الأربعاء، 26 فبراير 2014

مساعي جهود الدول العربية لتحقيق الجودة ونطبيق توكيد الجودة والاعتماد في التعليم العالي :



مساعي الدول العربية لتحقيق الجودة في التعليم العالي :
        أوضحت دراسة عبد الحليم وشاكر  Abdel-Halim & Shaker (1979) أن الإصلاح التعليمي في الدول النامية, يكون بتطبيق استراتيجيات محددة عند إحداث التغيير. فمن أهم عوائق الإصلاح القصور في أدوات التعليم, والدعم المادي, والمدرسين, والمركزية. وقد تبنت معظم الدول العربية مؤخراً نماذج عالمية لتوكيد الجودة والاعتماد الأكاديمي لمؤسسات التعليم العالي, مثل مصر, وعمان, والإمارات العربية المتحدة, والأردن, والسودان, وقطر, والعراق, والسعودية, وفلسطين, وليبيا. كما خصصت لذلك عدة مؤتمرات لمناقشة الأطروحات الخاصة بذلك وعرضت التجارب العالمية والعربية, ومنها مؤتمرات أقيمت في بيروت, ومصر وليبيا. وكان من أهم هذه المؤتمرات مؤخراً المؤتمر الأول لجودة الجامعات المنعقد في دولة الإمارات العربية المتحدة عام 2006 , والذي تم فيه استعراض تجارب عدة جامعات. واتضح من خلال أوراق العمل المقدمة أن الجامعات العربية في طور بناء لنظم تقويم وتوكيد الجودة بشكل عام. وكان من أبرز التجارب التي عرضت تجارب الجامعات العربية المفتوحة في الدول العربية, ومنها الجامعة العربية المفتوحة بالمملكة العربية السعودية التي سارت بخطوات واسعة في هذا المجال. حيث إنها ترتبط بالجامعة البريطانية المفتوحة, وتعقد معها شراكة واتفاقية اعتماد, لذلك فهي تلبي متطلبات مؤسسات ضمان الجودة البريطانية. وحصلت الجامعة العربية المفتوحة على الاعتماد المؤسسي, وعلى اعتماد لثلاثة من برامجها من هيئات خارجية. ومن الجدير بالذكر أن الجامعة أنشئت عام 2002 تحت مظلة برنامج دول الخليج العربي بدعم من البرنامج الإنمائي بمنظمة الأمم المتحدة (الزكري, 2006). وهناك المؤتمر الوطني الأول للجودة في التعليم العالي المنعقد في المملكة العربية السعودية عام 2007 والذي استعرض الخبرات والتجارب العالمية في المجال.
رابعاً: جهود عالمية لدعم تطبيق توكيد الجودة والاعتماد في التعليم العالي:
          تعتمد فلسفة توكيد الجودة باستخدام معايير الاعتماد على رفع مستوى الأداء عن طريق وضع معايير للمستوى المقبول من الأداء – بحيث يمكن تجاوز هذا المستوى- وتقع على المؤسسة مسؤولية تحقيق هذه المعايير. ويقتضي ذلك قيام المؤسسة بالتقييم الذاتي والتخطيط للتغيير المطلوب -موجهة بالمعايير- من أجل اجتياز التقييم الخارجي, والحصول على الاعتماد, وتستمر دورة التحسن والتغيير دورياً. وتعتمد الدول المتقدمة التي تطبق هذا النظام في مجال التعليم لتحسين جودته, مثل الولايات المتحدة الأمريكية, على النظام التعليمي الموجود لديها, وعلى الإمكانيات المتقدمة لدى المؤسسات التعليمية من بشرية ومادية. وقد أوضح جبريك وكرانينبرغ Gerbic and Kranenburg  (2003) أثر نماذج التقويم على تحسن البرامج.
           والتحدي الذي تواجهه الدول النامية في تطبيق هذا النظام هو قصور الإمكانيات البشرية والمادية ونظم التعليم والتخطيط لديها. واستدعى ذلك تدخل هيئة الأمم المتحدة للثقافة والعلوم (اليونسكو) لدعم جهود الجودة والاعتماد الأكاديمي في التعليم العالي في هذه الدول, ومنها الدول العربية. وقد شجعت اليونسكو على تبني منهجية بناء القدرة Capacity building   كطريقة للوصول للأهداف والمعايير المطلوبة. وشملت جهودهم في مجال بناء القدرة في المنطقة العربية تبني وزراء التعليم العالي في البلدان العربية في المؤتمرات ما بين 2000 إلى 2003 تأسيس وكالات على مستوى كل بلد, وإيجاد إطار مؤسسي لتوكيد الجودة.  وأوضحت الأوراق المقدمة أن المناطق العربية لم تصل للمستوى المطلوب من الجودة لافتقادها للأشخاص المؤهلين للقيام به, وتحتاج لوقت طويل لتطبيق أنظمة الجودة.  لذا فقد قامت اليونسكو بمبادرات كان من أهمها تدريب مختصين من الدول العربية على تقييم البرامج والكليات وهيئات التدريس. واعتمد التدريب على منهجية بناء القدرة من خلال التعلم بالعمل "learning by doing" (اليونسكو UNESCO , 2004, ص: 7). وأدى تحليل آليات توكيد الجودة وأنشطتها على مستوى البلدان العربية من 150 مؤسسة إلى تحديد عدة قضايا ومعالجتها خلال منهجية بناء القدرات (المرجع السابق, ص: 13).
        وفي عام 2004, أقامت اليونسكو ندوتها العالمية الأولى في هذا المجال واقترحت خطة عمل  Action   Plan  لتطبق بين 2004 و 2005 مؤكدة على وضع المعايير وبناء القدرات. وكان المؤتمر الإقليمي لليونسكو بمثابة الاتفاق على الاعتراف بمؤهلات التعليم العالي, مع ضرورة تقديم المعايير العالمية, وذلك لازدياد حرية تقديم الخدمات التربوية, ووضع خطة عمل لتحقيق ذلك (UNESCO, 2004). كما هدف المؤتمر الإقليمي الثاني لليونسكو عام 2005 إلى وضع استراتيجية لبناء القدرات, ودعم أهداف خطة العمل السابقة, ووضعت إرشادات لتحقيق توكيد الجودة من خلال إطارا عالمي. وبناءً على ذلك قامت المنظمة بدراسة لتقييم الاحتياجات  Needs assessment وقامت بتحديد الجهود المطلوبة لبناء القدرات في المنطقة. وتمت مناقشة الموضوع في ورش العمل, وامتدت هذه الدراسة لعدة أشهر.


خامساًً: دعم تطبيق توكيد الجودة والاعتماد عن طريق منهجية بناء القدرة:
         لقد أصبح تطوير نظم توكيد الجودة ضرورة, ليس فقط لمراقبة الجودة في التعليم العالي في الدولة, بل للمشاركة في تقديم التعليم العالي عالمياً وعبر الحدود. وأدى تنقل التلاميذ والموظفين والمختصين والأساتذة إلى تحديات لأطر وهيئات توكيد الجودة الموجودة وللاعتراف بالمؤهلات . ويتضمن قياس الجودة كثيراً من الأنشطة التقويمية التي تشمل التعبير عن مدى الالتزام بالمعايير بشكل كمي والتعريف بالمؤشرات, وتطوير نظم المعلومات وأدوات التقييم, وتحليل وتفسير النتائج (سليبمبيري وآخرون Slimperi, et al. , 2002 ).
         وفي السنوات الماضية كان الاهتمام بأسئلة "ماذا" و "لماذا" من حيث الجوانب المادية والبشرية في مؤسسات التعليم العالي, ولم يعط اهتمام كافٍ لأسئلة "كيف", مما  أدى لضعف البناء التنظيمي المؤسسي, وضعف إمكانيات أداء أنشطة التقويم بالمؤسسات التعليمية. ويشير لويس Lewis (2007) إلى أن التوجه الحديث في توكيد الجودة يهتم بالتحسين enhancement الذي يركز على التحسن المستمر للجودة, بدلاً من المساءلة accountability التي تركز على أن المؤسسة تثبت أنها تعمل بمستوى مساوٍ, أو أعلى, من معايير الحد الأدنى المطلوبة.
         وعادة ما يساعد تحديد الاحتياجات التدريبية للأفراد والمؤسسات على تلبية الاحتياجات والتطبيق  الجيد لأنظمة الجودة (ميلر وآخرون Miller, et al., 2002).  ونظراً لكون ميزانيات المؤسسات محدودة, كان لابد من التفكير في أفضل الطرق للاستفادة منها في بناء قدراتها (UNESCO, 2005).  كما أشار كريتزمان وماكنايت  Kretzman and McKnight (1993) إلى أنه من المهم الاستفادة مما يمتلكه المجتمع في التطوير asset-based community developers . ويساعد بناء القدرات في وضع تغيير متعدد المستوى للأفراد والمجموعات والمنظمات ليستطيعوا التجاوب مع المتغيرات بشكل مستمر. ويرى موريسون Morrison (2001) أن بناء القدرة يهتم بصنع "منظمة تعلمية" Learning organization , ويشمل مستويات مختلفة تشمل الفرد والمؤسسة والنظام .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق