عدم
الحكم بما أنزل الله
أنزل
الله الشرع المحكم ؛ ليتحاكم الناس إليه كما قال تعالى: }كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ
وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ{.([1]) وبين سبحانه وتعالى أنه يحكم ولا معقب لحكمه،
فقال جل شأنه: }
وَاللَّهُ يَحْكُمُ
لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ{([2])، وأرشد عباده إلى أن أمره يدلهم إلى خير طريق
وأقوم سبيل، فقال جل ثناؤه: }إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ{([3])، وأمرنا أن نرجع إليه عند التنازع فقال سبحانه
وتعالى:}
فَإِن
تَنَازَعْتُمْ
فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ{([4])، وجعل التحاكم إلى شرعه علامة على الإيمان، فقال سبحانه: } فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا{([5])، ونبه المؤمنين إلى أنه لا يسوغ لهم أن ينتقوا
من شرع ربهم ما يوافق أهواءهم، ويتخلوا عما فيه عنتهم ومشقتهم، ومخالفة أهوائهم،
فقال تعالى: }وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ{([6])، وأمر نبيه بالتحاكم إلى شرعه، فقال سبحانه: } وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ{([7]).
فإذا شرع الحكيم لعباده حكما، وتنكبوا عن صراطه،
وخالفوا أمره، واستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير؛ فحينئذ يتعرضون لعذاب الله،
وينزلون بأنفسهم مقت الله وغضبه، كما أخبر الصادق المصدوق حينما أنذر أمته مغبة
المخالفة، فقال: (وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل
الله بأسهم بينهم).([8])
فلما تركوا ما جعله الله سبيلا لائتلاف
قلوبهم، وصلاح شأنهم؛
عاقبهم الله بضد ذلك،
وهو أن يجعل بأسهم بينهم، فنعوذ بالله
من الخذلان .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق