الأربعاء، 19 فبراير 2014

استسلام اليابان وانتهاء الحرب



   هـ استسلام اليابان :
            بعد استسلام ألمانيا في ماي 1945، انتهت الحرب في أوربا، لكنها لازالت متواصلة في الشرق الأقصى ضد اليابان، ولما رفضت هذه الأخيرة  الإستسلام، أقدمت الولايات المتحدة الأمريكية على إلقاء القنبلة الذرية الأولى على " هيروشيما " يوم 06 أوت 1945، و الثانية على " ناغازاكي " يوم 09 أوت 1945، و عندئذ لجأت اليابان إلى طلب الهدنة يوم 14 أوت 1945 و بذلك انتهت الحرب العالمية الثانية.


III - الـمـؤتـمـرات الـدّولـيـة خـلال الـحـرب :

1 - ظـروف انـعـقـادهـا و قـرارتـهـا :
            إن ظروف الحرب العالمية الثانية، و المشاكل التي أحدثتها، خاصة في مرحلتها الأولى 1939 - 1941 و التي تميزت بإجتياح ألمانيا للعديد من الدول الأوربية وإخضاعها لسيطرتها، هي التي دفعت الدول الحليفة إلى ضرورة عقد هذه المؤتمرات لوضع حد للنفوذ الألماني أولا ثم رسم معالم المستقبل ثانيا.
ننبهك أخي الطالب بأنه تبعا للتغيرات التي حدثت نتيجة لتقلب موازين الحرب، فإن لكل مؤتمر ظروف خاصة انعقد فيها.
   أ - لقاء الأطلسي 14 أوت 1941 :
            وهو لقاء جمع الرئيس الإمريكي روزفلت18821945 "Franklin Roosevelt "
و رئيس الوزارة البريطانية "تشرشل " 1874 - 1965 "Winston Churchill" على ظهر باخرة حربية راسية في المياه الكندية على المحيط الأطلسي.
* ظروف انعقاده :
انعقد هذا اللقاء في ظرف كانت فيه الحرب لصالح دول المحور، و كانت معارك الأطلسي على اشدها بين القوات الألمانية و القوات البريطانية، و افتتاح جبهة جديدة شرقية بعد الهجوم الألماني على الاتحاد السوفياتي في شهر جوان 1941.
كما تم هذا اللقاء في وقت أصبحت فيه الولايات المتحدة الأمريكية قلقة من توسعات اليابان في الشرق الأقـصى و تهديده لمصالحها هناك.
* قراراته :
            خرج الطرفان من هذا اللقاء بعدة قرارات تخص قضايا الحرب و السلم معا سوف نوجزها لك أخي الطالب بإختصار، و بإمكانك أن تطلع على نص الوثيقة الخاصة بهذا اللقاء في الصفحة الأخيرة من هذا الدّرس، و أهم هذه القرارات :
* توحيد الجهود العسكرية للقضاء على ألمانيا أولا ثم اليابان ثانيا.
* ضرورة الإعداد لسلم عالمي دائم، و ذلك بإنشاء هيئة دولية لحفظ الأمن    و السلام، و حل المشاكل الدّولية.
* تنمية التعاون الإقتصادي بين الدول دون تمييز.
*حق الشعوب في تقرير مصيرها واختيار نظام الحكم الذي يليق بها.
 و قد كان لهذه القرارات الأثر الكبير على عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية.
   ب - مؤتمر الدار البيضاء 09 جانفي 1943 :
            إنعقد هذا المؤتمر في الدار البيضاء بالمغرب و ضم " روزفلت " رئيس الولايات المتحدة الأمريكية و تشرتشل " رئيس الوزارة  البريطانية "، و نسجل هنا غياب ستالين بالنسبة للإتحاد السوفياتي و ذلك لانشغاله في الحرب الدائرة فوق أراضيه.
* ظروف انعقاده :
            إنعقد مؤتمر الدار البيضاء في ظرف بدأت فيه كفة الحرب تميل لصالح الحلفاء، و القوات الألمانية تتراجع سواء في معركة ستالين غراد بالجبهة الشرقية، أو في معركة العلمين بشمال افريقيا و بعدها بأسبوع تقريبا كان الحلفاء قد نزلوا بالمغرب و الجزائر أين تم انتزاعهما من حكومة فيشي.  
* قراراته :
            نظرا لغياب ستالين عن المؤتمر، وحدوث بعض الخلافات بين الطرفين الأمريكي و البريطاني حول مكان هجوم الحليف على القوات الألمانية، فإن المؤتمر لم يصدر قرارات هامة، و إنما أكد على ضرورة تنظيم العمليات العسكرية في البحر المتوسط، و ضرورة إجراء المصالحة بين الفرنسيين في لندن بقيادة الجنرال ديغول وبين الفرنسيين الموجودين بالجزائر. كما حرص الطرفان على مواصلة الحرب حتى النصر.
   جـ مؤتمر يالطا 04 / 11 فيفري 1945 :
            إنعقد المؤتمر " بيالطا " في شبه جزيرة القرم على البحر الأسود بالإتحاد السوفياتي، و قد شارك في هذا المؤتمر "روزفلت" و "تشرشل" و "ستالين" هذا الأخير كان له وزن كبير داخل المؤتمر بفضل الإنتصار الكبير الذي حققته الجيوش السّوفياتية.
* ظروف إنعقاده :
            إنعقد المؤتمر في ظرف بدأت فيه الهزائم تتوالى على دول المحور، فقد استسلمت الدول الأوربية الحليفة لألمانيا مثل إيطاليا و بلغاريا و رومانيا، و بات مؤكدا من هزيمة ألمانيا، و أصبح الجيش الأحمر السوفياتي يسيطر على معظم دول أوربا الشرقية بعد أن حرّرها من الإحتلال الألماني، و في نفس الوقت كانت الحرب مشتدة في الشرق الأقصى، و كانت مخاوف الحلفاء من حرب اليابان أن تطول، الأمر الذي دفعهم إلى ضرورة إشراك الإتحاد السوفياتي في جبهات الشرق الأقصى ضد اليـابان، و قد إغتنم الإتحاد السوفياتي هذه الفرصة لإظهار أطماعه التوسعية
* قراراته :
تقرر في هذا المؤتمر تحديد مصير العالم بعد الحرب العالمية الثانية و خاصة مصير أوربا المحرّرة. و كان الخلاف على أشده بين الأطراف الثلاثة المشاركة في المؤتمر، و كل واحد كانت له وجهة نظر خاصة.
- فتشرشل كان يلح على عدم تطبيق وثيقة الأطلسي على المستعمرات البريطانية، وكان يريد أيضا الحد من النفوذ السوفياتي في أوربا.
- أمّا روزفلت فكان يريد إشراك الجيش الأحمر السوفياتي في الحرب ضد اليابان، و كان متمسكا بمشروعه الخاص بإنشاء منظمة الأمم المتحدة.
- أما ستالين فكان هدفه الرئيسي أمن بلاده، و كان يصر على استرجاع الأراضي التي فقدها بين 1918 - 1921 و كان يهدف أيضا إلى نشر نفوذه في أوربا الشرقية.
و لهذه الإعتبارات كلها، أقر المؤتمر في الأخير سلسلة من القرارات تخص مصير ألمانيا، و كذا مصير أوربا المحرّرة، بالإضافة إلى إنشاء الأمم المتحدة. و يمكن تلخيص هذه القرارات فيما يلي :
* قوات الدول الكبرى الثلاث، تحتل كل واحدة جزء من ألمانيا.
* دعوة فرنسا إلى احتلال واحدة من المناطق الألمانية و المشاركة كعضو رابع في لجنة المراقبة.
* نزع سلاح كل القوات العسكرية الألمانية و مراقبة كل الصناعات الحربية بألمانيا.
* حق الإتحاد السوفياتي في السيطرة على بولونيا. بحدودها الجديدة على حساب ألمانيا و في منطقة البلقان، و كذلك على دول أوربا الشرقية على أن تقام فيها أنظمة ديموقراطية و حكومات منبثقة عن انتخابات حرة.
* حق الإتحاد السوفياتي في استرجاع ما خسرته "روسيا القيصرية" في حربها ضد اليابان 1905 مثل جنوبي سخالين و موانئ منشوريا.
* إنشاء منظمة دولية للمحافظة على الأمن و السلام، و بخصوص هذه المنظمة، فقد تم في هذا المؤتمر تحديد عدد أعضاء مجلس الأمن و طريقة تمثيل الدول في الجمعية العامة، و تكوين المجلس الإقتصادي و الإجتماعي..
* كما أكد المؤتمر على حق الشعوب في تقرير مصيرها.
د - مؤتمر بوتسدام : 17 جويلية - 02 أوت 1945 :
            إنعقد المؤتمر في مدينة بوتسدام بضواحي برلين بألمانيا، و قد حضر المؤتمر "ستالين" بالنسبة للإتحاد السوفـياتي والرئيس الأمريكي " ترومان" 1884 1972 "Harry Truman" خلفا لروزفلت الذي توفي في أفريل 1945، و رئيس الوزارة البريطانية " أتلي" من حزب العمال خلفا " لتشرشل " من الحزب المحافظ الذي فشل في انتخابات 25 جويلية 1945 كما نسجل في هذا المؤتمر أيضا غياب فرنسا لأنها لم تستعد مكانتها بعد و ذلك منذ احتلالها من طرف ألمانيا سنة 1940.


* ظروف انعقاده :
            إنعقد مؤتمر بوتسدام في ظرف يختلف تماما عن ظروف إنعقاد المؤتمرات السابقة : فالحرب العالمية الثانية انتهت في أوربا بإستسلام ألمانيا في 8 ماي 1945 لكنها لازالت مستمرة في الشرق الأقصى ضد اليابان و هيئة الأمم المتحدة تأسست رسميـا بموجب مؤتمر "سان فرانسسكوا 25 أفريل - 25 جوان 1945 ".
أما النقاش داخل المؤتمر فكان صعبا للغاية : فالرئيس الأمريكي أصبح يتكلم من مركز قوة، خاصة و أنه يملك منذ شهر أفريل القنبلة الذرية الأمر الذي جعله يقف ضد أي تنازلات لصالح الإتحاد السوفياتي، و أصبح بإمكانه الاستغناء عن هذا الأخير في الحرب ضد اليابان.
بالنسبة لبريطانيا فقد زاد قلقها على مصير أوربا الشرقية التي أصبحت أراضيها محتلة من طرف القوات السوفياتية و كان الإتحاد السوفياتي يهدف إلى إقامة أنظمة شيوعية موالية له في أوربا الشرقية و قد تحقق له ذلك فيما بعد.
قرارته :
            خرج المؤتمـرون بسلسلة من القرارت حددت مصيـر ألمانيا و كذا مصير الدول المهزومة و أهم هذه القرارات :
  - تجريد ألمانيا من السلاح و القضاء على الحكم النازي بها، و معاقبة مجرمي الحرب.
  - تقسيمها إلى أربعة مناطق احتلال " فرنسية، بريطانية، أمريكية، سوفياتية".
  - بعث استقلال بولونيا من جديد.
 - إنشاء مجلس لوزراء خارجية الدول الكبرى يعهد إليه و ضع معاهدات الصلح مع الدول المهزومة.
إسـتـنـتـاج :
     من خلال دراستنا لهذه المؤتمرات من حيث ظروف انعقادها و قراراتها يمكن إبراز النقاط التالية :
        - إن الخطر المشترك كان الدافع الأساسي لتعاون الحلفاء و تكوينهم لذلك الحلف الكبير رغم الإختلاف الإيديولوجي و تباين المصالح.
        - إن هذه المؤتمرات تضمنت الجوانب الإيجابية خاصة فيما يتعلق بإنشاء هيئة الأمم المتحدة و التي كان العالم في أشد الحاجة إليها منذ فشل عصبة الأمم.
        - أنها أظهرت أنانية الحلفاء و كشفت سياستهم و الأهداف التي يسعون إلى تحقيقها خاصة فيما يتعلق بتقسيم مناطق النفوذ.
      - إن الحلفاء و قفوا ضد تطبيق مبادئ الأطلسي على المستعمرات مثل تقرير المصير و احترام حقوق الإنسان و المساواة بين الدول رغم تأكيد مؤتمراتهم على ذلك.
        - إن هذه المؤتمرات أحدثت بعض الخلافات و الصراعات بين الحلفاء و التي كان لها الأثر الكبير في حدوث القطيعة و تجدد الحرب الباردة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق