السبت، 29 مارس 2014

اقراء وتعليم القران الكريم




لقد كان للمسجد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين دور كبير في اقراء القران هذا المجال لأنه مقر لجميع أعمال الخير وأعمال البر ومن تلك الأعمال إقراء القرآن الكريم لأن القرآن هو كتاب الله عز وجل المنزّل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم المتعبد بتلاوته وهو دستور المسلمين وهاديهم إلى صراطٍ مستقيم.
نزل به الأمين جبريل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من عند الله ليكون له دستوراً ومنهاجاً لهذا الدين: قال تعالى: " نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ".
ولينذر به الناس من عذاب ربهم قال تعالى: "تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا"([1])، وقد أنزله الله عز وجل إلى البيت المعمور في السماء الدنيا جملة واحدة قال تعالى: "حم(1)وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ(2)إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ(3)فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ"([2]).
وقال تعالى: " إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ(1)وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ(2)لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ"([3]).
ثم نزل بعد ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم منجماً حسب الوقائع والحوادث قال تعالى: " وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً"([4]).
وقال تعالى: " وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً"([5]).
والقرآن كتاب هداية ونور أنزله الله عز وجل على النبي صلى الله عليه وسلم ليهدي به الناس ويخرجهم من الظلمات إلى النور قال تعالى: " قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ(15)يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ"([6]).
وقال تعالى: " إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا"([7]).
وقال تعالى: " طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ(1)هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ"([8]).
وقال تعالى: " الم(1)ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ"([9]).
وهو كتاب راحة للناس وسعادة في الدنيا والآخرة من تمسّك به وجعله قائده جعل الله له راحة من هموم الدنيا وشقائها قال تعالى: " طه(1)مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى(2)إِلاَّ تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى(3)تَنزِيلاً مِمَّنْ خَلَقَ الأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلاَ"([10]).
أما من أعرض عنه وتركه ولم يهتدي بآياته فإن الله يجعل له ضيقاً وحرجاً في صدره وهمّاً ونكداً في الدنيا ويجازيه الله يوم القيامة بالنسيان والعذاب قال تعالى: "وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى(124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا(125)قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى"([11]).
وهو كتاب محكم في آياته بديع في نظمه قال تعالى: " الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ"([12])، ولقد نزل القرآن في زمن البلغاء والفصحاء في قوم كانوا يجيدون اللغة العربية وكانوا أهل فصاحة وبلاغة فكان من الطبيعي أن ينزل القرآن بلسانهم ينذرهم به أي العرب من قريش ومن حولهم من باقي العرب قال تعالى: " وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لاَ رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ"([13]).
وقال تعالى: "حم(1)تَنزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ(2)كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ(3)بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ"([14]).
وليكون معجزة لنبيه صلى الله عليه وسلم على صدق دعواه بأنه منزّل من عند الله معجزة يتحدى بها الله العرب الفصحاء والبلغاء أن يأتوا بمثل هذا القرآن فعجز المشركون أن يأتوا بمثله فتحداهم أن يأتوا بعشر سورٍ من مثله إن كان هذا القرآن مفترى كما يقولون قال تعالى: "أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ"([15]).
فعجز المشركون أن يأتوا بعشر سور من مثل القرآن فتحداهم أن يأتوا بسورة واحدة من مثل القرآن قال تعالى: " وَإِنْ كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ"([16]).
فعجز المشركون أن يأتوا بمثل هذا القرآن أو بمثل أقصر سورة منه فلما عجزوا أن يأتوا بمثله اتهموه بعدة تهم منها أنه سحر وأنه قول شاعر وأنه قول كان قال تعالى: "فَلاَ أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ(38)وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ(39)إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ(40)وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ(41)وَلاَ بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ(42) تَنزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ"([17]).
وبما أن القرآن كتاب الله منهج المسلمين ودستورهم نزل على محمد صلى الله عليه وسلم والنبي هو المبلغ عن الله لهذا القرآن فلا شك ولا ريب أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم هو المقرئ الأول للقرآن الكريم فما تنزل من آية أو عدة آيات أو سورة من القرآن الكريم إلا ورسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمها لأصحابه رضي الله عنهم جميعاً وأكثر ما يكون ذلك في مسجده صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة وقد كان الصحابة رضي الله عنهم يتلقونه ........ طرياً من الرسول صلى الله عليه وسلم كما نزل ثم يقرءونه لغيرهم من الصحابة وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم في هذا العمل العظيم خدمة لكتاب الله عز وجل وترغيباً للمسلمين في العودة بالمسجد إلى دوره في هذا الجانب ومن ذلك.
عن عقبة بن عامر قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الصفة فقال أيكم يحب أن يغدو كل يوم إلى بطحان أو إلى العقيق فيأتي منه بناقتين كوماوين في غير إثم ولا قطيعة رحم فقلنا يا رسول الله نحب ذلك قال أفلا يغدوا أحدكم إلى المسجد فيعلم أو يقرأ آيتين من كتاب الله عز وجل خير له من ناقتين وثلاث خير له من ثلاث وأربع خير له من أربع ومن أعداوهن من الإبل"([18]).
ففي هذا الحديث يحث صلى الله عليه وسلم على تعليم القرآن الكريم وإقراءه وبيان فضل ذلك والشاهد قوله صلى الله عليه وسلم: "فمن طبيعة الناس أنهم يحبون المال والتكاثر فيه وخير للأموال التي كانت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم للإبل ويبين صلى الله عليه وسلم أن من يذهب إلى المسجد لكي يعلم القرآن فإن كل آية يعلمها لغيره خير لهذا الإنسان من ناقة من الإبل وآيتين خير من ناقتين وكلما زاد كلما كان الأجر أكثر والخير أعظم فما أعظمه من أجر.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يخص بعض أصحابه بالتعليم بإقراء القرآن أحياناً ليزيده حرصاً على العلم ومن أمثلة ذلك ما ورد عن أبي سعيد بن المعلى قال كنت أصلي فدعاني النبي صلى الله عليه وسلم فلم أجبه قلت: يارسول الله إني كنت أصلي قال: "ألم يقل الله "اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ" ثم قال: ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن قبل أن تخرج من المسجد" فأخذ بيدي فلما أردنا أن نخرج قلت: يا رسول الله إنك قلت لأعلمتك أعظم سورة من القرآن قال: " الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ" هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته"([19]).


([1]) سورة الفرقان الآية 1.
([2]) سورة الدخان الآيات 1-5.
([3]) سورة القدر الآيات 1-3.
([4]) سورة الفرقان الآية 32.
([5]) سورة الإسراء الآية 107.
([6]) سورة المائدة الآيتين 15، 16.
([7]) سورة الإٍسراء الآية 9.
([8]) سورة النمل الآيتين 1، 2.
([9]) سورة البقرة الآيتين 1، 2.
([10]) سورة طه الآيات 1-4.
([11]) سورة طه الآيات 124-126.
([12]) سورة هود الآية 1.
([13]) سورة الشورى الآية 7.
([14]) سورة فصلت الآيات 1-4.
([15]) سورة هود الآية 13.
([16]) سورة البقرة الآية 23.
([17]) سورة الحاقة الآيات 38-43.
([18]) رواه مسلم (803) ب فضل قراءة القرآن في الصلاة وتعلمه.
([19]) رواه البخاري في صحيحه ب 1/2 (    ) وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلاة ومسلم ب وجوب قراءة الفاتحة في كل سورة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق