الجمعة، 21 مارس 2014

تعريف الصابئة في اللغة و الاصطلاح



تعريفهم في اللغة:
اختلف العلماء في أصل كلمة صابئة مما أدى إلى اختلافهم في المراد من ذلك، ويمكن إجمال أقوالهم فيما يلي:
1. القول الأول ( بالهمز) : إن الكلمة عربية تفيد معنى الخروج والتحول والانتقال من دين إلى آخر، مأخوذة من قول العرب: صبأ ناب البعير إذا طلع حده وخرج، وتصبأ النجوم أي تخرج من مطالعها، والصابيء:المستحدث سوى دينه، وكل خارج من دين كان عليه إلى دين آخر، كالمرتد من أهل الإسلام عن دينه، وجمع الصابيء:صابئون، وصُبَّاء، وصابئة، صَبَأة، ويعرفون في العراق باسم الصُبَّة.
والفعل ((صبأ)) يأتي على فَعَلَ، كـ (( منع ))، ويأتي على وزن فَعُلَ، كـ ((كَرُمَ)).
وتقول: صبأ يصبأ، وصَبُؤَ، كلاهما يدل على الخروج والبروز، وهذا القول عليه جمهور أهل اللغة[1].
2. القول الثاني ( بغير الهمز): إن الكلمة عربية تفيد معنى الميل والنزع، تقول أصبا إلى الشيء يصبو إذا مال قلبه إليه، ونزع واشتاق وفعل فعل الصبيان، وقد يقال صبا الرجل إذا عشق وهوى.
ومن هذا المعنى قوله تعالى عن يوسف – عليه السلام – ( وإلا تصرف عني كيدهن أصبُ إليهن وأكن من الجاهلين) [ يوسف: 33].
قال بعض العلماء: وسمى القوم بذلك؛ لأنهم مالوا عن كل دين إلى دين عبادة النجوم… أو مالوا عن سنن الحق وزاغوا عن نهج الأنبياء[2].
3. القول الثالث: وذهب (( جسنيوس)) العالم اللغوي الألماني إلى أن الكلمة صابئين مشتقة من (( صباؤوث )) العبرانية، أي جند السماء دلالة على أنهم يعبدون الكواكب. وذهب نولدكي إلى أنها مشتقة من صب الماء إشارة إلى اعتمادهم بالماء لأنهم يعتمدون كالنصارى، وقال غيره أن الديانة المسيحية اتصلت ببقية الكلدانيين فنشأ منهم مسيحيو (( مار يوحنا)) في البصرة وهم الصابئون))[3].
4. القول الرابع : إن الكلمة لاتفيد معنى خاصاً وإنما هي منسوبة إلى أحد الأشخاص يسمى صبائاً، واختلف أصحاب هذا القول في تحديد هذا الشخص بين اثنين : أ/ صابيء متوشلخ ( متوشالح ) حفيد النبي إدريس – عليه الصلاة والسلام – .
ب/ صابيء بن ماري، الذي ظهر في زمن الخليل عليه السلام [4].
وقد أنكر هذا القول المسعودي، ونسب هذه التسمية لرجل في الهند ظهر زمن الملك ( طمهوث بن نويجهان) ودعى الناس إلى عبادة الكواكب لأنها المتصرفة في الكون.

هذه هي بعض الأقوال التي تحدثت عن أصل اشتقاق كلمة (( الصابئة)) ولعلنا نلحظ أن الأقوال السابقة بينها ترابط، وذلك من خلال أن الشخص الذي صبأ وخرج عن دينه إلى دين آخر، هو في الحقيقة لم يصنع ذلك إلا لما مال قلبه إلى ذلكم الدين الجديد، ثم اغتسل بالماء إعلاناً منه الخروج عن الدين الأول، وتمسكه بأبرز سماة الدين الجديد ألا وهو عبادة الكواكب.


الصابئون في اصطلاح الباحثين
اختلف الباحثون أيضاً في موضوع الصابئين وحقيقتهم، وفيما يلي بيان بعض أقوالهم في بيان معنى الصابئة، وهي كما يلي:
  1. حكى أبو الريحان البيروني عنهم ثلاثة أقوال:
الأول : أنهم أناس يوحدون الله، وينزهونه عن القبائح،ويصفونه بالسلب لا الإيجاب، كقولهم: لايحد ولايرى ولايظلم ولا يجور، ويسمونه بالأسماء الحسنى مجازاً؛ إذ ليس عندهم صفة بالحقيقة،وينسبون التدبير إلى الفلك وأجرامه، ويقولون بحياتها ونطقها وسمعها وبصرها،ويعظمون الأنوار… ويقال لهم الحراينة نسبة إلى موضوعها (حرّان)، ويقال : إنهم نسبة إلى هاران بن تارح آخي إبراهيم عليه السلام.
الثاني: أن هؤلاء الحراينة ليسوا هم الصابئة بالحقيقة، بل هم المسمون في الكتب بالحنفاء والوثنية، فإن الصابئة هم الذين تخلفوا ببابل من جملة الأسباط الناهضة أيام كورش وأيام ارطحشت إلى بيت المقدس ومالوا إلى شرائع المجوس، فصبوا إلى دين بختنصر، فذهبوا مذهباً ممتزجاً من المجوسية واليهودية… وقد يوجد أكثرهم بواسط وسواد العراق… ومخالفين للحرانيين، عائبين مذاهبهم لايوافقونهم إلا في أشياء قليلة، حتى أنهم يتوجهون في الصلاة إلى جهة القطب الشمالي، والحرانية إلى الجنوبي.
الثالث: أنه كان ( لمتوشالح) ابن تسمى ( صابيء ) وأن الصابئة سموا به .[1]
  1. ما ذكره أصحاب الموسوعات:
أ/ أوردت دائرة المعارف الإسلامية ،التي ألفها مجموعة من المستشرقين، تحت كلمة ( الصابئة) مايلي:
1. المنديَّا أو الصبوة، وهي فرقة يهودية نصرانية تمارس شعيرة التعميد في العراق ( نصارى يوحنا المعمدان).
    1. صابئة حران، وهي فرقة وثنية بقيت أمداً طويلاً في ظل الإسلام، ولها أهميتها بحكم مبادئها، ولها أيضاً شأنها لما خرج من بين صفوفها من علماء))[2]
ب/ ويقول صاحب موسوعة (( دائرة معارف القرن العشرين)) : أن الصابئة قوم دينهم التعبد للروحانيات أي الملائكة وضد الحنفاء الذين دعوتهم الفطرة… ))[3].
ج/ ونختم بما أوردته الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة في تعريف الصابئة المندائين: (( الصابئة المندائين وهي الطائفة الصابئة الوحيدة الباقية إلى اليوم، والتي تعتبر (( يحي عليه الصلاة والسلام)) نبياً لها، يقدس أصحابها الكواكب والنجوم ويعظمونها. ويعتبر الاتجاه نحو نجم القطب الشمالي، وكذلك التعميد في المياه الجارية من أهم معالم هذه الديانة، التي يجيز أغلب فقهاء المسلمين أخذ الجزية من معتنقيها أسوة بالكتابيين من اليهود والنصارى))[4]



[1] ) انظر: الآثار الباقية عن القرون الخالية، أبي الركبان البيروني، ص 304- 307 بتصرف.
[2] ) دائرة المعارف الإسلامية، 14/19.
[3] ) دائرة معارف القرن العشرين، 5/ 426.
[4] ) الموسوعة الميسرة، إشراف د/ مانع الجهني، ص 317.


[1] ) انظر: لسان العرب،مادة ((صبأ))،1/107- 108. وانظر معجم مقاييس اللغة، 3/331-332. وانظر القاموس المحيط، 1/20-21
[2] ) انظر: تفسير القرطبي، 1/ 473. وانظر تفسير البغوي، 1/94.
[3] ) انظر : الصابئون في حاضرهم وماضيهم، السيد الحسني، ص 21.
وانظر : موسوعة كنوز المعرفة، إشراف د/ إميل يعقوب، ط ( الأولى ) ، بيروت : دار نظير عبود، 1998م ، 1/ 158.
وانظر : دائرة معارف القرن العشرين، محمد فريد وجدي، ط( الثالثة)، بيروت: دار المعرفة، 1971م، 5/ 426.
[4] )انظر : تاريخ الطبري، 1/174.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق