كثرة الخبث
أمر الله عباده المؤمنين
بعمل الصالحات، ووعدهم على ذلك الأمن في الدنيا، والفوز في الأخرى، وحذرهم من
مخالفة أمره والوقوع في نهيه ومعصيته، وكما رتب على الطاعة الأجر في الدنيا
والآخرة؛ فقد رتب على المعصية العذاب في الدنيا والآخرة، فقال تعالى: }وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا{([1])، وقال جل ثناؤه:} ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ{([2]).
فإذا عمّ الذنب عمّ العذاب،
فقد أخرج البخاري ومسلم عن أم حبيبة بنت أبي سفيان عن زينب بنت جحش رضي الله عنهن
أن النبي e دخل عليها فزعا يقول: (لا إله إلا الله! ويل للعرب من
شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه، وحلق بإصبعه الإبهام والتي
تليها. قالت زينب بنت جحش: فقلت: يا رسول الله! أنهلك وفينا الصالحون؟. قال: نعم
إذا كثر الخبث!!) ([3]) وقد سئل
ابن وهب عن قوله في هذا الحديث: إذا كثر الخبث. فقال: أولاد الزنى. ([4])
وأخرج
ابن عبد البر في
الاستذكار من طريق منذر الثوري عن الحسن بن محمد قال حدثتني امرأة من الأنصار قالت
دخلت على أم سلمة زوج النبي فبينا أنا عندها إذ دخل
رسول الله صلى الله عليه وسلم فتكلم بكلام لم أفهمه، فسألت أم سلمة بعد
خروجه، فقالت: (إن الفساد إذا فشا في الأرض ولم يتناه عنه أرسل الله بأسه على أهل
الأرض. قالت: قلت يا رسول الله! وفيهم الصالحون؟ قال: نعم، وفيهم الصالحون، يصيبهم
ما أصابهم، ويقبضهم الله إلى رحمته ورضوانه ومغفرته.) ([5])
وقال عمر بن عبد العزيز رحمه
الله: (كان يقال: إن الله تبارك وتعالى لا يعذب العامة بذنب الخاصة، ولكن إذا عمل
المنكر جهارا استحقوا العقوبة كلهم).([6])
فلما شاع فيهم الذنب ولم
ينكروه، ولم تتمعر وجوههم من رؤيتهم له؛ عمهم العذاب، واستحقوا مقت الله وعذابه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق