الثلاثاء، 25 فبراير 2014

التوازانات الطبيعية التوازن الطبيعي في البيئة طبقة الاوزون



التوازن الطبيعي في البيئة
تعيش الحشرات مع سائر الحيوانات والنباتات في توازن طبيعي تتحكم فيه وتسيطر عليه عدّة عوامل بيئية، مثل الحرارة والرطوبة وتوفر الغذاء وعوامل حيوية أخرى مثل افتراس بعض الحشرات للبعض الآخر، وتطفّل بعضها على بعض، ولذلك يرى في البيئة الطبيعية أن الحشرات والحيوانات تعيش في حالة توازن طبيعي يحقق معيشة متوازنة لهما معاً، فإذا اختلفت الظروف البيئية لسبب طارئ أو دائم وحلّت في المنطقة حشرات جديدة فإنّ التوازن القائم لابدّ أن يختل لصالح نوع أو عدة أنواع منها، فتزداد أو تقل الأعداد عن معدّلها الطبيعي، ويكون ذلك في غير صالح الإنسان أو عكس ذلك وفقاً لنوع الحشرات المتكاثرة وبسبب الإسراف في استخدام المبيدات الحشرية سواء كان إسرافاً في الكمية أو في الكيفية ممّا يؤدي إلى فقدان التوازن الطبيعي القائم بين الآفات وأعدائها الطبيعيين، ويؤدي ذلك إلى زيادة كبيرة غير متوقعة في بعض أنواع الآفات.
ومن أمثلة ذلك انتشار العنكبوت الأحمر ودودة اللوز في مصر في أعقاب استخدام بعض المبيدات الحشرية بإسراف شديد وبطريقة غير محسوبة. ولم تكن مثل هذه الآفات مصدر خطر للنباتات فيما مضى، ولكن قتل المبيدات لأعدائها الطبيعيين ترك لها حرية التكاثر. كذلك أدى الإسراف في استخدام المبيدات الحشرية إلى القضاء تقريباً على الحدأة المصرية التي أصبحت نادرة الوجود في الريف المصري، كما أثّر ذلك على وجود الغراب وأبي قردان والثعلب والنمر والذئب، وأصبحت هذه الحيوانات مهددة بالانقراض.
كما أدى استعمال مركب (دي دي تي) في مصر إلى ظهور العنكبوت الأحمر بكثرة على الذرة، ومنذ بضع سنوات هجم مرض خطير على شجرة الكاكاو في غرب أفريقيا، واتضح أن هذا المرض يسببه فيروس يحمله النمل، وعندما استخدمت المبيدات ضد النمل انخفضت الإصابة بالمرض، ولكن اختل التوازن الطبيعي. وبعد فترة تفشت الإصابات بما لا يقل عن أربعة حشرات جديدة.
وعلى أي حال: فإن قاعدة التوازن تحكم الكون بدقة متناهية مؤكدة على حكمة الخالق المتعالي حتى في كبر الحيوانات وصغرها، فالعصفور لا يصل في حجمه إلى الحمام، والحمام لا يصل في حجمه إلى العصفور صغراً. وفي الذكورة والأنوثة، فلا يخلو جيل من الحيوان عن الذكر أو الأنثى، فلا يزيد الثعلب على الدجاج ولا العكس، وهكذا بالنسبة إلى كل شيء بالقياس إلى نفسه وخواصّه ومزاياه أو بالقياس إلى أعدائه أو أصدقائه، وبالقياس إلى خصوصيات بيئته إلاّ بعارض طبيعي مثل الزلازل أو البراكين أو الفيضانات أو الصواعق أو بعارض إنساني مثل تدخل الإنسان في إزالة الحيوان أو تضعيفه أو تقويته بسبب تلويث البيئة أو ما أشبه ذلك.
طبقة الأوزون
مسألة: لقد أشار القرآن الكريم إلى أن السماء سقف محفوظ بالنسبة إلى الأرض، حيث ورد في القرآن الكريم: (وجعلنا السماء سقفاً محفوظاً وهم عن آياتها معرضون) ، وربما يكون قوله سبحانه وتعالى: (سقفاً محفوظاً) لاعتبارين، الأول: أنه سبب لمنع ارتطام سطح الأرض بملايين النيازك.
والإنسان الذي ينام في غرفة مسقَّفة يكون مطمئناً من العواصف والأمطار وكثير من الأخطار كذلك الأرض المسقفة التي تجعل البشرية تعيش بمأمن وطمأنينة.
الثاني: منع أضرار أشعة الشمس من الوصول إلى سطح الأرض، فتأمل.
ومن بين المخاطر التي تنجم عن تدخل الإنسان في النظم الكونية وإخلاله بالتوازن لمكونات الغلاف الجوي للأرض واستنزاف الأوزون في طبقة الجوّ العليا في المنطقة التي تقع على ارتفاع يتراوح بين (20 و40) كيلومتراً فوق منسوب سطح البحر، فإنه يحيط بكوكب الأرض غلاف جوّي سميك يشارك الأرض في دورانها الدائم حول نفسها وحول الشمس
والغلاف الجوي يتكون في الأساس من ثلاث غازات: النيتروجين والأوكسجين والأرجون، ونسبة قليلة تمثل ثاني أكسيد الكربون وتركيزات قليلة من غازات الهليوم والهيدروجين والكلبتون والميثان والنيون والزيون والأوزون. ويتجمع نحو (30%) من الغازات السابقة في طبقة تعرف ب‍(تروبوسفير) وهي الطبقة اللصيقة بسطح الأرض وتعيش في وسط هذه الطبقة جميع الأحياء الأرضية، وتحدث فيها أغلب الظواهر الجوية مثل تكون السحب والضباب والعواصف والرياح والثلوج والمطر.
وتوجد طبقة ثانية تعرف ب‍(الأستراتوسفير) وفي هذه الطبقة يوجد غاز الأوزون بنسبة ضئيلة جداً تتراوح بين (10 30) جزءً من كل مليون جزء من الهواء، ويتغير تركيز الأوزون بتأثير كبير كلّما ارتفعنا عن سطح البحر، ورغم أن سُمك طبقة (الأستراتوسفير) تصل إلى عشرات الكيلومترات إلاّ أن عدد ما بها من جزئيات الأوزون لا يتجاوز عدد جزئيات الهواء الموجود في طبقة سُمكها ثلاث مليمترات من الهواء الذي نتنفّسه على سطح الأرض، وذلك نظراً للانخفاض الشديد للضغط في طبقات الجوّ الأعلى، فنستطيع أن نتخيل طبقة الأوزون كبالونة هائلة تحيط بالكرة الأرضية على ارتفاع (30 كيلومتراً).
وغاز الأوزون سامّ للإنسان وللحيوان والنبات على السواء وهو أكثر سميّة من مختلف الغازات.
والتلوث الناجم عن حركة مرور السيارات في المدن المزدحمة يؤدي إلى زيادة تركيزه تزيد نسبة هذا الغاز في المدن خصوصاً المدن الصناعية المزدحمة بالآليات والسيارات وما أشبه ذلك.
والأوزون ذو فعالية عالية في إبادة الجراثيم وقتل البكتيريا والفيروسات والطفيليات الضارة، ولهذا السبب فإن عدة من الدول تفضِّل استخدامه في معالجة مياه الشرب والمياه الصناعية ومياه المجاري وفي تعليب الأسماك وتعقيم المأكولات. إلاّ أن زيادة نسبة هذا الغاز عن الحدّ المقرّر حسب التقدير الإلهي تحولّه إلى عامل ضارّ ومُتلف حيث أنه يسبب في تدمير الحياة بشتى صورها، وفي الوقت نفسه الذي يتولَّد فيه غاز الأوزون في الغلاف الجوي، فإنه يتعرَّض أيضاً لعملية تدمير طبيعية نتيجة لامتصاصه للأشعة فوق البنفسجية التي ترد إلينا من الفضاء فإن إخلال أي توازن في الأرض وبأجوائها يسبب اختلالاً في الأحياء وغير الأحياء، ولقد قال سبحانه: (والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل شيء موزون).
والأوزون كما أنه يسرع تكونه يسرع زواله أيضاً، وقد أدى الاختلال الصناعي إلى نشوء مشكلة الثقب الأوزوني فوق منطقة القارة القطبية الجنوبية. أما الشمس فهي ترسل أشعتها، وترسل نوعاً من الأشعة فوق البنفسجية، وهذه الأشعة تستطيع إذا ما وصلت إلى الأرض أن تقتل الكائنات الحيّة من بشر ونبات وحيوان.
ويقوم الأوزون الموجود في طبقة الغلاف الجوّي بحجب تلك الأشعة ومنعها من الوصول إلينا، ويقوم الغلاف الجوي بامتصاصها، وبذلك يحول دون تدفقها صوب سطح الأرض ويتسلل مقدار قليل جداً من هذه الأشعة ليساعد على تكوين فيتامين (دي).
واكتشف جماعة من العلماء أنه انخفضت نسبة هذا الغاز (40% ) فوق خليج هالي، وأنه امتدّت في ارتفاعها مسافة تتراوح بين (12 24) كيلومتراً تقريباً، طاغية بذلك على قسم كبير من الجزء الأسفل.
ومعنى ذلك وجود ثُقب أوزوني أي إنّ كثافة غاز الأوزون أصبحت منخفضة جداً عمّا يجب أن تكون عليه.
وقد أوضح العلماء: أنّ هناك عدداً كبيراً من الملوثات التي أدّت إلى استنزاف الأوزون، ومن أهم هذه الملوثات:
أولاً: أكاسيد النيتروجين التي تنطلق من الأسمدة الآزوتية، ومن الطائرات التي تسير بسرعة أكبر من سرعة الصوت وعلى الخصوص الكونكورد(13)، ومن التفجيرات النووية، كما وتنطلق هذه الأكاسيد أيضاً بسبب حرق الوقود الصُلب المستخدم في إطلاق مركبات الفضاء.
ثانياً: من مركبات الإيروسولات المستخدمة في بخّاخات الشعر ومزيلات رائحة العرق وفي جوّ التبريد في الثلاجات وأجهزة التكييف، وفي إنتاج الثلج الصناعي وفي إنتاج الإسفنج الصناعي، وفي صناعة العطور، والمواد الرغويّة، وموادّ التغليف والمذيبات المستعملة في تنظيف القطع الإلكترونية.
ثالثاً: الهالونات التي تستخدم في إطفاء حرائق الأجهزة الكهربائية(14).
ومن الواضح إن هذا الدرع الواقي لو ضعف لأي سبب من الأسباب، فإنّ عواقب ذلك ستكون سيئة على الأحياء التي تدبّ على سطح الأرض أو تسبح في مياه المحيطات والبحار والبحيرات والأنهار، أو التي تتطاير في الجو، إذ يتسرب قدر كبير من الأشعة فوق البنفسجية على سطح الأرض، وبذلك يتزايد انتشار الأمراض السرطانية وخاصة سرطان الجلد. وتقدِّر الوكالات الغربية لحماية البيئة أن الزيادة في عدد حالات سرطان الجلد نتيجة الثقب الأوزوني الناتج عن تأثير مركبات الكلوروفلوروكربون وحدها سوف تبلغ (40 مليون) حالة في الولايات المتحدة الأمريكية فقط قبل انقضاء أربعة قرون، كما أن زيادة تسرّب الأشعة فوق البنفسجية بسبب الثقب الأوزوني سيؤدي أيضاً إلى الإصابة بالحروق الشمسية والعمى الجليدي والشيخوخة المبكرة وتجعّد الجلد وأمراض العيون(15) وبخاصة مرض السدّ العيني، وستؤدّي أيضاً إلى تشوّه الأجنّة وإضعاف جهاز المناعة في جسم الإنسان، وبالتالي ستؤدي إلى هلاك مجموعات كبيرة من البشرية بالإضافة إلى هلاك الحيوان والنبات وما أشبه ذلك(16).
ومن المعلوم إنّ الأشعة فوق البنفسجية إذا كانت متوازنة لها أهمية بالغة بالنسبة للإنسان والحيوان، بينما نقصها أو زيادتها تؤدي إلى الأضرار المختلفة. فإن نقصان كميتها يقود إلى زيادة أمراض الكُساح والتشوّهات العظمية وأمراض نقص الفيتامينات، كما وأن لها خواص مضادّة للجراثيم وتحت تأثيرها يتشكل فيتامين (دي) الذي يعتبر من أهم دعائم الصحة، وتقدر كمية الأشعة فوق البنفسجية الممتصة من الدخان والغبار في المدن بأكثر من (50% ) من كمياتها. وهناك علاقة مباشرة بين أمراض الكُساح ونقصان كمية الأشعة فوق البنفسجية في المدن، كما في إنجلترا حيث يُسمى الكُساح في بعض الأحيان بالمرض الإنجليزي، إذ لا تزيد نسبة الأشعة الشمسية في لندن عن (82% ) من نسبتها في المناطق الريفية ؛ ومن هنا جاءت توصية الأطباء لشعوب الدول الصناعية للذهاب ولو لشهر واحد إلى شواطئ البحار وشبهها لتلقّي الكمية اللازمة للجلد من الأشعة فوق البنفسجية.
وكما في المثل القديم كل إفراط وتفريط في أمر يؤدي إلى الخلل فيه، فاللازم أن يكون موزوناً بقدر جعله الله سبحانه وتعالى.
وعلى أيّ حال: فإنّ الأشعة فوق البنفسجية التي تصل إلى سطح الأرض من الثقب الأوزوني تكون ذات طاقة عالية تكفي لتحطيم جزئيات مهمة في جسم الإنسان، والتي منها الجزئيات المسؤولة عن نقل الصفات الوراثية(17)، وتحطيم مثل هذه الجزئيات سيؤدي إلى هلاك مجموعات كبيرة من البشرية(18)، بالإضافة إلى أن ازدياد الأشعة فوق البنفسجية المارّة من الثقب الأوزوني من شأنه أن يزيد من خسائر المحاصيل الزراعية، فقد أجريت اختبارات على (200) نوع من أنواع النباتات لقياس حساسيتها نحو هذه الأشعة فتبيّن أن ثلثي هذا العدد تأثر بها حيث تباطأ معدل النمو(19) وفشلت حبوب اللقاح في إحداث الإنبات، كما وأن النباتات والأعشاب سوف تتضرّر بشدة(20) من جرّاء ارتفاع مستويات الأشعة فوق البنفسجية التي تتسرّب من ثقب الأوزون.
وستؤدي الزيادة في هذه الأشعة إلى حدوث الضباب الدخاني والأمطار الحمضية على ما سيق تفصيل ذلك، وستؤدي إلى حدوث تغييرات كبيرة في مناخ الأرض وارتفاع درجة الحرارة في العالم، وكذلك ارتفاع مستوى مياه المحيطات، وهو أمر يهدّد بغرق عدة مدن ومناطق ساحلية في بقاع شتى من العالم. وقد عقدت لدرء هذا الخطر عدة مؤتمرات(21) في عدة دول تقرر فيها تخفيض (50% ) من استهلاك المواد التي تسبب مثل هذه الأمور. وهذا أيضاً لا يكفي بل يلزم أيضاً تخفيضها بنسبة (90% ) لتفادي المخاطر الناجمة عن تدمير الأوزون الموجود في طبقات الجوّ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق