السبت، 29 مارس 2014

كان المسجد مأوى العزاب الغرباء و الزوار واستقبــال الوفـــود



كان المسجد مأوى العزاب الغرباء و الزوار واستقبــال الوفـــود
كان المسجد النبوي في عهد النبي صلى الله عليه وسلم هو مأوى الشباب الذين لازالوا أعزاباً لا أهل لهم من الصحابة رضي الله عنهم وكان كذلك مأوى الغرباء والزوار ويقرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك كما روى ابن عمر رضي الله عنهما قال: "كان الرجل في حياة النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى رؤيا قصها على النبي صلى الله عليه وسلم فتمنيت أن أرى رؤيا أقصها على النبي صلى الله عليه وسلم وكنت غلاماً شاب أعزب وكنت أنام في المسجد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فرأيت في المنام كأن ملكين أخذاني فذهبا بي إلى النار فإذا هي مطوية كطي البئر فإذا لها قرنان كقرني البئر وإذا فيها ناس قد عرفتهم فجعلت أقول أعوذ بالله من النار أعوذ بالله من النار فلقيهما ملك آخر فقال لي لن تراع فقصصتها على حفصة فقصتها حفصة على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "نعم الرجل عبدالله لو كان يصلي من الليل قال سالم فكان عبدالله لا ينام من الليل إلا قليلاً"([1]).
ففي هذا الحديث يتبين أن شباب الصحابة رضي الله عنهم وخاصة العزاب كان أكثرهم ينام في المسجد النبوي على عهد النبي صلى الله عليه وسلم للتعبد وقيام الليل وممارسة العبادات والطاعات في المسجد الذي يكتنفه جو من الطمأنينة والهدوء والراحة كما كان المسجد النبوي مكاناً للراحة كما كان المسجد النبوي مكاناً للراحة غير المحتاجين وملاذاً لمن ضاقت به نفسه في منزله بسبب مخاصمة أو غيرها لما ورد عن عباد بن تميم عن عمه أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم مستلقياً في المسجد واضعاً إحدى رجليه على الأخرى وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهما كانا يفعلا ذلك"([2]). وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال كنت أبيت في المسجد لم يكن إلي أهل ([3]) ففي هذا الحديث يتبين أن المسجد كان مكاناً للراحة لمن أصابه تعب أو هم من هموم الدنيا أو غمومها فالنبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث يتبين أنه كان يخرج إلى المسجد ويستلقي فيه ويضع إحدى رجليه على الأخرى لكي يستريح وتهدأ نفسه وينسى هموم الدنيا وغمومها ويستريح من عنائها وتعبها في جو المسجد الهادي المريح.
وعن سهل بن سعد قال جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت فاطمة فلم يجد علياً في البيت فقال أين ابن عمك؟ قالت كان بيني وبينه شيء ففاجئني فخرج فلم يقل عند فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنساً أنظر  أين هو فجاء فقال يا رسول الله هو في المسجد راقد فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم هو مضطجع قد سقط رداؤه عن شقه وأصابه تراب فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسحه عنه ويقول قم أبا تراب قم أبا تراب"([4]).
ففي هذا الحديث يتبين أن المسجد كان مكان لمن ضاقت به نفسه وتخاصم مع أهله يستريح فيه وتهدأ نفسه ويتنحى عنه الشيطان ويجد الراحة والهدوء وقدكان مسجد النبي صلى الله عليه وسلم مكاناً لاستقبال الوفود إكرامهم وقد كثر الوفود وخاصة بعد فتح مكة وإسلام ثقيف وفراغه من تبوك فلم يكن ثمة مكان إلا المسجد لم يكن هناك بيوت استقبال للوفود ولا فنادق وإنما كانت الوفود تنزل في المسجد النبوي فعن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه أن وفد ثقيف لما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنزلهم المسجد ليكون أرق لقلوبهم فاشترطوا عليه أن لا يحشروا ولا يعشروا ولا يجبوا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لكم أن تحشروا ولا تعشروا ولا خير في دين ليس فيه ركوع"([5]).
ففي هذا الحديث تبين أن وفد ثقيف قد نزلوا في المسجد ليكون أرق لقلوبهم ولكي يروا ويشاهدوا العبادات وأعمال الطاعات عن قرب ليكون لها الأثر البالغ في أنفسهم وليغمرهم جو المسجد الإيماني.
وعن جابر أن وفد نجران أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا ما تقول في عيس ابن مريم فقال: "هو روح الله وكلمته وعبدالله ورسوله" قالوا له هل لك أن نلاعنك أنه ليس كذلك؟ قال: "وذاك أحب إليكم؟" قالوا نعم. قال: "فإذا شئتم" فجاء النبي صلى الله عليه وسلم وجمع ولده الحسن والحسين فقال رئيسهم لا تلاعنوا هذا الرجل فوالله لئن لاعنتموه ليخسفن أحد الفريقين فجاءوا فقالوا: يا أبا القاسم إنما أراد أن يلاعنك سفهاؤنا وإنا نحب أن تعفينا قال: "قد عفيتكم" ثم قال: "إن العذاب قد ضل نجد"([6]).. هذا الحديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.
وفي روايه.. لما قدم وفد نجران على رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخلوا عليه المسجد بعد العصر فجائت صلاتهم فقاموا يصلون في مسجده فأراد الناس منعهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دعوهم فاستقبلوا المشرق فصلوا صلاتهم"([7]).
إذا تبين مما سبق أن المسجد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان له دوره المهم في حياة الشباب وخاصة العزاب أي أنه مأوى لهم يأوون إليه ويبيتون فيه ويؤدون فيه العبادات والطاعات والصلوات وقيام الليل ويجدون فيه الراحة النفسية من هموم الدنيا ومتاعبها وأشغالها.
كذلك كان مقراً للاستقبال الوفد التي جاءت إلى المدينة بعد فتح مكة والفراغ من تبوك من وفود ثقيف وهوازن ونجد ونجران وغيرها كان يضعهم النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد لكي يشاهدوا الصحابة وهم يؤدون الطاعات والعبادات عسى الله أن يبعث في قلوبهم الإيمان والهدى ويسلموا ولكي يغمرهم جو المسجد الإيماني عسى أن يؤثر فيهم فيهتدوا.



([1]) رواه البخاري في صحيحه ب/ فضل قيام الليل. مسلم فقه فضائل عبدالله بن عمر.
([2]) رواه البخاري في صحيحه ب/ الاستلقاء في المسجد ومد الرجل. مسلم ب/ في إباحة الاستلقاء ووضع إحدى الرجلين على الأخرى.
([3]) تهذيب الكمال ج29 ص54.
([4]) رواه البخاري في صحيحه باب نوم الرجل في المسجد، ومسلم ب/ من فضائل علي بن أبي طالب.
([5]) سنن ابن ماجه ب ما جاء في خبر الطائف.
([6]) المستدرك على الصحيحين للحاكم ب/ ذكر نبي الله عيسى.
([7]) دلائل النبوة للبيهقي ب/ وفد نجران وسهارة الأساقفة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق