الثلاثاء، 25 فبراير 2014

تعريف الوعد بالتعاقد و صوره العملية الطبيعة القانونية للوعد بالتعاقد



تعريف الوعد بالتعاقد و صوره العملية
" تنص المادة 71 على أن الاتفاق الذي يعد (به) كل من المتعاقدين أو أحدهما بإبرام عقد معين في المستقبل لا يكون له أثر إلا إذا عينت جميع المسائل الجوهرية للعقد المراد إبرامه، و المدة التي يجب إبرامه فيه. و إذا اشترط القانون تمام العقد استيفاء شكل معين فهذا الشكل يطبق أيضا على الاتفاق الوعد بالتعاقد. فالوعد بالتعاقد مرحلة تسبق إبرام العقد نهائيا، و يكون الوعد إما من جانب واحد ، و إما من جانبين.

و يشترط في الوعد من جانب واحد أن يكون الواعد أهلا للتعاقد على العقد الموعود ، و يكون وعده حينئذ صحيحا و لو فقد الأهلية عند إبرام العقد النهائي بشرط أن لا تزيد التزاماته عما كانت عند الوعد.كما يشترط أن تخلو إرادة الواعد من عيوب الرضا عند صدور الوعد منه"[1].

الفرع الأول : تعريف الوعد بالتعاقد (الإيجاب) :  "هو التعبير البات عن إرادة أحد الطرفين  صادر عنه موجهه  إلى الطرف الآخر ، بقصد إبرام عقد بينهما و يجب أن يكون الوعد بالتعاقد كاملا، أي مشتملا على العناصر الأساسية  للعقد المراد إبرامه" .[2]

"الوعد بالتعاقد إما أن يكون ملزما لجنب واحد (الواعد) أو للجانبين و علة اللجوء إلى الوعد بدل التعاقد بصفة نهائية من أول الأمر تختلف بحسي الحالات : فقد يرغب مستأجر في شراء العين لاحقا، و بالتالي يحصل من المؤجر على وعد  ببيعها له إن هو رغب في ذلك  و قد يريد شخص فتح محلات تجارية في مكان معين غير أنه لا يستطيع منذ الوهلة الأولى رواج تجارته في المكان و لا يريد بالتالي شراء العقارات التي يستخدمها في تجارته فيلجأ إلى استئجارها أولا لكن في نفس الوقت يحصل من  المؤجر على وعد ببيعها له و هذا متى رغب في ذلك و هو لاشك سيرغب في ذلك متى ازدهرت تجارته في ذلك المكان"[3]

من الأمثلة السابقة يمكن أن تعرف الوعد بالتعاقد على أنه عبارة عن عقد يعد فيه طرف ما الطرف الثاني بإبرام عقد في المستقبل إن أبدى الثاني رغبته فيه في مدة محددة .


الفرع الثاني : الصور العملية للوعد بالتعاقد

   "الوعد بالتعاقد كثير الوقوع في الحياة العملية : يتوقع شخص حاجته في المستقبل إلى أرض بجوار مصنعه أو منزله، أو هو الآن في حاجة إليها و لكن لا يستطيع شراءها فورا فيكتفي بالتعاقد مع صاحب هذه الأرض على أن يتعهد هذا ببيع الأرض إذا أبدى رغبته في الشراء في مدة معينة ، فيتقيد صاحب الأرض بالعقد دون أن يتقيد به الطرف الآخر.

-     يقوم المستأجر بإصلاحات هامة في العين المؤجرة، و يحصل قبل قيامة بهذه الإصلاحات من المالك على وعد ببيع العين له إذا رغب شراءها في خلال مدة الإيجار حتى ينتفع بهذه الإصلاحات انتفاعا كاملا.يعد المالك من تسلم الشئ بشرط مذاقه أن يبيعه إياه إذا هو أعلن رغبته في الشراء في مدة معينة و هذا ما يسمى ببيع المذاق

-     يؤجر المالك العين و يشترط على المستأجر أن يشتريها إذا هو أبدى رغبته في البيع في خلال مدة الإيجار و هذا الوعد بالشراء يقابل الوعد بالبيع في الصور المتقدمة

-     يفتح مصرف حساب جاريا لعميل قبل أن يقرضه شيئا، فيكون هذا وعدا من المصرف بالإقراض عندما يريد العميل أن يقترض .

-     يغلب في مفاوضات عقود التجارة الدولية بعد الجولة الأولى منها، أن يعد أحد الأطراف الآخر بابرام الصفقة معه، إذا رغب فيها هذا الأخير مدة معينة، و هذا هو الوعد بالتعاقد،و الذي يتم عادة بعد أن يقطع أطراف المفاوضة شوطا أوليا من المناقشات و المساومات بينهم، و بعد أن يكون كل منهما على دراية كاملة بطلبات و إمكانيات الآخر .[4]

و يلاحظ في كل هذه الصور – الوعد بالبيع و الوعد بالشراء و الوعد بالإقراض- أن العقد ملزم لجانب واحد هو الواعد، أما الموعود له فلم يلتزم بشيء على أن هناك صورا أخرى للوعد بالتعاقد يكون فيه ملزما للجانبين  فيريد شخصان التعاقد و لكنهما لا يستطيعان ذلك فورا، يمنعهما من ذلك إجراءات لابد منها في إبرام العقد كاستخراج مستندات ضرورية أو الحصول على إذن من المحكمة المختصة ولاية على النفس أو المال أو نحو ذلك.أو يمنعهما ضرورة الكشف عن العقار لتبين ما عسى أن يثقله من الحقوق العينية، أو يمنعهما أن هناك مصروفات كثيرة يقتضيها إبرام العقد النهائي و شهره و هما لا يستطيعان الاضطلاع بها في الحال. هذه بعض الأمثلة من الموانع التي تحول دون إبرام العقد النهائي فورا، و لكن المتعاقدين قد قرر قرارهما على إبرام العقد،و يريدان التقيد به منذ الآن فيمضيان اتفاقا ابتدائيا يعد كل منهما فيه الآخر بأن يمضي العقد النهائي في مدة تعين في الاتفاق و هذا و الوعد بالتعاقد و لكنه و عد ملزم للجانبين "[5]



الطبيعة القانونية للوعد بالتعاقد.
الوعد بالتعاقد عقد كامل لا مجرد إيجاب، و لو كان إيجاب  يستطيع الموجب-طالما لم يصدر قبول- أن يرجع فيه، و هذا غير ممكن في الوعد بالتعاقد. إذ يلتزم الواعد بالبقاء على وعده إلى أن يبدي المستفيد من الوعد رغبته في ذلك أو  لا يعلن عنها فيتحلل الواعد من وعده فهو لذلك أكثر من إيجاب لكن هو في ذات الوقت ليس العقد النهائي المراد إبرامه و عليه فالوعد بالعقد يعد عقدا و لكنه ملزم لجانب واحد- أو لجانبين أحيانا- يتمثل محله في إبرام عقد نهائي في المستقبل. [1]  


[1] الأستاذ دربال عبد الرزاق، المرجع السابق ، ص 46،45


[1]  الدكتور علي علي سليمان ، النظرية العامة للالتزام، مصادر الالتزام في القانون المدني الجزائري، ديوان المطبوعات الجامعية، الطبعة الخامسة 2003 ، ص 46
[2]   الأستاذ ارزقي جافري ، محاضرات  في القانون المدني (الالتزامات) جامعة البليدة ص .
 [3] الأستاذ دربال عبد الرزاق،الوجيز في النظرية العامة للالتزام ، مصادر الالتزام،دار العلوم للنشر و التوزيع ،الجزائر 2004، ص44
[4]  مجلة الجامعة الإسلامية (سلسلة الدراسات الإنسانية) المجلد الثالث عشر-العدد الثاني، يونيو 2005 ص 133
[5] د.السنهوري أحمد عبد الرزق، الوسيط في شرح  القانون المدني، دار احياء التراث العربي، بيروت، لبنان 1952، ص 207، 208

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق