الاثنين، 24 مارس 2014

العقلانية المبدعة ألبرت انشتاين


العقلانية المبدعة ألبرت انشتاين
يتجاوز تصور اينشتاين للمنهج العلمي التجريبي التصورات السابقة إذ يعطي للنظرية والعقل الرياضي أهمية قصوى هذا العقل الذي بإمكانه تصور دينامية الظواهر الطبيعية دونما حاجة للمعاينة والتجربة المباشرة عليها هكذا يؤكد في أطروحته أن المفاهيم والبناء النظري للعلم خاصة في الفيزياء النظرية هي أساسا إبداعات عقلية حرة للعقل الرياضي ، وان هذه البناءات الرياضية الخالصة تسمح بفهم الظواهر الطبيعية دونما حاجة للملاحظة العينية.
  وبذلك تحتل البناءات النظرية العقلية الصدارة في الفيزياء المعاصرة ، حيث تتشكل الأنساق الكاملة للفيزياء النظرية من أفكار وقوانين أساسية تربط بين تلك الأفكار والقضايا التي تستنتج منها بواسطة الاستنباط المنطقي ، وتلك النتائج هي التي يجب أن ترتبط بالتجارب الفردية والخاصة.)يري اينشتاين أن
المفاهيم العلمية إبداعات حرة للفكر البشري، يحاول بواسطتها أن يكون لنفسه صورة اقرب ما تكون من حقيقة هذا الواقع نفسه، هذه الحقيقة التي يقترب منها العلم دون أن يتمكن من الإمساك بها كما هي. مثل الرجل الذي يحاول أن يفهم آلية اشتغال ساعته دون أن يملك القدرة على فتحها حيث يستطيع تخيل وتكوين صورة عن تركيبها الداخلي ولكنه لن يكون على يقين بان الصورة التي كونها تطابق حقيقة الجهاز. فليس العلم ادن مجموعة من القوانين ولا قائمة من الأحداث الغير المترابطة ببعضها البعض ،انه ابتكار للفكر البشري شيده بواسطة أفكار ومفاهيم ابتدعها العقل الرياضي بكل حرية فالنظريات الفيزيائية تحاول صياغة صورة عن الواقع وربط هذه الصورة بعالم الانطباعات الحسية (التجريبي)
فالعقل هو الذي يعطي للنسق الفيزيائي بنيته أما التجربة فعليها أن تطابق القضايا الناتجة عن النظرية.  فالنسق الفيزيائي الذي هو إبداع عقلي حر يستمد قيمته من إمكانية التطابق بين المعطيات التجريبية والقضايا الناتجة عن النظرية أو النسق النظري..
وبذلك ينتهي اينشتاين إلى القول [انه متيقن تماما أن البناء الرياضي يمكننا من اكتشاف القوانين التي تسمح بفهم الظواهر الطبيعية ، وان التجربة يمكن أن تلعب دور الموجه في اختيار المفاهيم الرياضية التي يمكن توظيفها ، وبالتالي فالمبدأ الخلاق والفعال لا يوجد في التجربة ولكن في العقل الرياضي . وهذا التصور الذي يقدمه اينشتاين يستمد مشروعيته في كون كثيرا من الوقائع الطبيعية التي يعالجها العلم غير قابلة للملاحظة والتجربة المباشرة كما يلاحظ في الفيزياء الكوانتية ( العالم الميكروسكوبي الذرات وجزيئاتها مثلا) وكذلك في العالم الماكروسكوبي (الظواهر الكونية البعيدة في علم الفلك   مثلا ).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق