الثلاثاء، 25 فبراير 2014

الاخلال بالتوازانات الطبيعية التلوث نتيجة الحروب



الإخلال بالتوازن
 لا يجوز الإخلال في التوازن الموجود في العالم كما قال سبحانه: (من كل شيء موزون)(28)، فإن الإخلال في التوازن يسبّب خللاً عاماً وضرراً كبيراً في الإنسان والحيوان والنبات. فعلى سبيل المثال زاد المحصول السمكي العالمي بما في ذلك النباتات البحرية من (60 مليون) طن في سنة 1390ه (1970م) إلى (71 مليون) طن في سنة 1409ه (1989م)، وهذا المعدل أيضاً زاد بعد ذلك إلى يومنا هذا، وتدعو تقريرات منظمة الأغذية والزراعة إلى عدم تجاوز المحصول السمكي العالمي بمقدار (100 مليون) طن في السنة لمنع استنفاذ المخزون السمكي بشكل خطير فإنه في السابق كان يحصل على الأسماك البحرية والنهرية بالطرق البدائية السليمة، بينما في الحال الحاضر يكون الصيد بالوسائل الحديثة والتي تتمكن أن تجمع أكثر الأسماك حيث لا يبقى إلاّ جزء ضئيل، بيد إن الضغط على الموارد السمكية في بعض المناطق قد دخل بالفعل دائرة الإفراط في الصيد، ومن نتائج هذا الإفراط انخفاض المحصول السمكي بشكل حاد. وقد أدّى إلى فرض حصص على هذه الأنواع في شمال وشرق الأطلسي في سنة 1390ه ثم فرض حظر تام على صيد بعض الأسماك ريثما تتجدد مخزوناتها.
ويعتبر الإفراط في صيد الحوت والدلفين وسبع البحر والدب القطبي من أوضح الأمثلة على الاستغلال المفرط للموارد البحرية، وسجلت صناعة الحيتان الذروة في الصيد بقتل (66 ألفاً) من الحيتان في سنة واحدة، وكادت أن تباد أنواع كثيرة، وفي سنة 1409ه (1989م) أشارت الأرقام الجديدة الموقتة في اللجنة الدولية لصيد الحيتان أن من مجموع مليون حوت كانت تجوب البحار لم يبق منها سوى (10 آلاف) حوت فقط، فانخفض عدد الحيتان من نوع الحوت الأحدب من (20 ألفاً) إلى (4 آلاف) فقط والحيتان ذات الزعانف من أكثر من (100 ألف) حوت إلى (2000) حوت فقط، والحيتان الزرقاء من (250 ألف) إلى زهاء (500) حوت فقط وفي سنة 1405ه (1985م) فرضت اللجنة الدولية لصيد الحيتان حظراً على الاتجار بالحيتان لمدة (5 سنوات) ومع ذلك قتل منذ ذلك الحين ما يقرب من (11 ألف) من الحيتان. وإذا حسبنا هذا من جانب ومن جانب آخر التلوث الذي سبب موت كثير من الحيوانات سواء كان تلوثاً بسبب المعامل أو ما أشبه أو تلوثاً بسبب الحروب والأطماع كما حدث في الكويت جرّاء تلويث صدام المياه الخليجية أدركنا النقص الهائل في حيوانات البحر والنهر، مما يسبب زيادة ظاهرة الجوع، وقد قرأت في تقرير إنّ مليار إنسان في العالم يبيتونُ وهم جائعون.
وثالث الأثر في تلوّث البحار بسبب الأمطار الحمضية التي تقدمت الإشارة إليها. وهذه الأمور كلها تعد من عذاب الله سبحانه وتعالى للإنسان الذي انحرف عن سبيله حيث قال سبحانه: (قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعاً ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون)(29).

التلوث نتيجة الحروب
من الملوثات الشديدة، ملوثات الحروب فإنها تفسد البحار والأراضي والأجواء بالإضافة إلى قتلها الإنسان أو جرحه وإعاقته، وإلى هدرها الهائل للطاقات والأموال والإمكانات. ثم إنّ الحروب لها إمدادات حيث إنّ الألغام التي تزرع في الأراضي من جانبي الحرب تكون أيضاً هائلة التدمير والإفساد وهي ليست بشيء قليل. ففي بولندا عثر سنة 1364ه (1945م) على قرابة (15 مليون) لغم أرضي، وزهاء (74 مليون) قنبلة وقذيفة وقنبلة يدوية. والله سبحانه يعلم كم من ذلك اليوم إلى هذا اليوم من قنابل وألغام تم تفجيرها في وجه الإنسان سببت له موتاً أو مرضاً أو علةً. وفي فلندا تمت إزالة أكثر من (6 آلاف) قنبلة وزهاء مليون قذيفة و(66 ألف) لغم وما يقارب من (400 ألف) من قطع الذخيرة شديدة الانفجار الأخرى منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية. وفي الهند الصينية تركت دون تفجير بعد الحرب قرابة مليونين قنبلة، و(23 مليون) قذيفة مدفعية وعشرات الملايين من قطع الذخيرة شديدة الانفجار الأخرى. وفي مصر وفي أعقاب الحرب العربية الإسرائيلية في سنة 1393ه (1973م) أزيلت قرابة 8 آلاف وخمسمائة قطعة لم تنفجر من قناة السويس، كما أزيل حوالي (700 ألف) لغم أرضي من الأراضي القريبة من القناة إلاّ أن أضعاف هذا العدد من الألغام الأرضية والقذائف التي لم تنفجر ما زالت متناثرة حول خليج السويس وفي شبه جزيرة سيناء وفي الحدود العراقية الإيرانية وفي الحدود العراقية الكويتية في حربيّ الخليج(30). هذا بالإضافة إلى أنه أدت الحروب والمنازعات إلى وجود ملايين من المشردين واللاّجئين ولا يعرف العدد الصحيح للاجئين لكثرتهم وعدم دخولهم تحت إحصاء دقيق، ويرجع ذلك جزئياً إلى الافتقار إلى تعريف مقبول دولي للاجئين ولإحصاء أعدادهم في كل العالم، وتبين التقديرات إن عدد اللاجئين زاد عن (3 ملايين) في سنة 1390ه (1970م) إلى (15 مليوناً) في سنة 1410ه (1990م) بل إنّ بعض الإحصاءات دلت على أن عدد اللاجئين أكثر من (20 مليون)، ولم يعان هؤلاء اللاجئون من خسائر اقتصادية فحسب بل تمزق نسيجهم الاجتماعي وحياتهم بالكامل، بالإضافة إلى موت الألوف منهم خصوصاً من الرجال الكبار السن والنساء الكبيرات السن والأطفال والمرضى، فيعيش هؤلاء اللاجئون في معظم الحالات في مخيمات في مناطق الحدود حيث تقسو الظروف المعيشية وتنتشر الاضطرابات الاجتماعية وفي بعض الحالات تصبح عودة هؤلاء الناس إلى مواطنهم الأصلية مستحيلة من الناحية الفعلية، فيواصلون هم وذويهم العيش في بؤس لعدة عقود.
ومادامت حالة سحق حقوق الإنسان ونقص الإيمان بالله واليوم الآخر ومادام جشع الدول الكبيرة وظلم الحكام واستبدادهم فستستمر هذه الحالة، فقد حدثت منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية إلى اليوم زهاء نصف قرن عشرات الحروب بكل كوارثها ولذا فمن الواجب على كل إنسان يشعر أو يخاف الله واليوم الآخر أن يشعر بمسؤوليته إزاء إنهاء الحروب من ناحية وبتنشيط الأمم المتحدة أو تنشيط بديل لها لتتدخل سريعاً إذا وقعت حرب بين دولتين أو في دولة واحدة بين طائفتين أو ظلم الحاكم لشعبه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق