أ.
طرق تدريـس المفـردات
الطريقة
عبارة عن خطة عامة لاختيار وتنظيم وعرض من المادة اللغوية، على أن تقوم هذه الخطة
بحيث لا تتعارض مع المدخل الذي تصدر عنه وتنبع منه، وبحيث يكون واضحا أن المدخل
شيء مبدئي والطريقة شيء إجزائي.[1] أما الطرق
المستخدمة فى تدريس المفردات هي:
أ-
طريقـة المبـاشرة
تستخدم هذه الطريقة فى تعليم اللغة العربية لتدريب
التلاميذ التكلم باللغة الهدف مباشرة ولو كان أحيانا هناك الكلمة الصعوبة أي الغربة
لا يفهمها التلاميذ، ولكنهم يفهمون بيان المدرس عنها بذكر مفردته أو بالحركة أو بتظهير
الأشياء نفسها أو يصورها فى السبورة من غير أن يترجمها إلى اللغة الأم. بهذه الطريقة
يتدرب التلاميذ التكلم فى الفصل ويتعودوا أيضا بالمحادثة بينهم باللغة العربية فى حياتهم
اليومية. هناك نشاط أخرى لإعطاء المفردات والمترادفات أو أسبوع اللغة.
هذه الطريقة
هي الطريقة الرائجة بين المعلمين، وأصبح لأصحابها نفوذ كبير على معلم اللغة
الحديثة والمصطلح الذى انتشر بصورة أسرع فقد كان اسم الطريقة المباشرة. ومن أهم
ملامح هذه الطريقة في تعليم العربية كلغة ثانية هي:
-
تعطى الطريقة المباشرة
الأولوية لمهارة الكلام بدلا من مهارات القراءة والكتابة والترجمة، على أساس أن
اللغة هي الكلام بشكل أساسى.
-
تتجنب هذه الطريقة
استخدام الترجمة في تعليم اللغة الأجنبية وتعتبرها عديمة الجدوى، بل شديدة الضرر
على تعليم اللغة المنشودة وتعلمها.
-
بموجب هذه الطريقة،
فإن اللغة الأم لا مكان لها في تعليم اللغة الأجنبية.
-
تستخدم هذه الطريقة
الاقتران المباشر بين الكلمة وما تدل عليه، كما تستخدم الاقتران المباشر بين
الجملة والموقف الذى تستخدم فيه.
-
لا تستخدم هذه الطريقة
الأحكام النحوية لأن مؤيدي هذه الطريقة يرون أن هذه الأحكام لا تفيد في اكساب
المهارة اللغوية المطلوبة.
-
تستخدم هذه الطريقة أسلوب
"التقليد والحفظ" حيث يستظهر الطلاب جملا باللغة الأجنبية وأغاني ومحاورات
تساعدهم على إتقان اللغة المنشودة.[2]
الدعامة الأساسية فى الطريقة المباشرة هى أن تعلم
اللغة الثانية يجب أن يماثل تعلم اللغة الأولى، أي فى كثير من التفاعل البشرى النشط،
والاستعمال التلقائي اللغة، وعدم استخدام الترجمة
بين اللغتين الأولى و الثانية، وعدم تحليل القواعد النحوية أو الإقلال منه.
ويلخص ريتشاردز وروجرز
مبادئ الطريقة المباشرة فيما يلى:
-
إن التعليم فى قاعة الدرس
يجب أن يتم كله باللغة الهدف
-
لاتعلم إلا الجمل و الكلمات
اليومية
-
تقدم مهارات الاتصال الشفهي
فى تسلسل متدرج، وتبنى على تبادل الأسئلة والأجوبة بين المدرسين و الطلاب فى قاعات
ذات أعداد قليلة.
-
يعلم النحو عن طريقة الاستنباط
-
تقدم العناصر الجديدة شفهيا
-
تقدم الكلمات الحسية عن
طريقة الأشياء و الصور، وتقدم الكلمات التجريدية عن طريق ربطها بأفكار
-
التأكيد على صحة النطق والنحو.[3]
ولم تنج هذه الطريقة
من انتقادات رجال الأساليب وعلماء اللغة، ومن بين الانتقادات الموجهة إلى هذه
الطريقة هي تهتم بمهارة الكلام على حساب المهارات اللغوية الأخرى. وعندما لا
تستخدم هذه الطريقة اللغة الأم في تعليم اللغة الأجنبية، فإن كثير من الجهد يدل
وكثيرا من الوقت يضيع ولو استخدمت هذه الطريقة اللغة الأم بشكل محدود لتوفر كثير
من الجهد وكثير من الوقت. ولذا فإن بعض رجال الأساليب يتهم هذه الطريقة بأنها أبعد
الطرق عن كونها مباشرة. وإن استبعاد هذه الطريقة للأحكام النحوية من التعليم يحرم
المتعلم من إدراك ماهية القوالب النحوية التي تنتظم فيها كلمات اللغة لتكوين
الجمل.[4]
أهم ملامحها :
-
يتعلم الطالب اللغة الثانية
بالطريقة التي يكتسب بها الطفل اللغة الأم (التعليم عن طريق التمثيل والحركة).
-
تتجنب الترجمة وترى أن
استعمال لغة وسيطة في التعليم أمر شديد الخطورة.
- تستخدم أسلوب التقليد والحفظ.
- تهتم
بالجانب الشفوي من اللغة حيث تعطي الأولوية لمهارة الكلام بدلا من القراءة والكتابة.
- دور
المتعلم إيجابي (يتكلم أكثر من المعلم) فهي طريقة تعلم لا تعليم حيث يرى معتنقوها
أن المتعلم يمكن أن يتعلم اللغة بنفسه.
- تقدم
مهارات اللغة مرتبة كما يتم اكتسابها في اللغة الأم.
- تعلم
المفردات والتراكيب الشائعة المحيطة بالطالب والمرتبطة بحاجاته اليومية.
- تهتم
بالطلاقة اللغوية دون أن تغفل
الصحة اللغوية.[5]
ب-
الطريقة السمعية
الشفوية البصرية (Audio Lingual / Visual Method)
وسميت هذه
الطريقة بالطريقة التركيبية
لأنها تجمع بين الاستماع إلى اللغة أولا، ثم إعطاء
الرد الشفوى وقد أدخل العنصر البصرى على التسمية نظرا للاعتماد عادة على وجود عنصر
مرئي، مثل الصورة أو الرسم لمساعدة المتعلم على تكوين صورة واقعية عن معنى الصيغة
اللغوية التى تجرى تعلمها. لقد كانت الطريقة المباشرة والطريقة القراءة التي أشرنا
إليها مجرد ارهاصات ومقدمات لهذه الطريقة.[6] ومن
ذلك تطوري الطريقة التي عرفت باسم الطريقة
السمعية الشفوية أو السمعية البصرية.
تستخدم هذه
الطريقة في تدريس المفردات لتدريب الإستماع التلاميذ أولا بمشاهدة الأفلام أو
القصة مثالا ثم يحدد المفردات الجديدة بالنطق تحديدا صارما، ثم يأمر المدرس منهم
أن يتركب المفردات الجديدة جملة مفيدة، ويلزم المدرس في هذه الطريقة أن تكون له
المهنة والمهارات في إلقاء مادة الكلام أو المحادثة وأن يصبروا، لا سيما في تدريب
التلاميذ الذى ليس له زاد عن اللغة العربية ولو كان قليلا.
هذه
الطريقة من أبسط الطرق في تدريس المفردات وأكثرها استخداما لدى مدرس اللغة لأنها
تستغنى من الجهد في تنفيذها، وسرعة استيعاب معنى الكلمة لدى طالب الإبتداء لأنها
قد أدخلت عنصر البصرى فيه فيسهل فهمها دون الإلجاء إلى اللغة الوسيطة أو إلى
الترجمة.
ت-
طريقـة تعبـير الصـور
كانت الصورة تستخدم فى استحضار المعنى من خلال
ما يدل عليه أو استحضار المعنى من خلال الكلمة التى يراها أو يسمعها، فان الصورة تسمح بعرض فهم فورى
تقريبا للكلمات معزولة، و فى أغلب الأحيان يتعلق الأمر بأسماء مادية.[7] وكذلك
كانت الصورة تحقق عملية الفهم دون التحليل الذى تؤدى اليه الترجمة.[8] ومن ابسط
مواد ما قبل القراءة هو القصة المصوّرة، التى يمكن فهمها بتتبع مجموعة صور من
اليمين إلى اليسير حتى اسفل الصفحة.[9] وتساعد
الصور و الرسومات الطلاب على تمييز الكلمات و الأفكار، كما أنها تسهل عليهم ربط
الكلمة بما تشير إليه. ويستطيع المعلم أن يصمم التمارين التى تساعد المتعلمين على
تطوير تهجئتهم من خلال استخدام الرسومات الخطية البسيطة.[10]
يستطيع المعلم أن يجعل من التعبير المصور بوصفه
تدريبا شفويا موجها، نشاطا كتابيا بعقب مرحلة التدريب الشفوى، ويجد المعلم نفسه
عند استهدام الصور فى تعبير الشفوى أمام خيارين: الخيار الأول هو أن يستخدم
صورا معدة مسبقا مثل الصور التجارية الجاهرة، وفى هذه الحالة يستحسن أن تعلق الصور
على السبورة أمام الفصل أثناء الدرس. و الخيار الثانى هو ان يقوم المعلم
يرسم الصور بنفسه، و هى عادة تكون عبارة عن رسومات تخطيطية بسيطة تحكي قصة و يحبذ
أن يستعين المعلم ببعض الطلاب فى الرسم إذا كان غير واثق من قدرته على الرسم.[11]
وإذا قرر المعلم أن يرسم الصور بنفسه فإن هذا
سيساعد على توفير الوقت للطلاب، لأنهم سيشاهدون المعلم وهو يرسم الصور صورة بعد الأخرى
وهو يحكى القصة أو أن يستخلص القصة من الطلاب بعد رسم الصور. ويجب على المعلم أن
يترك مساحة كافية على السبورة لكي يكتب عليها الكلمات الأساسية والتعبيرات على
جوانب الصور أو تحتها.
وبعد الإنتهاء من هذا التدريب، يقوم المعلم
بمسح السبورة ويطلب من الطلاب التقدم إلى السبورة وإعادة القصة على أسماع زملائهم
مصاحبة بالصور.
ث-
طريقـة التسلسل (Gradual)
طريقة التسلسل هي طريقة التعليم المباشر- دون
ترجمة- وعلى أساس المفاهيم دون شرح القواعد النحوية. وهي مكونة من سلسلة من الجمل
المرتبطة يسهل إدراكها.[12]
وأول درس يتكون من
سلسلة من خمس عشرة جملة تالية:
أمشي إلى الباب. أقترب
من الباب. أقترب أكثر من الباب. أصل إلى الباب. أقف عند الباب. أمد ذراعي. أمسك
بالمقبض. أدير المقبض. أفتح الباب. أسحب الباب. الباب يتحرك. الباب يدور على
المفصلات. الباب يدور ويدور. أفتح الباب واسعا. أترك المقبض.
وتتضمن هذه الجمل –
كما هو ظاهر – عددا كبيرا من المفردات والظواهر النحوية ونظام الكلمات، أي أنه ليس
درسا سهلا ومع ذلك فقد نجح جوان في دروسه، لأن اللغة التي استعملها كانت قريبة
الفهم، يسيرة الاختزان والاستدعاء، مرتبطة بالواقع.[13]
ج-
طريقـة الإيحـائيـة ( Sugesti
)
تعود هذه الطريقة إلى فكرة عالم النفس البلغارى
"لوزانوف" (Lozanov)
من أن العقل البشرى يستطيع معالجة كمية هائلة من المعلومات حين تتوافر ظروق ملائمة
للتعلم، ومن بينها الإسترخاء وغياب سيطرة المعلم. وتؤدى الموسيقي دورا أساسيا فى
هذه الطريقة لأن تمكن المتعلم من التعامل مع قدركبير من المادة التعليمية، لأن
العزف الموسيقي الهادئ يؤدى إلى زيادة موجات الألفا
فى المخ وانخفاض فى ضغط الدم وفى معدل النبض.
وقد طبق لوزانوف (Lozanov) وأتباعه هذه الطريقة على تدريس المفردات والقراءة والحوار وأداء
دور معين وغيرها من أوجه النشاط فى قاعة الدرس، والمنهج هنا لايختلف عنه فى الطرق
الأخرى، لكن الفرق يتركز فى شيئين:
1.
أن يجري الدرس في سياق
موسيقي هادئة.
2. أن
يجلس الدارسون في مقاعد ناعمة ومريحة، في حالة استرخاء واع، يشجعهم المدرس على أن
يكونوا "كاللأطفال" قدر ما يستطيعون، تاركين قيادهم للمدرس، محاولين فقط
أن يؤدوا أدوار أصحاب اللغة التى يتعلمونها، وبهذه الوسيلة يصبحون قابلين
"للإيحاء".
ويصف "لوزانوف" (Lozanov) مشهدا من تعليم اللغة بهذه الطريقة :
تبدأ
الجلسة دون أي حديث، إنما صمت مدة دقيقتين، ويدير المدرس شريطا موسيقيا، ويظل يستمع
في صمت، حتى يتلبس حالتها الإيقاعية، ثم يبدأ في قراءة النص أو توقيعه حسب النغمة
الموسيقية، ويتابع الدارسون النص الذي طبع مع ترجمة بلغتهم الأصلية ، ثم تعود فترة
صمت، لإثارة رغبة الدارسين وتعود الموسيقي، ويغلق الدارسون كتبهم ليستمعوا فقط إلى
المدرس ثم يعيد قراءة النص، ثم يغادرون القاعة في نهاية الدرس في صمت، ولايكلفون
بأي واجب منزلي إلا قراءة النص قراءة سريعة قبل النوم وعند الاستيقاظ مباشرة.
وقد لقيت
الطريقة الإيحائية نقدا من عدة أوجه، منها ما ذكره سكوفيل (Scovel) من أن نتائج لوزانوف التى يتباهى بها كلها موضع نظر، ومنها صعوبة
توفير الموسيقي والقاعة الناعمة المريحة في كل مواقع التعليم، على أن أهم ما يوجه
إليها من نقد يتركز حول اقتصار هذه الطريقة على تدريب الدارس على التذكر ومن ثم لا
مجال للجوانب الأخرى في عملية متكاملة لاكتساب اللغة. ومهما يكن من أمر فإن علينا
أن نستثمر ما نراه نافعا في هذه الطريقة وفي غيرها، ونجعلها توائم ظروفنا
التعليمية. من بين طريقتين السابقتين استحضارها فهذه الطريقة من أدقها إجرائيا
لأنها تحتاج إلى عدة عوامل أسند إليها ولا تستعمل هذه الطريقة إلا في المدارس
والمعاهد العصرية المتقدمة.[14]
وقد تكون كل هذ الطريقة تحتاج
إلى الدافعية، ولعل الدافعية من أهم العوامل التى ينظر إليها عند محاولة تفسير
نجاح تعلم اللغة الأجنبية أو فشله. والدافعية هي الحافز والمثير الداخلي
عند الإنسان لتعلم اللغة الأجنبية. وهناك العديد من العوامل التعليمية
والفردية والاجتماعية التي ينظر إليها على أنها تؤثر في زيادة الدافعية أو الحد
منها. ومن بين هذه العوامل الذكاء والاستعداد والمثابرة واستراتيجيات التعلم
والتقويم الذاتي. ولكن الدافعية ترتبط في الأساس
بالهدف من تعلم اللغة الأجنبية. ولعل من أهم الدراسات في هذا المجال تلك الدراسة
التي أجراها غاردنر ولامبرت حيث خلصا إلى نوعين من الدافعية يعتبران الأساس في
تعلم اللغات الأجنبية: الدافعية الوسيلية والدافعية التكاملية أو الانتمائية.
والدافعية الوسيلية (Instrumental Motivation) تشير إلى الدافع لتعلم اللغة الأجنبية كوسيلة لتحقيق أهداف
محددة، مثل تحسين الرضع الوظيفي أو الدارسي، أو قراءة المواد العلمية والتقنية و
التخصصية، أو الترجمة أو غير ذلك. أما الدافعية التكاملية (Integrative
Motivation) فتشير إلى رغبة متعلم
اللغة الأجنبية في الاندماج في ثقافة اللغة الأجنبية، واعتبار نفسه عضوا كامل
العضوية في المجتمع الذي يستخدم تلك اللغة الأجنبية لغة أصلية له.[15] وهكذا
الطريقة تدريس المفردات تحتاج إلى المدخول الدافعية لأن هذه المدخول تساعد
الطالبات فى نجاح تعلمها.
[7] حمادة إبراهيم، الإتجاهات المعاصرة
في تدريس اللغة العربية واللغات الحية الأخرى لغير الناطقين بها (القاهرة: دار
الفكر العربي، 1987) ص. 198
[9] ناصف
مصطفى عبد العزيز، الألعاب اللغوية فى تعليم اللغات الأجنبية (رياض:
المملكة العربية السعودية، 1983م) ص. 23
[10] محمود
إسماعيل صينى، المعينات البصرية فى تعليم اللغة (رياض: عمادة شؤون
المكتبات-جامعة الملك سعود، 1984م) ص. 139
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق