الأربعاء، 26 فبراير 2014

العوامل الرئيسية المؤثرة في استهلاك الطاقة النمو السكاني الاقتصادي الاسعار



 العوامل الرئيسية المؤثرة في استهلاك الطاقة

         يتأثر استهلاك الطاقة في دولة من الدول بجملة من العوامل السكانية والاقتصادية والمناخية بالإضافة إلى الدور الذي تلعبه الأسعار المحلية للوقود ومدى توافر مصادر الطاقة فيها. فقد ارتفع إجمالي استهلاك الطاقة في الدول العربية من 3.8 مليون ب م ن/ي عام 1985 إلى 8.1 مليون ب م ن/ي عام 2005، أي بمعدل نمو سنوي بلغ 3.8%.  مع العلم أن معدل النمو في السبعينات كان أعلى من ذلك بكثير بسبب ما تم إنجازه من مشروعات تنموية كبيرة حظيت بها البنية التحتية، وكان لإقامة المصانع كثيفة الاستخدام للطاقة حصة لا يمكن إغفالها وخصوصاً في الأقطار الأعضاء في أوابك التي تستهلك ما يقارب 90% من إجمالي استهلاك الطاقة في الدول العربية. وقد ساهمت عدة عوامل في ارتفاع استهلاك الطاقة في الدول العربية خلال الفترة 1985 – 2005 ومن أهمها:

1 – النمو السكاني
         يؤدي النمو السكاني في العادة إلى ارتفاع الطلب على الطاقة سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة.  فمن ناحية يؤدي إلى زيادة الطلب على الطاقة لأغراض مثل الإنارة والتدفئة والنقل وما شابه ذلك.  ومن ناحية أخرى يعمل النمو السكاني على زيادة الطلب على السلع والخدمات التي يتطلب إنتاجها استخدام الوقود مثل الطرق والكهرباء والاتصالات.

         لقد تصاعد عدد السكان في الدول العربية بشكل كبير خلال الفترة 1985 – 2005، إذ ازداد من حوالي 190 مليون نسمة إلى 306 مليون نسمة خلال الفترة المذكورة، أي بمعدل نمو سنوي بلغ 2.4%، كما يوضح الجدول (9)،  بينما بلغ المعدل السنوي لاستهلاك الطاقة حوالي 3.8 % خلال الفترة نفسها.

         ومنذ بداية الثمانينات لم يكن هناك تباين في معدلات النمو السكاني في الدول العربية بين فترة وأخرى أو بين منطقة وأخرى، إذ زاد عدد السكان بمعدل 3.1% في النصف الثاني من الثمانينات و 2.3% في اوائل التسعينات، ولم تختلف الأقطار الأعضاء في أوابك عن الدول العربية الأخرى.

وتبدو العلاقة بين السكان واستهلاك الطاقة أكثر ترابطاً منذ منتصف الثمانينات. فبينما بلغ معدل النمو السكاني السنوي في الفترة 1990 – 1995 حوالي 2.3% ثم انخفض إلى 1.7% في الفترة 2000 – 2005، واكب ذلك انخفاض في معدل نمو الطلب على الطاقة من 4.0% إلى 3.4% خلال الفترة نفسها، كما يبين الجدول التالي
معدلات نمو السكان والطلب على الطاقة في الدول العربية
( % )

الطلب على الطاقة
النمو السكاني
1985-1990
3.1
3.1
1990-1995
4.0
2.3
1995-2000
4.8
2.6
2000-2005
3.4
1.7
1985-2005
3.8
2.4
المصدر : منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول ، التقرير الإحصائي السنوي، أعداد مختلفة.
الشكل (18)
معدلات نمو السكان والطلب على الطاقة في الدول العربية
( % )
2 – النمو الاقتصادي
         إن السمة الطرْدية للعلاقة بين النمو السكاني والطلب على الطاقة، تنطبق أيضاً على العلاقة بين النمو الاقتصادي والناتج المحلي الإجمالي من جهة، واستهلاك الطاقة من جهة أخرى. فزيادة الناتج المحلي الإجمالي تؤدي إلى زيادة استهلاك الطاقة بشكل عام، إلا أن الأثر النهائي للدخل على الاستهلاك يتوقف على العوامل الاقتصادية الأخرى مثل التغير في الهيكل الاقتصادي، وكثافة استخدام الطاقة، ودرجة الإشباع في استهلاك القطاعات الاقتصادية المختلفة والأسعار، بالإضافة إلى سياسات ترشيد استهلاك الطاقة.

         فالناتج المحلي الإجمالي للدول العربية نما بأكثر من الضعف في الفترة 1985 – 2005، إذ ارتفع من حوالي 378 مليار دولار إلى 856 مليار دولار، أي بمعدل نمو سنوي بلغ 4.2 %.  وقد اختلف هذا المعدل بين مجموعتي الدول العربية (الأقطار الأعضاء في أوابك وغير الأعضاء) وكذلك من فترة لأخرى. 

ففي الفترة 1985-1990 مثلاً لم يتجاوز معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي  في الدول العربية 2.0%، وقد انعكس هذا على معدل استهلاك الطاقة الذي لم يتجاوز 3.1% سنوياً. ومع ارتفاع النمو للناتج المحلي الإجمالي العربي بمعدل تجاوز 6% سنويا خلال الفترة 1995-2000، ارتفع أيضا معدل استهلاك الطاقة في الدول العربية إلى حوالي 5% سنويا. وعندما تراجع معدل النمو في الناتج المحلي في الدول العربية إلى 4.6% سنويا خلال الفترة 2000-2005، فقد صاحب ذلك معدل نمو معتدل في استهلاك الطاقة عربيا أي بنحو 3.4% سنويا، كما يوضح الجدول التالي والشكل (19) :

معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي الجاري والطلب على الطاقة
في الدول العربية
( % )

الطلب على الطاقة
نمو الناتج المحلي الإجمالي
1985-1990
3.1
2.0
1990-1995
4.0
3.7
1995-2000
4.8
6.4
2000-2005
3.4
4.6
1985-2005
3.8
4.2
المصدر : منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول ، التقرير الإحصائي السنوي، أعداد مختلفة.
  

         وضمن السياق نفسه، من الممكن اعتبار متوسط استهلاك الفرد من الطاقة، الذي تم الإشارة إليه سابقاً، إنعكاساً لمعدل نمو نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، والذي لا يختلف بأي حال من الأحوال عن علاقة إجمالي استهلاك الطاقة بالناتج المحلي الإجمالي الحقيقي.

         فعلى سبيل المثال، عندما انخفض معدل نمو نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي خلال الفترة 1985-1990 بنسبة 1% ، فقد انخفض أيضاً معدل استهلاك الفرد من الطاقة بنحو 0.03% . وحينما ارتفع معدل نمو نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي خلال الفترات التالية،  صاحب ذلك ارتفاع في معدل استهلاك الفرد من الطاقة في الدول العربية خلال الفترة نفسها.



3 -  الأسعار المحلية للطاقة
         يرتبط الطلب على الطاقة بعلاقة عكسية مع سعرها، فارتفاع أسعار الطاقة يؤدي في العادة إلى ارتفاع تكاليف استخدامها ومن ثم انخفاض الطلب عليها. مع العلم أن هناك مجموعة من العوامل بالإضافة إلى الأسعار يمكن أن تتدخل في تحديد النتيجة النهائية مما قد يؤثر على طبيعة هذه العلاقة العكسية.

         ولما كانت الدول العربية تضم دولا تتباين فيها وفرة مصادر الطاقة المستخدمة والسياسات الاقتصادية وهيكل الاقتصاد المحلي فمن الصعوبة بمكان الوصول إلى تقييم عام للأسعار وسياسات تسعير الطاقة.

         وضمن هذا السياق، تم التمييز بين مجموعتين في الدول العربية، المجموعة الأولى، وهي الأقطار الأعضاء في أوابك، التي تمتلك احتياطيات كبيرة نسبياً بينما لا يشكل استهلاكها من الطاقة إلا نسبة قليلة من إنتاجها، وقد تراوحت الأسعار الجارية للمنتجات النفطية فيها خلال الفترة 1985-2005 ما بين 14.1 و 31.2 دولار للبرميل، فيما تراوحت الأسعار الحقيقية ما بين 25.8 و 29.1 دولار للبرميل.

أما المجموعة الثانية فتمثل الدول العربية الأخرى التي يمتلك بعضها احتياطيات معقولة نسبياً ويشكل الاستهلاك نسبة مرتفعة من إنتاجها، والبعض الآخر يعتمد على الاستيراد لتلبية الاستهلاك المحلي ، وقد تراوحت الأسعار الجارية للمنتجات ضمن هذه المجموعة خلال الفترة ذاتها ما بين 19.2 و 32.6 دولار للبرميل، وتراوحت الأسعار الحقيقية ما بين 29.2 و46.1 دولار للبرميل.

         وبناء على هذه المعايير فقد اتبعت دول المجموعة الأولى وهي الأقطار الأعضاء في أوابك سياسة تسعير للمنتجات تهدف إلى مساعدة النشاطات الاقتصادية وإلى تعزيز برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ويبين الجدول التالي تطور الأسعار الجارية والحقيقية للمنتجات البترولية في المجموعتين للفترة 1985 – 2005.
تطور الأسعار المحلية للمنتجات البترولية في الدول العربية وفق المجموعات
(دولار/ برميل)

الأقطار الأعضاء
الدول العربية الأخرى

1985
1990
1995
2000
2005
1985
1990
1995
2000
2005
الأسعار الجارية
14.1
16.3
19.7
29.3
31.2
19.2
20.3
27.4
31.1
32.6
الأسعار الحقيقية*
25.8
23.5
22.0
29.3
29.1
46.1
32.8
33.2
31.1
29.2
* باعتبار عام 2000 كسنة أساس.
لقد انعكس تطور الأسعار للمنتجات على الطلب على الطاقة في الأقطار الأعضاء والدول العربية الأخرى، إذ ساعدت الزيادة في تلك الأسعار في الثمانينات والتسعينات وحتى عام 2005 إلى انخفاض معدلات نمو الطلب على الطاقة كما أشرنا سابقاً. وقد ارتفعت الأسعار الجارية  للمنتجات  من 14.1 دولار للبرميل عام 1985 إلى 31.2 دولار للبرميل عام 2005، أي بمعدل بلغ حوالي 4% سنويا. و يوضح الشكل (21) معدلات النمو في الأسعار الجارية للطاقة ومعدلات استهلاكها في الأقطار الأعضاء في أوابك خلال الفترة 1985 – 2005.


كما شهدت الأسعار الحقيقية للمنتجات البترولية في الأقطار الأعضاء في أوابك ارتفاعا في مستوياتها، حيث ارتفعت من 25.8 دولار للبرميل في عام 1985 إلى 29.1 دولار للبرميل عام 2005، أي بمعدل نمو سنوي بلغ 1%.
         علاوة على ذلك، يذكر أن أسعار المنتجات البترولية في معظم الدول العربية قد شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في السنوات الأخيرة لاسيما وأن الكثير من الدول قامت بتبني برامج إصلاح اقتصادية بهدف تصحيح العجز في الميزانية العامة وفي ميزان المدفوعات مما دفعها إلى زيادة أسعار بعض المنتجات البترولية بهدف ترشيد وتخفيض تكلفة استخدامها.  فمثلاً ارتفعت أسعار الغازولين العادي في الأردن بنسبة 9.5% تقريباً خلال السنتين الماضيتين، وأسعار الغازولين الخاص بنسبة 8.4%، وأسعار غاز البترول المسال بنسبة 14% خلال الفترة ذاتها.  

         وبالتالي فقد تأثر استهلاك الطاقة في الدول العربية بشكل رئيسي خلال السنوات الخمس وعشرين الماضية بمعدل النمو السكاني الذي كان إلى حد ما ثابتاً، وبمعدل النمو الاقتصادي، وبالأسعار المحلية لمصادر الطاقة، لاسيما المنتجات البترولية والغاز الطبيعي،
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق