السبت، 29 مارس 2014

عِظم ومكانة الكلمة




يشير د.التويجري إلى عِظم الكلمة ومكانتها بأن البدء كان كلمة .. والكلمة تشرف بمبناها ومعناها، ولقد خلق الله الكون بكن، وخلق آدم بيده تشريفاً له.. والكلمة بحسب قائلها، ومقاصدها وحروفها، الكلمة مسؤولية.. الكلمة حتف أو شرف.. الكلمة بناء أو هدم.. الكلمة بداية السلم وبداية الحرب.. فكم من كلمة أفرحت، وأخرى أحزنت، وكم من كلمة فرقت وأخرى جمعت، وكم من كلمة أقامت، وغيرها هدمت، وكم من كلمة أضحكت، وأخرى أبكت، وكم من كلمة انشرح لها الصدر وأنس بها الفؤاد وأحس بسببها سعة الدنيا، وأخرى انقبضت لها النفس واستوحشها القلب وألقت قائلها أو سامعها في ضيق أو ضنك، فضاقت الدنيا على رحبها والأرض على سعتها، فكم من كلمة واست جروحاً، وأخرى نكأت وأحدثت حروقاً.
وقال إذاً نحن بحاجة ماسة لأن نحلل مقاصد كلمة خادم الحرمين الشريفين حين يؤكد على مسؤولية الكلمة، فهو الملك الذي يعيش هم الوطن والأمة، الملك الذي تقرأ كلماته بمفاهيم، وهو الذي أدرك حجم المملكة وحجم المرحلة وخطورة التعامل مع وسائط العصر، وقنوات التواصل، مشيراً إلى أن الكلمة لم تعد حبيسة جلسة أو طي أوراق، إنها تجوب العالم بضغطة زر.. إن العالم بأطيافه وأصنافه وتوجهاته وأجناسه يؤكد أهمية التريث حين الحديث.. واختيار الزمان والمكان والهدف الذي تقال فيه ولأجله الكلمات.. قال تعالى:(إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولاً .
يقول د.التويجري مخاطباً رواد الكلمة: أيها المتحدثون، علماء وأدباء ومفكرون وأساتذة ومعلمون.. أيها الكتاب في الصحف والمجلات والخطباء، ليست الكلمة عبئاً تلقيه عن كاهلك، ولكنها تبعات الكلام والصمت في آن واحد، ولذا فإن مآلات الخطاب واستحضار المفاهيم التي سوف تستقبل الحديث دون أي تحكم في تصنيفها أو التدخل في مفهومها يستوجب منا معاشر المتحدثين مزيداً من الحيطة والحذر، وليس الصمت بأقل خطراً من الكلام، فإن ثمة وقائع وأحداثاً تستدعي التصريح بكلمة تقطع دابر الخوض، وإفصاحاً يلغي منابع الظن والجدل، فما أجمل الصمت في حينه والكلام في حينه.. ولقد فوت الصمت مصالح كثيرة.. كما فتح الكلام أبواباً مغلقة، وعلى قدر مقام الإنسان تكون مسؤولية الكلمة، ولقد كان السلف يلاحظون عند الإجابة حال السائل والمسألة والحضور، فليس الشأن بأن تجيب أو تتحدث، ولكن ماذا عن توظيف الكلمات؟.
وأخطر ما تكون الكلمة حين تتعلق بالقضايا الكبرى، أو مصير الناس في مالهم وأمنهم وصحتهم.. أما حين يكون الحديث توقيعاً عن رب العالمين في شأن الحلال والحرام والفتوى فهذا موكولٌ لأهل العلم والرأي السديد منعاً لفوضى الفتوى في الشأن العام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق