الاثنين، 24 فبراير 2014

القدرات العقلية والابتكارية والعديدة عند الاطفال




القدرات العقلية :
القدرة المركزية
معظم الأطفال في مرحلة ما قبل الدراسة ومرحلة المدرسة الابتدائية يظهرون ضعفاً في التركيز والانتباه يتضح في بعض المواقف، خاصة إذا كانوا ينجزون عملاً لا يحظى باهتمامهم. هذا لا يعني بالضرورة أن هناك خطأ ما، فالأطفال بطبيعتهم نشطاء وفضوليون وفي بعض الأحوال مندفعون. وقد يعاني الأطفال من صعوبة التركيز لأسباب عديدة. فقد لا يشعرون بالارتباط بالمدرسة سواء لأن المواد الدراسية بالغة الصعوبة أو بالغة السهولة بالنسبة لهم. كما قد تكون مهاراتهم اللغوية ضعيفة أو يعانون من ضعف في السمع أو الإبصار. وقد يكونوا محبطين. وهناك فئة قليلة من الأطفال يمكن تشخيص حالتهم باضطراب نقص الانتباه والحركة المفرطة (ADHD) لو أن مشاكل نقص الانتباه لديهم شديدة وتتعارض مع حياتهم اليومية العادية. وبإمكان كل من أولياء الأمور والمدرسين اللجوء إلى العديد من التكتيكات لمساعدة الأطفال على الانتباه.
وتفيد تلك التكتيكات كلا من الأطفال ذوي الحركة المفرطة في الحدود الطبيعية أو الأطفال الذين يعانون من اضطراب نقص الانتباه والحركة المفرطة. كل الأطفال الصغار الطبيعيين يتسمون بالنشاط وحب الاكتشاف واللهو والاندفاع وعادة لا ينكبون على مهمة محددة أو نشاط معين سوى لفترة قصيرة من الزمن، فقدرتهم على الانتباه تعتمد إلى حد كبير على ما يفعلونه.
فالطفل الصغير عادة ما يستطيع التركيز في مشاهدة برنامج تليفزيوني محبب لمدة أطول من التي يقضيها في محاولة قراءة قصة مملة. الأطفال يتمتعون بالفعل بقدرة هائلة على التركيز من عمر مبكر جداً، وقد يحسد الراشدون الطفل الصغير الذي لا يتعدى عمره عدة أيام على قدرته على التركيز في الرضاعة سواء الطبيعية أو من الزجاجة. ولكن مع دخول الأطفال مرحلة المشي، ثم الطفولة المبكرة يتوقع منهم الكبار قدرة على التركيز على مجال واسع ولفترات طويلة. وبعض الآباء لديهم توقعات عالية وغير واقعية بخصوص قدرة الطفل الطبيعي الذي يبلغ من العمر أربع أو خمس سنوات على الجلوس ساكناً والتركيز في مهمة واحدة لمدة طويلة، ويزداد الأمر صعوبة لو أن تلك المهمة لا تحظى باهتمام الطفل.
قدرة الأطفال على التركيز تستمر في التطور طوال فترة الطفولة ولكن هناك اختلافات بين الأطفال في المدة التي يستطيعون الاستغراق فيها في بعض المهام مثل الرسم أو السير خلف الآباء في السوبر ماركت أو الجلوس في الفصل الدراسي والاستماع إلى قصة ما أو إنجاز واجباتهم المدرسية بمفردهم. فبعض الأطفال يستطيعون المثابرة على المهام التي تطلب منهم داخل حجرة الدراسة والبعض الآخر لا يتمتع بالصبر اللازم لإنجاز ذلك.
قدرة الطفل على التركيز تعتمد جزئياً على مزاجه الخاص، كما تعتمد أيضاً على تنشئته. على سبيل المثال إذا ما كان الطفل يتلقى المديح والمكافأة عادة على تركيزه وتوضيح وتأكيد الوالدين على الحدود المقبولة والحدود المرفوضة لسلوكه.)
مفهوم القدرة الابتكارية:

هناك تباين واضح في وجهات نظر الباحثين حول موضوع الابتكار،فمنهم من يرى انه قدرة عقلية،ومنهم من ينظر اليه على انه قدرة عامة مكونة من قدرات بسيطة تنتظم فيما بينها لتكون القدرة الابتكارية العامة،والبعض الآخر يعتبره عملية نفسية.

وفي هذا الاطار،يرى العالم"هوبكنز" ان الابتكار هو الذات في استجابتها عندما تستثار بعمق وبصورة فعلية".إلا ان هذا الرأي ،يطرح مشكلة الاستجابة لمؤثرات البيئة الخارجية، لكنه يجعل الذات مركزا للفاعلية،ويهمل تأثير هذه الذات فيما حولها.وبالإضافة الى ذلك،فانه لم يشر الى تكوين القدرة الابتكارية،أي انه لم يحدد ما اذا كانت قدرة عقلية او قدرة نفسية،مما يعبر عن نقص في هذا المفهوم.لكن العالم"جيلفورد" يجد حلا لهذه المشكلة،حيث يرى أنها تنظيمات لعدد من القدرات المتداخلة فيما بينها.

أما "لالانـد" فيرى ان الابتكار يرتكز على انتاج أشياء جديدة حتى وان كانت عناصرها موجودة من قبل،كابتكار عمل من أعمال الفن،او غيرها من الأعمال التي تتسم بالجدية.أما الاختراع فهو يعد من الجوانب الابتكارية غير انه يعتمد على الانتاج المركب وهو ادماج جديد لوسائل من أجل الوصول الى هدف معين،والاختراع هو عكس الاكتشاف الذي يطلق عليه اكتساب معرفة جديدة لأشياء كان لها وجود سابق،كاكتشاف "كريستوفر كولومبس" لأمريكا(مثلا)،وهذا الاكتشاف لم ينتج أمريكا،وانما أكتشفها فقط.وباختصار فان العالم"لالاند" أشار الى ان الإبداع او الابتكار"هو إنتاج شيء ما على ان يكون شيئاً جديدا في صياغته،وان كانت عناصره موجودة من قبل كإبداع عمل من أعمال الفن او التخيل الإبداعي.."

أما الاختراع الذي هو أحد جوانب الإبداع،"فهو إنتاج مركب جديد من الأفكار او هو بوجه خاص إدماج لوسائل من أجل غاية معينة..والاختراع بهذا المفهوم هو عكس الاكتشاف الذي لا يطلق إلا علا اكتساب معرفة جديدة لأشياء كان لها وجود من قبل سواء كان هذا الوجود ماديا او كان نتيجة لمعلومات سبق وجودها.."
 ويعتبر"بول تورانس" ان الابتكار هو"عملية يصبح فيها الفرد أكثر حساسية للمشكلات وأوجه النقص،وفجوات المعرفة الناقصة وعدم الانسجام وغير ذلك،فيحدد فيها الصعوبة،ويبحث عن الحلول،ثم يقوم بوضع تخمينات،وصياغة الفروض من النقائص،ثم يختبر هذه الفروض ويعيد اختبارها،ثم يقدم نتائجه في نهاية الأمر"
والقدرة العددية
Numerical يمكن تعريفها بانها نشاط عقلي وتمتاز السرعة ودقة إجراءات العمليات الحسابية الرئيسية البسيطة اذ تشمل؛العامل الحسابي اي القدرة على استنتاج الحسابي لمسائل عددية بسيطةوعامل الجبروهو القدرة على استخدام أو تعويض الرموز بدل الأرقام واكتشاف الرموز المقابلة لهاوكذلك عامل الهندسةالذي يعني القدرة على إدراك العلاقات المختلفة بين الأشكال وحركاتها والمجسمات.

التذكر :الذاكرة كغيرها من الفعاليات العقلية تنمو وتتطور، وتتصف ذاكرة الطفل في السادسة بانها آلية. معنى ذلك ان تذكر الطفل لا يعتمد على فهم المعنى وانما على التقيد بحرفية الكلمات. وتتطور ذاكرة الطفل نحو الذاكرة المعنوية (العقلية) التي تعتمد على الفهم. ان التذكر المعنوي لايتقيد بالكلمات وانما بالمعنى والفكرة، وبفضله يزداد حجم مادة التذكر ليصل الى 5 ـ 8 اصناف. كما ان الرسوخ يزداد وكذلك الدقة في الاسترجاع. ويساعد على نمو الذاكرة المعنوية نضج الطفل العقلي وقدرته على ادراك العلاقة بين عناصر الخبرة وتنظيمها وفهمها. يتطور التذكر من الشكل العضوي الى الارادي. ان الطفل في بداية المرحلة يعجز عن استدعاء الذكريات بصورة ارادية وتوجيهها والسيطرة عليها ويبدو هذا واضحا في اجابته على الاسئلة المطروحة عليه اذ نجده يسترجع فيضا من الخبرات التي لاترتبط بالسؤال. وتدريجيا يصبح قادرا في اواخر المرحلة على التذكر الارادي القائم على استدعاء الذكريات المناسبة للظروف الراهنة واصطفاء مايناسب الموقف. ذاكرة الطفل وذاكرة الطفل ذات طبيعة حسية مشخصة في البداية.. فهو يتذكر الخبرات التي تعطى له بصورة مشخصة ومحسوسة وعلى شكل اشياء واقعية فلو عرضنا امام الطفل اشياء وصورا مشخصة وكلمات مجردة، وطلبنا منه بعد عرضها مباشرة ان يذكر ماحفظه منها، لوجدناه يذكر الاشياء والصور والاسماء المشخصة اكثر من تذكره للاعداد والكلمات المجردة ولهذا السبب يستطيع طفل المدرسة الابتدائية (لاسيما السنوات الاربع الاول) الاحتفاظ بالخبرات التي اكتسبها عن طريق الحواس. ولذلك ينصح باعتماد طرق التدريس في تلك الصفوف بوجه خاص على استخدام الوسائل الحسية والممارسة العملية المشخصة للوصول الى خبرات واضحة اكثر ثباتا في الذهن.
القدرات العقلية..وعلاقتها الجدلية بالتحصيل العلمي

يحظى موضوع القدرة الابتكارية والتفكير العلمي والموهبة باهتمام كبير من قبل العلماء والمتخصصين في علم النفس والتربية منذ النصف الثاني من القرن الماضي،والدليل على ذلك،الزيادة المطردة في عدد البحوث والدراسات التي تنشر في مختلف بلدان العالم،مما يبرز مدى الاهتمام المتزايد بالقدرة الابتكارية من قبل الباحثين السيكولوجيين والمربين.

ويرجع هذا الاهتمام المتزايد الى التطورات الحديثة الي يشهدها علم النفس،وعلوم التربية من جهة،والتقدم العلمي والتكنولوجي من جهة أخرى،بالإضافة الى توجه العلماء الى دراسة الابتكار كقدرة عقلية نامية،يمكن تربيتها منذ السنوات المبكرة من حياة الفرد،وذلك بالكشف عنها بواسطة اختبارات،وطرق علمية تساعد على انتقاء الأفراد الذين يتميزون بهذه القدرة لتوفير المناخ البيئي والتربوي المناسب لنموها نموا سليما.

ولا شك ان الاهتمام بالمبتكرين والقدرات الابتكارية له ما يبرره،ذلك انه من مقومات الحضارة الإنسانية،إذ ان الحضارات وجدت بالعقول المبتكرة،وبقيت صامدة في وجه الأحداث بما تحتويه من مبتكرات أبنائها مثل، الحضارة اليونانية،والحضارة الصينية وغيرها من الحضارات،مما يعني ان الأمم ترقى وتزدهر بما لديها من عقول نيرة مبتكرة.ومن هنا نجد المربين اليوم يولون اهتماما بالغا بالمبتكرين،ومحاولة البحث عنهم،وتخصيص لهم الأقسام الخاصة بهذا بغرض تربيتهم تربية تتوافق مع قدراتهم الابتكارية(1).

لقد بدأت مجتمعات العالم الثالث تتفطن في السنوات الأخيرة الى أهمية العقول المبتكرة في بناء الحضارة،وتقليص الهوة التي تفصلها عن المجتمعات المتطورة،فخصصت لذلك الأموال الطائلة،وبدأت تغير أنظمتها التربوية وتوجيهها وجهة تتوافق مع أهدافها ومطامحها لتحقيق الغايات المنشودة،إيمانا منها بأهمية عنصر التجديد في الحضارة،وهو ما يعني الإيمان بأهمية التربية في بناء وتجديد الحضارة، حيث ان عنصر التجديد هو من أهم مقوماتها.

والحقيقة التي لا يمكن تجاهلها،ان الحضارة اذا فقدت عنصر التجديد لسبب ما،فإنها تصبح مهددة بالركود،ثم الانحطاط..وإذا كان للإصلاح عـدة أغراض،فان من أهمها،شحذ عبقرية الأمة ودفعها الى الإبداع والتجديد انطلاقا من خدمة التراث الأصيل.فالاكتشاف لمجاهل الكون،هو إثراء للمعرفة وللمنظومة التربوية بحكم موقعها كالعمود الفقري في كيان الأمة الحضاري الشامل والمتكامل،والتي تحتاج الى الإصلاح لتساهم بدورها في عملية التغيير المنشود.فالتربية هي من أهم وسائل الرقي الحضاري والازدهار الثقافي(2).وبذلك يمكن القول ان الحضارة اذا خلت من عنصر التجديد،فإنها تفقد حيويتها ونموها.

وإذا كانت المدرسة في مرحلتيها الأولى والمتوسطة،تمثل حلا بديلا للمشكلة التربوية،فان السؤال الذي يطرح نفسه في هذا الاتجاه هو، الى أي حـد تساهم المدرسة في تنمية قدرات ومواهب وآراء الأفراد المتعلمين وخاصة فيما يتعلق بالقدرة على التفكير الابتكاري التي تعد من أهم القدرات العقلية التي تجعل الفرد يساهم في عملية البناء الحضاري؟،ذلك باعتبار ان الأمم اليوم ترقى وتزدهر بما لديها من عقول مبتكرة ومجددة.

والحقيقة أن الإجابة على هذا التساؤل المطروح،تتطلب دراسة علمية،تكشف عن مدى العلاقة القائمة بين ما يحصله الفرد المتعلم في هذا النظام التربوي وقدرته الابتكارية،فضلا عن تكوينه في الجوانب الأخرى من شخصيته،ذلك ان شخصية الإنسان تبقى وحدة متكاملة غير قابلة للتجزئة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق