الجمعة، 28 فبراير 2014

المواطنة وحقوق الإنسان



المواطنة وحقوق الإنسان :
         تواجه التفرقة بين مصطلح المواطنة ومصطلح حقوق الإنسان قدراً كبيراً من الصعوبة. إذ تدق هذه التفرقة في أحيان كثيرة, ولذلك يذهب البعض إلى القول أنه في بعض الأحيان, إذا توافرت ظروف معينة, قد نجد أن المصطلحين متطابقين تمام التطابق, غير أن الواقع أن هناك فوارق جوهرية بين المصطلحين وإن كانت هذه الفوارق من الدقة بحيث أنها تخفى في الكثير من الأحيان حتى على بعض الباحثين المدققين.
والواقع أن الخلط الذي يشوب هذه التفرقة يعود على سببين رئيسيين, أولهما اشتراك كل من المصطلحين في عدد من العناصر فعلى سبيل المثال تعد الحريات السياسية والتنمية والرفاهية والعدالة من العناصر المشتركة بين كل من حقوق الإنسان والمواطنة, أما السبب الثاني الذي يؤدي إلى الخلط بين المصطلحين, فهو ما جرى عليه العمل في النصف الأخير من هذا القرن من تصدي العديد من الجهات, منها المغرض ومنها الجاهل للدفاع عن حقوق الإنسان, وانتشار المصطلح بدرجة غير عادية, حتى أنه غطى على مصطلح المواطنة, وأصبحت حماية حقوق الإنسان تفوق في الأهمية إقرار مبادئ المواطنة الصحيحة ووضعها موضع التطبيق العملي.
وواقع الأمر أنه بتحليل عناصر كل من المصطلحين فأننا سنلاحظ على الفور أن المواطنة هي مصطلح أكثر شمولاً من مصطلح حقوق الإنسان, وكما يقرر البعض أن حقوق الإنسان ليست إلا أحد العناصر المكونة لمفهوم المواطنة, غاية ما في الأمر أنها تحظى ببعض التمايز ذلك أنها تحتوي في بناءها الداخلي بعضاً من المفاهيم التي قد تمثل جزءاً من التكوين العام لفكرة المواطنة.
وعلى سبيل المثال, إذا كانت فكرة حقوق الإنسان في تصورها المثالي تحتوي في بنيتها وهيكلتها العامة بعض المبادئ المتعلقة بالحريات العامة والتنمية والعدالة وحرمة الجسد , فإن فكرة المواطنة لا تشمل فقط إسباغ الحماية على هذه المبادئ بل يمتد إلى ما هو ابعد من ذلك بكثير إذ تجعل من كافة السياسات العامة التي تمس مصالح المواطنين, جزءاً من مسئوليات الدولة, فالدولة تلتزم طبقاً لمبادئ المواطنة بالعمل على تحقيق كل ما من شأنه تحقيق التقدم العام, وإقرار الأمن في البلاد, ومن ناحية أخرى فإن الحماية التي تسبغها فكرة المواطنة على العناصر المكونة لها تزيد كثيراً عن الحماية التي تقررها فكرة حقوق الإنسان, وبمعنى آخر فالحماية المقررة لحقوق الإنسان لا تعدو أن تكون حماية أدبية, لا تتعدى الإدانة أو الشجب, ذلك أنه في ظل الفكر العالمي الحالي الذي يأخذ بمبدأ الحماية الدولية لحقوق الإنسان, فإن وضع هذه المبادئ وهذه السلطة مفتقدة في ظل النظام الدولي الحالي, ومن الصعوبة القول بأنه يمكن أن توجد في المستقبل المنظور, ذلك أن مبدأ سيادة الدولة لا يزال يمثل جوهر الإطار الفكري الذي يسيطر على مبادئ التنظيم الدولي المعاصر, وفي الوقت الذي تتمتع فيه مبادئ المواطنة بالحماية الداخلية على يد الدولة التي تملك من السلطات اللازمة ما يمكنها من القيام باتخاذ الإجراءات اللازمة لوضع هذه المبادئ موضع التطبيق.
ويلخص البعض من خلال المعطيات السابقة إلى أن "نظرية المواطنة هي الأصل ونظرية حقوق الإنسان هي الفرع, ووجود تطبيق واقعي وحقيقي لمبادئ المواطنة, يعني أن هناك تطبيقاً كاملاً لمبادئ حقوق الإنسان, بيد أن أدعاء دولة ما بأنها تطبق مبادئ حقوق الإنسان, على فرض صحة هذا الادعاء لا يعني بالضرورة أنها قد استكملت أداء مهامها كدولة تملك سلطة الحكم, بالرغم ما يروج له الخطاب السياسي العالمي من تفضيل لمصطلح حقوق الإنسان على مصطلح المواطنة .


مكونات المواطنة:
للمواطن عناصر ومكونات أساسية ينبغي أن تتحقق حتى تحقق المواطنة وهذه المكونات هي:
1- الانتماء:
الانتماء للوطن هو الانتماء للشعب بكل فئاته ومعتقداته والأرض, ويجسد بالتضحية من أجلها, تضحية نابعة من شعوره بحب ذلك الوطن وشعبه.
ومن هنا يتضح أن مفهوم الانتماء هو السلوك والعمل الجاد الدءوب من أجل الوطن والتفاعل مع كل أفراد المجتمع مع اختلاف معتقداتهم من أجل الصالح العام, فالانتماء لغة واصطلاحاً وسلوكاً يصب في بوتقة واحدة من حيث العطاء والارتفاع فوق الصغائر, والخدمة المخلصة للوطن وشعبه, بحيث كلما ارتفع العطاء المستمرة, تصبح مقياساً للانتماء الصادق والحقيقي.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق