الجمعة، 21 فبراير 2014

المقاصد الشرعية في المعاملات المالية


المقاصد الشرعية في المعاملات المالية فيمكن حصرها فيما يلي:
1 – أنها تمثل جزءاً من مقاصد التشريع الإسلامي عموماً، والتي تتمثل في كل ما من شأنه أن يكفل حفظ النفس والعقل والدين والنسل، بجانب ما نحن بصدده هنا وهو حفظ المال، وهذه المقاصد تدور كلها في إطار ما جاءت به الرسالات السماوية عموماً والدين الإسلامي خصوصاً.  وتستهدف تلك المقاصد توجيه الإنسان إلى إتباع الطريق الصحيح في الاعتقاد وإلى سلوك كل سبل الخير في جانب المعاملات عموماً ( ومن أهمها المعاملات المالية) في التشريع الإسلامي، حيث لا يمكن أن تستقيم حياة الفرد والمجتمع بدونها سواء في ذلك ما يتعلق بالشئون الدينية (عقيدة، عبادة، أخلاق) أو الدنيوية (معاملات مالية، اجتماعية، ...).
2 – أن المقاصد الشرعية في حفظ المال تقوم على هدف عام يتمثل في جعل السلوك الفردي والجماعي وكذلك السلوك الحكومي يتجه نحو تحقيق التوازن الدائم بين متطلبات الدين والدنيا معاً، ويكفينا هنا ما رواه أبو هريرة في صحيح مسلم عن النبيe في دعائه "اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر، ففيه التوازن الذي يجب أن يمثل هدفاً سلوكياً عاماً على مستوى الفرد والجماعة والدولة وإن تحقق ذلك عملياً تحققت المقاصد الشرعية جميعها ومنها المقاصد الشرعية في جانب المعاملات المالية.
3 – أن المقاصد الشرعية في المعاملات المالية تشير إلى واجبات مالية يتفرد بها التشريع الإسلامي كما في نظام الزكاة (وما شابهه كسائر الصدقات الواجبة والنذور)، كما توجه وتحفز سلوكيات اختيارية مثل الندب إلى القرض الحسن لكل محتاج إليه، فهذا القرض من عقود التكافل والترفق بالناس والتقرب إلى الله تعالى، وهو نوع من المعاملات المالية على غير قياسها (دنيويا) لمصلحة لاحظها الشارع([9]) ، وتلك الواجبات بجانب هذه السلوكيات الاختيارية من شأنها تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية بشكل مستقر ومتوازن وتكفل اجتثاث جذور الصراع الطبقي (الذي عرفته النظم الرأسمالية في أوروبا ومازالت تعانيه حتى الآن) من حياة المجتمع المسلم.
من العرض السابق يمكن ملاحظة أن كلا من القواعد الشرعية العامة وكذلك المقاصد الشرعية تجاه التعاقدات والمعاملات المالية إنما تستهدف تحقيق كل من الأهداف الاجتماعية والتجارية (الاقتصادية عموما) في آن واحد وبشكل متوازن بين المصلحة الفردية أو الخاصة والمصلحة العامة أو الاجتماعية، وأن القرض الحسن يعد أحد أهم الفعاليات التي يتفرد بها المنهج الإسلامي تجاه التصرفات المالية على وجه الخصوص.
وفيما يلي نستعرض بالتفصيل طبيعة وضوابط هذا القرض في التشريع الإسلامي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق