الثلاثاء، 18 فبراير 2014

تعريف التربية على المواطنة



التربية على المواطنة هي التنشئة على قيم الحرية ، التضامن ، الاحترام المتبادل ، التسامح ، حرية التعبير و إبداء الرأي ، الكرامة المستحقة للإنسان ، تكافؤ الفرص ، المساواة ، العدل ، البيئة السليمة ، التعاون ،،،،،
يتحدد مفهوم التربية علي المواطنة انطلاقا من الإعتبارات التالية:
1- المصلحة العامة التى تجعل الفرد شريكا للجماعة داخل الدولة :
وهذه المصلحة يلمسها الفرد في حاجته إلي الجماعة وتحقيق مصالحه الخاصة وهي متحققة لدي الجميع وربما هي الإعتبار الوحيد الذي نعيشه بالفعل ويعمل علي توجيه سلوكنا ، لكنه توجيه قد لايخدم قيم المواطنة.
2- حب الوطن الذى جبل عليه الإنسان نتيجة عوامل نفسية واجتماعية وثقافية
والوطن في مفهوم المجتمع الموريتاني هو مسقط الرأس( قرية صغيرة أو مدينة أو حتي بئرا أو مخيما) ولم يشمل مفهومه في الثقافة المحلية البلاد كلها.
3- الالتزام بالقانون الذى يفرض على الأفراد داخل الدولة منظومة من السلوكيات الضرورية تحددها شروط الحصول على الجنسية الموريتانية
وهذا الإعتبار هو الأخطر في ترسيخ مفهوم المواطنة لأنه يتعلق بمؤسسات الدولة ومدي تطبيقها للقوانين.
فما أكثر أن يشرح أستاذ التربية المدنية درسا يتعلق بالقانون فيتصدي له تلميذ ليقول:
إن هذا القانون لانجد له تطبيقا ... ولايجد الأستاذ بدا من الإعتراف بأن الدرس نظري (مايجب أن يكون ) لاماهوكائن .
لا يكفي إذا حشد الذهن بمعلومات حول المدنية والتضامن وإحترام القوانين والأملاك العامة والحرية والمساواة والاختلاف، وغير ذلك من الحقوق والواجبات؛ بل إن التربية علي المواطنة تقوم أساسا علي أن يمارس المتعلم تلك الحقوق، وأن يراها واقعا مطبقا لكي يؤمن بها وجدانيا، و يعترف بها حقوقا للآخرين، ويحترمها كمبادئ ذات قيمة عليا، إنها ليست تربية معارف للتعلم فقط، وإنما هي تربية قيم للحياة والعيش، انطلاقا من أن التلاميذ لا يريدون أن يتعلموا حقوقهم فقط، وإنما أن يردون أن يعيشوها في حياتهم حتى تكون سلوكا لديهم. فالأمر يتعلق ، إذن، بتكوين شخصية للطفل المتعلم تأسس نظرته إلى الحياة ووجدانه ومشاعره .
إن التربية علي المواطنة تتطلب وضع إستراتيجية سوسيوثقافية وبيداغوجية ترتكز علي مشاركة واسعة علي المستويات التالية:
أ ـ الأسرة:
إن ما تكسبه الأسرة لشخصية الفرد في مرحلة التنشئة الأولي يمتد أثره، إيجابا أو سلبا، على تفكيره وسلوكه في مراحل ما بعد طفولته الأولى، ولعل ذلك ما يجعل من التربية داخل الأسرة اللبنة الأولي في ترسيخ مفهوم المواطنة ومايحدث اليوم في الأسرة الموريتانية هو تنشئة تقوم علي وعي معاكس يزرع بذور التفرقة والتهرب الضريبي والتحايل علي القوانين ...
ب ـ التعليم الأساسي:
إن نوعية ما يكتسبه التلميذ في التعليم الأساسي، باعتباره مرحلة انتقال من الأسرة إلى المدرسة، له أثر على تربية الطفل وتفتحه المبكر، ومن ثمة يلزم أن تؤسس مرحلة التعليم الأولي للتربية على حب الوطن وأن يعمل المعلم علي صقل رواسب تنشئة الأسرة والوعي المجتمعي المضاد والتركيزعلي التكيف والتعاون مع بقية التلاميذ وترسيخ قيم المساواة الحقيقة وهي أمور لايزال المعلم الموريتاني غير منشغل بها وله أعذاره في ذلك.
ج ـ الأنشطة المدرسية:
ينبغي أن تقام، داخل الفضاء المدرسي و خارج الفصل وحصص المواد الدراسية أعمال تربوية واجتماعية وثقافة ، تكون مصدر تربية على قيم وسلوكيات يقتضي الأمر أن تنسجم مع مبادئ التربية علي المواطنة، تعززها وترسخ الوعي بها والسلوك المتوافق معها.لكن الموارد الضرورية لذلك غير مرصودة أصلا في ميزانيات المدرسة أو أنها لاتصل في وقتها أو لا تأخذ طريقها الصحيح. كلها أمور واردة والنتيجة واحدة غياب كامل في مدارسنا النظامية لأي جهد في هذا الإتجاه.
د ـ وسائل الإعلام:
تشكل وسائل الإعلام بالنسبة للمتعلم مصدر تلقي معلومات ونماذج من السلوك والقيم السائدة في بيئته ومحيطه، وخارجها أيضا، وتساهم بذلك وسائل الإعلام في تشكيل ذهن الطفل وتطلعاته وأنماط سلوكه، سواء كانت تخصه كفرد، أو في علاقته مع الآخرين، والأهم من ذلك ما تقدمه تلفزيونات الأطفال أو البرامج المخصصة للأطفال وما تخلق لديهم من نماذج سلوكية واعية يسيرون علي هديها وتؤثر في توجيه شخصياتهم وتساعد في تبنيهم للسلوك الصحيح والمناسب لقيم المواطنة.
ومع انتشار بث ووسائل الإعلام الأجنبية والعربية أصبحت الهوية المحلية مهددة وبدأت ثقافة وقيم الآخر تتسلل إلي الجيل الصاعد خاصة في ظل غياب إعلام وطني فعال وناضج ومنافس.
ونحن نعرف أن إعلامنا العام لازال حبيس برامج الدعاية السياسية المجافية للحقائق الواقعية مما يجعله غير مقنع ولا مسموع ولايلعب الأدوار التنموية الشاملة بشكل ديناميكي وناجع.
إن التربية علي المواطنة ليست مشروعا بيداغوجيا ، و تربويا فحسب، إنها مشروع سوسيوثقافي يعمل علي تحديث العقل، وتنمية الإنسان، وتنوير القيم في أفق عقلاني إنساني تحرري يقر الحق ويحترم الواجب، ولكي يحقق هذا المشروع أهدافه لابد من قيام نظام سياسي ديمقراطي، مدني، حقيقي .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق