الثلاثاء، 25 فبراير 2014

أماكن الزيارة يتبرك بها، والأيام التي يحتفل بها في المدينة المملكة العربية السعودية



أماكن الزيارة التي يتبرك بها، والأيام التي يحتفل بها في المدينة
قد كانت المدينة النبوية كحال كثير من مناطق الجزيرة العربية  غارقة في كثير من البدع والخرافات التي تصل في بعض الأحيان إلى الشرك الأكبر من عبادة الأولياء والقبور. كل ذلك بسبب ما غشيها من الظلام والجهل الذي حجب عنها حقيقة الدين وطمس فيها نور التوحيد.
والغلو في القبور حيلة شيطانية من زمن نوح، وهو الشرك الذي وقع فيه قوم نوح. تبدأ العلاقة مع القبور بتقديس صاحب القبر رمز الصلاح والتقوى والمنزلة الرفيعة عند الله، ومن ثم تستحب زيارة تلك البقاع، ليس لتذكر الموت والآخرة، بل لتذكر الرجل الصالح والاعتبار به، ولأن هذه الأماكن مباركة، ولأن الملائكة (والأرواح) تنتشر حولها -كما يزعمون- فإن دعاء الله يحسن عندها، كما أن البركة تفيض على كل شيء حول القبر، فمن أراد التزود منها فليلمس وليقبِّل وليتمسح، فإذا فعل ذلك هبط إلى دركة تالية من دعاء الله عنده إلى الدعاء به والإقسام على الله به : أي اتخاذه (واسطة) أو (وسيلة) للاستشفاع به عند الله، فصاحب الضريح طاهر مكرم مقرب له جاه عند الله، بينما صاحب الذنب –أو الحاجة- يتلطخ في أوحال خطيئته غير مؤهل لدعاء الله، فإذا فعل ذلك هبط إلى دركة أخرى : فما دام هذا المقبور مكرما فليس بممتنع أن يعطيه الله القدرة على التصرف في بعض الأمور التي لا يقدر عليها طالب الحاجة، فَيُدْعَى صاحب القبر، ويرجى، ويخشى، ويستغاث به، ويطلب المدد منه، ولم لا ؟! فهو صاحب (السر) الذي توجل منه النفوس ، وترتجف له القلوب، وتتحير فيه العقول! فإذا فعل ذلك هبط إلى دركة –ليست أخيرة- حيث يتخذ قبره وثناً، يعكف عليه، ويوقد عليه القنديل، ويعلق عليه الستور، ويبنى عليه المسجد، ويعبده بالسجود له، والطواف به، وتقبيله واستلامه، والحج إليه، والذبح عنده، ثم ينقله الشيطان دركة أخرى : إلى دعاء الناس لعبادته، واتخاذه عيداً ومنسكاً، وإن ذلك أنفع لهم في دنياهم وآخرتهم، فيكون الشيطان بهذه الحيل قد تدرج بأهل البدع من نور الإسلام إلى ظلام الشرك.
ولقد انتشرت في المدينة النبوية كما في غالب المدن والقرى هذه المظاهر فشيدت القباب على الأضرحة، وأنشأت المساجد على القبور، وأقيمت مزارات ومشاهد، وزينت بالسرج والقناديل، ولجأ إلى رحابها المسافر والمقيم، وهرع نحوها العلماء قبل الجهال، والجميع يرتمون بساحاتها، ويتمرغون في جنباتها، ويلثمون أعتابها، فتراهم من حولها يطوفون، وبأصحابها يستغيثون ويستعينون، وفي عرصاتها يهريقون دماء نذورهم وقرابينهم.
وصدق الصنعاني رحمه الله حيث وصف هذه الحال بقوله :
أعادوا بها معنى سواع ومثله
         يغوث وود ليس ذلك من ودي

وكم هتفوا عند الشدائد باسمها
         كما يهتف المضظر بالصمد الفرد

وكم نحروا في سوحها من نحيرة
         أهلت لغير الله جهلاً على عمد

وكم طائف حول القبور مقبلاً
         ويلتمس الأركان منهن بالأيدي

ورغم نهي النبي الشديد عن بناء المساجد على القبور، وتعيين قبره خاصة بالنهي إلا أن الخلوف من المسلمين لم يراعوا لهذه النصوص حرمة فيقفوا عند حدودها وذلك حين بنوا قبة على قبره الشريف.
وما زال الملوك يبالغون في تحسينها ورفع سمكها ويقومون بإهدائها كثيراً من قناديل الذهب والفضة والجواهر الفاخرة واللآلئ الثمينة ، والأحجار الكريمة وقطع الألماس التي لا تقدر بثمن.
وقد أحصى بعض العلماء مدخرات هذه الحجرة عام :(1327هـ) فقدرها بسبعة ملايين من الجنيهات، وهذا التقدير بعملة تلك الأيام، ولو قدر ثمنها بالعملات الحالية لبلغت مئات الملايين أوألوف الملايين.
ومن هذه المدخرات إحدى وثلاثون مشكاة ذهبية مرصعة بالألماس والزمرد والياقوت وكثير من ثريات الذهب والفضة، ومائة مصباح ستة منها من الذهب والفضة. ومقابل الوجه الشريف حجر من الألماس البرلانتي في حجم بيضة الحمام الصغير يحيط به إطار من الذهب المرصع ويسمى بالكوكب الدري لشدة تألقه، وهو مثبت في لوحة من الذهب محاط بمائتين وسبع وعشرين قطعة كبيرة من الجواهر الثمينة. بالإضافة إلى كثير من عقود اللآلئ والمرجان وشمعدانات من الذهب الخالص المرصع بالجواهر الكريمة منها اثنان كبيران طول الواحد منهما نحو المترين. وإلى جانب هذه الشمعدانات مكانس من اللؤلؤ ومراوح مرصعة بالأحجار الكريمة، ومباخر مرصعة، والعديد من المصاحف المجوهرة، والتحف الفاخرة، وكثير من الأساور والأقراط وخلافها[انظر الشكل رقم:(2)].

كل هذا كان سنة 1327هـ فكيف كان الحال عام 1223هـ حين استولى أهل الدعوة على المدينة النبوية وأخذوا ما كان بالحجرة النبوية الشريفة من ذخائر وكنوز لينفقوها في الجهاد في سبيل  الله وفي مصالح المسلمين؟!
هذه المغالات في القبور وزخرفتها جعلها ملاذاً للمضطرين، وملجأ للمكروبين يدعون أصحابها من دون الله فاسمع لأحدهم وهو يستغيث بالنبيفي تفريج الكربة من دون الله :
أخي إذا ما جئت في سوح أحمدا     تضرع له وامدد إلى نحوه يدا
وناد وقـل يا سيـد الرسـل نجدة     تفـرج عنـا مـا أقـام وأقعـدا
إلى أن قال :
فيا سيد الكونين صار الذي ترى     من الحزن والكرب الذي ترددا
ويا كهف من يُؤى عناناً ببـابه     ويا خير من نودي سريعاً فأنجدا
وقد صار التبرك بكل شيء حتى صارت المدينة موطن المزارات؛ فمن الحجرة النبوية، إلى البقيع التي كانت مليئة بالقباب [انظر الشكل رقم : (   )]، إلى المساجد السبعة، إلى طريق الهجرة، إلى وقعة بدر ... إلخ.
ويكفي لتصوير هذا الهوس الديني أن نمثل بمثال واحد يقصده الزائرون ويتبركون به وهو موضع وقعة أحد يقول من زار المنطقة في ذلك العصر المظلم :وعلى بعد حوالي ميل من المدينة نجد بقايا قصر من الأحجار والآجر، حيث يصلي الناس ركعتين إحياء لذكرى لبس النبي محمد درعه في هذا المكان، وبعد ذلك يوجد حجر كبير يقال إن محمداًأسند إليه ظهره لبضع دقائق في طريقه إلى أحد، ويتبرك الزائر بالاتكاء بظهره على هذا الحجر وقراءة الفاتحة. وفي مسجد حمزة[انظر الشكل رقم:(   )] يصلي الزوار فيه ركعتين ثم يتقدم الزوار إلى القبور حيث يقرؤون سورة يس أو سورة الإخلاصأربعين مرة، ثم يطلب الزائر من حمزة وصحبه الشفاعة عند الله بأن يهب الزائر وأهله الإيمان والصحة والثروة، وأن يدمر أعداءهم. وتدفع الأموال عادة في كل ركن لحارس المسجد والقبور. وعلى بعد مسافة غير بعيدة صوب جبل أحد توجد قبة صغيرة تشير إلى المكان الذي ضرب فيه محمد وكسرت رباعيته[انظر الشكل رقم : (    )].
وعند مسجد وقبر حمزة تقام احتفالات الرجبية؛ يقول من حضر هذه الاحتفالات :ولأهل المدينة موسم كبير في شهر رجب يحتفلون فيه بزيارة حمزة والشهداء رضي الله عنهم، يأتي الناس إليه من أقطار الحجاز؛ من مكة واليمن والطائف وينبع وغيرها من المناطق، فيحشر هنالك خلائق لا يحصون يقاربون ما يتجمع في موسم الحج، ويخرج أهل المدينة بأولادهم ونسائهم، ويخرجون معهم المضارب الحسان والخيم الكبار، ويخرج أمراء المدينة وعسكرها، وتنصب الأسواق العظيمة هنالك، ويخرجون من أوائل رجب، ويتلاحق الناس كل على قدر حاله، فيتكامل خروجهم في اليوم الثاني عشر، وهو اليوم المشهود عندهم ويوم الزينة، فلا يبقى في المدينة إلا أهل الأعذار ومن شاكلهم، ويحصل هنالك في تلك الليلة أنواع اللهو والطرب واللعب، والرمي بالمدافع والمحارق، ويبيت الناس طوال ليلتهم ويومهم في القراءة والزيارة حول القبر.
كل هذه المزارات وطلب البركات في موضع واحد فكيف ببقية المواقع؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق