السبت، 29 مارس 2014

دور اهمية وظيفة المسجد في المجتمع




ينفرد المجتمع الإسلامي بنظامه الخاص والعلة الرئيسية هي أنه من مجتمع من صنع شريعة خاصة جاءت من لدن حكيم عليم فهذه الشريعة التي وجدت كاملة منذ نشأتها غير مدرجة تدريجياً تاريخياً هذه الشريعة هي التي وجدت المجتمع وأقامته على أسسه التي أرادها الله لعبادة لا التي أرادها بعض هؤلاء العباد لبعضهم وفي ظل هذه الشريعة تم نمو المجتمع الإسلامي والجماعة الإسلامية ووجدت ارتباطات العمل والإنتاج والحكم وقواعد الأدب الفردية والاجتماعية ومبادئ السلوك وقوانين التعامل ووسائل مقومات المجتمع منبر الهداية والإرشاد لجميع من دخله من المسلمين دون تفريق بينهم إن من أول ما دعا إليه الإسلام عدم التفرقة بين المسلمين فقيرهم وغنيهم عربيهم وعجميهم ولم يفضل أحداً على أحد إلا بقدر تقواه: "إن أكرمكم عند الله أتقاكم"([1])، فالتقوى هي ميزان التفاضل في المجتمع الإسلامي.
وما من مكان يتجلى فيه هذا القانون الاجتماعي بصورة جلية مثل المسجد إذ يقف الجميع في صف واحد في الصلاة وقد ذابت وانصهرت جميع الفوارق التي تميز بعضهم عن بعض.
إن وجدة المجتمع الإسلامي وتكاتفه وقوته مستمدة من أمور منها عدم التفريق بين الأجناس والطبقات والأعمار، ولذا أصبح هذا المجتمع كالجسد الواجد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمّى ليس هذا في الصلاة فحسب بل حتى في المعاملات الشرعية والشخصية والاجتماعية في الحياة، وإن المسجد هو المكان الطبيعي الذي يجمع المسلمين لغرض واحد دينية خالصة خلف إمام واحد لا يختلفون عليه، هذا الاجتماع الذي يوصي بالتآلف والوحدة هو السبيل إلى السيطرة على طبائع النفوس ونعراتها فبداخل المسجد يتربى المسلم على تطهير نفسه وتصحيح عقيدته في القرب من ربه سراً وعلانية وفي داخل المسجد يتربى المسلم على الاتصال بإخوانه المسلمين والسؤال عنهم وتقوية الروابط الاجتماعية بينه وبينهم مما يجعله يهتم بجميع شؤونهم، وفي اجتماع المسلمين في المسجد يشعر الجميع بالقوة والانتماء للجماعة مما يجعل الفرد منهم يشعر بالطمأنينة ويحس بالراحة النفسية والكرامة والأمان.
ويتجسد خارج المسجد هذا الشعور الاجتماعي في تعامل المسلمين وتفاعلهم في شكل أمة واحدة داخل الفرد الواحد بحكم ما اكتسبوه من قيم وفضائل في المسجد.
إن اعتياد المسجد والتردد عليه ينعكس على سلوك الفرد في مجتمعه وبذلك يحمل الفرد المسلم في دخيلة نفسه روح الجماعة التي يقف معها بين يدي الله مما يجعله يسعى إلى الحفاظ على كيان المجتمع الذي هو جزء منه وما الأمة إلا تلك المجتمعات المكونة من الأفراد ولئن كانت المؤسسات الاجتماعية "اليوم" تبذل قصارى جهدها للاهتمام بالفئات التي تحتاج إلى الرعاية والعناية الاجتماعية من المعوقين والفقراء والمعوزين والمرضى والغرباء واليتامى ممثلة في دور الرعاية الاجتماعية فإننا نرى المسجد النبوي قبل خمسة عشر قرناً من الزمن كان يقوم بهذا الدور على أكمل وجه كما كان مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم يقوم مقام الجمعيات الخيرية في جمع الزكاة والصدقات من الموسرين والمنفقين وتوزيعها على مستحقيها من الفقراء والمساكين وغيرهم من مصارف الزكاة.
ولقد وجد في المسجد وفي مؤخرته على وجه التحديد "الصفة" يأوي إليها الغرباء والمعدمون ويجدون فيها الطعام والشراب والكساء والمبيت كما كانت الصفة هذه مكاناً لإقامة الذين حبسوا أنفسهم لطلب العلم.
من هذا كله يتضح لنا الدور الاجتماعي الذي كان يقوم به المسجد باعتباره جزءاً من دورة التربية في المجتمع.
كما يتضح أن هذا الدور – الدور الاجتماعي – سار جنباً إلى جنب وباتزان بديع مع التربوية التعليمية الأخرى التي كان يقوم بها المسجد في المجتمع الإسلامي.
إن التكافل الاجتماعي يطبق بين أفراد المجتمع تبرز إشارة التربوية النافعة في معالجة النفوس وإصلاح القلوب وتهذيب السلوك والطباع والإحساس بالشعور الأخوي بين الجميع، وترسيخ التآلف، والتعايش الودي الآمن والمعالجة العملية لحالات من الفقر والحرمان والعجز والإعسار إن العناية بالتكافل الاجتماعي، وتطبيقه عملياً يحفظ المجتمع وينقذه من الرذيلة، وسلوك السبل الملتوية للوصول إلى تحقيق الهدف مما يؤدي إلى خلخلة دور مهم وفعال في انضباط الأفراد وتحقيق الأمن الاجتماعي وترسيخ الاستقرار والاطمئنان وغرس القيم الإيمانية بين جميع فئات المجتمع وهي القيم التي تحفظ على المجتمع أمنه وسلامته، وتبث فيه روح الإخاء وتبعده عن الاستغلال والعدوان، وتنقي النفوس من الأخطاء والعدوان إذاً فالمسجد منذ القدم وإلى اليوم يقوم بدوره ووظيفته الاجتماعية ومن هذه الوظائف:



([1]) الحجرات آية 13.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق