السبت، 22 مارس 2014

تنظيم الطعن ببطلان حكم التحكيم في اتفاقيات التحكيم التجاري



تنظيم الطعن ببطلان حكم التحكيم فى اتفاقيات وانظمه التحكيم التجارى الدولى

انه ولئن كانت احكام التحكيم الصادره من مؤسسات التحكيم الدوليه الدائمه كغرفه التجاره الدوليه بصفه خاصه تخضع لمراجعه الحكم من قبل الهيئه الدائمه تفاديا لصدور احكام معينه.الا ان ذلك لا يمنع بداهه من صدور احكام معينه بعيوب تعرضها للبطلان.
ولم يضع نظام تحكيم الغرفه التجاره الدوليه نظاما خاصا للطعن بالبطلان فى احكام التحكيم الصادره عنها بيد ان ذلك لا يمنع من الطعن فى الاحكام بالبطلان امام المحاكم القضائيه الوطنيه المختصه دون ان يقدح فى ذلك مانصت عليه الماده24 من هذا النظام من ان:-
1-حكم المحكمين نهائى.         2-وان الطرفين يلتزمان ضمنيا.
بان يتنازلا عن مباشره الطعن التى لايجوز لهما قانونيا[1] التنازل عنها لان الطعن فى حكم التحكيم بدعوى البطلان الاصليه ليس من بين طرق الطعن التى يجوز للطرفين التنازل عنها قبل صدور حكم التحكيم,كما ان التنازل عن تللك الدعوى بعد صدور هذا الحكم  يحتاج الى اتفاق الطرفين عليه وعلى العكس نظام تحكيم غرفه التجاره الدوليه نظمت اتفاقيه واشنطن لعام1966 المنشئه لتسويه منازعات استثمار الطعن ببطلان احكام التحكيم الصادره عنه وذلك من حيث بيان حالات البطلان وميعاد رفع الدعوى واجراءتها والجهه المختصه بها وسلطاتها وكذلك فعل القانون النموذجى للتحكيم التجارى الدولى الصادر عن الامم المتحده عام 1985 وفيما يلى تفصيل هذا بالاجمال:-
(اولا) حالات بطلان الحكم التحكيم التجارى الدولى فى اتفاقيه واشنطن والقانون النموذجى :
نصت الفقره الاولى من الماده 52 من اتفاقيه واشنطن على انه يجوز لكل طرف ان يطلب الى الامين العام لمركز تسويه المنازعات الاستثمار ابطال حكم التحكيم لاحد الاسباب التالية:-

(أ‌)               وجود عيب فى تشكيل محكمه التحكيم.
(ب‌)          تجاوز السلطه المخوله لمحكمه التحكيم.
(ت‌)          توافر سبب من اسباب رد احد اعضاء محكمه التحكيم.
(ث‌)          وقوع مخالفه خطيره inobservation grave  لقاعده اساسيه une regle foindamentale من القواعد المتعلقه باجراءات التحكيم.
(ج‌)           خلو حكم التحكيم من الاسباب.
اما حالات بطلان الحكم التحكيم فى ظل القانون النموذجى للتحكيم التجارى الدولى فقد روعيت فيها اعتبارات معينه لم تكن امام واضعى اتفاقيه واشنطن سالفه الذكر اذ بينما اقتصر اهتمامهم فى تحديد حالات البطلان المشار اليها فى الماده 52 المذكوره على ابراز حالات التى تبرر بطلان احكام التحكيم الصادره عن مركز تسويه منازعات الاستثمار وحصرها فى اضيق نطاق ممكن فان واضعى القانون النموذجى المذكور قد وضعوا فى اعتبارهم ان تحظى حالات البطلان المحدده فيه بقبول اكبر عدد من الدول ورعاياها من الاشخاص المعنويه العامه والخاصه حتى يلجئوا الى التحكيم المقرر فى هذا القانون الامر الذى استوجب قيام هذه الحالات على مخالفات خطيره للاسس الجوهريه التى تبنى عليها العداله الاجرائيه procedural justice  فى القانون المقارن.
لذا نلاحظ ان حالات بطلان حكم التحكيم فى القانون النموذجى للتحكيم التجارى الدولى تقترب الى حد كبير من حالات بطلان احكام التحكيم من القانون المقارن.
ولقد وردت هذه الحالات فى الماده 34/2 من القانون النموذجى حيث نصت على انه لا يجوز للمحكمه القضائيه الوطنيه المختصه بدعوى البطلان ان تقضى ببطلان اى حكم تحكيم (خاضع للقانون المذكور) ما لم يقدم المدعى الدليل على وجود حاله من حالات البطلان الاتيه:-
1)   ان احد طرفى اتفاق التحكيم مصاب باحد عوارض اهليه او ان الاتفاق المذكور غير صحيح وفقا للقانون الذى اخضع الطرفان له هذا الاتفاق او وفقا لقانون الدوله التى تخضع له اهليه الطرفين اذا لم يتفقا على اخضاع الاتفاق لقانون دوله اخرى.
2)   ان لا يكون مدعى البطلان قد ابلغ على وجهه الصحيح بتعيين احد المحكمين او باجراء من اجراءات التحكيم او لم يستطيع لسبب اخر عرض قضيته.
3)   ان يكون حكم التحكيم قد فصل فى نزاع لم يقصده الطرفان او لم يشمله اتفاق التحكيم او ان يكون هذا الحكم قد فصل فى مسائل تتجاوز هذا الاتفاق على انه اذا امكن فصل ما يكون الحكم قد فصل فيه من مسائل خاضعه للتحكيم عن ما يكون قد فصل فيه الحكم من مسائل غير خاضعه للتحكيم فان البطلان لا يلحق الا هذا الشق الاخير من الحكم.
4)   ان تشكيل محكمه التحكيم او الاجراء الذى اتبع امامها كان مخالفا لاتفاق الطرفين مالم يكن هذا الاتفاق منافيا لحكم من احكام هذا القانون التى لا يجوز للطرفين مخالفتها او كان ذلك التشكيل او الاجراء مخالفا لهذا القانون عند عدم وجود اتفاق للطرفين بشأنه.
5)   اذا وجدت المحكمه المشار اليها ان موضوع النزاع لا يقبل التسويه بطريق التحكيم وفقا لقانون الدوله التى تتبعها هذه المحكمه او وجدت ان حكم التحكيم يتعارض مع النظام العام فى هذه الدوله.
-                 وتجدر الاشاره الى ان حالات البطلان المتقدمه تماثل من حيث الجوهر اسباب رفض الاعتراف باحكام التحكيم وتنفيذها المنصوص عليها فى الماده 36 من القانون النموذجى للتحكيم التجارى الدولى وهى نفس الاسباب المقرره فى الماده 5 من اتفاقيه نيويورك لعام 1958 بشان منع الاعتراف باحكام التحكيم الاجنبيه وتنفيذها[2] .قد استمر واضعوا القانون النموذجى هذا التطابق بين حالات البطلان المقرره فى الماده34/2 من هذا القانوون واسباب رفض الاعتراف باحكام التحكيم وتنفيذها المقرره فى الماده 5 من اتفاقيه نيويورك المذكوره فى الاتفاقيه الاروبيه للتحكيم التجارى الدولى المبرمه فى جنيف عام1961 فلقد قدمنا انه وفقا للماده 9 من الاتفاقيه الاخيره لا يعتبر الحكم الصادر من محكمه اجنبيه ببطلان حكم التحكيم لاى سبب اخر غير الاسباب الوارده فى الماده 5 من اتفاقيه نيويورك[3] لعام1958 وهو نفس المنهج الذى اتبعه واضعوا القانون النموذجى للتحكيم التجارى الدولى الذى حصرهم لاسباب الطعن المقرره فى الماده 34/2 واسباب منع الاعتراف باحكام التحكيم وتنفيذها المقرره فى الماده 36/1 من نفس القانون.
ومع ذلك تجب ملاحظه ان ماقرره القانون النموذجى من بطلان حكم التحكيم او عدم الاعتراف به او تنفيذه بسبب عدم قابليه موضوع النزاع للتحكيم قد يخضع لتفسيرات مختلفه امام المحاكم الوطنيه باختلاف مضمون النزاع من دوله الى اخرى من الدول التى ترفع امام محاكمها دعوى البطلان او طلب الاعتراف او التنفيذ هذا من جهه ومن جهه اخرى وهى الاهم فان الحكم ببطلان حكم تحكيم فى الدوله التى صدر فيها هذا الحكم يترتب عليه اثر مانع جامع هو انه يمنع تنفيذ الحكم المذكور فى جميع الدول الاخرىسواء بموجب الماده 36 من القانون النموذجى او بموجب الماده 5 من اتفاقيه نيويورك.

(ثانيا) ميعاد رفع دعوى بطلان حكم التحكيم واجراءتها فى اتفاقيه واشنطن والقانون النموذجى:
-وفقا للفقرتين الاولى والثانيه من الماده 52 من اتفاقيه واشنطن لتسويه منزاعات الاستثمار يجب ان يقدم طلب حكم التحكيم الصادر عن مركز تسويه منازعات الاستثمار الى امانته العامه ويجب ان يكون الطلب مكتوبا ويجب ان يقدم خلال 120يوم تبدا من اليوم التالى لصدور الحكم المطلوب بطلانه فاذا كان طلب البطلان مبنيا على قيام سبب من اسباب رد احد المحكمين الذين تتالف منهم محكمه التحكيم بدات هذه المده من اليوم التالى لاكتشاف هذا السبب على انه لايجوز فى الحاله الاخيره وان يتجاوز ميعاد تقديم طلب البطلان ثلاث سنوات من تاريخ صدور الحكم فى جميع الاحوال.
اما وفقا للماده 34/2 من القانون النموذجى للتحكيم التجارى الدولى فلا يجوز تقديم طلب بطلان حكم التحكيم[4]  بعد انقضاء ثلاثه اشهر من يوم تسلم الطرف صاحب الطلب حكم التحكيم او من اليوم الذى فصلت فيه محكمه التحكيم فى الطلب الذى قد قدم بموجب الماده33 اذا كان قد قدم مثل هذا الطلب ويقصد به طلب تفسير حكم التحكيم او تصحيحه او اصدار حكم اضافى يفصل فيما اغفل الحكم الاصلى الفصل فيه من طلبات على ان يكون جديرا بالاعتبار ان"الطعن فى حكم التحكيم بالبطلان فى ظل القانون النموذجى يعنى "الهجوم" الشديد على هذا الحكم [5]وليس مجرد التعبير عن عدم الاقتناع به".

(ثالثا) المحكمه المختصه بدعوى بطلان حكم التحكيم وسلطانها فى اتفاقيه واشنطن والقانون النموذجى:
-تقضى الماده52 من اتفاقيه واشنطن لعام 1966 المنشئه لمركز تسويه منازعات الاستثمار بانه متى تسلم الامين العام للمركز طلب بطلان حكم التحكيم وجب عليه ان يعين فورا لجنه خاصهun comite ad hoc من بين الاشخاص المذكوره اسماؤهم فى قائمه المحكمين وتتالف هذه اللجنه من ثلاثه اعضاء ولا يجوز ان يكون اى منهم من بين المحكمين الذين تالفت منهم محكمه التحكيم التى اصدرت الحكم المطعون فيه بالبطلان او ان يكون اى منهم حاملا لجنسيه احد هؤلاء المحكمين او جنسيه الوله الطرف فى النزاع (الدوله المضيفه للاستثمار)او جنسيه الدوله التى يتبعها المستثمر الطرف فى النزاع او ان يكون اى منهم معينا من قبل احدى هاتين الدولتيين او ان يكون قد تم تعيينه من قبل كمرفقconciliateur فى نفس القضيه(فقره3).
وتتبع امام هذه اللجنه نفس القواعد الاجرائيه المنصوص عليها فى هذه الاتفاقيه (فقره4) وتتمتع اللجنه بسلطه ابطال حكم التحكيم كليا وجزئيا لاى سبب من اسباب البطلان النصوص عليها فى الفقره الاولى من الماده 52 من الاتفاقيه[6] ويجوز للجنه اذا رات مبررا لذلك وفقا لظروف الحال ان تقرر وقف تنفيذ حكم التحكيم الى حين الفصل فى طلب البطلان واذا طلب المحكوم عليه طلب وقف التنفيذ الحكم اوقف تنفيذه مؤقتا provisoirement الى حين الفصل فى هذا الطلب (فقره5)فاذا قضت اللجنه المشار اليها ببطلان الحكم التحكيم عرض النزاع من جديد بناء على طلب الطرف الاكثر نشاطا la partie la plus diligente على محكمه تحكيم جديده un nouveau tribunal يتم تشكيلها وفقا للقواعد المقرره لذلك فى الاتفاقيه (فقره6).
-وقد روعى فى القواعد المتقدمه بداهه ان حكم التحكيم المطلوب ابطاله صادر من مؤسسه تحكيم دوليه دائمه حرص نظامها ان يتم الفصل فى طلب البطلان فى اطارها[7] وهو اتجاه يختلف عن الاتجاه الذى سار فيه القانون النموذجى للتحكيم التجارى الدولى حيث يجوز اتباع قواعده سواء فى مؤسسات التحكيم الدوليه الدائمه التى لايمنع نظامها من اتباع هذه القواعد او تحكيم الحالات الخاصه.
ولقد جعلت الماده 34/2 من القانون النموذجى الاختصاص بدعوى بطلان حكم التحكيم للمحكمه المنصوص عليها فى الماده 6 من نفس القانون ووفقا لهذه الماده (السادسه)تحدد كل دوله تصدر هذا القانون النموذجى-كقانون من قوانينها الوطنيه-المحكمه او المحاكم او السلطه[8] التى تدخل تلك الدعوى فى اختصاصها ووفقا للفقره 4 من الماده34 من القانون النموذجى يجوز لهذه المحكمه او (السلطه) عندما يطلب منها ابطال حكم التحكيم ان توقف اجراءات البطلان اذا رات ان الامر يقتضى ذلك وطلبه احد الطرفين وذلك لمده تحددها هى كى تتيح لمحكمه التحكيم استئناف السير فى اجراءات او اتخاذ اى اجراء اخر فى شانه فى راى تلك المحكمه او السلطه الوطنيه ان يزيل الاسباب التى بنى عليها طلب البطلان.
وهكذا تجيز الماده34/2 من القانون النموذجى المذكور للمحكوم عليه فى حكم التحكيك ان يطلب اخضاع هذا الحكم لرقابه القضاء وهى الرقابه التى تتم بلجوئه الى المحكمه او السلطه القضائيه المختصه التى تدخل ضمن اجهزة النظام القضائى لدوله من الدول.لكن لا يعنى ذلك حرمان اى طرف من اللجوء الى المحكمه تحكيم من الدرجه الثانيه اذا كان الطرفان قد اتفقا على ذلك فى اتفاق التحكيم وذلك حسبما يجرى عليه العمل فى بعض انواع التجاره الدوليه المتعلقه بانواع خاصه من السلع الاساسيه والاسترتيجيه.[9]


[1] ولقد نصت الفقره الثانيه من هذه الماده على ان:-
"par la soumission de leur differend a l'arbitrage de la chamber….les parties s'engagent a toutes voies de recours auxquelles elles pauvent renoncer".
[2] انظر:لاحقا , نبذه.
[3] انظر: لاحقا , نبذه
[4] ولم يحدد القانون النموذجى شكلا معينا لهذا الطلب لذا يترك التحديد هذا الشكل لقانون الدوله التى يقدم الطلب الى احدى محاكمها القضائيه المختصه.

[5] انظر مذكره الامانه العامه للجنه القانون التجارى الدولى المشار اليه ص10 اذ تقرر
[6] نصت الفقره 3من هذه الماده على انه:
"le comite est habilite a annuler la sentence en tout ou en partie pour l'un desmotifs enumes a l'alinea l du present article".

[7] مع ملاحظه ان نظام تحكيم غرفه التجاره الدوليه بباريس لم ينظم طلب بطلان احكام التحكيم الصادره عنها داخل اطار الغرفه.

[8] تنص هذه الماده على انه:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق