير المتناسق اتّصالات ذا اتجاهين تؤَسّس على الحوار لمصلحة الطّرفين المنظّمة و جماهيرها .
و إستراتيجية الاتّصال المتوازن تشير إلى أنّ الجماهير ترغب و تحتاج و تطلب و بسرعة معلومات كاملة عن ظروف الأزمة، و المنظّمات الّتي تؤمن بهذه الإستراتيجية فإنّما تقدّم معلومات كاملة بقدر ما تستطيع عن الأزمة و بأسرع وقت ممكن ، و على المدى الطويل فإنّ هذه الإستراتيجية الاتّصاليّة هي الأفضل للمنظّمة ، و دائما ما تكون نتائجها إيجابيّة لأنّها تقوم على الأخلاق ، المسؤوليّة الاجتماعيّة و تقدير و احترام متطلّبات الجمهور.
ج- مبادئ الاتّصالات أثناء الأزمة
يجب على الاتّصالات أثناء الأزمة أن تحترم المبادئ التّالية:
1/-
معرفة المشكل
إذ يجب على المنظّمة معرفة المشكل و الإظهار لمختلف الأطراف المعنيّة بالأزمة بمعرفتها له حتّى و لو لم يتمّ التّعرّف على مصدر الأزمة و لا المسئول عنها. إنّ إستراتيجيات الانتظار أي عدم قول أيّ شيء ما دام التّحقيق لم يعطي نتائج غير قابلة للنّجاح، فمن الضّروري إعطاء المعلومات المتوفّرة مباشرة من أجل إظهار شفافيّة المنظّمة.
2/-
الإظهار بأنّها تتكفّل بالأزمة
بمجرد معرفة المنظّمة بالأزمة توجّب التّكفل بها حتّى بغياب أيّ تشخيص جاهز للأزمة ، فالمنظّمة عليها الإظهار والإثبات بأنها تهتم بالموقف وتعلن عن الترتيبات الموضوعة،الموارد الموضوعة و الإجراءات المنظّمة.
3/-
توفير تدفّق مستمرّ للمعلومات
بإظهار المنظّمة معرفتها بالمشكل و بأنّها تتكفّل به، يجب عليها أيضا أن تلتزم بإعلام الأطراف المعنيّة طوال فترة الأزمة دون أن تنتظر حصولهم على المعلومات من الخارج ، و هذا يقودنا إلى أهميّة توفير تدفّق مستمرّ للمعلومات لمختلف الأطراف المعنيّة ، كما يجب على المنظّمة ما يلي :
-
إعطاء المعلومات عند توفّرها حتى و إن كانت غير كاملة.
-
المعرفة الفوريّة للمعلومات الخاطئة و عدم الانتظار حتّى يتمّ ملاحظتها و اكتشافها من الخارج.
-
إثبات صحّة كل المعلومات و الرّسائل قبل نشرها و التّيقّن من نشرها في الدّاخل.
4/-
التّركيز على جميع الأطراف المعنيّة بالأزمة
كثيرا ما تركّز المنظمة عند قيامها بالاتّصالات أثناء الأزمة على الأطراف الخارجيّة ،و خاصّة منها وسائل الإعلام ، ظنّا منها بأنّهم يشكّلون مصدر الفشل أو النّجاح إذا ما تمّ إعلامهم جيّدا أو عكس ذلك ، إلاّ أنّ هناك أطرافا أخرى قد تكون أكثر أولويّة لتلقّي المعلومات و ذلك حسب نوع الأزمة ، فوسائل الإعلام لا تمثّل الأولويّة دائما ،فمثلا إذا كان هناك ضحايا فالمعلومات الأوّلية و الرّسائل الأولى ستكون حتما لهم أو لعائلاتهم.
كذلك غالبا ما تغفل المنظّمة عن الاتّصالات في الدّاخل ، بالرّغم من أنّه يمكن تسرّب معلومات خاطئة من الدّاخل ،نظرا لعدم توفّر المعلومات ممّا يمكن أن يلحق ضررا بالمنظمة و فشل مهمّة اتّصالات الأزمة ، و بالتّالي على المنظّمة أن تُركّز عند اتّصالاتها أثناء الأزمة على الدّاخل و الخارج معا و هذا حتّى تحقّق التّكامل المطلوب ممّا يضمن نجاحها،أي يجب عليها أن تقوم بنوعين من الاتّصالات : الاتّصالات الدّاخليّة و الاتّصالات الخارجيّة.
د- مميّزات الاتّصالات أثناء الأزمة
حتّى تكون الاتّصالات أثناء الأزمة فعّالة عليها أن تتّصف بالمميّزات التّالية:
-
الفوريّة:
و يُقصد بذلك نقل الحدث فور حدوثه و في أسرع وقت ممكن ، و الثّابت أنّ هذه القاعدة هي مجال المنافسة بين الإعلاميّين حيث يسعى كلّ منم إلى تحقيق السّبق الإعلامي أو الإنفراد بنشر الحدث . لذا يتوجّب على المنظّمة أن تأخذ الأسبقيّة للإعلان عن الأزمة و إعطاء المعلومات المتوفّرة عنها و ذلك قبل أن يتمّ إعلانها من جهات أخرى بطريقة يمكن أن تلحق ضررا بها. و تعود أهميّة توفير هذه الميزة في الاتّصالات أثناء الأزمة أيضا إلى أنّ الوقت يزيد بشكل محسوس من الفرق الموجود بين جسامة الوضعيّة المُدرَكة من طرف المنظّمة و الوضعيّة المُدرَكة من طرف الجمهور.
-
الشّفافيّة:
إنّ استراتيجيّات الشّفافيّة يمكن أن تسدّ الفارق الموجود بين إدراك المنظّمة و إدراك الجمهور أيضا ، و ذلك بعدم إخفاء أيّ معلومات عن الأزمة بهدف التّهرّب. و في ھذ الإطار يتّفق الباحثون و الممارسون على أهميّة توخّي الدّقة و الموضوعيّة في نقل الأخبار و التّصريحات و البُعد عن المبالغة.
-
الوضوح:
و ذلك بالاعتماد على الأدلّة و الحجج المنطقيّة، أي الحرص على تقديم ما يبرهن على صحّة النّتائج

2)
إعلام الأزمات
إنّ بعض الأزمات قد لا تتطلّب الاتّصال بالجمهور الخارجي، و بالتّالي يقتصر الأمر هنا على شبكة الاتّصالات الدّاخليّة، و لاشكّ أنّ هذه الأخيرة لا تتطلّب تكلفة كبيرة، كما أنّها تتّسم بسهولة نسبيّة مقارنة بالاتّصال بالجمهور الخارجي. و بصفة عامّة فإنّ نجاح الاتّصالات الدّاخليّة يؤدّي إلى إدراك و فهم الجمهور الدّاخلي للأزمة و أبعادها بشكل أفضل ممّا يجعلهم أكثر استعدادا و قدرة على التّعامل مع الأزمات بثقة و هدوء.
أ‌- دور الإعلام أثناء الأزمة
يمكن أن نتناول دور الإعلام أثناء الأزمة من وجهتين و هما:
1/-
دور الإعلام أثناء الأزمة من وجهة نظر المنظّمات:
ترى أغلب المنظّمات أنّ الأجهزة الإعلاميّة تُسيطر على المعلومات ،و تعمل كمرشّح لما يتلقّاه الجمهور من أخبار و كيفيّة تفسيرها للأزمات ، من خلال تناول الإعلام أو عدم تناوله لقضايا يمكن أن تؤثّر على السّياسات العامّة الّتي تُتّخذ و كيفيّة تنفيذها و المعلومات الّتي يتمّ تغطيتها ، و رؤيتهم و آرائهم و النّغمة الّتي يقدّمون بها الموضوع يمكن أن تحدّد أو تُظهِر الأحداث و تشكّل اتّجاهات الرّأي العام.
2/-
دور الإعلام أثناء الأزمة من وجهة نظر أجهزة الإعلام:
لا شكّ أنّ الإعلام يمثّل بؤرة اهتمام الرّأي العامّ عند حدوث أزمة، و الإعلام يمكن أن يلعب دورا جدّيّا و حيويّا في التّوعية بالأزمات المحتملة. و دور الإعلام الرّئيسي من وجهة نظر المسؤولين و المشتغلين بالإعلام هو التّأكيد على صالح المواطن و تبصيره لكلّ ما يمكن أن يضرّه ، و خلق إحساس بالمسؤوليّة الجماعيّة و تأكيد روح التّكامل و التّعاون.
و يسعى الإعلام عند حدوث الأزمات إلى الحصول على المعلومات اللاّزمة، و القيام بالاستعانة بالخبراء لإجراء التّحليلات و التّعليقات، و الهدف هو خلق رأي عامّ واع و مهّيأ لامتصاص ما حدث.
و من الضّروريّ في كلّ مرحلة من مراحل الأزمة إعداد تقرير إعلاميّ يتناول جميع عناصر الأزمة و تأثيرها، و خاصّة فيما يتعلّق بالجمهور و الرّأي العامّ ، و يجب العمل على توفير المصداقيّة مع الجمهور و الّتي تعتمد على احترام ذكائه و عدم الاستهانة بقدراته على التّمييز ، و على التّعرف على النّغمة الصّحيحة و العزف على الوتر الحسّاس ،دون إثارة مُبالَغ فيها للمشاعر و الّتي ينبغي أن يكون هناك قدر كاف من المعرفة بها من جانب المسؤولين بالإعلام.
ب‌- الاعتبارات الّتي يجب مراعاتها أثناء التّعامل مع الإعلام عند حدوث أزمة بالمنظّمة:
إنّ العلاقة بين أجهزة الإعلام و فريق إدارة الأزمات يجب أن تتمّ معالجتها بدرجة عالية من الدّقة و الحيطة و الحذر ، و هناك بعض الاعتبارات الّتي يجب مراعاتها أثناء التّعامل مع الإعلام عند حدوث، أزمة بالمنظّمة :
-
يجب تلبية احتياجات أجهزة الإعلام الّتي تتطلّب معرفة الحقائق بسرعة و دقّة و وضوح.
-
الإعلان عن الحقائق و تطوّرات الموقف بصورة واضحة لا تقبل الالتباس حتّى لا يحدث تحريف فيها.
-
الاعتراف بالأخطاء و توخّي الأمانة و الصّدق في نقل المعلومات ، و توضيح أسباب حدوث الأخطاء لأنّ إنكارها و معرفة الإعلام بها من جهات أخرى يمكن أن يؤدّي إلى موقف غير مستحقّ من جانب الإعلام في تغطية الأزمة.
-
مواجهة الغموض و عدم التّأكد و الانفعال المصاحب للأزمات.
-
عدم اتّخاذ المنظّمة موقف الدّفاع عن النّفس و الإجابة على التّساؤلات بثقة و مصداقيّة.
-
إعداد قائمة بالإجابات عن الأسئلة المتوقّعة مثل عدد الوفيّات أو الإصابات و الخسائر وقت الأزمة.
-
يجب محاولة كسب ثقة و تعاون و تعاطف الإعلام و الموظّفين و الرّأي العام.
-
الاستعانة بالمحامين و الخبراء لتحديد الوسيلة الّتي يمكن بها معالجة الموقف و إعداد المذكّرات و التّصريحات اللاّزمة للإعلام.
-
مصداقيّة التّعامل مع الإعلام بلا تضخيم و لا تصغير للأزمة .
-
توفير سجلاّت و إجراءات الأمن الخاصّة بالمنظّمة ، و إبراز أيّ تصرّفات بطوليّة للعاملين أثناء مواجهة الأزمة.
-
الانتباه للصّور الّتي تأخذها أجهزة الإعلام، فليس للمنظّمة أيّ سلطة على الصّور الّتي أُخِذت.
ج- وسائل إعلام الأزمات
بما أنّ التّهديدات و المخاطر المرتبطة بالأزمة علاوة على ضغط الوقت ترفع من درجة التّوتّر و لاعقلانيّة الجمهور، و من ثمّ يكون أكثر عرضة للاستهواء و الوقوع تحت تأثير الشّائعات، كان من الضّروريّ تكرار الرّسائل التّحذيريّة. و قد أشارت الأبحاث أنّه كلّما زادت المصادر الّتي يسمع منها الفرد رسالة التّحذير و الدّفاع كلّما زاد الاعتقاد في مصداقيّته ،و لذلك فإنّ استخدام مصادر و قنوات إعلاميّة متعدّدة يزيد من احتمال وصول التّحذير أو المعلومة بالنّظر إلى فئات مختلفة من الجمهور ، كما أنّه يؤدّي إلى التّغلب على حالات التّشتّت المعتاد الّتي تنتاب بعض فئات الجمهور و نوضّح فيما يلي أهمّ وسائل الإعلام أثناء الأزمة:
1/-
الصحافة المكتوبة
تلعب الصّحف دورا هامّا في تكوين الرّأي العام، فهي تزوّد الجماهير بالأخبار اللاّزمة لها، تنشر المقالات و تعكس آراء الآخرين، و هي تتميّز بخصائص معيّنة منها:
-
أنّها تصل إلى جمهور كبير من مختلف الفئات.
-
تُنشر دوريّا بصفة يوميّة.
-
تغطّي مساحة جغرافيّة كبيرة في داخل الوطن.
-
هي سياسة رخيصة التّكاليف إذا قيست بمدى انتشارها.
و لكن يجب أن يُؤخذ في الاعتبار أنّ قارئها يحتفظ بها لوقت قصير و لا يتعدّى اليوم الّذي صدرت فيه.
و موقف الأزمة كثيرا ما يؤدّي إلى دوافع صراع في العلاقات بين الصّحفيّين و مسئولي الاتّصالات أو العلاقات العامّة ، فإذا ما سعى هؤلاء من أجل التّقليل من الآثار السّلبية، فإنّ الصّحفيّين يسعون هم أيضا من أجل إجراء سبق صحفي منافس من أجل إحداث قصص إخباريّة مثيرة ، لذا كان لزاما على المنظّمات أن تكون درجة استجابتها في نقلها للأخبار بنفس سرعة الصّحفيين أو أكثر سرعة من أجل الحفاظ على صورتها.
و يمكن للمنظّمة استخدام عدّة وسائل للاتّصال بالصّحافة منها :
-
النّشرات الصّحفيّة.
-
المؤتمرات الصّحفيّة.
-
الإعلان.
إنّ الإعلان في فترة الأزمة له خصوصيّاته ، و هي تتمثّل فيما يلي:
-
خاصيّة الوقت: فالإعلان يستدعي السّرعة، و قابليّة الاستجابة السّريعة، إذ يمكن أن يُدرَك في مهلة زمنيّة وجيزة و يمسّ جمهورا كبيرا.
_
خاصيّة التّماسك: حيث أنّ الإعلان يضمن استمراريّة الرّسالة مع القدرة على المراقبة، فهو يسمح بإصدار رسالة معدّة مسبقا بدون مخاطرة التّشويه، و مراقبتها تسمح بالتّحقّق من المحتوى.
-
خاصيّة الاستيلاء على الرّأي العام : فالإعلان يسعى للفوز بقلب الرّأي العام .
2/-
التّلفزيون:
تهيمن النّشرة المتلفزة على الرّأي العام ، و تكون الكلمات في هذه الوسيلة أقلّ أهميّة بالنّظر إلى الصّورة ، كما أنّه لا يتمّ الإثبات و التّوضيح بل عرض المعلومات فقط ، لذا فعلى المنظّمة استعمال هذه الوسيلة من أجل الحدّ من جانبها السّلبي هذا.
إذن فعلى المنظّمة إمداد التّلفزيون بمعلومات وصور لتطوّر الأحداث مع التّركيز على إصلاح و تقليل نتائج الحدث على المتأثّرين به ، و ذلك حتّى تتوقّف تلك الوسائل عن نشر المعلومات و الصّور الأولى للأزمة ، و الّتي تكون في العادة أسوأ ما تمّ التقاطه من صور ، و هنا يفضّل التّركيز على وجود المسئولين في موقع الحادث و في الحقیقة فإنّ هذه الوسيلة يتمّ استعمالها عند حدوث أزمات خطيرة تهيمن بدرجة كبيرة على الرّأي العام.
3/-
الإذاعة:
أصبحت الإذاعة في عصرنا الحديث من أهمّ وسائل الاتّصال إلى جانب التّلفزيون، فما زال للبرامج الإذاعيّة دور كبير في حياتنا اليوميّة.
و تُعتبر هذه الوسيلة وسيلة اتّصال جيّدة في حالة الأزمة، لأنّ لها خاصيّة التّنظيم و التّكرار للأخبار بصفة أحسن من التّلفزيون و الصّحف. لذا ففي حالة الأزمة يمكن إمداد الإذاعة بتسجيلات صوتيّة للمتحدّث الرّسمي باسم المنظّمة .
4/-
الانترنت:
تسمح الانترنت بإبقاء ملفّ الأزمة الّذي تعدّه المنظّمة و تنشره على موقع خاصّ بذلك- على المدى الطّويل - فهي تمنح مجالا غير محدود من أجل وضع المعلومات المفصّلة، و تسمح بالاستعمال المباشر، و لكنّها لا تمسّ عددا كبيرا من الجمهور.
المبحث الرابع: مستويات إدارة الأزمة وأساليب مواجهتها:
تتعدد مستويات إدارة الأزمات وفقا لحجم الأزمة وأبعادها، ويتبع هذا التعدد بطبيعة الحال اختلاف المستويات التي تتعامل مع الأزمة.
المطلب الأول:مستويات إدارة الأزمة
أولا: المستوى الرئاسي لإدارة الأزمة:
وهو المستوى الذي يتولى وضع الإستراتيجية العامة للدولة، وتحديد سياستها الحالية والمستقبلية، وينبع هذا المستوى من رؤساء الدول، ورؤساء الحكومات داخل الدول وبالتالي فان نوع الأزمات التي يتعاملون معها هي تلك التي تمثل خطرا دوليا أو كارثة تهدد المصالح القومية للدولة، أو حروبا قد تنشا بين دولتين أو أكثر.
وتعتبر إدارة الأزمة-هنا- في أعلى مستوى لها، وتشتد حدتها ويكون التعامل مع أزمات هذا النوع بقدر كبير من الحيطة والحذر لما له من مردودات سلبية قد تنعكس على مصالح البلاد وسلامتها.
ثانيا: المستوى القومي لإدارة الأزمة:
وهو المستوى الذي يتعامل مع الأحداث التي تهدد الأمن القومي، أو تلك التي قد تصيب الكيان الاجتماعي للدولة بخلل يهدد أمنه، ويهدد سلامته، ومصادر الخطر التي يتعامل معها هذا المستوى قد تكون داخلية من الدولة ذاتها، وقد تكون خارجية تهدف إلى زعزعة النظام الأمني وتهدف إلى تقويض دعائمه، ولا اختلاف في التعامل مع الأزمة بين ما إذا كان الخطر داخليا أو خارجيا، فالعبرة هنا بالنتيجة، ويتولى المعنية بالأزمة مثل الوزراء أو من ينوب عنهم.
ثالثا: المستوى المحلي لإدارة الأزمة:
هو اقل مستويات الأزمة خطورة لان نطاقه المكاني ينحصر في احد أقاليم الدولة، أو إحدى منشاتها العامة أو الخاصة، وقد يريفع منحنى الأزمة في هذا المستوى ليصل من الخطورة بمكان يهدد الأمن القومي والصحة العامة في الدولة بأسرها.
المطلب الثاني: أساليب مواجهة الأزمة.
تتعدد أساليب معالجة الأزمة، ويختلف أسلوب التعامل مع الأزمة باختلاف المواقف واختلاف السياسة والإمكانات، وكذلك ظروف الأزمة، وعلى كل حال فهناك ثلاثة أساليب عامة للتعامل مع الأزمات وهي:
-
أسلوب التساوم القهري(الضاغط)
-
أسلوب التساوم التوفيقي
-
أسلوب التساوم الاقناعي
وقد يبدو-من حيث الظاهرة- أن هذه الأساليب ليس بينها ارتباط، وكل منها يواجه ظروف الأزمة بعينها ولكن الواقع غير ذلك، فأساليب الأزمات، هي بمثابة أدوات، للتعامل مع الأزمات، كل بحسب ظروفها، وقد تتدرج هذه الأساليب وتبدأ بالأسلوب الاقناعي وتنتهي بالأسلوب التوفيقي، وعلى العكس قد يبدأ التعامل مع الأزمة بالأسلوب الإكراهي أو القهري، أو يبدأ التعامل مع الأزمة بالأسلوب التوفيقي أو ينتهي بالأسلوب القهري أو العكس.
أيا كان الأمر، فان أساليب التعامل مع الأزمة وان تباينت فيما بينها، من حيث تأثيرها في التعامل مع الأزمة، كل بحسب ظروفها، إلا أنها قد تتكامل فيما بينها إذا اقتضت الظروف والأوضاع ذلك.
وغني عن البيان، إن أساليب إدارة أو مواجهة الأزمات ليست واردة تحت حصر، ولكن الأساليب المتقدمة، لا تعدو أن تكون أساليب عامة للتعامل مع الأزمات ونتناول هذه الأساليب على الوجه الآتي:
1-
أسلوب التساوم الإكراهي (القهري):
ويقصد به استخدام القوة لإجبار الخصم على التراجع عن موقفه ويتضمن هذا الأسلوب عدم الرضوخ لمطالب الخصم مهما كان حجم التهديد، ولذلك فهو يعتمد على قدرة الأجهزة الأمنية على تحمل الخسائر وإيقاع العقاب الرادع على الخصم.
وقد يبدأ هذا الأسلوب بمجموعة من التصريحات والأفعال التي تقوم بها الدولة بهدف إظهار الحزم تجاه الطرف الآخر من خلال التهديد باستخدام القوة، ويجب عند إتباع الأسلوب توفير قدر من المرونة على مستوى التصريحات، وان يكون استخدامه في حدود محسوبة إلا إذا امتد أثره عكسيا على الطرف الآخر.
2-
أسلوب التساوم التوفيقي:
ويعتمد هذا الأسلوب على التفاوض أساسا لحل الأزمة، والأصل أن المفاوضة والمساومة هي الاستعداد للتنازل عن بعض المواقف مقابل تنازل الخصم عن بعض مطالبه، ويستخدم هذا الأسلوب في الحالات الآتية:
أ‌- إذا كانت تكلفة تصعيد الأزمة اكبر مما تتحمله إمكانية الدول.
ب‌- عند حدوث تغيرات في المجال الداخلي والخارجي تجعل استمرار تصعيد الأزمة أمرا غير مرغوب.
ت‌- عندما تفشل الدولة في تحقيق أهدافها من خلال تصعيد الأزمة.
3-
أسلوب التساوم الاقناعي( التنازلي):
ويعني الرضوخ إلى مطالب الخصم في سبيل إنهاء الأزمة وتحمل كافة خسائر المرتبة على ذلك:


الفرع الأول: تقويم أساليب مواجهة الأزمة:
إن الاقتصار على استخدام أسلوب واحد لإدارة الأزمة لا يحقق الأهداف المرجوة، حيث أن استخدام الأسلوب الإكراهي وحده قد يؤدي إلى قيام الطرف الآخر بالتعنت مما يؤدي إلى تصعيد الأزمة.
كما أن إتباع التساوم التوفيقي وحده قد يؤدي إلى تقديم سلسلة من التنازلات التي قد تصل إلى حد الإضرار بمصالح الدولة، ولذا يجب على القيادة التي تتعامل مع إدارة الأزمة الجمع بين الأسلوبين بشكل متناسق وهو ما يعرف بالتساوم الاقناعي.
إن موقف القيادة في عملية التفاوض في تسوية الأزمة غالبا ما يكون إذا سبقه أو صاحبه شكل من أشكال التساوم الإكراهي (استعراض القوة) مع استخدام شكل تساوم توفيقي يساعد إلى حد كبير على سرعة معالجة الأزمة.
المطلب الثالث: أدوات ووسائل إدارة الأزمة.
تتعدد أدوات ووسائل إدارة الأزمة، وهي ليست جميعها من ذات طبيعة واحدة، وهي تطبق سواء على الأزمات الداخلية أو الخارجية بحسب الأحوال، وتتنوع بين وسائل الدبلوماسية القوة العسكرية، والتعاملات الاقتصادية، والجاسوسية واعملا المخابرات، وأخيرا الحرب النفسية.
أولا-الدبلوماسية:
تعد الدبلوماسية من أهم أدوات إدارة الأزمة وأهمها بلا شك في وقت السلم، وإذا كان هدف الدبلوماسية هو انجاز المصالح في مجال العلاقات الدولية من خلال التفاوض والتفاهم، إلا أنها لا تستطيع وحدها أن تقوم بدورها دون أن تساندها عوامل القوة العسكرية.
ثانيا- القوة العسكرية:
إن الدبلوماسية كأحد أدوات الإدارة لا تعمل على استقلال عن غيرها من الأدوات وأهمها الإدارة العسكرية ممثلة في القوات المسلحة للدول في حالة الأزمات الدولية أو أزمات الإرهاب الدولية من ناحية أو بمساعدة قات الشرطة المحلية في حالة أزمات الداخل من ناحية أخرى.
ثالثا- التعاملات الاقتصادية:
تعتبر المساعدات الاقتصادية احد العناصر الهامة في العلاقات الدولية وأداة من أدوات إدارة الأزمات، فإذا ما تم منحها فهي إدارة ترغيب، وإذا تقرر قفلها أو إيقافها فهي أداة للترهيب.
وتعتبر من أهم الأدوات الاقتصادية التي تستخدمها الدول في إدارة الأزمات هي، المقاطعة الاقتصادية، طرد العمالة أو الرعايا من دول أخرى، تجميد الديوان أو المطالبة بها وغيرها.
رابعا- الجاسوسية وأعمال المخابرات:
تقوم أجهزة المخابرات بدور هام وفعال في إدارة الأزمات تحت ستار من السرية، فهي تؤدي عملها في المجالات التي يصعب تحقيقها عن طريق باقي الأدوات ويشمل هذا الدور على سبيل المثال لا الحصر النشاطات التالية:
-
التخريب أو التدمير لأهداف ومنشات حيوية على الجانب المضاد.
-
إضعاف قدرات الطرف المضاد اقتصاديا ومعنويا وعسكريا.
-
التأثير على الاتجاهات أو التيارات المعارضة داخل الدولة بغرض تحريكها إما ضد الدولة ذاتها أو لصالح الدولة التي ينتمي إليها جهاز المخابرات وغيرها.

خامسا-الحرب النفسية والدعائية:
فرضت الحرب النفسية والدعائية ذاتها –نتيجة للتطوير التكنولوجي الهائل في وسائل الاتصال وأجهزة الإعلام- كأداة من أدوات إدارة الأزمة وذاك من خلال الإذاعات و الصحف ووكالات الأنباء التي أصبح لها دور كبير ومؤثر على إرادة وإدراك الآخرين.
وتعمل الحرب النفسية والدعائية في تنسيق كامل مع باقي أدوات إدارة الأزمة، فالدعاية قد تسبق العمل العسكري الذي تنوي الدول القيام به، بالتمهيد له بين الأوساط الدولية وإضفاء الشرعية عليه وقد تصاحب العمل الدبلوماسي أو الاقتصادي لتنفيذ سياسة إثارة الجبهة الداخلية للجانب المضاد،أو تكثيف الحملات الإعلانية لتوجيه الرأي العام لتأييد موقف ما أو محاولة التشكيك فيه.


المطلب الرابع: وحدة إدارة الأزمات:
تتكون وحدة إدارة الأزمات بشكل أساسي من مجموعة من الإداريين كوحدة إدارية، وتمثل جزءا من الهيكل التنظيمي للكيان الإداري، (دولة أو نشأة أو أي وحدة أخرى) وتتولى هذه الوحدة المهام التالية:
التخطيط:
أي التحديد المسبق لما يجب عمله، وكيفية القيام به ومتى ومن سيقوم به، فضلا عن القيام بعملية التحليل الاستراتيجي التي تتضمن تحليل عناصر البيئة الداخلية والخارجية للكيان الإداري ووضع التصورات عن الأوضاع المستقبلية، وتوقع الأحداث والإعداد لها، ورسم السيناريوهات المختلفة لها.
التنظيم والتنسيق والتوجيه:
للجهود المختلفة التي تبذل للتعامل مع الأزمة في مراحلها المختلفة، ويتضمن ذلك تحديد الأشخاص أو الفريق الذي يناط به التعامل مع الأزمة عند حدوثها، والمهام والأنشطة التي يقومون بها، ومن الذي سيساعدهم، وأما من سيكونون مسؤولين، والسبل المحددة للاتصال، وغيرها من الأمور المتعلقة بهذا الجانب من مكونات العملية الإدارية.
المتابعة والمراقبة:
على الأنشطة التي تقوم بها الوحدة المختصة بإدارة الأزمات ومتابعة الفريق الذي يتعامل مع الأزمة.
§ اتخاذ القرارات الإستراتيجية.
§ تعيين واختيار فريق التعامل مع الأزمة.
§ العمل على تجنيب الكيان الإداري سلبيات الأزمات التي قد تواجهه، والاستفادة من ايجابياتها، ومنع تكرار حدوثها.
§ توفير غرفة عمليات لإدارة الأزمة عند حدوثها، تتوافر فيها خصائص معينة، مثل التجهيز بوسائل الاتصال للازمة الفعالة، وان تكون مريحة وصالحة لاستيعاب أعضاء الفريق المختص.
§ توفير قاعدة معلومات متكاملة، يتم تحديثها أولا بأول، ويمكن استخدامها والاستفادة بها فور حدوث الأزمة.
فالتشكيل الإداري لإدارة الأزمات هو تشكيل هام للغاية، ويتكون من مدير وحدة إدارة الأزمة ومساعديه، وقد يرأس هذه الوحدة متخذ القرار أو شخصية تنفيذية أخرى بشرط أن يتوافر لديها الولاء والانتماء لهذا الكيان الإداري.
المبحث الخامس:إدارة ما بعد الأزمة
إنّ انتهاء الأزمة لا يعني انتهاء مهمّة إدارة الأزمات في المنظّمة ، إذ أنّ هناك دورا آخرا جدّ أساسيّ لإدارة الأزمات ألا و هو محاولة التّعلم من الأزمة الّتي مرّت بها المنظّمة ، و تُعتبر هذه المرحلة جدّ هامّة من أجل تحسين قدراتها في الوقاية و الاستعداد لأزمات مماثلة .كما يمكن للمنظّمة أن تزيد من إمكانيّات تعلّمها بمستويات مختلفة ، ومن مصادر متعدّدة أيضا.
و لتوضيح ما سبق نتعرض بالدراسة إلى ماهية التّعلّم من الأزمات و مستويات التّعلّم من الأزمات و مصادره.
المطلب الأول: ماهية التّعلّم من الأزمات
إنّ التّعلم من الأزمات يستدعي من المنظّمة القيام بتقييم تجربتها في إدارة الأزمة الّتي مرّت بها و استخلاص مختلف الدّروس المستفادة منها ، و للتّعرف على كيفيّة ذلك نتطرق إلى مفهوم التّعلّم من الأزمات ثم كيفيّة التّعلّم من الأزمات .
أ‌- مفهوم التّعلّم من الأزمات
لقد أصبحت المعرفة قوّة إستراتيجية كبيرة ، إذ تُعتبر أساس القدرة في عمليّة خلق المنتجات الجديدة و تحسين المنتجات الحاليّة ، كما أنّها أساس القدرة في الوصول إلى مستويات عالية من النّوعيّة إنّ المعارف لا يمكن تحقيقها إلا بتوفّر بنية تنظيميّة توفّر مناخا تنظيميّا يشجّع على التّعلم و اكتساب المزيد من المعرفة تساهم في إثراء ذاكرة المنظّمة، و بالتّالي على. المنظّمة أن تُحسِّن من قدراتها و مهاراتها و ذلك بالتّعلم من تجاربها الخاصّة في العمل إذن فالتّعلم هو مطلب أساسيّ على المنظّمات و هو الوسيلة الوحيدة من أجل اكتساب المعرفة و بالتّالي تطوير أداء المنظّمة و تحسين قدراتها و مهاراتها،فكما تستثمر المنظّمة مواردها الملموسة فإن عليها أن تستثمر كلّ ما قد يحدث لها من تجارب من أجل الحصول على ربح معرفيّ تستعمله في تحسين أدائها و كلّ هذا يكون بواسطة "التّعلّم" . و يُعرّف التّعلّم بأنّه عبارة عن: " تغيّرات متراكمة في السّلوك تحدث مع تكرار تعرّض الفرد لمواقف أو تجارب إنسانيّة ويُعرّف أيضا بأنهّ ذلك:" التّغير الدّائم نسبيّا في السّلوك و النّاتج عن تدعيم الخبرات و الممارسات السّابقة و التّعلّم بصفة مختصرة ھو " اكتساب الخبرات ".
و يشترط لحدوث التّعلّم وجود مثير خارجي،إدراك المثير ، توافر الرّغبة للحصول على المنافع الّتي يعد بها السّلوك الجديد ، أو تجنّب المخاطر المصاحبة للاستمرار على السّلوك القديم كما أنّ للتّعلّم عدّة نظريّات من بينها " نظريّة التّعلم بالمحاولة و الخطأ " حيث تُبيّن هذه النّظرية أنّه يمكن التّعلّم من الأخطاء الّتي نقع فيها ، و يعني هذا أنّنا لكي نصل إلى نتائج معيّنة فإنّنا نحاول القيام بسلوك يؤدّي إلى هذه النّتيجة ، إلاّ أنّنا قد نخطئ في ھذا السّلوك لأنّه لن يؤدّي إلى النّتيجة المرجوّة .ھذا الخطأ يعني أن نستبعد هذا السّلوك في المرّة القادمة ، و نحاول استخدام سلوك آخر ، فإذا أدّى هذا السّلوك الآخر إلى النّتائج المرجوّة فإنّنا نقوم بتكراره و القيام بتثبيته في المرّات القادمة و لمّا كان التّعلّم يلعب دورا مهمّا في تعزيز قدرة المنظّمة على التّكيّف و مساعدتها على التّأقلم مع البيئة الّتي تحيط بها لتحافظ على وجودها و يمكن لبعض الأزمات أن تكون واحدة من بين الأخطاء الّتي تقع فيها المنظّمة ، كما يمكن أن تجد هذه الأخيرة أخطاء في كيفيّة إدارتها للأزمة ، لذا فإنّ تعلّم المنظّمة من الأزمات الّتي تقع فيها و كذا من كيفيّة مواجهتها لها سيتيح لها فرصة أكثر لمنع حدوث أزمات مشابهة لها ، أو الاستعداد بطريقة أحسن و بالتّالي مواجهتها مواجهة فعّالة تخلو من الأخطاء الّتي وقعت فيها في المرّة الماضية .
و بالتّالي فقد أصبح من الغالب في الفكر الأزموي أنّ مرحلة التّعلم هي من أهمّ مراحل إدارة الأزمات ، و هي مرحلة مستمرّة و متداخلة مع مراحل إدارة الأزمات الأخرى، و مرحلة التّعلم هي مرحلة طبيعيّة في الممارسات الإنسانيّة و الاجتماعيّة، فالإنسان يتعلّم من التّجربة ، إلاّ أنّ هذا النّوع من التّعلم التّلقائي لا يكفي، بل يجب أن يكون هذا التعلم منهجيّا و مبنيّا على المعلومات و الأحداث و السّلوكيّات و استخلاص الدّروس المستفادة من التّجارب و الممارسات . و فيما يتعلّق بالأزمة فإنّ مرحلة التّعلّم مبنيّة على المعلومات المرتدّة إلى المنظّمة ،لدراستها و استخلاص الدّروس منها لتحسين الأداء الأزموي في المستقبل.


ب‌- كيفيّة التّعلّم من الأزمات
تتمثّل كيفيّة التّعلّم من الأزمات في تقييم تجربة الأزمة بعد انتهائها، و يتطلّب ذلك طاقة و قدرة متكافئة مع ما يجب عمله في المراحل الأخرى لإدارة الأزمات. فعندما تنتهي الأزمة يحين الوقت لمعرفة كيف تمّ التّحكم بالأزمة و مدى نجاح خطّة إدارة الأزمات طوال الأزمة ، كما يجب معرفة الإجراءات المتّخذة و الخطوات المقرّرة و تأثيرها على الأزمة و يرى "كریستوف روكس – دوفور'' أنّ هناك خمس ( 5) أسئلة
يتمّ طرحها بعد انتهاء الأزمة من أجل تقييم التّجربة و هي كالتّالي:
1/-
لا يتم طرح أيّ سؤال
لأنّه سوى أنّه يتمّ اعتبار الأزمة عديمة الأهميّة حتّى تحمل دروسا حقيقيّة ، أو أنّها استثنائيّة جدّا أي لا يمكن حدوثها مرّة أخرى في المنظّمة ، و هنا نرى أنّ هناك إمكانيّة عدم ضرورة التّعلّم من بعض الأزمات و لكن يكون هذا في حالات نادرة جدّا .
2/-
السّؤال عن الكيفيّة الّتي أديرت بها الأزمة
و هنا ننظر إلى الأفعال التّصحيحيّة الّتي يجب القيام بها لإدارة الأزمة بصفة أحسن إن وقعت مرّة أخرى .
3/-
السّؤال عن الكيفيّة الّتي أديرت بها الأزمة في وقت عاجل
حيث يتمّ هنا معرفة كيف تمّ الانتقال من وضع عادي أو متضرّر نوعا ما. في الأسئلة التي سبقت تمّ اعتبار الأزمة كحادثة و يتمّ بعد ذلك الانتقال إلى مستوى آخر من الأسئلة أكثر تعقيدا و ذلك باعتبار أنّ الأزمة ناتجة عن مجموعة من الإختلالات.
4/-
السّؤال حول أسباب الحادثة المفجّرة
حيث أنّ هناك عددا من الاختلالات تبلورت إلى حادثة لذا يجب معرفة ما يجب فعله لاكتشاف هذه الاختلالات و ذلك لتجنّب الثّغرات الموجودة و الّتي يمكن أن تتحوّل إلى أزمة فيما بعد.

5/-
السّؤال حول الدّروس الّتي يمكن استخلاصها من الأزمة
و ذلك لأنّه يمكن للأزمة أن تمنح نظرة جديدة للتّسيير في المنظّمة. إضافة إلى هذه الأسئلة هناك أسئلة محتملة أخرى يجب على المنظّمة طرحها خلال تقييم تجربة الأزمة الّتي مرّت بها و هي:
-
هل قمنا بالرّد على الأزمة الّتي واجهتنا مباشرة و بصفة فعّالة؟
-
ما هي الموارد الموجودة داخل المنظّمة و الّتي قمنا باستغلالها بفعّاليّة ؟ و ما هي الأقسام أو المديرين الّذين تمّ توظيفهم على نحو ملائم؟
-
من هو العضو الفعّال في فريق إدارة الأزمات خلال الأزمة، و لماذا ؟ و هل يحتاج هذا العضو إلى تدعيم أكثر ؟
-
أين نجحنا و أين عجزنا؟
و اتّصالات الأزمة باعتبارها جزءا مهمّا من إدارة الأزمات تحتاج أيضا إلى التّقييم ، فالتّقييم هو المرحلة الأخيرة من مراحل أنشطة العلاقات العامّة أيضا، و الّتي تبدأ بإجراء البحوث و إعداد الخطط و وضع البرامج و تنفيذها و تنتهي بمرحلة التّقييم ، ويمكن إيجاز مجالات التّقيم فيما يلي:
-
التّوصّل إلى مدى تحقيق برامج العلاقات العامّة لأهدافها الموضوعة إذ تجري مقارنة النّتائج الفعلية للبرامج بعد تنفيذها مع الأهداف الموضوعة.
-
مقارنة الفوائد المتحصّلة بعد تنفيذ برامج العلاقات العامّة مع تكاليف هذا التّنفيذ.
-
التّعرّف على نقاط القوّة و الضّعف في البرامج.
-
التأكّد من قيام العلاقات العامّة بالتّنفيذ بالأسس العلمية و الموضوعيّة للعلاقات العامة.
-
التأكّد من تعاون الدّوائر الأخرى مع دائرة العلاقات العامّة أثناء تنفيذها للبرامج.
-
التأكّد من استجابة الجماهير بمختلف أشكالها لبرامج العلاقات العامّة، و من الضّروري أن تتوفّر لرجل العلاقات العامّة المعلومات الكافية عن نتائج تقييم البرامج، فكلّما كانت هذه المعلومات أكثر دقّة و أكثر شمولا كلّما كان لها أثر إيجابي على دقّة و رشد قرارات التّخطيط للمستقبل.
و تقوم العلاقات العامّة بتقييم نشاطها و أدائها عند مختلف مراحل الأزمة، بدءا بتقييم الخطط و السّيناريوهات ، مرورا بتقييم درجة التّأثير على جماهير المنظّمة و كسب تأييدها أثناء الأزمة ، و أداء خطط الاتّصالات و التّعامل مع الإعلام قياسا بالأهداف المحدّدة لاحتواء الأزمة، و أيضا تقييم الخطط البديلة الّتي قد تحتاجها عمليّة المجابهة ، وصولا إلى تقييم شامل للأزمة و مخلّفاتها و أداء إدارة الأزمة و الدّروس الّتي يمكن استخلاصها من الأزمة.
و يجب على العلاقات العامّة أن تُجري تحليلا شاملا عن مدى تحقيق الأهداف المطلوبة من عملية الاتّصالات الّتي تمّت أثناء الأزمة مع جماهير المنظّمة، وهذه بعض الأسئلة الّتي يمكن طرحها عن تقييم الأداء في مجال الاتّصالات أثناء الأزمة:
-
كيف علِم الناس لأوّل مرّة بالأزمة ؟
-
كيف استجابت المنظّمة للأزمة عن طريق الاتّصالات ؟
-
هل نقلت الرّسالة إلى الأطراف المعنيّة بطريقة صحيحة ؟
-
هل هناك أطراف شعرت بالإهانة لأنّها خارج دائرة الاتّصال ؟ أو لم يكن بالإمكان الاتّصال بها ؟
-
ما هي الرّسائل الّتي كانت أكثر فعّاليّة في تلطيف حدّة الأزمة؟
-
ما هي أقلّ الرّسائل فعّالية؟
-
كيف كان الحوار مع الأطراف المعنيّة؟
إنّ الإجابة على الأسئلة السّابقة و ما في حكمها تُعدّ في غاية الأهميّة من حيث استخلاص الدّروس المستفادة من أجل تلافي ما قد وقع من أخطاء و تعزيز ما كان صوابا.
وبعد زوال الأزمة هناك سؤال هامّ يجب أن تجيب عليه العلاقات العامّة و هو : إلى أيّ مدى تشوّهت سمعة المنظّمة من جرّاء الأزمة أمام الجمهور و الرّأي العام ؟
لمعرفة مدى فعّاليتها في مواجهة الأزمة الّتي مرّت بها ، و تتطلّب هذه العمليّة عددا من الإجراءات من
بينها ما يلي :
-
استقصاء رأي الجمهور الدّاخلي بالمنظّمة :
و بالأخصّ الموظّفون ، حيث تقوم المنظّمة باستقصائهم بهدف محاولة التّعرّف على رأيهم حول الإجراءات الّتي اتُّبِعت في إدارة الأزمة ، و كذا الاستفهام حول النّقائص الموجودة بها .
-
استقصاء رأي الجماهير المعنيّة خاصّة الجماهير الخارجيّة الرّئيسيّة منها:
حيث تقوم المنظّمة بأخذ رأي كل واحد له علاقة بالمنظّمة من الخارج ، مما يسمح بأخذ صورة عن وجهة نظرهم و اقتراحاته فيما يخصّ التّعديلات التي يجب إدخالها على الخطّة ،و خاصّة فيما يتعلق باتّصالات الأزمة.
-
استقصاء رأي وسائل الإعلام :
لمعرفة رأي المسؤولين فيها عن طرق و أساليب إبلاغهم بالأزمة ، و مدى وفرة المعلومات الّتي طلبوها ، و أيّ مشاكل قد حدثت ...إلخ ، و هذا من أجل معرفة مدى نجاح إجراءات الاتّصال مع وسائل الإعلام.
-
تقييم أسلوب إدارة الأزمة ذاته:
في مقابل الأساليب التي استخدمت من قبل ، أو تلك الّتي استخدمتها منظّمات أخرى ، و استقصاء رأي الخبراء و أساتذة الجامعات و غيرهم و هذا من أجل معر فة مدى تحسّن أداء المنظّمة في إدارة الأزمة ، و كذا معرفة مستواها في ذلك بالمقارنة مع المنظّمات الأخرى ، و البحث عن كيفيّة الوصول إلى مستوى أعلى من ذلك بإجراء التّعديلات اللاّزمة.

-
تعديل الخطّة في ضوء التّقييم الّذي تمّ إنجازه:
و هذا إذا تطلّب الأمر ذلك، و إعداد نموذج دراسي في شكل تقرير مكتوب يُمكِّن المنظّمة من الاستفادة منه أو أيّ جهة أخرى.
إضافة إلى أنّ التّقييم يعمل على إجراء التّعديلات على خطّة إدارة الأزمات فإنّه يعمل على إجراء تعديلات على بعض المجالات في المنظّمة من أجل الوقاية من حدوث أزمة مشابهة مرّة أخرى. وحسب ''كريستوف روكس-دوفور'' تتمثّل أهمّ المجالات الّتي يتمّ إجراء تعديلات فيها بعد عمليّة التّقييم و بعد استخلاص الدّروس من الأزمة الّتي حدثت فيما يلي :
-
المجال التّقني:
إنّ التّعلّم من الأزمات في المجال التّقني يظهر من خلال تحليل الوقائع ، الحوادث أو شبه الحوادث من أجل تطوير إجراءات الوقاية من حوادث أزمات ناتجة عنها ، و كذا الإجراءات و الوسائل المستعملة لالتقاط إشارات الإنذار المبكّر للأزمات المحتملة.
-
المجال الاجتماعي و الإنساني:
مرحلة التّعلّم بالنّسبة للمجال الاجتماعي و الإنساني يقود إلى الاستفهام حول الإطار المرجعي الثّقافي للمنظّمة من ناحية الأزمات ،و يقترح بعض الكُتّاب تشخيص الوقائع و الحوادث من الزّاوية البشريّة من أجل فهم جيّد لدور الإنسان في وقوع مثل هذه الوقائع والحوادث الّتي يمكن أن تتطوّر إلى أزمة ، و بالتّالي إدراكه لأهميّة إتباع إجراءات الوقاية و تنفيذها بكلّ صرامة .
-
مجال المعلومات :
التّعلّم في مجال المعلومات يظهر على نظم المعلومات في المنظّمة ، حيث تُعتبر نظم المعلومات وسيلة جيّدة لتحليل الأزمات و كذا الوقائع و الحوادث، ممّا يسمح بمعالجة منهجيّة لهذا الظّرف ، و ذلك بفضل وضع قواعد بيانات متعلّقة بالأزمات ، الحوادث أو شبه الحوادث الّتي وقعت بها المنظّمة. إضافة إلى إجراءات التّقييم هناك إجراء آخر يتمثّل في الاعتراف و التّقدير لجهود الّذين تعاونوا في مواجهة الأزمة من كل الأطراف المعنيّة و تقديم الشّكر لهم و مكافأتهم يعتبر هذا الإجراء إجراء تحفيزيّا يشجّع و يدعّم كلّ من له علاقة بالمنظّمة من أجل استعداد أكثر مواجهة الأزمات المقبلة .
المطلب الثاني: مستويات التّعلّم من الأزمات و مصادره
توجد عدّة مستويات للتّعلّم من الأزمات في المنظّمة، كما أنّ هناك مصادر متعدّدة يمكن لها أن تتعلّم منها لمواجهة الأزمات الّتي قد تتعرّض لها، و سنوضّح ذلك من خلال التعرض إلى مستويات التّعلّم من الأزمات ثم مصادر التّعلّم من الأزمات.
أ‌- مستويات التّعلّم من الأزمات
هناك ثلاث مستويات للتّعلّم التّنظيمي تتمثّل فيما يلي :
-
التّعلم في المستوى الأوّل .
-
التّعلم في المستوى الثّاني.
-
التّعلم في المستوى الثّالث.
1/-
التّعلّم في المستوى الأوّل
-
مفهوم التّعلّم من الأزمات في المستوى الأوّل
و الفكرة العامّة في هذا المستوى من التّعلم تتمثّل في الإظهار بأنّ المنظّمة يمكن لها أن تتعلّم بدون تغيير جوهري في إطار نشاطاتها و لا في معتقداتها .و قد عرّف "باتسون'' سنة 1972هذا المستوى من التّعلم كتحوّل في نوعيّة الاستجابة مع تصحيح الأخطاء ، أين يعمل الأفراد و المنظّمات على ممارساتهم البسيطة في حلّ المشاكل ، و البحث عن حلول قصيرة المدى تتكيّف مع الأهداف المحدّدة ، حيث يكون أهمّ شيء هو الحفاظ على الوضع الطّبيعي كلّ ذلك بالتّلاؤم مع المتغيّرات البيئيّة ،كما أنّ هذا المستوى من التّعلم لا يبرز فعليّا و لكنّه تقدّم عادي في سير أعمال المنظّمة.
و حسب "ستون و "أرقيريس " فإنّ هذا المستوى من التّعلّم يكتفي بتصحيح الأخطاء عن طريق تغيير الاستراتيجيّات التّنظيميّة و في وسط غير متغيّر للقيم و معايير الأداء ، كما أنّه يتعلّق بالعمليّات و يسعى للبلوغ بصفة أحسن إلى الأهداف الموضوعة مسبقا بالاستناد إلى فعّاليّة التّصرف و تحسين الأداء بمرور الوقت .إضافة إلى ذلك فإنّ التّعلّم في المستوى الأوّل يحاول الرّدّ مباشرة على المشكل دون الاستفهام بالضّرورة عن مصدره.
فيما يخص التّعلّم في المستوى الأوّل من الأزمات، فهو يقابل المدخل الظّرفي للأزمة ، إذ يركّز على الآثار الّتي تفرزها الأزمة و لا يبحث بصفة واسعة عن مصدرها أي الأسباب الّتي أدّت إلى حدوثها .
و في هذا المستوى من التّعلّم تعمل المنظّمة على التّعديل في الوسائل الموضوعة من أجل التّجنّب الجزئي لحدوث أزمة مماثلة ، و لكنّها لا تأخذ فعليّا بعين الاعتبار ظاهرة الأزمة و النّتيجة من التّعلّم في المستوى الأوّل هو العودة إلى الوضع الطّبيعي ووضع إجراءات قصيرة المدى للتّخفيف من النّقائص الموجودة و الّتي كان جليّا بأنّها مصدر للأزمة بدون التّعمّق في البحث عن المصدر الأساسي الّذي سبّب الأزمة .
في التّعلّم في المستوى الأوّل الأزمة تعتبر كحادثة مخلّة و استثنائيّة ، و التّعلّم منها هو بديل لوضعيّة الضّغط الّذي تفرزه و ليس نتيجة لإرادة التّعلّم.
2/-
التّعلّم في المستوى الثّاني
-
مفهوم التّعلّم من الأزمات في المستوى الثّاني
إنّ التّعلّم الفعلي ينشأ عندما تعدّل و تغيّر المنظّمة أطرها المرجعيّة الأساسيّة و افتراضاتها في التّسيير ، و التّعلّم في المستوى الثّاني ينشأ عند حدوث ضغط كبير و قدر كبير من الاضطرابات الّتي تجبر المنظّمة على تغيير طرق التّفكير للرّد على ذلك. و حسب "سشون'' و "أرقيريس' فإنّ التّعلّم في هذا المستوى يعمل على تصحيح الأخطاء في الإدارة ككلّ ممّا يستدعي بحثا تنظيميّا معمّقا يقلب القيم و المعايير التّنظيميّة
أما التّعلم في المستوى الثّاني للأزمات فهو يركّز على آثار الأزمة إضافة إلى مصدرها أي الأسباب الّتي أدّت إليها.
في هذا المستوى من التّعلّم تستعمل المنظّمة الأزمة للتّفكير في بعض القيم الضّمنيّة أو بعض القواعد في إطارها المرجعي ، حيث يفكّر المسيّرون في الكيفيّة الّتي وضعت فيها الأزمة بعض قوالب التّفكير أو بعض المعتقدات الإداريّة التي تقود المنظّمة في طريق مسدود . و تستند التّحليلات على تعديل الإجراءات غير الملائمة و كذلك على إعادة توجيه أهداف المنظّمة ، كما يعمل المسيّرون على تعديل مدركاتهم و أفعالهم بإسنادهم إلى قيم جديدة و قوالب تحليل جديدة. و كلّ ذلك لاقتناعهم بأنّ أزمات أخرى يمكن أن تصيب منظّمتهم ، و النّتيجة من كل هذا هو زيادة فعّالية إجراءات الاستعداد في إدارة الأزمات لمنع و مواجهة الأزمات المحتملة .
3/-
التّعلّم في المستوى الثّالث
-
مفهوم التّعلّم من الأزمات في المستوى الثّالث
في هذا المستوى من التّعلّم يتمّ الارتقاء في أساليب التّفكير و كذا القيم، و يتمّ استفهام ا لمنظّمة عن هويّتها و المغزى من وجودها و بقائها . و بهذا الصّدد فإنّ الذّكاء يُعدّ مصدرا للإبداع و للأفكار و يضع بين قوسين المعرفة العاديّة للمنظّمة.إذن التّعلّم في هذا المستوى يستدعي إعادة تحديد و تعريف دقيق لهويّة المنظّمة، و الدّخول فيه يستدعي تحرير للطّاقات و القدرات الموجودة بها.
أما فيما يتعلّق بالتّعلّم في المستوى الثّالث من الأزمات فهو يتعلّق بإدراك و فهم ما تكنّه الأزمة ، أي فهم و إدراك لمعناها و ما تشير إليه في المنظّمة . إنّ الأزمة في المنظّمة تتحوّل إلى أزمة هويّة أو لأزمة وجود، فهي تأتي بتوضيح جديد للقيم و توسّع بصفة جذريّة مجالات ، الإدراك ، التّحليل ، قرار المسيّرين و المنظّمة بأجمعها و تُعتبر الأزمة في التّعلم في المستوى الثّالث كخاصيّة ملازمة للمنظّمات.
ب‌- مصادر التّعلّم من الأزمات
تعمل المنظّمات على محاولة الاستفادة من الأزمات الّتي مرّت بها ، باستخلاص الدّروس من تجاربها في الوقاية منها ، الاستعداد لها و كذا طريقة مواجهتها لها ، و محاولة إجراء بعض التّعديلات على طرق تسييرها لتحسين طرق منع و مواجهة الأزمات المتوقّعة .
إذن تعتبر الأزمات الّتي تمرّ بها المنظّمة مصدرا مهمّا للتّعلّم ، و ذلك عن طريق إعداد الملفّات الخاصّة الّتي تدرج فيها نتائج تقييم الأزمات الّتي حدثت و الدّروس المستفادة منها ، و في هذا الإطار يقول " كارانتلي'' غالبا ما تكون الملفّات المُنجزة بعد حدوث أزمة هادفة إلى أن تكون سوى إثباتات على ما تمّ فعله ، و لا يتم طرح الأخطاء و المشاكل الّتي حدثت ، و هذا غير ملائم ، فحتّى يتّم الاستفادة فعلا من الخبرات و حتّى يكون هناك فائدة حقيقيّة للتّعلم الّذي يجب أن يُنجَز بكل صرامة يجب طرح مختلف الاستفهامات ،للخروج بالنّتائج الأساسيّة الّتي تهدف إلى تحسين طرق إدارة الأزمات المحتملة .
إضافة إلى الأزمات الّتي تمرّ بها المنظّمة فإنّ هناك مصادر أخرى للتّعلم تتمثّل في :
-
أزمات في نفس القطاع. - شبه حوادث.
-
أزمات في قطاعات أخرى. - حوادث.
إضافة إلى هذه المصادر ا لّتي سبق ذكرها فإنّ هناك مصدرا آخرا ألا و هو التّدريب على سيناريوهات الأزمات المحتملة أو محاكاة سيناريوهات الأزمات المحتملة.
إنّ كلاّ من هذه المصادر يُسهم في تزويد المنظّمة بخبرات متعدّدة ، و ذلك بتكوين ملفّات لمختلف تجارب الأزمات و قواعد للمعرفة على كلّ ما يحدث داخل المنظّمة و خارجها ، و هذا ما يمنح للمنظّمة بعض الاطمئنان و الثّقة في حال حدوث أزمة بها و ذلك لتوفّر إجراءات التّصرّف .إذن هذه المصادر هي فرصة للمنظّمة لأخذ التجربة من أزمات لم تعشها.

المطلب الرابع :إدارة الأزمات والحلول
يرى شير مهورن (schermehorn) إن الأزمة الإدارية إنما هي مشكلة غير متوقعة قد تؤدي إلى كارثة إن لم يجر حلها بصورة سريعة.
وعرفها (اللوزي) بأنها كل موقف أو حدث يؤدي إلى إحداث تغيرات ايجابية وجادة في النتائج وهي حدث أو تراكم لمجموعة من، إحداث غير متوقع حدوثها تؤثر في نظام المؤسسة أو جزء منه وهي من الناحية العملية انقطاع عن العمل كليا أو جزئيا لمدة تطول أو تقصر لسبب معين يتبعها تأثر الكيان وتحوله.
إن العديد من الذين دخلوا في النزاعات كأطراف أو وسطاء لاحظوا أن هناك قواسم مشتركة في أكثرها، و لعل من يدخل في النزاع سيتقلب إلى الأسباب و الدوافع التي كانت من ورائها، وإذا درس الأسباب سيتطرق إلى طرق جيدة للحل أيضا.
و أصبحت هناك ضرورة لإعداد برامج متقدمة في عالمنا العربي للتعامل السليم والناجح مع الأزمات والكوارث، تركز على التدريب العملي المستمر لصقل مهارات الثروات البشرية وتنمية أدائها ورفع مستوى جاهزيتها.
1)
القواسم المشتركة:
1 –
إن العديد من الناس يتخوف من النزاع و يعده شكلا من أشكال الحرب و القتال مع الأخرين:
هذا التخوف من أهم الأسباب التي تتوفر في أكثر النزاعات لأن في الحرب ينقسم الأطراف عادة إلى قسمين، قسم منتصر و أخر مهزوم.
وفي أكثر الحروب يدوس الأطراف على المبادئ و القيم ويخرقوا القواعد الأخلاقية النبيلة من أجل كسب النصر.
2 –
تأجيج النزاع: في الغالب لا يوجد طرف واحد يتحمل مسؤولية تصعيد النزاع، كما أن محاولات التوفيق و المصالحة بين المصالح و الحاجات و الأهداف الكبرى يشكل منبعا أساسيا للأفكار الخلاقة و الحلول المبدعة و الإدارة القوية، وعليه فأن من الحكمة أن ننظر إلى الصراع نظرة ايجابية متفائلة إذا خططنا لتوجيه و استثماره بالشكل المطلوب.
2)
خطوات والحلول:
من الواضح أن التطور و النجاح يتوقف على الإدارة الحديدية وهي لا تنمو و تكبر ما لم تشدها الابتلاءات و المحن، الخطوات الناجحة في هذا الاتجاه سنجد أن هناك نحوين من الشعور ينتاب أطراف النزاع عادة :
الأول: يحثها إلى التواصل و التلاقي، و الحفاظ على بعض خيوط الربط مهما أمكن.
الثاني: شعور الرضا بعد الصلح يحثهما نحو الايجابية و التفاؤل و الأمل من جديد بعد أن عاشوا أجواء من القلق و الخوف .
صحيح أن تجنب أو تأجيل المناقشات في بعض المشكل و الأزمات و استيضاح جذورها و حلولها يوفر علينا في بعض الأحيان أعصابا و جهودا ،إلا أن مما يؤسف له أنه لا يصح الاعتماد عليه دائما لأن تجاوز الخلاف و تجنبه لا يحقق هدفه.
كما أن هناك استثناءات تميلها طبائع النزاعات و خصوصيات بعض الخصوم، فان بعض الخصوم لا يصح أن نكون معه واضحين من كل الجهات لأن هذا من شأنه أن يوفر له فرصة أكبر و أفضل لضربنا و التأثير بها، و البعض الأخر يعد ضعفا و هزيمة فيتمادى في العدوان و يجر النزاع إلى التصعيد أكثر إلا أن هذا ليس قاعدة عامة أيضا لذا فان من الحكمة أن ندرس جيدا طبيعة النزاع و أسبابه و خصوصيات أطرافه مع أخذ شرائط الزمان المكان والظروف العامة بنظر الاعتبار.
و لكن ينبغي أن ننسى أيضا بأنه لازال العديد من المدراء و القادة و الموجهين بل و الدول أيضا يعملون بحسن سمعتهم وقوة اعتبارهم و يتمتعون بدور فاعل في الأوساط واستطاعوا أن يحققوا ينفقوا مالا و لم يرفعوا سلاحا سوى سلاح الرؤية الحاذقة و السيرة الحسنة و الحكمة و التدبير.
-
الشجاعة و الوضوح:
لعل الكثير منا خاض في بعض مراحله تجارب إصلاحية قام فيها بإنهاء نزاع أو تخفيف حدته أن نجح في إصلاح بين طرفين متخاصمين، و إذا تتبعنا بعض لزوال المخاوف و الشوك بعد المصالحة.
-
ترك الأوهام:
الأوهام في كثير من الأحيان توقعنا في شراك الأخطاء الكبيرة و تدفعنا للمشي في طريق لا يستحق المشي، وبذلك نكون قد خسرنا ليس في أبعاد مختلفة و قد سلمنا الخصم فرصا كبيرة للأضرار بنا ن حيث لا نحتسب ن ونحتسب للأشياء حسابها و لكن بحجمها الواقي لا أكثر ولا أقل لأن الأوهام التي لا يتم تمحيصها و دراسة واقعها من خيالها و مقارنتها مع الواقع المدروس هي أيضا ستصبح بعد فترة بسيطة مخاوف و دواعي قلق كبيرة خارجة عن قدرتها و حكمتها، وبالتالي نفقد السيطرة عليها أو ضبطها كما نريد.
ما نجد أن المحادثات المفتوحة و التي تتمتع بالصراحة و الوضوح كانت سببا في العديد من الأحيان لاكتشاف كل طرف طرفه الأخر و تفهم وضعه و تقدير مشاعره و مصالحه، فان أول ما يصنعه التواصل و الحوار المفتوح هو أنه يقطع الطريق أمام الشكوك و الأوهام و يزيل الكثير من المخاوف، لذا من الحكمة أن نمتلك شجاعة الفحص بصراحة و منطقية عن الأزمات و ندرس أسبابها و سبل حلها ثم نقوم بشرحها و توضيحها إلى الأطراف الأخرى لكي نغلق أمامها و أمامنا طرق التصعيد أو المواجهة قبل الانفجار.
-
التواصل ضرورة لابد منها:
حتى نتمكن من هدف القضاء على الخلاف قبل أن يكبر ينبغي أن ننفتح على أطراف الخلاف و نتواصل معهم و نبادلهم الرأي في موارد الخلاف أو نقاط الإثارة.
و العجز عن البحث عن الحل كله أو بعضه فان الحكمة و العقل يدعوان إلى عقد مجالس مشاورة و تداول مع أطراف محايدة أو منصفة من كلا طرفي النزاع للوصول إلى الحل و مضافا إلى هذا لا تخفى علينا النتائج المربحة الكبيرة التي سنحصدها جراء هذه المشاورات لأنها ستعود علينا:
-
باضهار حسن النية و الجدية في طلب الحل.
-
أنها قد تدعوا الطرف الأخر للتفكير جديا أيضا من أجل إيجاد صيغة مقبولة للحل.
-
إذا لم يتحقق كل ذلك نكون نحن قد حصلنا على وسطاء جيدين أو أعوان قد يفهموننا جيدا و يحترمون ما نريده و نتطلع إليه الأمر الذي يعطينا قدرة أكبر على مواجهة الأزمة بثقة و اطمئنان، ومن المعروف بين أهل الرأي و المشورة أن أصعب الأزمات و أكثرها خطورة تسهل أمام أهلها إذا خاضوا فيها جماعة بعد تشاور و تداول و العكس صحيح.
3)
كيف نعالج الأزمة:
أولا: إن من أهم الطرق معالجة الأزمات إدارتها أي توجيهها بالتوجيه الذي يمارسه ذو الحكمة و أصحاب الأهداف الكبرى الذين يسعون للإصلاح و البناء و التقدم، ولعل من المناسب أن نقترح إلى الذين ابتلوا بالأزمات و داخلوا في نزاعاتها أن يقوموا بين آونة و أخرى بزيارات أو يجتمعوا بالأطراف المتعاملة في الأمور التي يرونها مناسبة فان هذه الزيارات و الاجتماعات ستكون صمام أمان أو قناة تنفيس عن تراكمات الهموم ولو بعض الشيء و الفوائد التي ستترتب عليها عديدة يمكن اختصار بعضها في :
1.
أنها ستوضح لكل طرف حقيقة أرائه و مواقفه.
2.
أنها تحول دون انفجار النزاع أحيانا قبل أوانه وربما تقضي على الجذور أحيانا أخرى بعد أن يطمأن كل طرف بحقيقة ما جرى و يجري.
3.
أنها تهدى من شدة النزاع.
4.
ربما تعطي فرصا جيدة للتفاهم.
5.
التشاور ضرورة أخرى .
نجد الآيات و الروايات الشريفة تدعوا إلى التشاور و مشاركة الرجال في عقولها و أيضا السيرة المستمرة لعملاء المسلمين بل و سيرة العقلاء لا يجيدون أي حرج من إشراك الآخرين في البحث عن الخطوات ت الصحيحة و الطرق السليمة الموصلة ليس لإنهاء النزاع فقط بل إلى كل أمر ذي شأن و خطورة.
كما أن تشخيص ما يريده الخصم سيعرفنا على أولوياته وما يضره وما ينفعه و النتيجة أنه سيوفر لنا بدائل جيدة للتفاوض معه و طرح الخيارات التي تساعد على التفاهم و إرضائه أو إقناعه بها و نستنتج أفكار مبدعة و قواعد ناجحة في التخطيط الخلاق تدلنا على أفضل الأساليب في التدبير و العمل على إنهاء النزاع بطرق سليمة و ناجحة ترضي الطرفين.
كما أن الاستعداد بذاته قوة كما أنه يدعونا إلى ظهور بمستوى لائق و القدرة في مجال التنظيم و الإدارة و المزيد من ترابط المؤسسات و جبهوية العمل و غيرها من وسائل القوة، كما أن الخصم العنيد و الواسع المنتشر الذي يختفي وراء الأخر مجالا لممارسة دبلوماسية مع قوة إعلامية يمكن أن تنزل إلى حلبة المعركة فتزيل عنه أقنعة كثيرة بذل الكثير من أجل إيجادها.
ومما لاشك فيه أن التوجيه الايجابي هو المتسم بالعقلانية و الايجابية و الإنصاف، ويبدوا أن من يمارس العواطف و يحكم الانفعالات في خطواته و تصرفاته لم يدقق النظر في ادعائه الايجابية.
ومن الواضح أن إدارة النزاع بطريقة سلبية أمر لا يكلف الكثير من الحكمة و البصيرة فان العواطف و الانفعالات سريعة الإثارة إلا أننا ينبغي أن نعرف أنها خطيرة العواقب أيضا لذا ينبغي أن نفكر بطريقة ايجابية فيها من الحكمة و التدبير أكثر مما فيها العواطف و الأحاسيس ، و الحكمة و حسن التدبير لا يتوفران في الأجواء المتنازعة ما لم يحكم فيها التعقل و الايجابية و الإنصاف و بالتاي التفكير فيما يصب في صالح العام و مصلحة المجموع.
ثانيا: علينا أن نوفر في أنفسنا القدرة الرشيدة على إدارة النزاع،و تكون بالقدرة التي تتسم بالنضج و الواقعية و تتحكم بالأمور، فان معرفتنا بماذا يوفر لنا فرصا جيدة لتفهم طرق الحل لأنه يساعدنا كثيرا على تشخيص الأولويات في حساباتنا و ما هو الأهم وما هو المهم وبالتالي يعرفنا أين نقف بثبات وأين نكون مرنين. و صحف و إذاعات أو تأسيس بعضها إن أمكن،و بالتالي فان الخصومة قد تدلنا على نقاط ضعفنا و نقاط قوتنا و تضع أقدامنا بالاتجاه الصحيح في الأساليب و التكتيكات .
و نستخلص من هذا إذن أن نتعرف على ما نريد نحن و التعرف على ما يريده الخصم يوفر لنا مجالا أكثر للتعرف على أسلوب عملنا و يوصلنا إلى طرق ايجابية تمكنا من إدارة النزاع و التحكم فيه بشكل ايجابي يقودنا جميعا إلى الحل المرضي الذي يضمن لكل حقوقه.
المبحث السادس: فريق المهام الأزموية
يلعب مستوى الخطر أو التهديد و نطاق الأزمة دورا في تشكيل هذا الفريق الذي يتكون من مجموعة من الخبراء و المتخصصين وفقا لنوع الأزمة و الكيان الإداري الذي يواجهها، و مع مراعاة العدد المناسب المتكامل من الخبراء في المجالات المختلفة التي لها علاقة بالأزمة، من هنا قد يختلف تشكيل هذا الفريق من أزمة لأخرى.
المطلب الأول:شروط تشكيل فريق المهام الأزموية
و على الرغم من أن تشكيل هذا الفريق يمكن أن يختلف من أزمة لأخرى،إلا أن هناك شروطا ينبغي توافرها في هذا الفريق و منها:
*
الولاء و الانتماء للكيان الإداري الذي يواجه الأزمة.
*
المهارة و القدرة على التدخل الناجح في الأزمة.
*
الهدوء و القدرة على التفكير الموضوعي و البعد عن الانفعال أو التأثير النفسي و العاطفي أمام أحداث الأزمة.
*
الالتزام التام بتنفيذ كامل المسؤوليات المنوطة بهم أياّ كانت المخاطر التي تكتنفها.
*
الانتباه و الوعي و الحرص الشديد عند القيام بتنفيذ المهام الموكلة إليهم.
المطلب الثاني: اختصاصات فريق المهام الأزموية
و يختص هذا الفريق بالتعامل المباشر مع أزمة بعينها، و تتلخص مهامه فيما يلي:
-
دراسة الأزمة و تشخيصها بشكل فوري و سريع.
-
إعداد خطة عمل للتحرك لمواجهة الأزمة و التعامل معها.
-
الحد من إمكانية تصاعد الأزمة.
-
سرعة اتخاذ الإجراءات التصحيحية اللازمة أثناء تنفيذ الخطة الموضوعة.
-
رفع التقارير أولا بأول للمدير المختص بإدارة الأزمات عن مدى تقدم العمل في التعامل مع الأزمة.
و تنتهي مهمة هذا الفريق بانتهاء الأزمة، و بطبيعة الحال، من الممكن القيام بإعداد فريق دائم للتعامل مع الأزمات التي قد يواجهها الكيان الإداري و يتم اختيار أفراده بدقة و عناية، بحيث تتوافر فيهم اللياقة الإدارية (البدنية و العقلية و الفنية و السلوكية)، و الخبرة في التعامل مع مثل هذه الأزمات المحتملة، و يتم استدعاؤها عند الحاجة إليه.
المطلب الثالث: خصائص قائد الفريق المختص بالتعامل مع الأزمة.
يتعين على مدير وحدة إدارة الأزمات أن يحسن اختيار قائد الفريق الذي يتعامل مع الأزمة، و أن يراعي توافر خصائص و مواصفات معينة تجعله ناجحا في قيادة الفريق و إنجاح مهمته، و من هذه الخصائص نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
*
سمات شخصية: كالشجاعة و التفاؤل و المشاركة الوجدانية و القيادة و قوة الإرادة.
و الإبتكارية و القدرة على اتخاذ القرار في الوقت المناسب.
*
سمات مكتسبة: كالقدرة على جمع المعلومات و تحليلها و التعامل معها و الاستفادة منها، و القدرة على شرح أفكاره و توصيل المعلومات، و الخبرة الفنية بطبيعة المهمة و الأزمة.
المطلب الرابع: وصايا للتعامل مع الأزمة.
يحتاج التعامل مع الأزمات لوصايا لابدّ أن تراعى، و لهذا يقدم الباحثون وصايا عشر للتعامل مع الأزمة، و هذه الوصايا العشر للتعامل مع الأزمات تمثل الدستور الإداري الذي يتعين على كل متخذ قرار أن يعيه جيدا عند التعامل مع أي أزمة تواجهه، و ألاّ يتناسى أو يتجاهل إحدى هذه الوصايا شديدة الأهمية و الخطورة، و هذه الوصايا العشر هي:
-
توخي الهدف و تحديده في معالجة الأزمة.
-
الاحتفاظ بحرية الحركة و عنصر المبادأة.
-
المباغتة.
-
الحشد.
-
التعاون.
-
الاقتصاد في استخدام القوة.
-
التفوق في السيطرة على الأحداث.
-
الأمن و التأمين للأرواح و الممتلكات و المعلومات.
-
المواجهة السريعة و التعرض السريع للأحداث.
-
استخدام الأساليب غير المباشرة كلما كان ذلك ممكنا.
ويعتمد تطبيق هذه المبادئ على توافر روح معنوية مرتفعة، و رباطة جأش، و هدوء أعصاب، و تماسك تام خلال أحرج المواقف، و قدرة عالية على امتصاص الصدمات ذات الطابع العنيف المتولدة عن الأزمات الكاسحة.
فضلا عن ضرورة توفر جهاز كفء لتوفير المعلومات الكافية و اللازمة و التفصيلية و الدقيقة و الحديثة و الكاملة عن الأزمة و تطورها و عواملها، و من ثم التعامل معها في إطار معرفة شبه كاملة.
و يعتمد المنهج المتكامل للتعامل مع الأزمات على عدة مراحل كمرحلة الاختراق لجدار الأزمة، و مرحلة التمركز و إقامة قاعدة للتعامل مع عوامل الأزمة بعد اختراقها، و مرحلة توسيع قاعدة التعامل، و مد جسور و مجسات الاختبار، و مرحلة الانتشار السريع لتدمير عناصر الأزمة، و شل حركتها و مرحلة التحكم و السيطرة على موقع الأزمة، و أخيرا مرحلة التوجيه لقوى الفعل الإداري الصانعة للأزمة في مجالات أخرى.
و يشير الباحثون إلى طرق غير التقليدية كطريقة تفريغ الأزمة من مضمونها، و طريقة تفتيت الأزمات، و طريقة تدمير الأزمة ذاتيا و تفجيرها من الداخل، و طريقة الوفرة الوهمية، و طريقة احتواء و تحويل مسار الأزمة، كذلك طريقة فرق العمل و الاحتياط التعبوي للتعامل مع الأزمة، و طريقة المشاركة الديمقراطية للتعامل مع الأزمة و طريقة احتواء الأزمة أو تصعيدها.
هذا و تعتبر طريقة فرق العمل من أكثر الطرق شيوعا و استخداما للتعامل مع الأزمات، و تتطلب وجود أكثر من خبير و مختص و فني في مجالات مختلفة، و حساب كل عامل بدقة و تحديد التصرف المطلوب بسرعة و تناسق، و عدم ترك بعض الأمور للصدفة، أو تجاهل بعض العناصر حيث يلعب إعلام الأزمة دورا مزدوجا إخباريا و توجيهيا في هذا المجال.
و يرى كل من Danny Cox & John Hoover أن الخطوات التي يجب إتباعها عند حدوث الأزمات هي:
الخطوة الأولى: تكوين فريق عمل لوقت الأزمات و إمداده بأفضل الكوادر و التجهيزات و الأدوات.
الخطوة الثانية: تخطيط الوقت أثناء الأزمات، و الاستفادة من كل دقيقة في تخفيف أثر الأزمات.
الخطوة الثالثة: الارتفاع بالمعنويات وقت الأزمات للعاملين حولك فيما يشعل لديهم الحماس و الحيوية و الالتزام بالعمل.
الخطوة الرابعة: الإبداع و التجديد في المواقف العصبية، و إشعال نور الإبداع لدى العاملين لتقديم حلول و آراء غير مسبوقة.
الخطوة الخامسة: حل المشكلات وقت الأزمات بتحديد المشكلة و إجراء المشورة، و من ثم اختيار حل الأنسب من الحلول المتاحة.
الخطوة السادسة: التغيير وقت الأزمات، فلا يوجد شيء ثابت و متغير في نفس الوقت إلا التغيير نفسه، فإما أنك تسعى نحو التقدم بخطى حثيثة،أو تتخلف عن الركب و تكون في عالم النسيان.
المطلب الخامس: تجهيزات إدارة الأزمات.
يحتاج التعامل مع الأزمات إلى توفير تجهيزات مختلفة حتى يمكن النجاح في إدارة الأزمة، و بالشكل الذي يحقق الأهداف المطلوبة و لعل أهم هذه التجهيزات:
-
غرفة عمليات إدارة الأزمات: و تقوم الدول الكبرى بتجهيزها بالكمبيوتر ووسائل الاتصال و المراقبة و التصنت و التشويش و التشفير و مؤمنة ضمن أي حريق، و أحيانا توضع على سيارات متحركة لتكون قريبة من موقع الأحداث أو طائرة في حالة الدول المتقدمة.
-
الإعلام: و هو أشد خطورة و فاعلية و أداء لصنع الأحداث و التأثير على مجرياتها و على اتجاهاتها، و ذلك لما يتوفر للإعلام من قدرات هائلة تساعد على الانتقال السريع و اجتياز الحدود و تخطي العوائق.
-
أدوات التأثير: و ذلك لوقف تصاعد الأزمة أو التعامل معها و القضاء عليها و من أهم هذه الأدوات الاجتماعات الشخصية، و عقد المؤتمرات و المحاضرات، و استخدام وسائل الإعلام الجماهيرية.
-
أدوات الامتصاص: و هو استيعاب الأزمة، و من أدواتها الاعتراف بها، و اللجوء لحل وسط خاصة في مسائل التعويض المادي المناسب، أو إعادة الحقوق لأصحابها، و كذلك التحكم و الاحتكام إلى أطراف خارجية محايدة أو تغيير القيادات الفاسدة التي شوهت النظام.
المطلب السادس: نموذج إدارة الأزمات.
تنقسم دورة حياة الأزمة في علاقتها مع بالمؤسسة إلى المراحل التالية:
-
مرحلة ما قبل الأزمة: تركز جهود الإدارة في هذه المرحلة على أداء المهام التالية:
*
مسح البيئة و استشعار الأزمات المحتملة (الجنينية) التي قد تنفجر في المستقبل.
*
جمع المعلومات عن هذه الأزمات أو المشكلات، و تقييم درجة خطورتها.
*
اتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة لمنع ولادة الأزمة.
*
أخذ العبرة من خبرات الآخرين.
إن مهام إدارة الأزمات في هذه المرحلة تتركز على الوقاية من الأزمة.
-
مرحلة تفاقم الأزمة: تتفاقم الأزمة من تلقاء نفسها دون حاجة لمساعدة الإدارة، إلاّ أن هناك بعض البيئات الإدارية التي تفضلها الأزمات دون غيرها، تتميز هذه البيئات الإدارية بعدد من السمات التالية:
*
ضعف الشبكات الاتصالية بين الإدارات و موقع العمل.
*
بطء عملية صنع القرار و البيروقراطية.
*
ضعف روح الانتماء و خفوت الحماس و سيادة اللامبالاة (و الأنانية).
-
مرحلة إدارة الأزمة: و يمكن أن يطلق عليها مرحلة "احتواء الأزمة"، و هي تشمل المهام التالية:
*
الاعتراف بالأزمة و الاستعداد التام لمواجهتها.
*
تخصيص موارد معينة و فريق بعينه للتعامل المباشر مع الأزمة.
*
حشد الجهود و المساعدات الخارجية المساندة.
*
وضع خطة طارئة للتغلب على الأزمة بشكل جذري و سريع.
*
إدارة سرعة المؤسسة.
-
مرحلة ما بعد الأزمة:
*
التعلم من خبرات سابقة و تحديث خطة إدارة الأزمات بناءا على التغذية (المعلومات) راجع من الأزمة الأخيرة، بما يضع الأساس اللازمة لوضع خطة جديدة للوقاية من الأزمات، و لإدخال تعديلات على الخطة القائمة.
*
تقييم تأثير الأزمة على العلاقات و الاتصالات بالعملاء و الأطراف الخارجية.
*
تقييم تأثير الأزمة على علاقات الداخلية و الثقافة بيئة العمل.
المطلب السابع: الدور الإداري في إدارة الأزمات.
لقد وضع الفكر الإداري الحديث عددا من الخطوات يمكن إتباعها عند حدوث الأزمة، و هي كما يلي:
*
تكوين فريق عمل لوقت الأزمات و إمدادها بأفضل الكوادر و التجهيزات و الأدوات.
*
تخطيط الوقت أثناء الأزمات و الاستفادة من كل دقيقة في تخفيف أثر الأزمات.
*
الرفع من معنويات العاملين وقت الأزمات مما يشعرهم بالحماسة و الحيوية و الالتزام بالأعمال.
*
الإبداع و التجديد في المواقف العصيبة و إشعال الروح الإبداعية لدى العاملين لتقديم حلول و آراء غير المسبوقة.
*
حل المشكلات وقت الأزمات بتحديد المشكلة و إجراء المشورة و من ثم اختيار الحل الأنسب من الحلول المتاحة.
*
تقبل التغيير وقت الأزمات.
*
العمل على حصر الأزمات التي من المتوقع أن تحدث في الحاضر و المستقبل و العمل على دراساتها ووضع بدائل للحلول المناسبة لها.
المطلب الثامن: القواعد السبع لإدارة الأزمات.
*
احذر الكذب و احذر نشر كل الحقائق أمام كل الناس: لا تنس أنه خلال الأزمة يكون الناس على استعداد تام لتصديق الأسوأ، فأي محاولة للكذب ستبدو واضحة للعيان، احذر أيضا أن تقع في مصيدة الإدلاء بكل الحقائق، بل أقصر هذا على مجموعة معينة من أولي الثقة.
*
لا تضع نفسك محل المتهم الذي يطلب البراءة، و إلا سيطالب الناس برأسك، الأجدر أن تعرض بشجاعة قدرتك على إنقاذ الموقف و الوعد بتصحيح الأخطاء مع اتخاذ خطوات فعلية لذلك.
*
كن مركزيا في صناعة القرار و تنفيذه، على أن يكون الرأي شورى بين أكبر عدد ممكن من ذوي العقل الراجح.
*
تعزيز العلاقات و قنوات الاتصال مع الخصوم و مع المساندين و توسيع دائرة المساندة.
*
إدارة الأزمات هي إدارة لسمعة الشركة أو الدولة و اسمها في المقام الأول.
*
التوقع و المبادرة و عدم التهاون في إطفاء جميع الحرائق المشتعلة حتى الصغيرة منها.
*
تبني منهج المبادرة لا منهج رد الفعل في التعامل مع الأزمة.
__________________

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق