حلق المرأة شعر رأسها
أجمع العلماء على أنه لا حلق على المرأة في الحج ،ويتعين علبها التقصير
وقد كره جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة الحلق لغير ضرورة كمرض ،
لأنه بدعة في حقها ، وفيه تغيير جمال الخلقة فيؤدي إلى المثلة وتشويه المنظر .
وحرموه إذا تشبهت المرأة بالرجال . واستدلوا لذلك بما يلي :
1 – روى الإمام مسلم عن أبي موسى أنه قال : " أنا بريء مما بريء منه
رسول الله r ، فإن
رسول الله r بريء من
الصالقة والحالقة والشاقة .
فالحالقة : هي التي تحلق شعرها
عند المصيبة ، فقد كان النساء يحلقن رؤوسهن
عند حلول المصائب تعبيرا عن الحزن ، فنهى r عن ذلك .
2 – وروى الترمذي عن عائشة رضي الله عنها : " أن النبي r نهى أن تحلق المرأة راسها
" .
قال الترمذي : العمل على هذا عند أهل العلم لا يرون على المرأة حلقا ويرون
عليها التقصير .
3 – وروى أبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله r : " ليس على النساء
الحلق وإنما على النساء التقصير " .
وذهب المالكية والظاهرية إلى تحريم الحلق مطلقا ، سواء أكان لتغيير جمال
الخلقة أو للتشبه بالرجال ، لعموم الأحاديث السابقة " .
والراجع ما ذهب إليه المالكية والظاهرية من تحريم الحلق للمرأة ، لأن
المثلة بتغيير جمال الخلقة منهي عنها ، كما أن التشبه بالرجال منهي عنه ، فيحرم
على المرأة حلق شعر رأسها لغير ضرورة ، سواء قصدت المثلة ، أو التشبه بالرجال ، أو
التشبه بالكافرات عند نزول المصائب .
ثالثا : حلق شعر الرأس على هيئة قزع :
أجمع العلماء على كراهة القزع للرجل والمرأة إلا أن يكون لمداواة ونحوها
لما روى الإمام مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما : " أن رسول الله r نهى عن القزع لنافع : وما
القزع ؟ قال : يحلق بعض رأس الصبي ويترك بعضه " .
ولما روى أبو داود عن ابن عمر أيضا : أن النبي r رأى صبيا قد حلق بعض شعره
وترك بعضه ، فنهاهم عن ذلك وقال : " احلقوه كله أو اتركوه كله " .
المعنى الذي لأجله نهى عن القزع :
اختلف العلماء في المعنى الذي لأجله
نهى عن القزع على عدة أقوال ، ويرجع
سبب الاختلاف إلى تعدد أشكال وأنواع القزع ، وهذه الأنواع هي :
الأول : أن يحلق من رأسه مواضع من هنا وههنا مأخوذ من نقزع السحاب ، وهو
تقطيعه .
والثاني : أن يحلق وسطه ويترك جوانبه ، كما يفعله شمامسة النصارى .
والثالث : أن يحلق جوانبه ويترك وسطه ، كما يفعله كثير من الأوباش والسفلة
.
والرابع : أن يحلق مقدمة ويترك مؤخره .
فالأول يكره لما فيه من الضرر وعدم عدل الإنسان مع نفسه .
قال ابن تيمية : " وهذا من كمال محبة الله ورسوله للعدل فإنه أمر به
، حتى في شأن الإنسان مع نفسه ، فنهاه أن يحلق بعض رأسه ويترك بعضه ، لأنه ظلم
للرأس حيث ترك بعضه كاسيا وبعضه عاريا . ونظير هذا أنه نهى عن الجلوس بين الشمس
والظل ، فإنه لبعض بدنه ، ونظيره نهى أن يمشي الرجل في نعل واحدة ، يل إما أن
ينعلهما أو يحفيهما " .
وأما النوع الثاني فيكره لما فيه من التشبه بأهل الكتاب ، فقد كان اليهود
يفعلونه كما كان شمامسة النصارى يفعلونه ، قال الحكيم الترمذي : " كان هذا
فعل القسيسيين ، وهم أضر من النصارى ، فقد نهى رسول الله r عن التشبه بهؤلاء الذين
وصفناهم " .
وأما النوع الثالث فيكره لما فيه من التشبه بالأوباش والسفلة وأهل الشر
والفساد فهو زي أهل الشر والدعر .
وأما النوع الرابع فيكره لما فيه من المثلة التي تعافها الأنفس والقلوب ،
فهو يؤدي إلى تشويه جمال الخلقة .
رابعا : نتف الشيب واستعجاله :
اتفق الفقهاء على جواز خضاب الشيب بغير السواد من الحناء والكتم والصفرة
للرجال والنساء . كما اتفقوا على كراهة نتف الشيب من المحل الذي لا يطلب منه إزالة
شعره كالرأس واللحية . واستثنى الحنفية من ذلك جواز نتفه لإرهاب العدو .
وقال المالكية : يكره نتف الشيب ، وإن قصد به التلبيس على النساء فهو أشد
في المنع .
وقال الشربيني : " يكره نتف الشيب ، وإن نقل ابن الرفعة تحريمه ، نص
عليه في الأم ، وقال في المجموع : ولو قيل بتحريمه لم يبعد " .
واستدلوا لكراهة نتف الشيب بما يلي :
1 – روى أبو داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله r : " لا تنتفوا الشيب ،
ما من مسلم يشيب شيبة في الإسلام إلا إذا كانت له نورا يوم القيامة " .
وفي لفظ أحمد : " إلا رفعه الله بها درجة ، ومحيت عنه سيئة ، وكتب
الله له بها حسنة " .
2 – وروى الترمذي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده : " أن النبي r نهى عن نتف الشيب ، وقال :
إنه نور المسلم " .
المعنى الذي لأجله نهي عن النتف :
نهي عن نتف الشيب لأن فيه تغيير الخلقة من أصله بخلاف الخضب ، فإنه لا
يغير الخلقة على الناظر ولما فيه من التدليس والغش والخداع .
وأما استعجال الشيب بالمعالجة : بأن يضع كبريتا أو غير ذلك فقد كرهه
الشافعية لما فيه من التدليس ، ولما يترتب عليه من الضرر .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق