" الطابع الحصرى لاسباب البطلان " :-
تنص الماده(53) فى صدرها على انه (لاتقبل دعوى بطلان حكم
التحكيم الا فى الاحوال الاتيه.....) وهذه الصياغه قاطعه فى طابعها الحصرى مما
يعنى عدم جواز الطعن بالبطلان لاى سبب اخر سوى الاسباب انفه الذكر فلا يجوز طلب
البطلان تاسيسا على خطا المحكمين فى تفسير شروط العقد او نصوص القانون واجب
التطبيق او سوء تحصيل الوقائع بل واصبح الباب موصدا بعد الغاء امكانيه الطعن
بالتماس اعاده النظر حتى ولو ثبت وجود غش او صدور الحكم بناء على مستندات مزوره او
شهاده قضى بتزويرها ولكن يذهب البعض (349) الى
ان تشويه ومسخ القانون واجب التطبيق يساوى استبعاده ويصلح اساسا لرفع دعوى البطلان
ورغم ما تضمنه هذا الراى من تخويل المحكمه سلطه مراجعه الحكم من الناحيه الموضوعيه
وتقدير اجتهاد المحكمين وهو مالا ينسى الا فى حاله تخويل المحكمه صفه المحكمه
الاستثنائيه رغم كل
ذلك فاننا نرجحه اخذا بالتفسير الواسع لاسباب البطلان بعد ان
اوصد المشرع كل الابواب وجعل لاحكام المحكمين ساوا لا تبلغيه احكام القضاء وهو امر
نراه مؤسفا لم يكن له مايبرره مهما كانت نبل البواعث الراميه الى استخدام (قانون
التحكيم ) وسيله لجذب الاستثمارات (350) لان
هذا الهدف وان كان لا يتحقق بمناحطه الصخر ورفع شعارات (الكرامه الوطنيه )
والتلويح بعوده الامتيازات الاجنبيه فانه ايضا لا يتاتى بالتهالك والتفريق الى
الحد الذى يجعل الاستثناء (الالتجاء للتحكيم) مركز اسمى من الاصل (القضاء) هذا
علاوة على ان (القوانين ) هى فى نظرنا اخر واضعف الوسائل قدره على جذب الاستثمار
لان الاهم هو الثقه فى وجود سياسه مستمره ثابته (استراتيجيه ) ترتبط بمصلحه الامه
ولا يكون بقاؤها رهنا بعوامل هشه معرضه للتغير والتارحج من حين لحين.
"رفع دعوى البطلان وتحديد المحكمه المختصه" :-
يكون لدى المصلحه
الذى كان طرفا فى خصومه التحكيم رفع دعوى البطلان اذا توافر احد الاسباب انفه
الذكر ولا يعوقه عن رفع الدعوى سبق الاتفاق على نزوله عن الحق فى رفعها قبل صدور
الحكم(351) اما بعد صدور الحكم فيجوز له النزول
عن حقه مع اقتصار اثر هذا التنازل عليه وحده فلا يحجب سواه عن امكانيه رفع الدعوى
اذا توافرت فيه الصفه وتوافر له سبب من اسباب البطلان (352).ويلاحظ
فى هذا المقام ان لاى طرف صفه فى رفع دعوى البطلان اذا تاسست على مخالفه الحكم
للنظام العام, اما اذا كان السبب مبنيا على اعتبار خاص باحد الاطراف , كما لو صدر
الحكم دون اعلانه باجراء من اجراءات التحكيم او لعدم تمثيله بعد حدوث سبب الى
انقطاع الخصومه , مما ادى الى استمرار الاجراءات فى غيبته, فلهذا الطرف وحده الصفه
فى رفع دعوى البطلان , وكذلك يقتصر الحق فى رفع الدعوى على ناقص الاهليه اذا تاسس
طلب بطلان الحكم على بطلان اتفاق التحكيم لنقص اهليه احد الاطراف(353) .اما رفع الدعوى تاسيسا على بطلان
الاتفاق لعدم قابليه النزاع للتسويه بطريق التحكيم او لخروج المحكمين عن حدود
الاتفاق , او وقوع بطلان فى الحكم , فلكل الاطراف الحق فى رفع الدعوى.
ويجب رفع دعوى البطلان خلال تسعون يوما التاليه لتاريخ اعلان
حكم التحكيم للمحكوم ضده , وذلك دون تفرقه بين حاله صدور الحكم فى حضوره او غيبته,
وكان الاكثر منطقيه ربط سريان الميعاد بتاريخ صدور الحكم اذا كان حضوريا وقصر ربط
سريانه بالاعلان على حاله صدور الحكم فى غيبه المحكوم ضده, وهذا ما كان يتضمنه
النص قبل تعديله فى صورته الحاليه ولم يتضمن تقرير اللجنه المشتركه او مذكره وزير
العدل اى تبرير لذلك (354).ويستحسن
البعض بحق تحديد مده التسعون يوما لرفع دعوى البطلان , حتى لا يظل هذا الباب
مفتوحا لمده خمسه عشر سنه كما كان عليه الحال فى ظل نصوص المرافعات الملغاه التى
لم تضع ميعاد خاصا بدعوى بطلان حكم التحكيم (355).
وكانت الماده 513 من قانون المرافعات تنص على ان ترفع دعوى
بطلان حكم المحكمين امام المحكمه
المختصه اصلا بنظر النزاع
وبالتالى كان الحكم
الذى تصدره هذه المحكمه يمكن استئنافه ثم الطعن فى حكم الاستئناف بالنقض وقد عدل
المشرع فى القانون الجديد عن هذا النهج , فجعل الاختصاص بنظر الدعوه لمحكمه الدرجه
الثانيه التى تتتبعها المحكمه المختصه اصلا بنظر النزاع اذا كان التحكيم داخليا ,
اما فى حاله التحكيم الدولى , فينعقد الاختصاص لمحكمه استئناف القاهره او محكمه
الاستئناف المتفق عليها , ومؤدى هذا ان الحكم فى دعوى البطلان يصدر دوما من محكمه
استئنافيه , فلم يعد بالتالى خاضعا للطعن بالاستئناف وان جاز وفقا للقواعد العامه
الطعن فيه بالنقض ولا يخفى ماتضمنه هذا التعديل من اختصار للوقت وعدم السماح باطله
امد النزاع ينظر الحكم الصادر فى دعوى البطلان امام المحكمه الاستئنافيه ثم امام
النقض.
وتجد الاشاره فى
النهايه الى ان كافه الاحكام السابقه الخاصه بدعوى البطلان من حيث الاسباب وميعاد
الدعوى وتحديد المحكمه المختصه لاتسرى الا بالنسبه لاحكام التحكيم الخاضعه للقانون
المصرى اى احكام التحكيم التى تصدر فى مصر سواء فى تحكيم داخلى او دولى او احكام
التحكيم التى تصدر فى الخارج واتفق الاطراف على سريان القانون المصرى عليها اذا
كانت متعلقه بتحكيم تجارى دولى واذا كانت احكام التحكيم التى تصدر فى منازعه تتعلق
بمعاملات دوليه قد تخضع لاتفاقيه نيويورك فان المشرع المصرى لم يحسن ضبط النصوص كى
تاتى متسقه مع احكام هذه الاتفاقيه التى تسمح فى حالات البطلان التى اوردها المشرع
المصرى بامكانيه رفض القضاء الاعتراف بهذه الاحكام وتنفيذها وهو ماسنعرض له عند
معالجه تنفيذ الاحكام.ولكن تبقى الاشاره الى ان الاولويه تكون لاحكام الاتفاقيه
بالنسبه لاحكام التحكيم التى تصدر فى نزاع يمس مصالح التجاره دوليا اذا صدر الحكم
فى دوله ويراد الاعتراف به وتنفيذه فى دوله اخرى او كان لا يعتبر وطنيا فى الدوله
المطلوب اليها الاعتراف بالحكم وتنفيذه ومثال ذلك كما راينا صدور الحكم فى مصر فى
نزاع يتعلق بالتجاره الدوليه اذا صدر عن طريق منظمه يحكم دائمه يوجد مقرها داخل
مصر او خارجها فهذا الحكم يعتبر صادرا فى تحكيم دولى تجارى وتسرى عليه الاتفاقيه
اعمالا لنص الماده الاولى من
القانون التى تنص على سريانه بشرط عدم الاخلال باحكام
الاتفاقيات الدوليه المعمول بها فى مصر.
ويقتصر دور المحكمه التى تنظر دعوى البطلان على الحكم برفض
الدعوى او الحكم بالبطلان وهى لا تقضى بالبطلان كما سبق ان اشرنا الا استنادا
لتوافر سبب من الاسباب السابق حصرها واذا قضت بالبطلان فهى لا شان لها بموضوع
النزاع فلا تملك التصدى لفحص طلبات الاطراف واصدار حكم ينهى النزاع (356) فالالتجاء اليها انما اقتصر على طلب
فحص الحكم من حيث صحته او بطلانه وفقا للنصوص القانونيه النظمه لذلك وهى كما سبق
ان اشرنا لا تملك مراجعه الحكم موضوعيا والحكم ببطلانه تاسيسا على سوء تفسير نصوص
العقد او نصوص القانون لان اسباب البطلان وردت على سبيل الحصر وليس من بينها مثل
هذا السبب كما انه لا يخفى ان اطلاق سلطه المحكمه التى تنظر البطلان للتصدى
للموضوع يمثل مصادره لحريه الاطراف الذين قد يؤثرون العوده للتحكيم من جديد فلا
يصح الحجر عليهم فهم يملكون رفع دعوى امام القضاء او الاتفاق من جديد على الالتجاء
للتحكيم مع تفادى الاسباب التى ادت الى بطلانه ويعزر ما سبق ان دعوى البطلان اصبحت
من اختصاص المحكمه الاستئنافيه فالسماح لها بالتصدى للموضوع يعنى حرمان الاطراف من
تعدد درجتى التقاضى اذ لن يتسنى استئناف الحكم الصادر فى الموضوع من المحكمه
الاستئنافيه التى تصدت بعد ان حكمت بالبطلان.
(349) اكثم
الخولى – سابق الاشاره – ص23 – حيث يذهب الى ان الخطا الجسيم فى تطبيق القانون
المختار يعتبر استبعاد غير مباشر.انظر تقرير اللجنه المشتركه – سابق الاشاره – ص32
حيث ورد انه يدخل فى مفهوم نطاق استبعاد القانون الواجب التطبيق الخطا فى تطبيقه
الى حد مسخه.
(350) انظر
المذكره الايضاحيه الملحقه بمضبطه المجلس سابق الاشاره اليها – والافت للنظر ان
هذه المذكره تتحدث عن مشروع القانون الذى كان معدا للتحكيم التجارى الدولى فقط
وتبرز ذلك بحجج قويه ليعقبها تقرير اللجنه المشتركه مبررا العدول عن ذلك ووضع
مشروع واحد لكا انواع التحكيم.
(351) وهذا
ماتنص عليه الماده (54)صراحه حيث تتضمن انه (...لا يحول دون قبول دعوى البطلان
نزول مدعى البطلان عن حقه فى رفعها قبل صدور حكم التحكيم ) والحكمه من ذلك حمايه
الطرف الضعيف فى العلاقه القانونيه ,والذى قد يستغل الطرف الاخر مركزه الاقوى او
المسيطر لفرض هذا الشرط.
(352) ولا
يمكن التمسك بحجيه حكم التحكيم لان مناط التمسك بها وحده الخصوم وهنا الذى يرفع
الدعوى لم يكن طرف فى الدعوى التى رفعها من تنازل عن حقه بعد الحكم, ولا يؤثر فى
ذلك وحده الموضوع او السب- انظر – فتحى والى –ص930.
(354) انظر
تقرير اللجنه – المضبطه سابق الاشاره اليها ص32 حيث ورد ان اللجنه رات ميعاد رفع
دعوى البطلان يبدا فى جميع الاحوال من تاريخ اعلانه للمحكوم عليه , وكان النص
السابق يجعله من تاريخ صدور الحكم ما لم يكن صادرا فى غيبه المحكوم عليه , فيبدا
من تاريخ اعلانه – ولا يغفل ان الانتقال او تعديل النص من حكم منطقى يتسق والقواعد
العامه الى حكم خاص يستلزم اعلان من صدر الحكم فى مواجهته كان يقتضى بيان وجهه
النظر التى استند اليها التعديل ولكن الملاحظ ان هذه سمه عامه اصطبغ بها تقرير
اللجنه فهو يعدل بناء على ما ارتاته
اللجنه دون اى ايضاح.
(356) فتحى
والى – سابق الاشاره – ص930 – وهذا ما ذهب اليه فى ظل نصوص المرافعات الملغاه
ونراه ساريا فى ظل القانون الحالى (م17 التحكيم التجارى الدولى ).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق