الاثنين، 3 مارس 2014

تعريف بالأسلوب السردي الاسلوب سردي



تعريف بالأسلوب السردي



 

عندما أتكلم عن السرد و أساليبه فإنني أشير إلى الطريقة التي يعبّر فيها الكاتب عن فكرته، سواء تجسّدت تلك الفكرة في نص ساخر، أو هزليّ، أو غير ذلك. الأسلوب السردي لا علاقة له بالنبرة (tone) التي يتحدث فيها الكاتب. فمثلا القصص الساخرة يطغى على النص فيها نبرة السخرية، و يظهر ذلك جليّا في الكلمات و العبارات الساخرة المباشرة أو غير المباشرة التي يستخدمها الكاتب أثناء سرده للأحداث، إنما الإطار التي توضع فيه تلك القصة يختلف من أسلوب سردي لآخر.
أنت الآن، ككاتب، باستطاعتك مثلا أن تعبّر عن فكرة معيّنة بأسلوب ساخر عن طريق حوار داخلي يجري في ذاكرة شخصية من شخصيات النص الأدبي الذي تكتبه; هذا الحوار يُسمّى في الأدب: المُونُولوُج. ذلك أحد الأساليب المتبعة في السّرد.
أساليب السرد

1-
المونولوج الباطني هكذا يُسمى إذا استُخدم في القصص القصيرة أو الروايات أو القصائد، لكنه يُعرف بـ مناجاة النفس إذا ما استُخدم هذا الأسلوب في نص مسرحي. يظهر المُنُولوج الباطني في النصوص الأدبية على هيئة نص، بينما يظهر في المسرح على هيئة حديث يسمعه الجمهور. بكل الأحوال فالمعنى واحد. المنولوج الباطني هو حديث يدور في خاطرة شخصية من شخصيات النص الأدبي.
لنقُل أنك جلست على شرفة منزلك لوحدك و البحر أمامك قُبيل غروب الشمس. أثّر المنظر فيك فبدأت تحاور نفسك قائلا “سبحان الله، ما الذي جعل هذه الشمس تضيىء لملايين السنين دون أن تنطفئ؟!” ثم تستكمل حديثك “يا له من منظر خلاب!” و يعقب ذلك “لماذا لم أنزل إلى البحر اليوم؟ يجب أن أتصل بأحمد غدا لكي ننزل سويا”. و هكذا
لو حوّلت هذا الحوار، الذي جرى في داخلك، إلى نص أدبي مكتوب، فإنك بذلك تعبّر عن أفكارك بأسلوب المنولوج الباطني. لاحظ كيف أن العبارات التي وردت بين علامات الإقتباس غير مترابطة و غير متجانسة، و هذا فعلا ما يحدث عندما نفكر. هكذا يكون المنولوج. إذن عندما تختار كتابة قصة قصيرة أو خاطرة لتبيّن ما تحدّثك به نفسك، فلا بد من إتباع أسلوب المنولوج في السرد.

2-
المونولوج المسرحي  هذا الأسلوب السردي يشبه المونولوج الباطني إنما يأخذ شكل حوار مع طرف آخر. و هذا الأخير - أي الطرف الآخر - لا نعرفه إلا من خلال ما يقوله المتكلّم أو الراوية في النص. كما أننا لا نعرف المكان الذي يتحدث منه المتكلم سوى من خلال حديثه. إليكم مثال مع شرح أدرجه بين قوسين.
أهلا بك سيديتي (المتكلم يخاطب سيدة) لا أحد في البيت (المتكلم موجود في بيت) كلا لم أرها اليوم (سألته السيدة عن أحد ما) و لكنني سمعت السيد يقول أنه سيأخذ القطة معه ليكشف عليها الطبيب (إذن فالمتكلم يمكن أن يكون خادما، و سيدته تسأله إن كان قد رأى القطة. نستطيع أن نستنبط أن السيدة متزوجة و أن القطة مريضة و أن أوضاع أهل هذا البيت ميسورة بسبب إقتنائهم لقطة و عرضها على طبيب بيطري إلخ…)
3- الرسائل البريدية  حوار يجري بين طرفين في القصة القصيرة من خلال الرسائل البريدية. نقرأ في النص رسالة موجهة من شخصية إلى أخرى. و يمكن ان تكون القصة عبارة عن رسائل متبادلة، بحيث نقرأ الرسالة و الرد عليها من الطرف الآخر. و يعتمد أسلوب الرسائل النصية بشكل أساسي على المونولوج، بحيث نقرأ في القصة ما يدور في ذاكرة الشخصيات، و ذلك من خلال ما هو مكتوب في الرسائل. هناك روايات بأكملها كُتبت بهذا الأسلوب السردي، و تُدعى أي روايات رسائليّة.

4-
اليوميّات  و هي المذكّرات، إحدى الأساليب التي تُكتب فيها القصص و الروايات. هذا النوع من الأدب يمارسه الكثير من الناس على المستوى الشخصي و ليس الأدبي - هكذا تفعل زميلتي المجتهدة فرح. لكن في عالم الأدب، نرى الكثير من القصص و الروايات تعرض يوميات شخصية معينة. كتبتُ مرة قصة قصيرة باللغة الإنكليزية بعنوMr. on إتبعتُ فيها هذا الأسلوب في السرد. القصة غريبة بعض الشيىء و لا تستغربوا أخطاءها الإملائية، لأنها متعمّدة.









5-السرد الشخصي (هو ما يعتبره النُقّاد سردا غير موضوعي. و كونه غير موضوعي لا يعني أنه سيىء، بل لابد من اللجوء إليه في حالات عديدة و لأهداف معيّنة. يتمثل هذا الأسلوب السردي بوجود شخصية واحدة تروي لنا ما يجري من أحداث في قصة قصيرة أو رواية. و تكون تلك الشخصية كالمراسل الصحفي الذي ينقل ما يجري من أحداث حوله و ينقل كلام هذا أو ذاك. يتميز هذا الأسلوب عن المونولوج المسرحي بوجود شخصيات في النص تتكلم و تتصرف بشكل طبيعي و تحاور الآخرين، إنما من ينقل كلامها و أفعالها هو الراوية  الذي يقص على القرّاء ما يجري.
يلجأ هواة الكتابة أمثالي إلى مثل هذا الأسلوب السردي لإضفاء شيىء من الريبة و القلق على القارئ، خاصة عندما يصوّر النص الأدبي قصة رجل مختل عقليا أو ما شابه ذلك، كقصة التي كتبتها مؤخرا والتي لجأتُ فيها لهذا الأسلوب من السرد. تُحدّثنا القصة عن رجل رأى حيوانا تجمع صفاته بين الذئب و الخروف. و يحكي لنا ما يدور في قريته من

أحداث مع هذا الحيوان الغريب و تجاربه معه. و يتّضح من خلال كلمات الراوية أن لديه حساسية زائدة من الذي يجري حوله، فنراه يضخّم الأمور البسيطة و يصف الأشياء بطريقة غير طبيعية و غير منطقية. ثم ينقُل لنا ما يقوله الآخرون بحقّه بطريقة تثير الريبة، مما يجعل القارئ يشك في كلام هذا الرجل.
الإعتماد على هذا الأسلوب السردي يساعد كثيرا في إبقاء الأمور متأرجحة و غير محسومة. و هذا برأيي شيىء جميل لأنه عندئن سينظر كل قارئ إلى ذلك الرجل من منظوره الخاص.
6- السرد
الموضوعي أصبح لدينا الآن عدة شخصيات في القصة تنقل لنا ما يجري، فبدلا من أن نجد حوارات بهذا الشكل ”عندما سألته عن أبيه، قال إنه بخير ..”، سنجدها كالآتي:
- أحمد: كيف حال أبيك؟
-
عصام: بخير.
لم يعد الراوية يتدخّل بأجوبة الشخصيات الموجودة في القصة، إنما باتت كل شخصية تتصرف و كأنها راوية مستقل. و بدلا من أن ينقل لنا الرواية - مثلا - ما تقوله الشخصيات الأخرى بحقّه، الآن سنسمع رأيها به من خلالها مباشرة. و من هنا، لم يعد السرد مقتصرا على وجهة نظر شخصية واحدة في النص.
يبقى أخيرا عدة أساليب أخرى</SPAN> كالسيرة الذاتية التي يمكن إستغلالها في عمل أدبي أو مسرحي، حيث ينقل لنا الراوية سيرة حياته بأسلوب أدبي، أو يقصّ علينا سيرة حياة شخصية أخرى أو ما يسمّى
ختاما، هناك تفاصيل كثيرة إختزلتها لكي لا تتعقد الأمور، و أتمنى أن كلامي كان مفهوما، و إلا فإنني مستعد لمناقشته معكم لتتّضح الصورة أكثر. الآن و بعد قراءة التدوينة، من هو الأديب الفارس الذي سيخرُج علينا بنصوص أدبية نادرة؟! لنرى يا دهر ماذا تخبئ لنا.. في أمان الله.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق