الجمعة، 28 فبراير 2014

نظريات تطور الزراعة الفلاحة



نظريات تطور الزراعة

   - نظرية التحدي والرد ::

     -  هي النظرية التي قام بها المؤرخ آرونولد توبيني والذي فسر بنظريته وصول الإنسان إلى مرحلة التحدي للطبيعة بعد موجة الجفاف المناخي الذي واجهه والذي هدد وجود وبقاء النباتات والحيوانات البرية التي كانت تعيش على الأمطار ,  فكان الرد بإيجاد وسائل إنتاجية إضافية تعوض النقص فابتكر الزراعة و التدجين ليؤمن مردودا اقتصاديا كافيا ويتحرر من الاعتماد على الطبيعة . ولا بد هنا من ذكر أنه ثمة نظريات ترّكز على دور الإنسان بحد ذاته في هذا التحول , حيث ركزت هذه النظرية على التزايد الكبير لعدد السكان حتى لم تعد موارد الطبيعة تسدّ حاجاتهم فأصبح لابدّ من وجود كميات أكبر من القوت فكانت الزراعة و التدجين الحل الوحيد وهناك من يعطي البيئة الفضل لأنها هي التي وفرت الحبوب والحيوانات و أوحت للإنسان بالزراعة و التدجين .و لكن يذهب فريق آخر من العلماء إلى أن المستوى الفكري المتطور لإنسان هذا العصر هو الذي أوصله إلى اختراع طرق جديدة تمثّل بالعمل الزراعي المنظم  ومهما يكن فإننا نلاحظ تركيز كل النظريات على دور الإنسان والبيئة في هذا الأمر .

   -  نظرية بريدوود
    - انطلق هذا الباحث من تطبيق منهج علم الآثار الذي يطرح النظرية أولا ثم يحاول التحقق منها من خلال التنقيب والبحث الميداني , وهو عكس المنهج الذي يرتكز على استنتاج المعلومات كما تظهر أثناء البحث الأثري غير الموجه بفكرة أو نظرية مسبقة , و لقد افترض بريدوود أن الزراعة نشأت في المناطق التي نمت فيها بالأصل الحبوب البرية أي الموطن الأصلي الطبيعي لهذه النباتات وأراد أن يؤكد فرضيته من خلال التنقيب الأثري في مواقع مختارة في سفوح جبال زاغروس في شمال العراق ومن أهمها موقع  "جرمو"  وقد تم العثور من خلال التنقيب على حبوب مزروعة تعود إلى مطلع القرن السابع قبل الميلاد وبذلك تأكدت فرضية الموطن الطبيعي الذي انطلقت منها وكان ذلك في موقع جرمو الذي يقع في منطقة جبلية مرتفعة تهطل فيها أمطار كافية لنمو المزروعات البعلية , ولكن يؤخذ على هذه النظرية بأن وجود حبوب تعود للألف السابع قبل الميلاد لا يعني بالتأكيد أن الإنسان في جرمو لم يمارس الزراعة قبل هذا التاريخ أو بعده مادام أن العاملين الأساسيين في نشوئها كانا موجودين قبل أن يزرع هؤلاء السكان القمح والشعير . (4)
                  

(4) : يوم 30-12-2011 س 18:00http://www.shbabali.com/showthread.php?t=3852

 

نظرية جان كوفان :

   -   يختلف هذا العالم مع بريدوود إذ أنه يرفض القبول بالنظرية الجاهزة التي يؤمن بها علماء الآثار ,ولهذا فقد توصل هذا الباحث بفضل تنقيب  في موقع المريبط الذي يقع بالقرب من نهر الفرات في سورية إلى نظرية ملخصها أن الفكر الإنساني أولا و البيئة ثانيا و أن كلهما لعب دور هام في نشوء الزراعة و التدجين , ولهذا فالإنسان هو صاحب الدور الأساسي في حدوث هذا التحول , فالإنسان الذي بلغ تطورا فكريا مكنّه من التحكم بمقدرات الطبيعة لصالحه  وقد اتضح أن منطقة غرب آسيا وخاصة الهلال الخصيب قد عرفت خلال فترات زمنية تحسنا في المناخ وتوفر الدفء و المطر مما سمح بظهور الحبوب البرية وبخاصة القمح والشعير وقد ساعد هذا أيضا في ظهور قرى الصيادين و بعد ذلك ظهرت قرى الصيادين والمزارعين , وهذا الأمر يؤكد دور كل من الإنسان والبيئة في عملية التحول الاقتصادي والحضاري . و لقد أثبتت النقيبات في موقع المريبط أن السكان قد عرفوا زراعة القمح والشعير منذ الألف الثامن قبل الميلاد حيث وجدت هذه الحبوب هناك بشكل طبيعي وقد استمرت بالنمو في كل الظروف .                         -  فكان اختراع الزراعة تتويجا لهذا الإبداع الفكري و جاء بعده تطوير وسائل الإنتاج وتحسينها ليصل الإنسان وبشكل تدريجي إلى النهوض بحياته الاجتماعية و الاقتصادية , و لهذه فالزراعة أدت فيما بعد إلى حدوث تطور هائل في كيفية السكن والبناء , وأدت إلى ظهور ممالك و مدن سجلت أعظم الحضارات في صفحات تاريخنا (4).


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق