الأحد، 23 فبراير 2014

نزول القرآن منجما الحكمة من نزول القران منجما



الحفظ خاص بالقرآن
إن الله تعالى تولى حفظ كتابه القرآن { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } ، لأنه الرسالة الخاتمة والشريعة الباقية فناسب أن يحفظ حتى قيام الساعة ، أما الكتب السابقة فهي شرائع موقوتة ، وكّل الله حفظها للناس فضيعوها بالتحريف والتبديل والكتمان ، كما قال تعالى : { إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ } .
نزول القرآن منجما
أنزل الله تعالى القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم لهداية البشرية ، فكان نزوله حدثا جللا يؤذن بمكانته عند أهل السماء وأهل الأرض ، فإنزاله الأول من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا وذلك في ليلة القدر من شهر رمضان أشعر العالم العلوي من ملائكة الله بشرف الأمة المحمدية التي أكرمها الله بهذه الرسالة الجديدة لتكون خير أمة أخرجت للناس ، وتنزيله الثاني مفرقا على خلاف المعهود في الكتب السماوية قبله أثار دهشة كفار العرب مما حملهم على المماراة ، حتى أسفر لهم صبح الحقيقة فيما وراء ذلك من أسرار الحكمة الإلهية ، فلم يكن الرسول ليتلقى الرسالة العظمى جملة واحدة ، ويقنع بها القوم مع ما هم عليه من صلف وعناد ، فكان الوحي يتنزل عليه تباعا تثبيتا لقلبه ، وتسلية له ، وتدرجا مع الأحداث والوقائع حتى أكمل الله الدين وأتم النعمة .
قال تعالى : { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا }{ وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا } فالقرآن نزل منجما أي مفرقا في ثلاث وعشرين سنة هي عمر الرسالة المحمدية ، 

 الحكمة من نزوله منجما تتلخص في الآتي :
**********************************************
1- تثبيت فؤاد النبي صلى الله عليه وسلم :
واجه النبي صلى الله عليه وسلم من قومه أول الأمر عنادا ونفورا وجفوة وأذى وهو راغب في دعوتهم وهدايتهم ، فاحتاج أن ينزل عليه القرآن مرة بعد مرة ، بحسب الوقائع والأحداث ، تثبيتا لقلبه ، وتسلية له ، ولهذا حشد القرآن بقصص الأنبياء السابقين وما لاقوه من أعدائهم من صنوف العناد والاستكبار والأذى ثم كانت العاقبة لهم بالنصر والتأييد والتمكين ، وهو مصير كل من تمسك بدين الله تعالى .
2- التحدي والإعجاز :
فإن تحدي الكفار بالقرآن وهو مفرق مع عجزهم عن الإتيان بمثله أدخل في الإعجاز ، وأبلغ في الحجة من أن ينزل جملة ويقال لهم : جيئوا بمثله .
3- تيسير حفظه وفهمه :
نزل القرآن على أمة أمية لا تقرأ ولا تكتب ، سجلها ذاكرة حافظة ، فما كان للأمة الأمية أن تحفظ القرآن كله بيسر لو نزل جملة واحدة ، وأن تفهم معانيه وتتدبر آياته ، فكان نزوله هكذا مفرقا خير عون لها على حفظه في صدورها وفهم آياته ، والالتزام بتعاليمه .
4- مسايرة الحوادث والتدرج في التشريع :
فما كان الناس ليقبلوا على هذا الدين الجديد لولا أن القرآن عالجهم بحكمة ، وأعطاهم من دوائه الناجع جرعات يستطبون بها من الفساد والرذيلة ، فكلما حدثت حادثة بينهم نزل الحكم فيها يجلي لهم صبحها ، ويرشدهم إلى الهدى ، ويضع لهم أصول التشريع حسب المقتضيات ، فكان هذا طبا لقلوبهم .
5- الدلالة القاطعة على أن القرآن تنزيل من حكيم حميد :
وذلك أن القرآن نزل منجما في أكثر من عشرين عاما ، تنزل الآية والآيات على فترات من الزمن فيقرؤه الإنسان ويتلو سوره فيجده محكم النسج ، دقيق السبك ، مترابط المعاني ، رصين الأسلوب ، متناسق الآيات والسور ، ولو كان هذا القرآن من كلام البشر وقيل في مناسبات متعددة ، ووقائع متتالية ، وأحداث متعاقبة ، لوقع فيه التفكك والانفصام ، واستعصى أن يكون بينه التوافق والانسجام . قال تعالى : { وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا }

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق