الأحد، 23 فبراير 2014

ازمة ندرة الماء في العالم



كل سعرة حرارية تستهلك لترا من المياه:
بعد أزمة الغذاء... أزمة المياه
بقلم ثاليف ديين
الأمم المتحدة , يونيو (آي بي إس) - تمتص الزراعة نحو ٧٠ في المائة من مياه العالم، ويستهلك إنتاج سعرة حرارية واحدة لترا كاملا من الماء، وكل كيلغرغرام من لحوم البقر ١٥ مترا مكعبا، ومن ثم تتسبب أزمة الغذاء الحالية في تداعيات بعيدة المدي علي موارد المياه الشحيحة، وفقا للخبراء ومراكز بحوث المياه الدولية.

تقول دراسة معنونة "إدخار الماء: من الحقل إلي الشوكة" (مائدة الطعام) أن إنتاج المزيد من الغذاء "سوف يآتي علي حساب إستهلاك المزيد من المياه في الزراعة".

وتشمل تحديات القطاع الغذائي، قلة المياه، معدلات غير مقبولة من سوء التغذية، زيادة عدد الأفراد المصابين بالسمنة والتخمة، وإهدار أو سوء إستخدام الطعام.

"كل هذه التحديات تعني أنه لا يكفي إتباع منظور ضيق للأمن الغذائي بمعايير الإنتاج والتموين"، حسب هذه الدراسة من إعداد معهد إستكهولم الدولي للمياه، المعهد الدولي لإدارة المياه، ومعهد إستكهولم للبيئة.

تحذر الدراسة من أن المياه سوف تشكل معوقا أساسيا في وجه إنتاج الغذاء "مالم نغير نظرتنا ومسلكنا تجاه الموارد المائية".

وذكّر الخبير أندرز بيرنتل من معهد إستكهولم الدولي للمياه في حديث ل "انتر برس" بأن الزراعة تستهلك في المتوسط نحو ٧٠ في المائة من مياه العالم. وذكّر أيضا بأن أهالي البدان النامية يتجهون نحو إستهلاك المزيد من اللحوم نتيجة لزيادة دخولهم. وقال أن هذا التوجه جيد في كثير من النواحي لأنهم يحتاجون الي المزيد من البروتينات. لكنه يخلق مشكلة.

وكمثال، شرح بيرنتل أن كل سعرة حرارية يستهلكها الفرد الواحد تعني لترا كاملا من الماء المستهلك لإنتاجها. كذلك أن كل كيلوغرام من لحوم الأبقار يتطلب ١٥ مترا مكعبا من الماء لإنتاجه في حالة تغذية الأبقار بالحبوب.

وللمقارنة، أشار الي"الفارق الشاسع مع الوجبات النباتية، حيث يستهلك إنتاج كيلوغرام واحد من بعض النباتات، مجرد متر مكعب من الماء".

أما ديفيد مولدين من المعهد الدولي لإدارة المياه والمشارك في إعداد الدراسة، فقد نبه أنه ما لم تتغير الممارسات الجارية لإنتاج الغذاء وإستهلاكه، فسوف يحتاج العالم لضعف كمية المياه التي يستخدمها حاليا لإنتاج غذائه بحلول ٢٠١٥. وأشار الي ضرورة خفض كمية المياه المستخدمة.

عن هذا، تقول الدراسة أن ضخامة حجم إهدار المياه وإساءة إستعمالها والإفراط في إستهلاكها، تعني أن المجتمع الدولي لديه القدرة وإمكانية الخيار لخفض الطلب العالمي علي الغذاء وإستهلاك المياه للزراعة، دون التأثير علي الأمن الغذائي.

وعن إهدار المياه، تشرح الدراسة أنها تحدث في غالبيتها بعد إنتاج الغذاء في الحقول. وكمثال علي الصعيد العالمي، تكفي كميات المياه المسحوبة لإنتاج غذاء يهدر أو يساء إستخدامه، لتعبئة بحيرة مساحتها ١،٣٠٠ كيلومترا. أي نصف بحيرة فيكتوريا.

ففي الولايات المتحدة وحدها، يقدر أن الأهالي يهدرن ويرمون ٣٠ في المائة من الطعام، ما تطلب إنتاجه ٤٠،٠٠٠ مليار لترا من مياه الري تكفي لتغطية إحتياجات ٥٠٠ مليون نسمة.

أما في الدول الغنية عامة، فقد أشار خبير معهد إستكهولم الدولي للمياه أندرز بيرنتل ل "انتر بريس" أن إهدار الغذاء قد يبلغ نسبة ٥٠ في المائة ، في حين ترج خسارة الأغذية في البلدان النامية أساسا لمشاكل التخزين، والنقل، والفئران، وإنعدام وسائل التبريد.

فتؤكد الدراسة أن تقليص إهدار الغذاء وسوء إستخدامه يقلل من إستهلاك مياه الري في الزراعة.

وهناك أمثلة عديدة منها ما حدث بداية هذا العام عندما راجت معلومات بأن شركة لتوليف اللحوم تولت طوعيا سحب حوالي ٦٥ مليون كيلوغرام من اللحوم الطازجة والمجمدة من الأسواق، لأن العاملين أساءوا معاملة الأبقار أثناء عملية نقلها للمذبح.

لكن المعلومات لم تتحدث عن كمية المياه المستهلكة لإنتاج تلك اللحوم.

وأختتم الخبير السويدي بيرنتل مذكرا بأن العالم يواجة معضلة فريدة، الا وهي زيادة أعداد الجوعي وزيادة أعداد المصابين بالتخمة. "هناك ما يكفي من الغذاء لإطعام الجميع، لكن توزيعه هو المشكلة".
أزمة الماء
ظهر جليا في العقود الماضية أن العالم يعاني من نقص متزايد في مياه الشرب. فقد أصبحت نسبة المياه العذبة لا تشكل أكثر من 0.3 بالمائة من مخزون الأرض من المياه، وهي لا تصل إلى الجميع، إذ يفتقر إليها 20 بالمائة من سكان كوكبنا.

لعل الماء هو أحد أكثر الحدود وضوحا، التي أصبحت تفصل اليوم بين أغنياء العالم وفقراءه. فمعدل استهلاك الفرد للمياه في أمريكا الشمالية يقدر بـ 400 لتر في اليوم، وفي أوروبا 200 لتر في اليوم، أما في الدول النامية فلا يتجاوز متوسط معدل استهلاك الفرد اليومي من المياه 10 لترات فقط، بسعر يفوق سعر الماء في الدول الغنية. وعلى صعيد آخر تنتشر في المناطق الفقيرة ظاهرة تلوث مياه الشرب بسبب صرف المجاري أو مخلفات المصانع في الأنهار وغيرها من مصادر المياه العذبة، ووفقا لمنظمة الصحة العالمية فإن أربع أخماس الأمراض في العالم يمكن إرجاعها إلى تلوث مياه الشرب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق