السبت، 29 مارس 2014

صلاة الجماعة أهم الأعمال الصالحة التي تؤدى في المساجد




 صلاة الجماعة أهم الأعمال الصالحة التي تؤدى في المساجد وقد كان مسجد النبي صلى الله عليه وسلم موضعاً لإقامة الصلاة الخاشعة لله رب العالمين في أوقاتها المعلومة.. إضافة إلى النوافل وكانت الصلوات اليومية تقام جماعة بإمامة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت صلاة الجمعة أكثر الصلوات اهتماماً من قبل المسلمين لأن الصلاة هي عمود الدين وركن الإسلام العتيد من حافظ عليها وحفظها حفظه الله ومن ضيعها ضيعه الله وهي التي إن صلحت صلح سائر العمل وإن فسدت فسد سائر العمل وهي ركن الإسلام الثاني بعد الشهادتين وهي الفرق بين المؤمن والكافر وقد جاء في الحديث الشريف: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة من تركها فقد كفر"([1]) وقد أمر الله بالمحافظة على الصلوات جماعة مع المسلمين في كثير من الآيات.
قال تعالى: " وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ"([2]).
وقال تعالى: " حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ"([3]).
وقد قال الله تعالى في صلاة الخوف في موطن القتال: "وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ"([4]).
ففي هذا الموطن وهو أحرج المواطن وأشدها وأصعبها يأمر الله تعالى بالإتيان بصلاة الجماعة في قوله تعالى: " فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ" أي جماعة وفي موضع آخر من الآية يقول تعالى: "وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ".
ففي هذه المواضع يحث ربنا عز وجل على الجماعة وهي أحرج المواقف وأصعبها في موطن الموت ففي أوقات الرخاء من باب أولى.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى فقال يا رسول الله إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته فرخص له. فلما ولى دعاه فقال هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب"([5]).
ففي هذا الحديث يوجب صلى الله عليه وسلم إجابة النداء لصلاة الجماعة لمن سمعه ففي هذا الحديث جاء هذا الأعمى إلى النبي صلى الله عليه وسلم لكي يرخص له في عدم المجيء إلى المسجد وعدم حضور صلاة الجماعة لأنه أعمى ومكانه بعيد وفي رواية بينه وبين المسجد وادي مسيل وفي الطريق حشرات وهوام وليس له قائد يقوده إلى المسجد فهو يرى أنه بهذا العمى وهذه الأعذار أنه معذور في المجيء إلى المسجد والى صلاة الجماعة وقد جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وشرح له ذلك رجاء أن يرخص له النبي صلى الله عليه وسلم في عدم المجيء إلى المسجد ولكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرخص له في عدم المجيء إلى المسجد وحضور صلاة الجماعة إن كان يسمع النداء حتى ولو كان أعمى فالصحيح الذي يبصر من باب أولى بالذهاب إلى المسجد وحضور صلاة الجماعة.
وعن عبدالله بن مسعود قال: "من سره أن يلقى الله عز وجل غداً مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات الخمس حيث ينادى بهن من سنن الهدى وإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى ولعمري لو أن كلكم صلى في بيته لتركتم سنة نبيكم ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق ولقد رأيت الرجل يهادى بين الرجلين حتى يدخل في الصف وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور فيعمد إلى المسجد فيصلي فيه فما يخطو خطوة إلا رفع الله له بها درجة وحط عنه بها خطيئة"([6]).
ففي هذا الحديث يتبين عظيم فضل الصلاة في المساجد جماعة مع المسلمين وإن الصحابة كانوا يعدون من تخلف عن هذه الصلوات جماعة مع المسلمين كانوا يعدونه من المنافقين وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أحدكم إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى المسجد لا ينهزه إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفعه الله عز وجل بها درجة وحط عنه بها خطيئة حتى يدخل المسجد"([7]).
انظر لهذا الأجر العظيم لمن خرج إلى المسجد لا يخرج إلا لأجل الصلاة فإن الله يجازيه على ذلك العمل بأنه لا يخطوا خطوة إلا رفعه الله بتلك الخطوة درجة وحط عنه الخطوة الثانية سيئة جميع خطواته حتى يدخل المسجد ما أعظمه من أجر ولذلك عندما جاء بني سلمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت ديارهم بعيدة عن المسجد فأرادوا أن يستأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الاقتراب من المسجد قال صلى الله عليه وسلم "بني سلمه دياركم تكتب آثاركم"([8]).
وقد جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أكثر الناس أجراً في الصلاة أبعدهم إليها ممشى"([9]).
وقد بشر صلى الله عليه وسلم من يمشي إلى المسجد في الظلام بالنور التام يوم القيامة من الله عز وجل فقد قال صلى الله عليه وسلم: "بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة"([10])، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "من غدا إلى المسجد أو راح أعدَّ الله له في الجنة نزلاً كلما غدا وراح"([11]).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ولا يزال أحدكم في صلاة مادام ينتظرها ولا تزال الملائكة تصلي على أحدكم مادام في المسجد اللهم اغفر له اللهم ارحمه مالم يحدث"([12])، يبين صلى الله عليه وسلم في هذه الأحاديث الأجر العظيم والفضل الجزيل الذي يحوزه ويناله من يمكث في المسجد ينتظر الصلاة حتى يجيء وقتها وذلك بأنه ينال أجراً مثل أجر الصلاة التي يصليها وإن أجره ما يزال مستمراً يكتب له وإن الملائكة تدعوا له مدة مكوثه في ذلك المكان تقول اللهم اغفر له اللهم ارحمه،  وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يزال أحدكم في صلاة مادامت الصلاة تحبسه لا يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلا الصلاة" متفق عليه ([13]).
وللبخاري: "الملائكة تصلي على أحدكم مادام في مصلاه مالم يحدث: اللهم اغفر له اللهم ارحمه" ([14])، ولمسلم: "لا يزال العبد في صلاة ما كان في مصلاه ينتظر الصلاة، وتقول الملائكة اللهم اغفر له اللهم ارحمه حتى ينصرف أو يحدث قلت: ما يحدث قال يفسو أو يظرط"([15])، ففي هذه الأحاديث  والروايات يبين النبي صلى الله عليه وسلم عظيم الأجر الذي يحصل عليه الذي يمكث في المسجد ينتظر الصلاة ابتغاءً للأجر من الله.
ومن الأحاديث التي تبين فضيلة صلاة الجماعة في المساجد وفضيلة بعض الصلوات ما رواه الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاة الرجل في الجماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمساً وعشرين ضعفاً وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفعت له درجة وحط عنه بها خطيئة، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه مادام في مصلاه. اللهم اغفر له اللهم ارحمه ولا يزال أحدكم في صلاة ما انتظر الصلاة.
وفي رواية أخرى لهما من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما صلاة الجماعة تفضل صلاة الغد بسبع وعشرين درجة" ([16]).
ففي هذا الحديث يبين الرسول صلى الله عليه وسلم فضيلة صلاة الجماعة ي المسجد والأجر الذي يناله من يصلي الصلاة جماعة مع المسلمين وذلك أن من يذهب إلى المسجد لكي يؤدي الصلاة في المسجد جماعة مع المسلمين فإن تلك الصلاة تضاعف وتزيد في أجرها وفضلها على صلاته في بيته وفي سوقه خمساً وعشرين مرة وفي رواية سبعاً وعشرين مرة وفي ذلك حث من الرسول صلى الله عليه وسلم وترغيب في المحافظة على صلاة الجماعة في المسجد جماعة مع المسلمين.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن أثقل صلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً ولقد هممت أن أمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس ثم أنطلق معي رجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار"([17]).
ففي هذا الحديث يبين صلى الله عليه وسلم فضيلة وعظيم أجر بعض الصلوات وخاصة صلاة العشاء والفجر وأجر من يصليهما في المسجد جماعة مع المسلمين وحذر ونفر من تركهما بالتهاون عن أدائهما جماعة مع المسلمين وأن من يفعل ذلك معدود من المنافقين فيقول أثقل الصلاة على المنافقين فعدّ من استثقل بهاتين الصلاتين العشاء والفجر من المنافقين وما عد الرسول صلى الله عليه وسلم وخص هاتين الصلاتين إلا لثقلها على المرأة المسلم العشاء وقت غفلة ولهو ولعب وانشغال بالدنيا وقرب وقت النوم أما صلاة الفجر فهي وقت استغراق في النوم نوم عميق ثقيل الذي لا يستطيع الإنسان معه النهوض من فراشة وقد عدا الرسول صلى الله عليه وسلم التكاسل عنهما والتخلق عنهما من علامات  المنافقين ويبين صلى الله عليه وسلم فضيلة هاتين الصلاتين والأجر الذي فيهما أنه لو يعلم الناس ما في هاتين الصلاتين لأتوهما ولو حبواً إن لم يستطيعوا المشي إليهما لعظم الأجر الذي فيهما. ولذلك يقول صلى الله عليه وسلم: "من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل ومن صلى الفجر في جماعة فكأنما قام الليل كله"([18]).
انظر لهذا الأجر العظيم لمن صلى هاتين الصلاتين جماعة مع المسلمين ذلك بأنه قام الليل كله وحصل على أجر ذلك القيام كاملاً وأن من صلى إحداهما في المسجد جماعة فإن له نصف قيام الليل من الأجر. ما أعظمه من أجر لمن صلى إحداهما في جماعة أو صلى كلتيهما في جماعة وفي التخلف عن صلاة الفجر سؤل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل نام حتى طلعت الشمس قال: "ذاك رجل بال الشيطان في أذنه"([19]) إن تخلفت عن صلاة الفجر ونمت عنهما واستثقلتها فاعلم أن سبب ذلك هو أن الشيطان قد استولى واستحوذ عليك وجعل رأسك حماماً له وبال في أذنيك.
وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على الحضور إلى المسجد وشهود صلاة الجماعة مع المسلمين وعد التخلف عن ذلك أمر يستوجب صاحبه إحراق بيته عليه بالنار فقال: "ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام" أين هذه الإقامة إنها في المسجد ثم يقول: "ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب" إلى أين يريد أن ينطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه يريد أن ينطلق إلى بيوت قوم لا يشهدون الصلاة وأين يشهدون الصلاة يشهدونها مع المسلمين جماعة في المسجد لأنه لو كانت البيوت لما قال صلى الله عليه وسلم: "فأحرق عليهم بيوتهم".
ولماذا انطلق صلى الله عليه وسلم انطلق إلى بيوت قوم لا يشهدون الصلاة جماعة مع المسلمين في المساجد وماذا يريد بهم إنه يريد أن يحرق عليهم بيوتهم لأنهم لم يشهدوا الصلاة مع المسلمين انظر إلى أي حد بلغ الرسول صلى الله عليه وسلم في الزجر لمن لم يصلي مع المسلمين جماعة في المساجد بلغ إلى حد الإحراق بالنار وما ذلك إلا لأهمية الصلاة جماعة مع المسلمين ولعظيم فضل تلك الصلاة جماعة مع المسلمين.
وفي رواية: "لولا ما فيها من النساء والذرية".
ففي هذه الأحاديث التي سبقت يتبين أن المسجد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان مكاناً لأداء الصلوات في جميع أوقاتها جماعة مع المسلمين.


([1]) صحيح البخاري 1/ ك الصلاة.
([2]) سورة البقرة الآية 43.
([3]) سورة البقرة الآية 238.
([4]) سورة النساء 102.
([5]) صحيح مسلم رقم 653، المساجد ص452.
([6]) رواه مسلم باب صلاة الجماعة من سنن الهدى.
([7]) رواه مسلم باب صلاة الجماعة.
([8])
([9]) البخاري في صحيحه ب/ فصل صلاة الفجر في جماعة 1/159 ومسلم في صحيحه ك المساجد ومواضع العلاء ب/ فضل كثرة كثرة الخطا إلى المساجد 1/464.
([10]) أبو داوود في سننه في الصلاة 1/379 والترمذي في جامعه في أبواب الصلاة 1/435.
([11]) صحيح البخاري ب/ فضل من غدا إلى المسجد أو راح ومسلم ك المساجد ومواضع الصلاة/ والنزل ما يهيأ للضيف عند قدومه.
([12]) رواه البخاري باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة ومسلم باب فضل صلاة الجماعة وانتظار الصلاة.
([13]) صحيح البخاري ك الأذان ب 30 فضل صلاة الجماعة رقم 647 وفتح الباري 109-130، مسلم (1/459-460).
([14]) البخاري ك الأذان ب36 من جلس ينتظر الصلاة رقم 959.
([15]) صحيح مسلم و1/459-460 رقم 649-674.
([16]) صحيح البخاري رقم 647، 645 الأذان (2/131) صحيح مسلم رقم 649 المساجد (ص446).
([17]) صحيح البخاري رقم 1644 الأذان (2/125) مسلم رقم (65/251) المساجد (ص451).
([18]) مسلم في صحيحه.
([19]) مسلم في صحيحه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق