الأحد، 23 فبراير 2014

تعريف العقلانية تعريف التيار العقلاني الثوري



تعريف العقلانية ، بمعنى الايمان بالعقل وبقدرة الانسان على استجلاء ما خفي من اسرار الطبيعة عرفها العرب ابان نهضتهم الاسلامية الاولى ، ولاسيما بعد اطلاعهم على الفلسفة اليونانية والمامهم بمضامينها ، واستعمالها في علم الكلام للدفاع عن عقيدتهم الدينية. اما العقلانية الحديثة بمعنى (الايمان بمطابقة مبادئ العقل مع القوانين  الطبيعة والاقتناع بقدرة العقل على بناء منظومات تتسع لتشمل مختلف الظواهر ) اي الايمان بكفاية العقل واستقلال مرجعيته، واستبعاد الوحي من دائرة البحث العلمي والتفكير العلمي المنضبط ، فقد عرفها العرب من خلال اتصالهم بالغرب واطلاعهم على المذاهب الفكرية فيه التي ظهرت منذ عصر التنوير وحتى اليوم. ودخلت الى الفكر العربي عن طريق مثقفين من اصول اجتماعية ودينية متميزة  درسوا العلوم الحديثة في الغرب والموا بانتاجه الفكري وبحضارته ومع الاجتياح الغربي للوطن العربي والسيطرة على اقطاره في اعقاب الحرب العالمية الاولى والتحكم بمقدراته وموارده الطبيعية ، فرضت انماط من الحكم والادارة والاقتصاد والتعليم من قبل الدول الاوروبية على العرب ، استهدفت خدمة الاهداف الاستعمارية الغربية ، وتثبيت اقدام هذه الدول ، واضعاف المقاومة الوطنية ، وتفكيك المجتمع ، وضمان التبعية الاقتصادية والفكرية لها .
تعريف التيار العقلاني الثوري
التيار العقلاني الثوري يرى انصار هذا التيار ان الثورة او الانقلاب هو السبيل الوحيد الى تغيير المجتمع تغييراً جذرياً واقامة مجتمع تتوافر فيه العدالة والمساواة وتسوده العقلانية . وقد ظهر هذا التيار كرد على التيار الليبرالي العقلاني الذي مني بالفشل ، وان كانت جذوره مستوردة من الغرب ، ولم تنتشر افكاره على نطاق واسع الا في الخمسينات والستينات من القرن العشرين . ويمثل هذ التيار : الاحزاب الشيوعية في الاقطار العربية ، والماركسيون العرب ، والحزب القومي السوري ، وحزب البعث العربي الاشتراكي ، وحركة القوميين العرب ، وثورة مصر (1952-1970) نقلت الاحزاب الشيوعية العربية الفكر الماركسي - اللينيني كما تبناه الاتحاد السوفياتي . التزمت به دون زيادة او نقصان حتى الحرب العربية - الاسرائيلية سنة 1967. ولم تسع الى فهم الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي العربي من منظور ماركسي - لينيني او ماركسي - ماوي والتزمت بالخط الفكري والسياسي الذي رسمته لها الاممية الشيوعية حتى حلت الاخيرة سنة 1943 واذا استعرضنا برامج هذه الاحزاب خلال هذه الحقبة من الزمن ، وجدنا انها تركز على اقامة (نظام انساني يؤن الخبز والحرية والسلام للشعب كله ) وعلى عدم التمييز بين المواطنين في الجنس او الدين ، واقامة نظام حكم ديمقراطي يضمن الحريات الشعبية الديمقراطية كحرية الصحافة والرأي ، وقيام النقابات العمالية والمهنية والاحزاب السياسية ، والدفاع عن العمال والحرفيين ، والتعاون مع الاتحاد السوفياتي . وكان حل الاممية الشيوعية ، على حد تعبير خالد بكداش ، في تقريره امام المؤتمر الوطني الثاني للحزب الشيوعي في سوريا ولبنان (1943/12/31-1944/1/2) تحريراً للاحزاب الشيوعية التي اصبحت مستقلة كل الاستقلال في نطاقها الوطني ولم يبق لها اي اتصال بأي مركز دولي ، وصار كل حزب حراً تماماً في ادخال ما يراه من تعديل وتحوير على برنامجه وسياسته وبنائه ونظامه . وفي التقرير نفسه ، لخص بكداش برنامج الحزب بقوله (صحيح اننا حزب انقلابي اي اننا نريد انقلابا في حياتنا ومجتمعنا ، ولكن الانقلاب الموضوع امام بلادنا . ليس انقلابا اشتراكياً بل هو انقلاب وطني ديمقراطي .. وحزبنا الشيوعي في سوريا ولبنان ، وهو قبل كل شيء وقبل اي اعتبار اخر ، حزب التحرر الوطني ، حزب الحرية والاستقلال . وجاء في بيان للاحزاب الشيوعية في المشرق العربي (العراق وسوريا ولبنان وفلسطين ) صدر في تشرين الاول / اكتوبر 1948، دعوة الى اقامة جبهة وطنية شعبية تضم القوى الوطنية والديمقراطية لمواجهة الرجعية المحلية للاستعمار ، والى الغاء الاحكام العرفية والاستثنائية ، واحترام الحريات الديمقراطية والنقابية ، ومحاربة النعرات الطائفية والعنصرية . وظل اثر الاحزاب الشيوعية ضعيفا في الحياة السياسية العربية . لقد لخص كريم مروة ، الشيوعي اللبناني ، ازمة الاحزاب الشيوعية العربية واليسار العربي بما يأتي: 1- العجز عن فهم اشكالية التخلف الذي لايزال السمة السائدة في البلاد العربية . 2-غياب التنمية المطلوبة لاخراج البلدان العربية من التخلف او قصورها عن تحقيق ذلك . 3-العجز عن فهم تطور الرأسمالية وتحديد القوى الطبقية في بلداننا المعبرة عنها وعن مصالحها . 4- الاختلاف حول تحديد البيئة الاجتماعية للمجتمعات العربية وتحديد الطبقات الاجتماعية ووزنها ودورها . 5-الاختلاف في تحديد مفهوم الدولة الوطنية ، الدولة الحديثة التي لم تتشكل بعد . 6-الاختلاف حول الديمقراطية على صعيدي الدولة والمجتمع 7-القصور عن فهم ظاهرة تفكك الدولة والكيان والمجتمع في البلاد العربية وظاهرة التطرف والعنف المدمر . 8-العجز عن فهم التفكك الذي يسود العلاقات بين الدول العربية والعلاقات بين القوى الشعبية ومنها قوى اليسار . 9- العجز عن تحديد المفهوم المعاصر لعلاقات العرب بالعالم وبمنجزات العصر . 10-غياب المرجعية النقدية لتاريخ النضال العربي الحديث في القرن العشرين . ويعزو نبيل عبد الفتاح عجز الاحزاب الماركسية العربية عن انتاج فكر ماركسي عربي الى (الوقوع في وهم الاساطير والشعارات الايديولوجية ، وغلبة نزعة القياس التاريخي على واقع مفارق وتحول الاساطير المنتجة الى مدركات وحقائق لدى حلقات منعزلة ، حيث تحول الواقع الى بيان سياسي . ويؤكد معظم الباحثين في ازمة اليسار العربي ، ان السبب الاول في هذه الازمة هو التبعية الذهنية للنموذج السوفياتي ، دون الاجتهاد الفعلي لانتاج نموذج عربي يقوم على دراسة الواقع العربي دراسة علمية موضوعية . والواقع ان الماركسية - اللينينة والاشتراكية قد تبناهما عدد من المفكرين العرب قبل قيام الاحزاب الشيوعية في الوطن العربي . فشبلي الشميل كان من دعاة الاشتراكية ومن رواد التيار المادي في عصر النهضة ، وكذلك كان سلامة موسى . واسس خير الله خير الله مع خمسة من اللبنانيين (الحزب الاشتراكي : الفرع العربي من الاممية العالمية في 1919/7/1 في باريس . وعقد اجتماع مشترك بين هذا الحزب والحزب الاشتراكي المصري في 1919/7/21وتم الاتفاق بينهما على تأسيس (التحالف الاشتراكي الشرقي )وكان نقولا حداد قد اصدر كتابه الاشتراكية عن دار الهلال بالقاهرة سنة 1920 مستندا الى تعاليم ماركس وكتابات لينين . وواجه الماركسيون العرب الاوائل المشكلات نفسها الى واجهها المتأخرون منهم في تمسكهم بالايديولوجيا الماركسية - اللينينة دون ان يعيروا بالا لواقع مجتمعاتهم , وكان تاثيرها ضعيفا في هذه المجتمعات ، مثلما كان فشلهم ذريعا في تحليل واقع بلدانهم المعاش ووضع الحلول للمشكلات التي كانت تواجهها ، وحاول بعضهم الخروج على الانموذج السوفياتي امثال ياسين الحافظ والياس مرقص وسمير امين ، دون جدوى . ويعد انطوان سعادة من قادة هذا التيار العقلاني الثوري المؤمن بالعلمانية وقد تأثر سعادة بآراء فيدال دولا بلاش ور جوهانيت في تعريف الامة ، وبافكار رينان القائلة : (ان الامة تتألف من زواج جماعة من الناس وبقعة من الارض ) وتشبه نظرة سعادة في تمجيد المجتمع على حساب الفرد نظرة البعثيين والقوميين العرب والشيوعيين العرب وتشبه نظرته الى الزعيم والزعامة نظرة الفاشيين والنازيين والشيوعيين . فهو يؤكد ان (البيئة كانت ولا تزال تحدد الجماعة لان لكل بيئة جغرافيتها وخصائصها ) وقد حارب سعادة الروح الطائفية والنزعة الانعزالية في لبنان . وانشا الحزب القومي السوري ليكون الاداة اللازمة للانقلاب وبناء الدولة السورية التي تشمل اقطار بلاد الشام ، ثم اضيف اليها العراق وجزيرة قبرص ولم يتردد الحزب في السعي الى تحقيق اهدافه بالعنف او الانقلاب العسكري . وكان يؤمن ان النظام البرلماني غير مؤهل لاحداث التغيير الذي يسعى اليه الحزب . وتضمن القسم الاصلاحي من مبادئ الحزب فصل الدين عن الدولة وازالة الحواجز بين مختلف الطوائف والمذاهب والغاء الاقطاع . ويصف سعادة حزبه بهذه العبارات :(نحن حركة هجومية ، لاحركة دفاعية . نهاجم بالفكر والروح ونهاجم بالاعمال والافعال ايضا . نحن نهاجم الاوضاع الفاسدة القائمة التي تمنع امتنا من النمو ومن استعمال نشاطها وقوتها . نهاجم المفاسد الاجتماعية والروحية والسياسية . نهاجم الحزبيات الدينية ، نهاجم الاقطاع المتحكم بالفلاحين ، نهاجم الرأسمالية الفردية الطاغية ، نهاجم العقليات المتحجرة المتجمدة ، نهاجم النظرة الفردية ونستعد لمهاجمة الاعداء الذين يأتون ليجتاحوا بلادنا بغية القضاء علينا لنقضي عليهم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق