الاثنين، 24 مارس 2014

التأطير الإشكالي لمفهوم العلوم الانسانية


مفهوم العلوم الإنسانية
التأطير الإشكالي للمفهوم
إشتهر الإنسان مند بداياته الأولى بفضوله ، ومحاولة التعرف على كل ما يحيط به من اشياء ، فمعرفة  خصائص الأشياء كانت  سبيله لتوظيف هذه الأشياء لتحقيق حاجياته ورغباته ، ولإرضاء رغبته في التحكم في الطبيعة ، هذه الرغبة التي ستظهر بشكل جلي مع تطور معرفته، ففي البداية كان  هدف الإنسان الإنسجام مع الطبيعة والعمل على استرضائها واتقاء شرها ولكن  مع اكتشافه للقوانين التي تخضع لها الظواهر الطبيعية أعلن رغبته في السيطرة على الطبيعة وإخضاعها لرغبته ، ولكن فضوله لم يتوقف عند هذا الحد فمعرفته المتزايدة بالطبيعة والعالم الخارجي ، دفعته الى التفكير في معرفة  الإنسان ذاته ، وإخضاعه للدراسة العلمية مثلما اخضع الظواهر الطبيعية لهذه الدراسة .
 ولقد إكتشف الإنسان أن معرفته لم تتطور إلا لما أخضعها لمنهج دقيق يقوم على خطوات محددة ، وعلى مناهج تعتمد التجربة والحسابات الرياضية الدقيقة لادخل فيها لأرائه الشخصية ورغباته أي لذاتيته اي ان المعرفة العلمية هي تلك المعرفة التي تقتضي خروج الإنسان من ذاته  في اتجاه الموضوعات التي يدرسها . ولكن كيف يمكنه الخروج من ذاته إذا كان بالضبط يريد دراسة ذاته. عن هذه العلاقة المتوترة بين الذات والموضوع هو ما أكتشفه الإنسان عندما حاول إنشاء علوم إنسانية . فإذا كان النجاح الباهر الذي حققه الإنسان في العلوم الطبيعية نابع من قدرته على التجرد من ذاتيته ودراسة هذه العلوم بموضوعية بوصفها اشياء خارجية ، فكيف يمكنه ان يدرس سلوكاته وأفكاره، وقيمه ومعتقداته  وغيرها ويصدر حولها أحكاما موضوعية ويتجرد من كل ذاتية ومن تاثير تلك القيم التي تشبع بها منذ نشاته؟
من هنا وجد الإنسان نفسه امام إشكال قيام علوم إنسانية: فهل بإمكان المناهج التي إختبرها في العلوم الطبيعية ان تسعفه في دراسة ذاته ومجتمعه؟ وهل بإمكانه ان يخضع نفسه ومجتمعة لتلك المناهج التجريبية التي اخضع لها الظواهر والكائنات الطبيعية الأخرى؟  وهل تسمح له كرامته بذلك؟وهل يمكن ان يخرج من ذاته ويدرسها كما يدرس ظواهر خارجية عنه؟ هل يمكنه ان يقدم تفسيرا موضوعبا لكل تصرفاته وقيمه التي يؤمن بها ايمان عميقا؟ ام انه يجب ان يجد منهجا جديدا يقوم على فهم الظواهر الإنسانية ويحفظ للإنسان كرامته ؟ وفي هذه الحالة هل ستكون هذه المناهج فعالة  مثل مناهج العلوم الطبيعية؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق